خرجت زرعه من غرفة زوجها والشر يتطاير امام عينيها ....جلست مع ولدها محمد وأخبرته بالخبر ....فهاج هو الآخر وماج ...وبدأ الأثنان التخطيط لمعاقبة الأب وإنهاء حكاية الزواج هذا باي طريقة .
يعلمان بالطبع أن حكاية الخلاص من الزوجة الجديدة سهل جدا فهما يعرفان ابو محمد وضعفه وخنوعه لهما . ويعلمان مدى طمعه وحرصه على المال الذي تكتنزه زرعة اللعينه .
عند الصباح ...وقبل أن يفتح ابا محمد عينيه كانت زرعه تنهره ليستيقظ من نومه ..مرفقة ذلك بعدد من الشتائم والإهانات ..وبدأت في إستجوابه مرة اخرى .
متى كان الزواج ...وأين ...ومن هي الزوجة ؟
ثم كانت صدمتها الكبرى حين علمت بحكاية فيصل الولد الصغير الذي اصبح في المدرسة الآن .
وبدا صوت زرعه يعلوا أكثر فأكثر وطلبت الطلاق منه .....وهذا ما أرعب ابا محمد ...طلاق يعني حرمان كامل من المال ....وجاء محمد عند سماع صوت والدته ....وبدلا أن يذهب إلى عمله في دكان والدته بقي ليعرف ما يحدث .
حاول ابو محمد تهدئتها ووعدها بأن يفعل مايرضيها مهما كان ...فقط لتصبر قليلا حتى يتدبر امره ....ويبحث عن مخرج من هذه الورطة .
حاول أن يقنع زرعه بقبول الوضع الحالي ....على الاقل لأجل الولد الصغير فأبت ..وأصرت على رأيها ...فأما طلاق حليمة وإلا طلاقها هي .....!!
بالطبع ليست زرعه من أولئك النساء التي تبكي او تضعف ....فهي تعلم أنها صاحبة القرار وليس هو ...وماتقوله ليس اكثر من أمر عليه تنفيذه فورا ..وبلا جدال .
أمهلته أسبوعا واحدا للتخلص من حليمة ....وبالطبع ليس لديه مايمنع من ذلك ....فحليمة مسكينة ....وليس هناك من يقف في صفها ..ومادام الثمن المال فلتذهب حليمة إلى الجحيم .
وما ان أسترد قليلا من عافيته حتى توجه لبيت حليمة ......وبادرته بالسؤال عن سبب غيابه الطويل ..وعبرت عن مدى قلقها وخوفها ....فطمانها واخبرها بخبر حادثته ......نهضت سريعا لتجهز له الطعام ...فأشار لها بيده أن تجلس فهو يريد الحديث إليها في موضوع مهم .....ولم يكن فيصل قد عاد من مدرسته ....جلست إلى جواره ....ولمحت علامات الهم بادية على وجهه ...تردد قليلا ثم قال لها ...حليمة ...لابد أن نفترق ...!!
وظنته يداعبها ....لكنها لمحت الجدية الكاملة على وجهه ....وهي تقول ...لماذا ؟ ماذا فعلت ؟
وشرح لها أمر زوجته الأخرى وشرطها القاسي ....وان افضل الحلول هو طلاقها فهي على الأقل أم لطفل واحد ..وزرعه أم لأربعة ...وأنهارت حليمة باكية ....مستعطفة ....لكن هيهات .....فهذا الخانع لن يقوى على إتخاذ قرار آخر مخالف لقرار صاحبة المال والجاه ...أما هذه المسكينة فلا راي لها ابدا .
حسبي الله ونعم الوكيل ......حسبي الله ونعم الوكيل .....جملة رددتها حليمة عدة مرات .
وفيصل ..؟؟ كان هذا سؤال حليمة التالي بعد أن تمالكت نفسها .....قال لها ..فيصل سيبقى معك على شرط أن تبقين في ابها ...أما إذا اردت الذهاب للقرية ...فيجب أن يبقى فيصل هنا ليكمل دراسته ...فالمدرسة الوحيدة قريبا منهم تقع في قرية بعيدة نسبيا ...ولن يستطيع فيصل الذهاب إليها .
وهل تريد ان يبقى فيصل مع زوجتك الأولى ....اجاب بنعم ....وماذا في ذلك انه مع اخوته ....ومعي .
حسبي الله ....لابد أن احرم من ولدي .......واتركه بين يدي إمراة اخرى ....أو ابقى في بلد غريبة ....ليس لها فيها زوج ولا قريب ...وأنهارت باكية ....وتركها على هذا الحال وخرج .
كان يفكر في ماقال لها ....وتذكر أن بقاءها في ابها .....ووضع فيصل ..يحتاج موافقة مسبقة من اللعينه زرعة ..
وعاد لبيته الآخر ....وما أن دخل من الباب حتى بادرته زرعه بالسؤال ...طلقتها ؟؟
قال ...لا ...ليس اليوم ....بكره إن شاء الله .....ودمدت غاضبة لاعنة .....وهو يهديء من غضبها ويعدها أن يفعل في اليوم الثاني ...لكنه أراد سؤالها عن وضع فيصل ....في حالة رفضت حليمة البقاء في ابها .
تبقى في ابها ....لماذا ؟ اليس لها اهل .....لالا ..لايمكن أن تبقى في ابها ...ولا اريدها ان تبقى قريبا منك ......ولتاخذ ولدها معها فلست مربية لطفل ليس لي ...وشرح لها حكاية المدرسة .....فابت واستكبرت .....ورفضت رفضا قاطعا .
ولم يكن امام ابو محمد سوى القبول ....رغما عنه ...ووعد أن يفعل ما تريده زرعة اللعينة .....وصباح اليوم الذي يليه ...عاد لبيت حليمة واخبرها بضرورة الذهاب إلى قريتهم ....مصطحبة ولدها ....وعليها ان تتدبر موضوع ذهابه للمدرسة ..ووافقت حليمة وذاك افضل الحلول لها ولإبنها .
واستغربت من تغير رأيه عن أمس .......وفهمت أن القرار ليس بيده وان زرعه رفضت بقاءها أو بقاء ولدها .
أحزن حليمة كثيرا أن تطلق وهي في ريعان شبابها ....وبلا سبب .
زواجها كان خطأ أرتكبه عمها بحقها .....والطلاق خطا آخر ..ارتكبه زوجها ووالد طفلها الوحيد ....وكلها لامعنى لها ..
وهي لارأي لها في هذه كله ......وكل ماتفعله ....هو البكاء فقط ....والصبر ....فليس في يدها ما تفعله .
وجمعت ملابسها وملابس إبنها ....وودعت جاراتها .....وبكت كثيرا في حضن أم عبدالله جارتها العزيزة ....حتى عبدالله ..وفيصل شاهدا ما يحدث فبكوا أيضا .....وذهبت مع زوجها إلى القرية ....واستقبلتهم العمة العجوز ..هاشة باشة ..فقد ظنتهم قادمون لزيارتها ....لكنها صرخت فزعا حين سمعت ابا محمد يخبر انه بصدد طلاق حليمة ...وتركهم وغادر .
ماذا فعلت يابنتي ؟ لماذا طلقك ؟ ....هل فعلت ما اغضبه لينتهي المر بالطلاق .....وبقية حليمة صامتة واجمة ...وفيصل يلاحق سيارة والده بنظره ..وهو يغيب بعيدا .
وبعد ان هدأت العمة ...شرحت لها حليمة كل ماحدث ......فلم يزد جوابها عن نفس الجملة التي ترددها حليمة .....حسبنا الله ونعم الوكيل .
وعاد ابو محمد ليخبر زرعة بانتهاء الموضوع ...فتنفست الصعداء ...فقد انتهى الأمر كما أرادت .
وحليمة أيضا أستسلمت للأمر الواقع وقررت توطين نفسها على هذا الحال ....وتكتفي بتربية ورعاية طفلها الوحيد ....ورعاية عمتها العجوز ....وبين حين وآخر ....تذهب بغنم عمتها بعيدا ......وتبكي وحيدة ....حتى ترتاح .......ثم تعود وكأن شيئا لم يحدث ..
وظنت أن ماحدث هو نهاية الألآم ....ولكن ...
لازال هناك المزيد من العذاب والحزن ......ينتظر دوره ليحل على حليمة ........
الله يحبكـــــــ(ن)ـــم