يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > ساحات الموروث والشعر والأدب > ساحة الأدب الفصيح

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
قديم 04-25-2008, 01:51 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عضو فعّال
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
سعيد الفقعسي is on a distinguished road

دعد ( اليتيمة )


 

ان لم يكن وصل لديك لنا يشفي الصبابة فليكن وعد إنها ( اليتيمة ) القصيدة التي لا يعرف لها شاعر !! هي ( يتيمة ) .. لانها واحدة لاثاني لها .. فالذي قالها لم يقل غيرها .. لكن من الذي قالها .. عجبا .. لا أحد يعرف من هو .. هي فرصة إذن لإدعاء عشرات الشعراء ـ مغمورين ومشهورين ـ انها قصيدتهم .. لكن حتى الآن لم يتأكد نسبها لأي منهم .. وتظل ( القصيدة اليتيمة ) بعد كل هذه الحقب الزمنية بلا صاحب .. كأن من قالها أراد لها أن تكون مشاعة بين الناس جميعهم .. تماما كالحقيقة مقسمة بين البشر ولايمكن الزعم بأنها حكر على بعض دون بعض ..كأن من ابدعها يريد أن يظل أمره لغزا محيرا يزيد من دهشة القصيدة ويعمق من سحرها .. فهي كما قال عنها النقاد القدامى والمحدثون من أجود وأروع ما جاء في الشعر العربي بل ذهب البعض منهم للقول بأن سبب تسميتها باليتيمة يعود لجودتها التي تجعلها وحيدة في الروعة بحيث لا تشابهها في مجالها أي قصيدة أخرى . غموض كثيف اذن أمامنا ونحن نستقرىء ( اليتيمة ) فثمة روايات وحكايات وأساطير عديدة نسجت حولها ومن ذلك رواية حاولت أن تزيح بعض اللبس الذي ارتبط بها .. تقول الرواية أن ( دعد ) وهي ابنة أحد الأمراء كانت شاعرة عبقرية وظلت ترفض الزواج من كل من يتقدم اليها بحجة أنها لن تتزوج الا من هو أشعر منها .. فنظم شاعر ( تهامي ) هذه القصيدة التي سميت لاحقا باليتيمة .. وبينما كان في طريقه الى نجد كي يسمع ( دعد ) ماقاله من شعر استضافه أحد ممن مرت ناقته بمكانهم .. فقص عليه حكايته وأنشده قصيدته .. فما كان من الرجل إلا وان قتل هذا الشاعر وأخذ منه القصيدة متوجها بها الى ( دعد ) وحين قرأها أمامها وجدت ان أحد أبياتها يدل قائله انه من ( تهامة ) وهو ( ان تتهمي فتهامة وطني ..... الخ ) فما كان منها ـ حسبما تقول الرواية ـ الا أن صرخت في وجهه وقالت ( هذا قاتل بعلي ) فقبض عليه قومها وأخذوا منه اعترافا بجنايته . إذن لو صحت هذه الرواية فذلك يعني ان شاعر ( اليتيمة ) قد أقنعت قصيدته ( دعد ) التي من المؤكد كثير من الشعراء الأفذاذ قد سبقوه اليها بقصائدهم دون أن ترى فيها واحدة يستحق صاحبها أن يكون زوجا لها وفي ذلك شهادة صريحة بجودة هذه القصيدة. ومن يتأمل ( اليتيمة ) يجد أن ( دعد ) كان معها حق .. فالقصيدة فريدة من نوعها .. رصينة في بنيتها .. عميقة في معناها .. رقيقة في مشاعرها .. عذبة في موسيقاها .. جميلة في تصاويرها .. ورغم طول أبياتها التي تنوف على الستين بيتا لكنها قصيدة متماسكة ومتدفقة بعفوية وسلاسة وجاءت متعددة في اغراضها بينما البعد الوجداني هو الذي يغلب عليها وفيه يصف مشاعره تجاه ( دعد ) برؤية مدهشة تمزج بين الغزل الوصفي والبوح العاطفي الذي يكشف عن رقة الشاعر وشفافيته ونضج تجربته الحياتية والانسانية . وتدور ( اليتيمة ) حول عدة محاور يبدأها الشاعر المجهول بالحديث عن ( الطلل ) كما جرت العادة في قصائد الشعر العربي القديم .. بعدها ينتقل للحديث عن ( دعد ) فيصفها بدقة وعلى نحو أشبه بالاسطوري . ومن ثم يفرد الشاعر مقاطع شجية يبدأها بالبيت الرائع : إن لم يكن وصل لديك لنا يشفي الصبابة فليكن وعد ) لتتوالى الابيات حول شكواه من الهجر والصدود الى أن يختم قصيدته بالحديث عن أخلاقه وقيمه ومثله . واذا كان نقاد الشعر قد وجدوا في هذه القصيدة الاستثنائية نماذج عديدة يستدلون بها على ما يضربونه من أمثال في النظم الشعري وقواعد اللغة ووجوه البلاغة ، فالواقع أن القصيدة في مجملها تمثل تحفة معمارية شعرية يندر ان تجود القريحة بمثلها ، ليس لكونها تحتوي على قدر كبير من الابداع والإبتكار فحسب وإنما ايضا لأن قائلها لو صحت الراوية السابقة عنه انتج قصيدته التي يصف فيها ( دعد ) ـ أو ايا كان إسمها ـ وهو قد لا يكون رأها من قبل قط .. وحتى إن سمع عنها فما وصفه بها يؤكد على قدرته الفائقة في التخيل الوصفي كما يبرهن على جانب ( الصنعة ) أو المهارة في قول الشعر ، وهي صفة لا تؤخذ على الشاعر وإنما تحسب له حين يكون المقام كالذي تحدثت عنه الرواية يقوم على رهان يتحدى فيه الشاعر نفسه والآخرين معا . . ومع ذلك فمن يقترب من مناخات القصيدة لا يشعر بالتكلف ولايحس بالتصنع ، و إنما ينجذب منذ الوهلة الأولى لدفء العاطفة وحرارة المشاعر ومصداقية البوح .. والشعراء هم كذلك ليس بالضروة أن تكون المحبوبة لديهم واقعية وحقيقية لأن المرأة بالنسبة لهم هي القصيدة التي لم توجد بعد . إن القصيدة التي تقتل صاحبها لابد أن نتوقف أمامها كثيرا ليس لرثاء شعرائها حيث شعرهم هو مرثية دائمة وإنما لتأمل فلسفة الفقد والغياب كلما إقترنت بمواقف تجترح مغبة السؤال المقلق حول المصير التراجيدي لمبدعين حقيقيين لم تمهلهم الحياة قسطا من وقتها كيما يكملوا رحلة تجميل النفوس والأمكنة .. لكن القبح لايستمر طويلا لأن ثمة شعراء كثر يولدون وثمة قصائد عديدة تكتب نفسها لتقاوم العتمة وتنتصر على الألم والعدم . وكعادة سجل المواليد كان لابد من أب للقصيدة ( اليتيمة ) فذهب بعض الباحثين للقول بأن شاعر هذه القصيدة هو ( دوقلة المنبجي ) وسواء صح زعمهم أو كان ضرب من التخمين فالحقيقة الوحيدة الآن هي أن ( اليتيمة ) قصيدة ستبقى راسخة في ذاكرة الشعر العربي وسيظل الغموض الذي إكتنف حكايتها لغزا جميلا يمنح القصيدة بريقها الخاص ووهجها المميز .. والى متن القصيدة كما جاءت في العديد من الروايات الشعرية وليكن كل من يقرأونها هم شعراؤها فهذا التبني النبيل قد يمحو ( يتمها ) وربما الحزن الذي أحاط بقصة صاحبها . منقول.....

 

 
























التوقيع

قال تعالى :
"ومن احسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين"

فصلت (33)



التعديل الأخير تم بواسطة سعيد الفقعسي ; 04-25-2008 الساعة 02:13 AM.

   

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:39 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir