![]() |
أبا ناهل :
بحديثنا عن الحبّ سوف نستعير ـ بلا شكّ ـ لغة النوافذ حين تبوح للطرقات ... سوف نقيم طقساً من الفرح المباح ، و لن ندير الكأس بيننا ـ بالطبع! ـ "عفواً إلا الحبّ .." لن أسوق لكم هنا : دوافع الحبّ ، علامات الحب ، مشروعية الحب ، بل لن أكون أكثر حماقةً فأحيلكم إلى قراءة كتاب " طوق الحمامة " ! فنحن نحتاج إلى التعبير أكثر من التنظير ... أبو ناهل قد أشرع لنا باباً موصداً ، للتعبير و ليس أكثر أو أقلّ ..! و أجدني مرغماً لاقتطاع مقطع من قصيدة للشاعر المتألق علي الدميني و التي بعنوان ( مايشبه النسيان ) لثقتي أنها أبلغ ما يقال هنا ، و منها : وأنا القريب من احتشاد النار في لغتي ، أخبئ رعشتي في المشي اركض نحو مدرستي وأخجل ُ ، حين أبدو شارداً في الفصل ِ، يفجؤني المعلّمُ : هل قرأت لشيخنا "طوق الحمامة "؟ ناح الكلام بقرب قافيتي، فأشعلتُ السراج على سطوح الدار ِ، ضوئي شاحبٌ ، وضياؤها قمرٌ تعلّق في جدار الليل ٍ، فاغتسلت بسحنته المدينة ْ . ما كان أشبهَنا "بعذريّ الهوى " ، يا شيخنا، في الإلف والإيلافِ، في التقوى وفي الإنصاف ِ، في رسم الطريق إلى عيون صبية ٍ شامية ٍ مغسولة ٍ برهافة الأسلاف ْ. كان " ابن حزم " يظلني بقميصه، و رياحه، و ذهابه ِ في العشق متكئاً على ما تصنع الأوصاف ْ. نحتاج أن نفنى طويلاً في دنان الحب ، يا شيخي، لنبلغ سدرة الأفعال: أن نتبادل المعنى على الكفين ، أن نتذكـّر الذكرى التي كنا وضعنا خبزها في أول التنور، لم تنضج بما يكفي لميلاد " البنين "، ولم ير التقويم ُ صورتها غلافاً لائقاً بالوقت ِ، لم يقبل بسحنتها"جنون " الأهل ِ ، أو تدْخل ببسمتها الوديعة ِ "دفتر الأحوال ْ". أما أنا ، فقد أطلْت عليكم بما يكفي و بما لا يكفي ..! كلّ ذلك من قبيل المقدمات التي نجيد صناعتها دوماً ، ولكني سأنفذ مباشرة إلى صلب الموضوع ( أعدكم هذه المرة أن أنفذ بالفعل !! ) وسأحكي لكم عن تجربتي مع ( الحب ) كما أراه أنا بالطبع ، لا كما يراه أي شيء عداي ..، يعني ( الحب ) كما استخدمته أيقونة ترمي إلى أشياء أخرى خارج النصّ .. ( أرأيتم لا زلت دون صلب الموضوع و لم أنفذ !! العادة محكّمة ...!! خلاص راح أدخل في الموضوع .) بعدَ عامٍ من الحبّ ... لنْ أُحبَّكِ بعدَ اليوم ... كلمةً قالها قلبيَ المسكونُ بكثيرٍ من الألم ، و قَدْرٍ لا بأسَ به من الكبرياء نعم ، لن أحبّك بعد اليوم ... قلتُها حينَ علمتُ أنّ خراجَ السحابةِ لنْ يكونَ لي و أنّني سأتسوّلُ من أبجديّةِ الأرصفةِ قصائدي ! لا أنكرُ أنّ حبّكِ قد جعل عينيَّ تتّسعان فوق العادة ! أنّه قد مَرَّ على سكونِ ليلي كقافلةٍ من الصّخب الجميل لا أنكرُ ذلك ... و لا أنسى حينَ عانقتِ الحياةُ معجمي ساعةَ الاحتضار ! قبلَ عامٍ تماماً الْتَحَقتُ بمدرسة الحبّ ... هيّأتُ لي مقعداً قُربَ النّافذة كنتُ ألْحَظُ وجوه السّائرين تلفُّها عمائمُ الحزن ، و أضْحكُ طويـــــلاً !! كانتْ كلُّ الطرقات أمامي مُزمّلةً بالورود ، كلُّ الفصولِ حولي تموجُ بالموسيقى و النّغم ، كلٌّ الوجوه طفلاً شهيّاً موغلاً في البراءة ... بعدَ عامٍ تماماً طُردتُ من مدرسةِ الحبِّ بتقديرِ امتياز !! لم يكنْ لديَّ متّسعٌ من الوقتِ كي أفكّرَ لماذا تفوّقتُ على أقراني ، و حظيتُ بشرفِ الإبعادِ من بينهم !! و لكنّني علمتُ لاحقاً : أنّني لقمةٌ غَصًّتْ بها حلوقُ العاشقين ، أنّني أغنيةٌ عجَزَتْ عن ترديدها حناجرُ الهائمين ، أنّني لا أهوى السّيرَ في الطّرقات التي أعلمُ مآلاتها جيّداً ؛ لأنّني باختصار : ماهرٌ جداً في الْتهامِ الطّرق المجهولة ! مُولعٌ كثيراً باحتساءِ الكؤوس التي ليس لها قرار ! أَرَأَيْتِ ؟؟ كلُّ ذلك بعدَ عامٍ ... بتُّ أجزمُ يقيناً أنّ خروجَكِ من حياتي كان أجْدى من دخولِكِ ! فاخرجي اليومَ ، أو فَلْتدخلي ، ليس هنالك فرقٌ كبيرٌ ! فبَعدَ عامٍ من الحبِّ أضْحَتْ لديَّ مناعةٌ ضدَّ الداخلين ، و طرقٌ شتّى للخارجين !! تحياتي للجميع ( وطبعاً أبو ناهل من الجميع ! ) |
الله الله ياسعيد هذا بالتحديد ماوددته أن نبوح بما نؤمن به وماأضفته ياسيدي اثراء للموضوع فلك صادق الود |
اقتباس:
فلديك الكثير وأدرك هذا أطمح أن نرى ابداعاتك في مجال الأطروحات في أي مجال تحب شاكرآ مرورك العذب |
الساعة الآن 09:46 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir