عرض مشاركة واحدة
قديم 07-08-2012, 07:13 PM   رقم المشاركة : 57

 

كما تلاحظون فرض هذا الموضوع المميز نفسه ففي خلال أقل من شهر قارب عدد المتصفحين الخمسة آلاف والمداخلات قاربت الستين .. فهنيئا لك يا دكتور على هذه الجماهير الغفيرة وأتخيل لو تطل من احد الشرفات لكي تحيي جماهيرك بخطب رنانة ( بس ما توديناش في داهية وتسحبنا على مكان مجهول بداعي القومية والإشتراكية والحرية والديمقراطية )
طبعا استمتعنا ببقية القصة بتاعة البابا المشارك في حرب النكسة والحمد لله أنه عاد إليكم بصيص أمل بوجود والدكم رحمه الله وإن شاء الله توافينا ببقية ال ( الحلأآت )

هذا جانب .. أما الجانب الآخر فيما يتعلق بسيادة الريس عبد الناصر .. واعتبروها تعقيبا على وجهات نظر كل من الأخوين رفيق الدرب .. وأحمد بن فيصل .. فأحب أن أشير بحكم عمري أنا وأبو صالح حيث عايشنا تلك المرحلة من خلال متابعة الأحداث بشكل مباشر .. الأخ أحمد سمع فيما بعد وقرأ .. ويبدوا أنه سمع من جانب واحد وما سمعه حقيقة عن تلك السلبيات في عهد جمال ونحن نقرها لكن هناك جانب أخر أوضحه فيما يلي :
جمال شارك في حرب 48 وذاق ويلات الهزائم التي تسبب فيها الحكام العرب آنذاك وتخاذلهم أمام آلاعيب القوى العظمى وأولهم الملك عبدالله بن الحسين ملك الأردن وشكري القوتلي رئيس سوريا والملك فارق حيث كانوا في الواجهة وقواتهم داخل فلسطين تقاتل اليهود لكنهم استجابوا لقرار التقسيم وانسحبوا من مناطق احتلتها الجيوش العربية وسالت من أجلها الدماء حتى الجيش السعودي طلبت منه القيادة السياسية في الجامعة العربية الإنسحاب بعد أن كان على مقربة من مدينة الخليل
إذا عبد الناصر الذي تجرع مرارة الخذلان والهزيمة على أرض المعركة أوقدت في نفسه جذوة اعادة الكرامة والبحث عن النصر من جديد فبدأ بتكوين خلايا الضباط الأحرار .. - وهذا موضوعه طويل - لكن باختصار عندما وصل إلى الحكم بعد الثورة عام 1952 وانفراده بها عام 1954 كان مجتهدا ومنتحرا في سبيل استعادة العزة والكرامة العربية ولهذا نشأت بقوة ما سمي بالقومية العربية برغم أن هذا المصطلح نشأ في وقت سابق أمام القومية التركية ونشأ في أوربا : القومية الألمانية وغيرها .. تشبث جمال بالقومية وأضاف إليها الإشتراكية وتعاون مع السوفيت ضد النظام الرأسمالي وما يسمى بالأمبريالية الأمريكية والبريطانية والغربية عموما .. ومع تبنيه النظام الإشتراكي استولى على الأملاك الواسعة التي كانت في حوزة أمراء الأسرة المالكة في مصر إضافة إلى أملاك الإقطاعيين من كبار الملاك المنتفذين .. والتي هم أدرى بكيفية امتلاكهم لها .. ثم وزعها على الفقراء والبسطاء والفلاحين وأصبح كل فلاح بدلا من أن يكون عبدا تحت سيادة الإقطاعي بملاليم الآن يمتلك فدادين محدودة يعمل لمصلحته بكل حرية .. وقام بتأميم العمائر السكنية لكبار التجار والملاك وسمح لهم بامتلاك وحدة سكنية واحدة فقط والباقي للدولة .. ووجد آنذاك مسمى ( البرجوازية ) الذي يمثله الأغنياء بوصفهم مصاصي دماء الشعوب المستضعفة والكادحة ( البروليتاريا ) .. تلك الهبة العظيمة للفقراء ألهبت مشاعر الجماهير والكتاب وكل طبقات الشعب فالكل يرى عبدالناصر هو البطل القومي القريب من شعبه .. من جانب آخر اهتم بالصناعة متعاونا مع البلدان الإشتراكية فجلبت المعدات والمصانع حتى سمعنا آنذاك ببلد الألف مصنع واختتمها ببناء السد العالي كأعظم انجاز في تاريخ مصر الحديث

في الجانب العسكري و السياسي : قام بتسليح الجيش المصري حتى كان أقوى منظومة في المنطقة بعدده وعتاده .. ونال شعبية كبرى لم ينلها زعيم عربي قبله ولا بعده عندما أمم قناة السويس وطرد البريطانيين وقاوم العدواني الثلاثي عام 1956 عندما هاجموا بورسعيد والقناة .. حيث خدمه الحظ بوقوف روسيا وأمريكا إلى جانبه وطلبوا من القوات المعتدية ( اسرائيل - فرنسا - بريطانيا ) الإنسحاب فانسحبوا بعد أن احتلت سيناء وبورسعيد وشرعوا في احتلال القناة ولولا ذلك الحظ لبقيت تلك القوات حتى هذه اللحظة

بقي عبدالناصر أمام تلك الإنجازات في مخيلة كل الجماهير العربية وكل الدول التي عانت من الإستعمار وبالتأكيد أنا و ( سي عبدالرزاء ... وسي عب حميد ) والريس بتاعنا اللي متخبي .. وكثير من ذلك الجيل غصب عنا نحب الريس جمال أمام تلك الإنجازات الهائلة لشعبه في وقت كنا نحن السعوديين نعيش في حالة فقر مدقع وخدمات يرثى لها ( السبعينات هجرية ) فعندما أتى إلينا المعلمون المصريون بكفاءتهم المميزة كنا ننظر إليهم باحترام ونستصغر أنفسنا أمام كل ما هو مصري .. ولعلكم تذكرون الأستاذ حلمي صبري ومحمد أمين وغيرهم .. حتى أن الأخ نائف كرما منه .. لا زال يتواصل حتى الآن مع أحفادهم لأنهم رسموا صورة مثالية للإنسان المصري بثقافته العالية ومظهره وانسانيته أمامنا نحن الفقراء البسطاء المتطلعين للمعرفة والمنتظرين للأمل ولما يجود به الزمان والمسافرون من أهلنا ممن كانوا في سباق مع لقمة العيش بمكة وجدة أكثرهم سائقين وعمال وأجراء عند علية القوم

بدأت أخطاء جمال في سياسته الخارجية بخطبه الرنانة تجاه اسرائيل ففي الوقت الذي كانت اسرائيل تبني نفسها من كل الجوانب العلمية والزراعية والصناعية والعسكرية بصمت رهيب .. كانت إذاعة صوت العرب ( أحمد سعيد ) تعمل من الحبة قبة ولو صنعوا ( طرطيعا ) قالوا عنها قنبلة نووية .. ومثال ذلك أنهم صنعوا صواريخ اسموها بالقاهر والظافر وقالوا خلاص بنحرق اسرائيل والشعوف العربية تصفق منتظرة هذا اليوم الموعود على يد جمال عبدالناصر .. بينما قرأت عن تلك الصواريخ مقالا غربيا يقول أنها لا تبتعد أن تكون مشابهة للعبة أطفال مقارنة بما لدى الغرب من تقنية الصواريخ
يحسب لجمال مساعدته لحركات التحرر في الجزائر واليمن الجنوبي فقد نجح في مساعدتهم على طرد الإستعمار الفرنسي والبريطاني وهذا ضمن ما كان في مخيلته من عداوة لبريطانيا بسبب حرب فلسطين ومن المؤكد أنه أراد أن ينتقم منها وله الحق في هذا وقد نجح فعلا ..

