مقتل فيتوريو
لا نعرف كثيراً عن فيتوريو الناشط الايطالي المؤيد للفلسطينيين والذي خطف كرهينة وعثر عليه جثة في شقة في غزة. هذه المرة لم يكن أمره كأمر جوليانو مير خميس الذي قتل قبل أيام من مقتل فيتوريو، لم يبق مقتله لغزاً خفياً، لقد أعلنت جماعة انها اختطفته وقايضت به وقتلته حين لم تنجح المقايضة. أي ان فيتوريو نصير الكفاح الفلسطيني قتل بأيد فلسطينية.
نفهم لماذا مر خبر فيتوريو خطفاً في الصحف والميديا العربية. لم تتابع الميديا العربية الخبر إلى نهاياته، لم تبحث عن الجهة التي تحملت مسؤولية اختطافه وقتله، ولم تقدم أي تعريف لها، لم يسبق لاسم هذه الجهة ان ظهر في الصحف وإذا كانت قائمة بدون علم الصحافة وإذا كان هناك غيرها من الاتجاه نفسه فهذا يعني ان هناك جانباً مجهولاً في العمل الفلسطيني واننا لا نعرف وزنه وانتشاره ومبادئه.
إن هذا الاتجاه إذا كان قوياً فهذا قمين بتغيير تصورنا للعمل الفلسطيني وقمين بقراءة أخرى للمشهد السياسي، نتساءل الآن كيف يكون وقع هذا الخبر في الصحف الأجنبية، كيف ستتعامل هذه مع خبر مقتل نصير للكفاح الفلسطيني على أيدي جماعة فلسطينية. كيف سيكون وقع هذا الخبر على المئات بل الآلاف من أنصار الثورة الفلسطينية في شتى بلدان العالم، كيف ستبدو صورة الشعب الفلسطيني في نظرهم بعد الآن. يمكننا أن نتساءل من الموقع نفسه عن الفائدة التي ستجنيها الصهيونية والتنظيمات الموالية لإسرائيل من نشر وتعميم خبر كهذا. ثم ماذا سيكون مبرر مقتل فيتوريو، هل يكفي القول عندئذ انه أجنبي، انه ايطالي وليس من شعبنا ولا من دولتنا، هل يكفي القول انه غير مسلم وان اسمه يدل على انه من غير ديننا.
وإذا عم ها التصور هل سيكون في وسعنا حقاً مقاومـة الصهيــونية وتحت أي اعتـبار وبأي حــجة، إذا كانت ملكية اليهود لفلسطين كحجة اليهودية وبحجة السبق التاريخي أسطورة. ألن تكون حجتنا أيضاً في مقابلها أسطورية وإذا استباح الصهاينة لأنفسهم طرد الشعب الفلسطيني من دياره فكيف ستكون حجتنا إذا قتلنا امرءاً ما لأنه أجنبي ولأنه غير مسلم. ستكون حجتنا بدون شك ضعيفة للغاية ولن يجد الصهاينة مشقة في إقناع الآخرين بجواز طردنا من بلادنا، لن يجدوا مشقة في إقناعهم بجواز الحلول محل الشعب الفلسطيني، ما دامت المسألة مسألة صراع أديان. كل، على حدّ المعري، يعتبر نفسه الصحيح، واعتباره هذا حجة كافية لمصارعة الأديان الأخرى ونبذها خارجاً. ليست مسألة فيتوريو مسألة هينة أو بسيطة، ان على الفلسطينيين أن يقدموا حساباً سريعاً عن جناية كهذه. عليهم أن يبرروا فوراً أنفسهم ولن يكون هذا إلا بمعرفة القاتل وتسميته والاقتصاص منه.
كتبه المبدع : عباس بيضون