عرض مشاركة واحدة
قديم 10-03-2010, 11:25 PM   رقم المشاركة : 342
{عملية بدون بنج}


 

{عملية بدون بنج}
حيا الله إخواننا وأخواتنا في الساحات إداريين وأعضاء وزائرين وكل عام وأنتم بخير .
أعود إليكم مرة أخرى لأسرد لأبنائي وبناتي والأحفاد شيئا يسيرا ومقتضبا عن بعض مما عانيناه سابقا.
أما أترابي والأصغر قليلا فقد عاشوا تلك الفترة بأتراحها وأفراحها ولو أن حياتنا في الزمن الماضي ليس فيها ما يبهج كثيرا .
ذكرت لكم في الحلقه الماضيه عدم وجود مدرسه أخرى نظامية في جبال بني ظبيان بل ربما في منطقة الباحة عموما غير مدرسة (عرا) .
كنا نسلك طرقا جبلية وعرة للوصول إليها مشيا على الأقدام والسعيد فينا من كان يجد حذاء ، والحذاء كما نعتقد ذلك الوقت أنها مصنوعة من ( جلد خنزير ) لا أدري تأصيلا لهذه التسمية ، إلا أنني أرجح أن المسلمين عامة والعرب خاصة لكرههم في الخنزير وذكره أسموها بذلك الإسم ، أولا : لرائحتها الكريهة ، وثانيا : لخشونتها وإلا فمصدرها كما نعرف اليوم هي من إطارات السيارات .
كنا نحمل فطورنا وهو كسرة من الخبز الفطير في شنطة كما نسميها ( خباء ) وهذه الكلمة فصيحة أي أننا نخبىء بداخلها الكتب وكسرة الخبز ، والمترف فينا من يزودونه أهله ببعض تمرات ، وهذا نادرا ما نراه وإذا وجد فإنه يبقى محط أنظار زملائه ونلتف حوله نتوسله ليس في حبه بل في نتفه أو جزء يسير منها وإذا مايئسنا منه تفرقنا عنه بكل طيبة خاطر لأنا قنعنا من الموجود بالعدم .
وإلا فأبناؤنا وبناتنا يعزفون عن أكل التمر متهافتين على شرب الببسي وأكل الحلوى أي أنهم يستبدلون الذي هو خير بالذي هو أدنى .
ذات يوم أصبت بالتهاب في اللوزتين ولم نكن نعرف ذلك الوقت شيئا عن اللوزتين وكل الذي نعرفه صعوبة في البلع ، حيث لا مستشفيات ولا أطباء ولا أدوية ولا شيئا من ذلك ، ولما جاء وقت الفسحة وخرجت مع الزملاء وكل واحد أخذ يتناول كسرته ويشرب عليها من الزير والفأر ميت في قعره في كثير من الأحيان ونحن نراه ونحس بتغيير طعم الماء ولكن ليس هناك خيار ثالث إما أن تشرب أو تبقى ظامئا .
وقفت عاجزا عن البلع ولكن (الجوع أبصر ) بدأت أتناول لقمة لقمة وأبلع بصعوبة ومع شدة الإلتهاب وقساوة القراشة التي أجزم أنها تذكي الطيرانفجرت اللوزتان .
عرفت ذلك من بعض الزملاء عندما أخبرني بأن بعض الدماء تظهر على أسناني ، انتحيت مكانا قصيا وادخلت اصبعي في حلقي واخرجت ما أكلت ذهبت بعدها لغسل فمي ولكن الجوع لا يزال ملحٌا ، عاودت الأكل مرة أخرى وأنا أحس بألم شديد وهكذا تمت العملية من غير بنج ودم مراقِ.
مع الشكر لجميع من يمر على مقالتي هذه كما لا أنسى أن أشكر الآخ عبدالحميد على إلحاحه علي بالكتابة .
وإلى لقاء يتجدد معكم ومع الحرف إن شاء الله .