يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > ساحة الثقافة الإسلامية > الساحة الإسلامية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
قديم 08-01-2008, 03:04 PM   رقم المشاركة : 1
شهر شعبان


 

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شعبان

هو اسم للشهر ، وقد سمي بذلك لأن العرب كانوا يتشعبون فيه لطلب المياه ،

وقيل تشعبهم في الغارات ، وقيل لأنه شَعَب أي ظهر بين شهري رجب ورمضان ،

ويجمع على شعبانات وشعابين .



الصيام في شعبان

عن عائشة رضي الله عنها قالت :

" كان رسول الله يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم

وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلا رمضان وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان
"

رواه البخاري برقم ( 1833 ) ومسلم برقم ( 1956 ) ،

وفي رواية لمسلم برقم ( 1957 ) :

" كان يصوم شعبان كله ، كان يصوم شعبان إلا قليلا " ،

وقد رجح طائفة من العلماء منهم ابن المبارك وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستكمل صيام شعبان ،

وإنما كان يصوم أكثره ، ويشهد له ما في صحيح مسلم برقم ( 1954 ) عن عائشة رضي الله عنها ،

قالت : " ما علمته - تعني النبي صلى الله عليه وسلم - صام شهرا كله إلا رمضان "

وفي رواية له أيضا برقم ( 1955 ) عنها قالت :

" ما رأيته صام شهرا كاملا منذ قدم المدينة إلا أن يكون رمضان " ،

وفي الصحيحين عن ابن عباس قال :

" ما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا كاملا غير رمضان "

أخرجه البخاري رقم 1971 ومسلم رقم 1157 ،

وكان ابن عباس يكره أن يصوم شهرا كاملا غير رمضان ،

قال ابن حجر رحمه الله : كان صيامه في شعبان تطوعا أكثر من صيامه فيما سواه وكان يصوم معظم شعبان .

وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان ، فقال :

" ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه ، بين رجب ورمضان ،

وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ،

وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم
"

رواه النسائي ، أنظر صحيح الترغيب والترهيب ص 425 ،

وفي رواية لأبي داود برقم ( 2076 ) قالت :

" كان أحب الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

أن يصومه شعبان ثم يصله برمضان
" .

صححه الألباني أنظر صحيح سنن أبي داوُد 2/461

قال ابن رجب رحمه الله :

صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم ،

وأفضل التطوع ما كان قريب من رمضان قبله وبعده ،

وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض ،

وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده ،

فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة

فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بَعُد عنه .

وقوله

" شعبان شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان "

يشير إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان - الشهر الحرام وشهر الصيام - اشتغل الناس بهما عنه ،

فصار مغفولا عنه ،

وكثير من الناس يظن أن صيام رجب أفضل من صيام شعبان لأن رجب شهر حرام ، وليس كذلك .

وفي الحديث السابق إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان أو الأماكن أو الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه .

وفيه دليل على استحباب عِمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة ،

كما كان طائفة من السلف يستحبون إحياء ما بين العشائين بالصلاة ويقولون هي ساعة غفلة ،

ومثل هذا استحباب ذكر الله تعالى في السوق لأنه ذكْر في موطن الغفلة بين أهل الغفلة ،

وفي إحياء الوقت المغفول عنه بالطاعة فوائد منها :

أن يكون أخفى للعمل وإخفاء النوافل وإسرارها أفضل ، لا سيما الصيام فإنه سرّ بين العبد وربه ، ولهذا قيل إنه ليس فيه رياء ،

وكان بعض السلف يصوم سنين عددا لا يعلم به أحد ،

فكان يخرج من بيته إلى السوق ومعه رغيفان فيتصدق بهما ويصوم ،

فيظن أهله أنه أكلهما ويظن أهل السوق أنه أكل في بيته ،

وكان السلف يستحبون لمن صام أن يُظهر ما يخفي به صيامه ،

فعن ابن مسعود أنه قال : " إذا أصبحتم صياما فأصبِحوا مدَّهنين " ،

وقال قتادة : " يستحب للصائم أن يدَّهِن حتى تذهب عنه غبرة الصيام "

وكذلك فإن العمل الصالح في أوقات الغفلة أشق على النفوس ،

ومن أسباب أفضلية الأعمال مشقتها على النفوس لأن العمل إذا كثر المشاركون فيه سهُل ،

وإذا كثرت الغفلات شق ذلك على المتيقظين ،

وعند مسلم ( رقم 2984 ) من حديث معقل بن يسار :

" العبادة في الهرْج كالهجرة إلي "

( أي العبادة في زمن الفتنة ؛ لأن الناس يتبعون أهواءهم فيكون المتمسك يقوم بعمل شاق ) .

وقد اختلف أهل العلم في أسباب كثرة صيامه -صلى الله عليه وسلم - في شعبان على عدة أقوال :

1- أنه كان يشتغل عن صوم الثلاثة أيام من كل شهر لسفر أو غيره

فتجتمع فيقضيها في شعبان وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عمل بنافلة أثبتها وإذا فاتته قضاها .

2- وقيل إن نساءه كن يقضين ما عليهن من رمضان في شعبان فكان يصوم لذلك ،

وهذا عكس ما ورد عن عائشة أنها تؤخر قضاء رمضان إلى شعبان لشغلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصوم .

3- وقيل لأنه شهر يغفل الناس عنه :

وهذا هو الأرجح لحديث أسامة السالف الذكر والذي فيه :

" ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان "

رواه النسائي ، أنظر صحيح الترغيب والترهيب ص 425

وكان إذا دخل شعبان وعليه بقية من صيام تطوع لم يصمه قضاه في شعبان

حتى يستكمل نوافله بالصوم قبل دخول رمضان - كما كان إذا فاته سنن الصلاة أو قيام الليل قضاه -

فكانت عائشة حينئذ تغتنم قضاءه لنوافله فتقضي ما عليها من فرض رمضان حينئذ لفطرها فيه بالحيض

وكانت في غيره من الشهور مشتغلة بالنبي صلى الله عليه وسلم ،

فيجب التنبه والتنبيه على أن من بقي عليه شيء من رمضان الماضي فيجب عليه صيامه قبل أن يدخل رمضان القادم

ولا يجوز التأخير إلى ما بعد رمضان القادم إلا لضرورة ( مثل العذر المستمر بين الرمضانين ) ،

ومن قدر على القضاء قبل رمضان ولم يفعل فعليه مع القضاء بعده التوبة وإطعام مسكين عن كل يوم ، وهو قول مالك والشافعي وأحمد .

وكذلك من فوائد صوم شعبان أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة ،

بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده فيدخل رمضان بقوة ونشاط .

ولما كان شعبان كالمقدّمة لرمضان فإنه يكون فيه شيء مما يكون في رمضان من الصيام وقراءة القرآن والصدقة ،

وقال سلمة بن سهيل كان يقال : شهر شعبان شهر القراء ،

وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال هذا شهر القراء ،

وكان عمرو بن قيس المُلائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن .

الصيام في آخر شعبان

ثبت في الصحيحين عن عمران بن حصين رضي الله عنه :

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل :

" هل صمت من سرر هذا الشهر شيئا ؟ قال لا ، قال : فإذا أفطرت فصم يومين "

وفي رواية البخاري : أظنه يعني رمضان وفي رواية لمسلم :

" هل صمت من سرر شعبان شيئا ؟ " أخرجه البخاري 4/200 ومسلم برقم ( 1161 )

وقد اختلف في تفسير السرار ، والمشهور أنه آخر الشهر ،

يقال سِرار الشهر بكسر السين وبفتحها وقيل إن الفتح أفصح ،

وسمي آخر الشهر سرار لاستسرار القمر فيه ( أي لاختفائه ) ،

فإن قال قائل قد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

" لا تقدموا رمضان بيوم أو يومين ، إلا من كان يصوم صوما فليصمه "

أخرجه البخاري رقم ( 1983 ) ومسلم برقم ( 1082 ) ،

فكيف نجمع بين حديث الحثّ وحديث المنع فالجواب :

قال كثير من العلماء وأكثر شراح الحديث :

إن هذا الرجل الذي سأله النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أن له عادة بصيامه ،

أو كان قد نذره فلذلك أمره بقضائه . وقيل في المسألة أقوال أخرى ،

وخلاصة القول أن صيام آخر شعبان له ثلاثة أحوال :

أحدها : أن يصومه بنية الرمضانية احتياطا لرمضان ، فهذا محرم .

الثاني : أن يصام بنية النذر أو قضاء عن رمضان أو عن كفارة ونحو ذلك ، فجوّزه الجمهور.

الثالث : أن يصام بنية التطوع المطلق ، فكرهه من أمر بالفصل بين شعبان ورمضان بالفطر؛

منهم الحسن - وإن وافق صوما كان يصومه - ورخص فيه مالك ومن وافقه ،

وفرّق الشافعي والأوزاعي وأحمد وغيرهم بين أن يوافق عادة أو لا ..

وبالجملة فحديث أبي هريرة - السالف الذكر - هو المعمول به عند كثير من العلماء ،

وأنه يكره التقدم قبل رمضان بالتطوع بالصيام بيوم أو يومين لمن ليس له به عادة ،

ولا سبق منه صيام قبل ذلك في شعبان متصلا بآخره .

فإن قال قائل لماذا يُكره الصيام قبل رمضان مباشرة ( لغير من له عادة سابقة بالصيام ) فالجواب أنّ ذلك لمعانٍ منها :

أحدها : لئلا يزاد في صيام رمضان ما ليس منه ، كما نهي عن صيام يوم العيد لهذا المعنى ،

حذرا مما وقع فيه أهل الكتاب في صيامهم ، فزادوا فيه بآرائهم وأهوائهم .

ولهذا نهي عن صيام يوم الشك ،قال عمار من صامه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ،

ويوم الشك : هو اليوم الذي يشك فيه هل هو من رمضان أم لا ؟

وهو الذي أخبر برؤية هلاله من لم يقبل قوله ،

وأما يوم الغيم : فمن العلماء من جعله يوم شك ونهى عن صيامه ، وهو قول الأكثرين .

المعنى الثاني : الفصل بين صيام الفرض والنفل ، فإن جنس الفصل بين الفرائض والنوافل مشروع ،

ولهذا حرم صيام يوم العيد ، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن توصل صلاة مفروضة بصلاة حتى يفصل بينهما بسلام أو كلام ،

وخصوصا سنة الفجر قبلها ، فإنه يشرع الفصل بينها وبين الفريضة ، ولهذا يشرع صلاتها بالبيت والاضطجاع بعدها .

ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي وقد أقيمت صلاة الفجر ،

فقال له : " آلصُّبح أربعا "

رواه البخاري رقم ( 663 ) .

وربما ظن بعض الجهال أن الفطر قبل رمضان يراد به اغتنام الأكل ؛

لتأخذ النفوس حظها من الشهوات قبل أن تمنع من ذلك بالصيام ،

وهذا خطأ وجهل ممن ظنه . والله تعالى أعلم .

المراجع : لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف : ابن رجب الحنبلي ،

والإلمام بشيء من أحكام الصيام : عبد العزيز الراجحي


والله الموفّق

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:28 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir