يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > ساحة الثقافة الإسلامية > الساحة الإسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-03-2009, 06:49 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية عبدالعزيز بن شويل
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 19
عبدالعزيز بن شويل is on a distinguished road

قمم وهمم


 






قمم وهمم


أمثلة من التاريخ ستبدو أمام أعينكم ماثلة وكأنها اللحظة لا الذكرى

يخنس الشيطان لصور رجالها أسفاً ويتواري بحقده هرباً


قمم وهمم


لكل من سيطر شعور اليأس علي قلبه وتبدت له وقائع الحياة مظلمة قاتمة لا يكاد يبرق فيها أمل

ولا يترأي في أفقها بدر


قمم وهمم


مداواة للجرح والقلب المصاب بذكر من سموا بفعلهم متجاوزين السحاب

من تساموا عن كل الصغائر ونالوا الثواب


قمم وهمم


سير أولئك الرجال الذين عاشوا مع خير البشر

محمد صلى الله عليه وسلم

علمهم وتعلموا منه وأصبحوا قمم

( نسأل الله أن يجمعنا بهم ووالدينا في جنات النعيم )



السير منقولة من كتاب

( رجال حول الرسول )

مؤلفه المفكر الإسلامي

- خالد محمد خالد -



تحياتي
...........

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 10-03-2009, 08:25 AM   رقم المشاركة : 2

 




شـويــل

أبحث عن الجديـد دائما .. عن المفيـد ..

ولكنني أرجع هنا ليقيني التام بانك تبحث عن المميز وتنثره لنا ..

لك الـدعـاء بالخير ومواصلة التميز ..

أختك .. شموخ



 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 10-08-2009, 07:31 PM   رقم المشاركة : 4

 




شموخ

أشكر لك إطرائك وأتمنى إستمرار مشاركتك مع الساحات


مشرف الإسلامية

أشكر لك تواجدك ومشاركتك


تحياتي
...........

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 10-08-2009, 10:27 PM   رقم المشاركة : 5

 






هذا رجل من أصحاب محمد ما أجمل أن نبدأ به الحديث.

غرّة فتيان قريش، وأوفاهم جمالا، وشبابا..

يصف المؤرخون والرواة شبابه فيقولون:" كان أعطر أهل مكة"..

ولد في النعمة، وغذيّ بها، وشبّ تحت خمائلها.

ولعله لم يكن بين فتيان مكة من ظفر بتدليل أبويه بمثل ما ظفر به "مصعب بن عمير"..

ذلك الفتر الريّان، المدلل المنعّم، حديث حسان مكة،

ولؤلؤة ندواتها ومجالسها،

أيمكن أن يتحوّل الى أسطورة من أساطير الايمان والفداء..؟

بالله ما أروعه من نبأ.. نبأ "مصعب بن عمير

أو "مصعب الخير" كما كان لقبه بين المسلمين.

انه واحد من أولئك الذين صاغهم الاسلام وربّاهم "محمد" عليه الصلاة والسلام..

ولكن أي واحد كان..؟

ان قصة حياته لشرف لبني الانسان جميعا..

لقد سمع الفتى ذات يوم،

ما بدأ أهل مكة يسمعونه من محمد الأمين صلى الله عليه وسلم..

"محمد" الذي يقول أن الله أرسله بشيرا ونذيرا. وداعيا الى عبادة الله الواحد الأحد.

وحين كانت مكة تمسي وتصبح ولا همّ لها،

ولا حديث يشغلها الا الرسول عليه الصلاة والسلام ودينه،

كان فتى قريش المدلل أكثر الناس استماعا لهذا الحديث.

ذلك أنه كان على الرغم من حداثة سنه، زينة المجالس والندوات،

تحرص كل ندوة أن يكون مصعب بين شهودها،

ذلك أن أناقة مظهره ورجاحة عقله

كانتا من خصال ابن عمير التي تفتح له القلوب والأبواب..

ولقد سمع فيما سمع أن الرسول ومن آمن معه،

يجتمعون بعيدا عن فضول قريش وأذاها..

هناك على الصفا في درا "الأرقم بن أبي الأرقم" فلم يطل به التردد،

ولا التلبث والانتظار،

بل صحب نفسه ذات مساء الى دار الأرقم تسبقه أشواقه ورؤاه...

هناك كان الرسول صلى الله عليه وسلم يلتقي بأصحابه فيتلو عليهم القرآن،

ويصلي معهم لله العليّ القدير.

ولم يكد مصعب يأخذ مكانه،

وتنساب الآيات من قلب الرسول متألفة على شفتيه،

ثم آخذة طريقها الى الأسماع والأفئدة،

حتى كان فؤاد ابن عمير في تلك الأمسية هو الفؤاد الموعود..!

ولقد كادت الغبطة تخلعه من مكانه، وكأنه من الفرحة الغامرة يطير.

ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم بسط يمينه الحانية حتى لامست الصدر المتوهج،

والفؤاد المتوثب، فكانت السكينة العميقة عمق المحيط..

وفي لمح البصر كان الفتى الذي آمن وأسلم

يبدو ومعه من الحكمة ما بفوق ضعف سنّه وعمره،

ومعه من التصميم ما يغيّر سير الزمان..!!!

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 10-08-2009, 10:32 PM   رقم المشاركة : 6

 


كانت أم مصعب "خنّاس بنت مالك" تتمتع بقوة فذة في شخصيتها،

وكانت تهاب الى حد الرهبة..

ولم يكن مصعب حين أسلم ليحاذر أو يخاف على ظهر الأرض قوة سوى امه.

فلو أن مكة بل أصنامها وأشرافها وصحرائها،

استحالت هولا يقارعه ويصارعه، لاستخف به مصعب الى حين..

أما خصومة أمه، فهذا هو الهول الذي لا يطاق..!

ولقد فكر سريعا، وقرر أن يكتم اسلامه حتى يقضي الله أمرا.

وظل يتردد على دار الأرقم، ويجلس الى رسول الله صلى الله عليه وسلم،

وهو قرير العين بايمانه، وبتفاديه غضب أمه التي لا تعلم خبر اسلامه خبرا..

ولكن مكة في تلك الأيام بالذات، لا يخفى فيها سر،

فعيون قريش وآذانها على كل طريق،

ووراء كل بصمة قدم فوق رمالها الناعمة اللاهبة، الواشية..

ولقد أبصر به "عثمان بن طلحة"

وهو يدخل خفية الى دار الأرقم..

ثم رآه مرة أخرى وهو سصلي كصلاة محمد صلى الله عليه وسلم،

فسابق ريح الصحراء وزوابعها، شاخصا الى أم مصعب،

حيث ألقى عليها النبأ الذي طار بصوابها...

ووقف مصعب أمام أمه، وعشيرته،

وأشراف مكة مجتمعين حوله يتلو عليهم في يقين الحق وثباته،

القرآن الذي يغسل به الرسول قلوبهم، ويملؤها به حكمة وشرفا، وعدلا وتقى.

وهمّت أمه أن تسكته بلطمة قاسية،

ولكن اليد التي امتدت كالسهم،

ما لبثت أم استرخت وتنحّت أمام النور الذي زاد وسامة وجهه وبهاءه جلالا يفرض الاحترام،

وهدوءا يفرض الاقناع..

ولكن، اذا كانت أمه تحت ضغط أمومتها ستعفيه من الضرب والأذى،

فان في مقدرتها أ، تثأر للآلهة التي هجرها بأسلوب آخر..

وهكذا مضت به الى ركن قصي من أركان دارها، وحبسته فيه،

وأحكمت عليه اغلاقه، وظل رهين محبسه ذاك،

حتى خرج بعض المؤمنين مهاجرين الى أرض الحبشة،

فاحتال لنفسه حين سمع النبأ، وغافل أمه وحراسه،

ومضى الى الحبشة مهاجرا أوّابا..

ولسوف يمكث بالحبشة مع اخوانه المهاجرين،

ثم يعود معهم الى مكة،

ثم يهاجر الى الحبشة للمرة الثانية مع الأصحاب الذين يأمرهم الرسول بالهجرة فيطيعون.

ولكن سواء كان مصعب بالحبشة أم في مكة،

فان تجربة ايمانه تمارس تفوّقها في كل مكان وزمان،

ولقد فرغ من اعداة صياغة حياته على النسق الجديد الذي أعطاهم محمد نموذجه المختار،

واطمأن مصعب الى أن حياته قد صارت جديرة بأن تقدّم قربانا لبارئها الأعلى، وخالقها العظيم..

خرج يوما على بعض المسلمين وهم جلوس حول رسول الله،

فما ان بصروا به حتى حنوا رؤوسهم وغضوا أبصارهم وذرفت بعض عيونهم دمعا شجيّا..

ذلك أنهم رأوه.. يرتدي جلبابا مرقعا باليا،

وعاودتهم صورته الأولى قبل اسلامه،

حين كانت ثيابه كزهور الحديقة النضرة، وألقا وعطرا..

وتملى رسول الله مشهده بنظرات حكيمة، شاكرة محبة،

وتألقت على شفتيه ابتسامته الجليلة، وقال:

" لقد رأيت مصعبا هذا، وما بمكة فتى أنعم عند أبويه منه، ثم ترك ذلك كله حبا لله ورسوله".!!

لقد منعته أمه حين يئست من ردّته كل ما كانت تفيض عليه من نعمة..

وأبت أن يأكل طعامها انسان هجر الآلهة وحاقت به لعنتها،

حتى ولو يكون هذا الانسان ابنها..!!

ولقد كان آخر عهدها به حين حاولت حبسه مرّة أخرى بعد رجوعه من الحبشة.

فآلى على نفسه لئن هي فعلت ليقتلن كل من تستعين به على حبسه..

وانها لتعلم صدق عزمه اذا همّ وعزم، فودعته باكية، وودعها باكيا..

وكشفت لحظة الوداع عن اصرار عجيب على الكفر من جانب الأم

واصرار أكبر على الايمان من جانب الابن..

فحين قالت له وهي تخرجهمن بيتها:

اذهب لشأنك، لم أعد لك أمّا. اقترب منها

وقال:"يا أمّه اني لك ناصح،

وعليك شفوق، فاشهدي بأنه لا اله الا الله، وأن محمدا عبده ورسوله
"...

أجابته غاضبة مهتاجة:

" قسما بالثواقب، لا أدخل في دينك، فيزرى برأيي، ويضعف عقلي"..!!

وخرج مصعب من العنمة الوارفة التي كان يعيش فيها مؤثرا الشظف والفاقة..

وأصبح الفتى المتأنق المعطّر،

لا يرى الا مرتديا أخشن الثياب، يأكل يوما،

ويجوع أياما ولكن روحه المتأنقة بسمو العقيدة،

والمتألقة بنور الله، كانت قد جعلت منه انسانا آخر يملأ الأعين جلال والأنفس روعة...

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 10-08-2009, 10:37 PM   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية عبدالعزيز بن شويل
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 19
عبدالعزيز بن شويل is on a distinguished road


 


وآنئذ، اختاره الرسول لأعظم مهمة في حينها:

أن يكون سفيره الى المدينة،

يفقّه الأنصار الذين آمنوا وبايعوا الرسول عند العقبة،

ويدخل غيرهم في دين الله، ويعدّ المدينة ليوم الهجرة العظيم..

كان في أصحاب رسول الله يومئذ من هم أكبر منه سنّا وأكثر جاها،

وأقرب من الرسول قرابة.. ولكن الرسول اختار مصعب الخير،

وهو يعلم أنه يكل اليه بأخطر قضايا الساعة،

ويلقي بين يديه مصير الاسلام في المدينة التي ستكون دار الهجرة،

ومنطلق الدعوة والدعاة، والمبشرين والغزاة، بعد حين من الزمان قريب..

وحمل مصعب الأمانة مستعينا بما أنعم الله عليه من رجاحة العقل وكريم الخلق،

ولقد غزا أفئدة المدينة وأهلها بزهده وترفعه واخلاصه، فدخلوا في دين الله أفواجا..

لقد جاءها يوم بعثه الرسول اليها

وليس فيها سوى اثني عشر مسلما هم الذين بايعوا النبي من قبل بيعة العقبة،

ولكنه ام يكد يتم بينهم بضعة أشهر حتى استجابوا لله وللرسول..!!

وفي موسم الحج التالي لبيعة العقبة،

كان مسلمو المدينة يرسلون الى مكة للقاء الرسول وفدا يمثلهم وينوب عنهم..

وكان عدد أعضائه سبعين مؤمنا ومؤمنة..

جاءوا تحت قيادة معلمهم ومبعوث نبيهم اليهم "مصعب ابن عمير".

لقد أثبت "مصعب" بكياسته وحسن بلائه

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرف كيف يختار..

فلقد فهم مصعب رسالته تماما ووقف عند حدودها وعرف أنه داعية الى الله تعالى،

ومبشر بدينه الذي يدعوا الناس الى الهدى،

والى صراط مستقيم. وأنه كرسوله الذي آمن به، ليس عليه الا البلاغ..

هناك نهض في ضيافة "أسعد بن زرارة" يفشيان معا القبائل والبويت والمجالس،

تاليا على الناس ما كان معه من كتاب ربه،

هاتفا بينهم في رفق عظيم بكلمة الله (انما الله اله واحد)..

ولقد تعرّض لبعض المواقف التي كان يمكن أن تودي به وبمن معه،

لولا فطنة عقله، وعظمة روحه..

ذات يوم فاجأه وهو يعظ الانس "أسيد بن خضير" سيد بني عبد الأشهل بالمدينة،

فاجأه شاهرا حربته يتوهج غضبا وحنقا على هذا الذي جاء يفتن قومه عن دينهم..

ويدعوهم لهجر آلهتهم، ويحدثهم عن اله واحد لم يعرفوه من قبل، ولم يألفوه من قبل..!

ان آلهتهم معهم رابضة في مجاثمه اذا حتاجها أحد عرف مكانها وولى وجهه ساعيا اليها،

فتكشف ضرّه وتلبي دعاءه... هكذا يتصورون ويتوهمون..

أما اله محمد الذي يدعوهم اليه باسمه هذا السفير الوافد اليهم،

فما أحد يعرف مكانه، ولا أحد يستطيع أن يراه..!!

وما ان رأى المسلمون الذين كانوا يجالسون مصعبا مقدم أسيد ابن حضير متوشحا غضبه المتلظي،

وثورته المتحفزة، حتى وجلوا.. ولكن مصعب الخير ظل ثابتا وديعا، متهللا..

وقف اسيد أمامه مهتاجا، وقال يخاطبه هو وأسعد بن زرارة:

"ما جاء بكما الى حيّنا، تسهفان ضعفاءنا..؟

اعتزلانا، اذا كنتما لا تريدان الخروج من الحياة
"..!!

وفي مثل هدوء البحر وقوته..

وفي مثل تهلل ضوء الفجر ووداعته..

انفرجت أسارير مصعب الخير وتحرّك بالحديث الطيب لسانه فقال:

"أولا تجلس فتستمع..؟! فان رضيت أمرنا قبلته.. وان كرهته كففنا عنك ما تكره".

الله أكبر. ما أروعها من بداية سيسعد بها الختام..!!

كان أسيد رجلا أريبا عاقلا..

وها هو ذا يرى مصعبا يحتكم معه الى ضميره، فيدعوه أن يسمع لا غير..

فان اقتنع، تركه لاقتناعهو وان لم يقتنع ترك مصعب حيّهم وعشيرتهم،

وتحول الى حي آخر وعشيرة أخرى غير ضارّ ولا مضارّ..

هنالك أجابه أسيد قائلا: أنصفت.. وألقى حربته الى الأرض وجلس يصغي..

ولم يكد مصعب يقرأ القرآن،

ويفسر الدعوة التي جاء بها محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام،

حتى أخذت أسارير أسيد تبرق وتشرق.. وتتغير مع مواقع الكلم، وتكتسي بجماله..!!

ولم يكد مصعب يفرغ من حديثه حتى هتف به أسيد بن حضير وبمن معه قائلا:

"ما أحسن هذا القول وأصدقه.. كيف يصنع من يريد أن يدخل في هذا الدين"..؟؟

وأجابوه بتهليلة رجّت الأرض رجّا، ثم قال له مصعب:

"يطهر ثوبه وبدنه، ويشهد أن لا اله الا الله".

فعاب أسيد عنهم غير قليل ثم عاد يقطر الماء الطهور من شعر رأسه،

ووقف يعلن أن لا اله الا الله، وأن محمدا رسول الله..

وسرى الخبر كالضوء.. وجاء سعد بن معاذ فأصغى لمصعب واقتنع،

وأسلم ثم تلاه سعد بن عبادة، وتمت باسلامهم النعمة،

وأقبل أهل المدينة بعضهم على بعض يتساءلون:

اذا كان أسيد بن حضير، وسعد ابن معاذ، وسعد بن عبادة قد أسلموا، ففيم تخلفنا..؟

هيا الى مصعب، فلنؤمن معه، فانهم يتحدثون أن الحق يخرج من بين ثناياه..!!

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 10-12-2009, 05:59 PM   رقم المشاركة : 8

 



وها هو ذا، جالس هناك تحت ظل الشجرة الوارفة الملتفة أما داره "بالمدائن"

يحدث جلساءه عن مغامرته العظمى في سبيل الحقيقة،

ويقص عليهم كيف غادر دين قومه الفرس الى المسيحية، ثم الى الاسلام..

كيف غادر ثراء أبيه الباذخ،

ورمى نفسه في أحضان الفاقة، بحثا عن خلاص عقله وروحه..!!!

كيف بيع في سوق الرقيق، وهو في طريق بحثه عن الحقيقة..؟؟

كيف التقى بالرسول عليه الصلاة والسلام.. وكيف آمن به..؟؟

تعالوا نقترب من مجلسه الجليل، ونصغ الى النبأ الباهر الذي يرويه..

**

[كنت رجلا من أهل أصبهان، من قرية يقال لها "جي"..

وكان أبي دهقان أرضه.

وكنت من أحب عباد الله اليه..

وقد اجتهدت في المجوسية،

حتى كنت قاطن النار التي نوقدها، ولا نتركها نخبو..

وكان لأبي ضيعة، أرسلني اليها يوما، فخرجت، فمررت بكنيسة للنصارى،

فسمهتهم يصلون، فدخلت عليهم أنظر ما يصنعون،

فأعجبني ما رأيت من صلاتهم، وقلت لنفسي هذا خير من ديننا الذي نحن عليه،

فما برحتهم حتى غابت الشمس،

ولا ذهبت الى ضيعة أبي، ولا رجعت اليه حتى بعث في أثري...

وسألت النصارى حين أعجبني أمرهم و صلاتهم عن أصل دينهم، فقالوا في الشام..

وقلت لأبي حين عدت اليه: اني مررت على قوم يصلون في كنيسة لهم فأعجبتني صلاتهم،

ورأيت أن دينهم خير من ديننا..

فحازرني وحاورته.. ثم جعل في رجلي حديدا وحبسني..

وأرسلت الى النصارى أخبرهم أني دخلت في دينهم وسألتهم اذا قدم عليهم ركب من الشام،

أن يخبروني قبل عودتهم اليها لأرحل الى الشام معهم، وقد فعلوا،

فحطمت الحديد وخرجت، وانطلقت معهم الى الشام..

وهناك سألت عن عالمهم، فقيل لي هو الأسقف، صاحب الكنيسة،

فأتيته وأخبرته خبري، فأقمت معه أخدم، وأصلي وأتعلم..

وكان هذا الأسقف رجل سوء في دينه،

اذ كان يجمع الصدقات من الانس ليوزعها، ثم يكتنزها لنفسه.

ثم مات..

وجاءوا بآخر فجعلوه مكانه، فما رأيت رجلا على دينهم خيرا منه،

ولا أعظم منه رغبة في الآخرة، وزهدا في الدنيا ودأبا على العبادة..

وأحببته حبا ما علمت أني أحببت أحدا مثله قبله.. فلما حضر قدره قلت له:

انه قد حضرك من أمر الله تعالى ما ترى، فبم تأمرني والى من توصي بي؟؟

قال: أي بني، ما أعرف أحدا من الناس على مثل ما أنا عليه الا رجلا بالموصل..

فلما توفي، أتيت صاحب الموصل، فأخبرته الخبر،

وأقمت معه ما شاء الله أن أقيم، ثم حضرته الوفاة،

سألته فأمرني أن ألحق برجل في عمورية في بلاد الروم، فرحلت اليه،

وأقمت معه، واصطنعت لمعاشي بقرات وغنمات..

ثم حضرته الوفاة، فقلت له: الى من توصي بي؟

فقال لي: يا بني ما أعرف أحدا على مثل ما كنا عليه، آمرك أن تأتيه،

ولكنه قد أظلك زمان نبي يبعث بدين ابراهيم حنيفا..

يهاجر الى أرض ذات نخل بين جرّتين، فان استطعت أن تخلص اليه فافعل.

وان له آيات لا تخفى، فهو لا يأكل الصدقة.. ويقبل الهدية.