لكن جمال تمادى في مسألة مساندة الشعوب فنجاحه في الجزائر وعدن لا يعفيه من ذلك الخطأ الجسيم الذي ارتكبه في تأسيس النظام الجمهوري باليمن وارساله آلاف الجنود المصريين لليمن بحجة مساعدة الشعب اليمني من ظلم النظام الملكي الرجعي حيث قتل آلاف المصريين وقيل أنه كثير من الأسرى المصريين لدى الملكيين عادوا بدون ( ودان ) بعد ان قطعها الملكيين الرجعيين .. زاد من تلك الأخطاء الجسيمة المتغرطسة تحرشة بالسعودية وقصف حدودها الجنوبية وبالذات نجران وجيزان وأبها بالطائرات عام 1385 ومحاولاته المستميتة في تصدير الثورة المصرية والفكر الناصري الثوري للسعودية ومهاجمة الأنظمة الملكية عموما كالسعودية والأردن وليبيا والمغرب ووصفهم بأقذع الأوصاف يأتي في مقدمتها ( الرجعية ) في مقابل ما يدعية هو ومن مشى في ركابه بما سموه ( التقدمية )

في تلك الفترة كان النظام الإشتراكي المصري فيه بعض بوادر الإتجاهات الماركسية الشيوعية الإلحادية .. ولهذا شن هجوما داخليا ضد الإخوان المسلمين فسجنهم جلاوده على رأس أولئك الجلادين ( صلاح نصر ) حيث سمعنا بأساليب تعذيب تقشعر منها الأبدان منها إذلال قريبات المسجون بغرفة مجاورة للسجين يسمع صراخهن واستغاثتهن .. وقتل كثير من أولئك تحت آثار التعذيب .. إلا أن الجريمة الكبرى كانت المحاكمة الصورية لسيد قطب التي اتنهت بشنقه .. برغم الكثير من التدخلات والتوسلات الدولية .. كما هرب للسعودية كثير من الإخوان المسلمين حيث عاشوا معززين مكرمين في ضيافة السعودية منهم الشعراوي ومحمد قطب

أخيرا كانت الطامة الكبرى لجمال عندما تحرش باسرائيل وطرد القوات الدولية من سيناء وسد مضائق تيران على خليج العقبة وحرك قواته إلى عمق سيناء من غير خطة واضحة ولا قيادة مقتدرة لخوض الحرب فكانت اشبه بالإستعراض العسكري .. والجماهير العربية تنتظر أن يقذف باسرائيل في البحر .. بينما اسرائيل تعمل بصمت وتخطيط واستعداد منذ زمن طويل إلى أن حانت الفرصة فقضت على كل الجيوش العربية في ستة أيام فقط

لهذا فإن السبب الرئيس في ضياع القدس والضفة الغربية والجولان وسيناء هو تلك السياسة الأستعراضية التي قام بها جمال والتي أوصلت العرب إلى هذا الضعف الذي نحن عليه الآن وهو يشابه تماما نفس الإستعراضات الصدامية عندما غزا الكويت بدون مبرر ورفض الخروج عنادا واستكبارا مما سمح للأعداء بالوصول إلى أراضينا واستنزاف خيراتنا وضياع العراق كما ضاعت القدس والضفة من قبل .. وكأنهما اخوان ضعنا بين بطولاتهم الحقيقية ضد الأعداء .. وبين شعاراتهم الجوفاء التي أودت بالشعوب العربية إلى المهالك والهزائم والقتل والتشريد والأيتام والأرامل ومنهم الجريح والد حبيبنا الدكتور محمد إبراهيم ( غمداوي باشا )الذي قادنا إلى هذا المسار التاريخي الطويل والمؤلم

 

 

   

رد مع اقتباس