وان بين كتفيه خاتم النبوة، اذا رأيته عرفته.

ومر بي ركب ذات يوم، فسألتهم عن بلادهم،

فعلمت أنهم من جزيرة العرب. فقلت لهم:

أعطيكم بقراتي هذه وغنمي على أن تحملوني معكم الى أرضكم؟.. قالوا: نعم.

واصطحبوني معهم حتى قدموا بي وادي القرى، وهناك ظلموني،

وباعوني الى رجل من يهود.. وبصرت بنخل كثير،

فطمعت أن تكون هذه البلدة التي وصفت لي، والتي ستكون مهاجر النبي المنتظر..

ولكنها لم تكنها.

وأقمت عند الرجل الذي اشتراني، حتى قدم عليه يوما رجل من يهود بني قريظة،

فابتاعني منه، ثم خرج بي حتى قدمت المدينة!!

فوالله ما هو الا ان رأيتها حتى أيقنت أنها البلد التي وصفت لي..

وأقمت معه أعمل له في نخله في بني قريظة حتى بعث الله رسوله

وحتى قدم المدينة ونزل بقباء في بني عمرو بن عوف.

واني لفي رأس نخلة يوما، وصاحبي جالس تحتها اذ أقبل رجل من يهود، من بني عمه،

فقال يخاطبه: قاتل الله بني قيلة اهنم ليتقاصفون على رجل بقباء،

قادم من مكة يزعم أنه نبي..

فوالله ما أن قالها حتى أخذتني العرواء،

فرجفت النخلة حتى كدت أسقط فوق صاحبي!!

ثم نزلت سريعا، أقول: ماذا تقول.؟ ما الخبر..؟

فرفع سيدي يده ولكزني لكزة شديدة، ثم قال: مالك ولهذا..؟

أقبل على عملك..

فأقبلت على عملي..

ولما أمسيت جمعت ما كان عندي ثم خرجت حتى جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء..

فدخلت عليه ومعه نفر من أصحابه،

فقلت له: انكم أهل حاجة وغربة،

وقد كان عندي طعام نذرته للصدقة،

فلما ذكر لي مكانكم رأيتم أحق الناس به فجئتكم به..

ثم وضعته، فقال الرسول لأصحابه:

كلوا باسم الله.. وأمسك هو فلم يبسط اليه يدا..

فقلت في نفسي: هذه والله واحدة .. انه لا يأكل الصدقة..!!

ثم رجعت وعدت الى الرسول عليه السلام في الغداة، أحمل طعاما،

وقلت له عليه السلام: اني رأيتك لا تأكل الصدقة..

وقد كان عندي شيء أحب أن أكرمك به هدية،

ووضعته بين يديه، فقال لأصحابه كلوا باسم الله..

وأكل معهم..

قلت لنفسي: هذه والله الثانية.. انه يأكل الهدية..!!

ثم رجعت فمكثت ما شاء الله، ثم أتيته،

فوجدته في البقيع قد تبع جنازة، وحوله أصحابه وعليه شملتلن مؤتزرا بواحدة،

مرتديا الأخرى، فسلمت عليه، ثم عدلت لأنظر أعلى ظهره،

فعرف أني أريد ذلك، فألقى بردته عن كاهله،

فاذا العلامة بين كتفيه.. خاتم النبوة، كما وصفه لي صاحبي..

فأكببت عليه أقبله وأبكي..

ثم دعاني عليه الصلاة والسلام فجلست بين يديه،

وحدثته حديثي كما أحدثكم الآن..

ثم أسلمت.. وحال الرق بيني وبين شهود بدر وأحد..

وفي ذات يوم قال الرسول عليه الصلاة والسلام:" كاتب سيدك حتى يعتقك

فكاتبته، وأمر الرسولأصحابه كي يعونوني.

وحرر الله رقبتي، وعشت حرا مسلما، وشهدت مع رسول الله غزوة الخندق،

والمشاهد كلها.

هذه القصة مذكورة في الطبقات الكبرى لابن سعد ج4.

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 10-12-2009, 06:01 PM   رقم المشاركة : 9

 



بهذه الكلمات الوضاء العذاب..

تحدث سلمان الفارسي عن مغامرته الزكية النبيلة العظيمة

في سبيل بحثه عن الحقيقة الدينية التي تصله بالله، وترسم له دوره في الحياة..

فأي انسان شامخ كان هذا الانسان..؟

أي تفوق عظيم أحرزته روحه الطلعة،

وفرضته ارادته الغلابة على المصاعب فقهرتها،

وعلى المستحيل فجعلته ذلولا..؟

أي تبتل للحقيقة..

وأي ولاء لها هذا الذي أخرج صاحبه طائعا مختارا

من ضياع أبيه وثرائه ونعمائه الى المجهول بكل أعبائه، ومشاقه،

ينتقل من أرض الى أرض.. ومن بلد الى بلد.. ناصبا، كادحا عابدا..

تفحص بصيرته الناقدة الناس، والمذاهب والحياة..

ويظل في اصراره العظيم وراء الحق، وتضحياته النبيلة من أجل الهدى حتى يباع رقيقا..

ثم يثيبه الله ثوابه الأوفى، فيجمعه بالحق، ويلاقيه برسوله،

ثم يعطيه من طول العمر ما يشهد معه بكلتا عينيه

رايات الله تخفق في كل مكان من الأرض،

وعباده المسلمون يملؤن أركانها وأنحاءها هدى وعمرانا وعدلا..؟!!

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 10-12-2009, 06:36 PM   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية عبدالعزيز بن شويل
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 19
عبدالعزيز بن شويل is on a distinguished road


 



ماذا نتوقع أن يكون اسلام رجل هذه همته، وهذا صدقه؟

لقد كان اسلام الأبرار المتقين..

وقد كان في زهده، وفطنته، وورعه أشبه الناس بعمر بن الخطاب.

أقام أياما مع أبي الدرداء في دار واحدة..

وكان أبو الدرداء رضي الله عنه يقوم الليل ويصوم النهار..

وكان سلمان يأخذ عليه مبالغته في العبادة على هذا النحو.

وذات يوم حاول سلمان أن يثني عزمه على الصوم، وكان نافلة..

فقال له أبو الدرداء معاتبا: أتمنعني أن أصوم لربي، وأصلي له..؟ّ

فأجابه سلمان قائلا:

ان لعينك عليك حقا، وان لأهلك عليك حقا، صم وافطر، وصل ونم..

فبلغ ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم فقال:

" لقد أشبع سلمان علما ".

وكان الرسول عليه السلام يرى فطنته وعلمه كثيرا،

كما كان يطري خلقه ودينه..

ويوم الخندق، وقف الأنصار يقولون:

سلمان منا ..

وقف المهاجرون يقولون بل سلمان منا..

وناداهم الرسول قائلا:

" سلمان منا آل البيت ".

وانه بهذا الشرف لجدير..

وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يلقبه بلقمان الحكيم سئل عنه بعد موته فقال:

[ذاك امرؤ منا والينا أهل البيت.. من لكم بمثل لقمان الحكيم..؟

أوتي العلم الأول، والعلم الآخر، وقرأ الكتاب الأول والكتاب الآخر،

وكان بحرا لا ينزف
].

ولقد بلغ في نفوس أصحاب الرسول عليه السلام

جميعا المنزلة الرفيعة والمكان الأسمى.

ففي خلافة عمر جاء المدينة زائرا،

فصنع عمر ما لا نعرف أنه صنعه مع أحد غيره أبدا،

اذ جمع أصحابه وقال لهم:

"هيا بنا نخرج لاستقبال سلمان".!!

وخرج بهم لاستقباله عند مشارف المدينة.

لقد عاش سلمان مع الرسول منذ التقى به وآمن معه مسلما حرّا،

ومجاهدا وعابدا.

وعاش مع خليفته أبي بكر، ثم أمير المؤمنين عمر،

ثم الخليفة عثمان حيث لقي ربه أثناء خلافته.

وفي معظم هذه السنوات، كانت رايات الاسلام تملأ الأفق،

وكانت الكنوز والأموال تحمل الى المدينة فيئا وجزية،

فتورّع الانس في صورة أعطيت منتظمة، ومرتبات ثابتة.

وكثرت مسؤوليات الحكم على كافة مستوياتها،

فكثرت الأعمال والمناصب تبعا لها..

فأين كان سلمان في هذا الخضم..؟

وأين نجده في أيام الرخاء والثراء والنعمة تلك..؟

 

 

   

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:24 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir