يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > ساحة الثقافة الإسلامية > الساحة الإسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-05-2011, 10:51 PM   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
عضو مميز
 
الصورة الرمزية ابوحاتم
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
ابوحاتم is on a distinguished road


 

الخطبة الثانية
الحمد لله ذي الجلال والإكرام والعِزَّة التي لا تُرام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له عزيزٌ ذو انتقام، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله المبعوثُ رحمةً للعالمين، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمدٍ، وعلى آله وصحبه الكرام.
أما بعد:
فاتقوا الله - أيها المسلمون -، وارجوا ثوابَه، واخشَوا عقابَه، واسمعوا قول الله - تبارك وتعالى -:
اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة: 98]
، فخافوا عقابَه، وارجوا رحمتَه وثوابَه.
وقد روى البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
«إن أهون أهل النار عذابًا يوم القيامة: لرجلٌ يُوضَع في أخمص قدمَيه جمرتان يغلي منهما دماغه، ما يرى أن أحدًا أشد منه عذابًا، وإنه لأهونهم عذابًا».
وروى مسلم من حديث المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال: سأل موسى - صلى الله عليه وسلم - ربَّه: ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ قال: «هو رجلٌ يجِيءُ بعدما أُدخِل أهل الجنةِ الجنة، فيُقال له: ادخل الجنة، فيقول: أيْ ربِّ! كيف وقد نزل الناس منازلهم، وأخذوا أخذاتهم؟! فيقول له: أترضى أن يكون مثلُ مُلكِ ملِكٍ من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيتُ ربِّ، فيقول الرب - تبارك وتعالى -: لك ذلك، ومثلُه ومثلُه ومثلُه ومثلُه، فيقول في الخامسة: رضيتُ ربِّ، فيقول: هذا لك وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهَت نفسُك، ولذَّت عينُك، فيقول: رضيتُ ربِّ».
فالخوف من عذاب الله والرجاء في ثوابه أمرٌ لا بد منه في استقامة المسلم، وفي هذا العصر الذي غلبت فيه القسوة والغفلة وحب الدنيا على القلوب، وتجرَّأ أكثر العباد على الآثام والذنوب، يُقوَّى جناحُ الخوف؛ لتستقيم النفوس، وتزكُو القلوب، وعند الانقطاع من الدنيا يُغلَّب الرجاء؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -:
«لا يمُت أحدكم إلا وهو يُحسِنُ الظنَّ بربه».
فالخوف من الله يقتضي القيامَ بحقوق الله تعالى، ويُبعِد المسلم عن التقصير فيها، ويحجُز العبدَ عن ظلم العباد والعدوان عليهم، ويحثُّه ويدفعه إلى أداء الحقوق لأصحابها وعدم تضييعها والتهاوُن بها، ويمنع المسلمَ من الانسياق وراء الشهوات والمُحرَّمات، ويجعله على حذرٍ من الدنيا وفتنتها وزخرفها، وعلى شوقٍ إلى الآخرة ونعيمها.
ومن وحَّد الله - تبارك وتعالى - وعافاه الله من دماء الناس وأموالهم وأعراضهم فقد نجا من شقاوة الدنيا وكُربات الآخرة ومن عذاب الله - تبارك وتعالى -، وفاز بجنةٍ لا يفنى نعيمُها ولا يَبيد.
عباد الله:
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56]
، فصلُّوا وسلِّموا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، اللهم بارِك على محمد وعلى آل محمد، كما بارَكت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، وسلِّم تسليمًا كثيرًا.
اللهم وارضَ عن الصحابة أجمعين، وعن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم وارضَ عنَّا بمنِّك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين يا رب العالمين، اللهم ألِّف بين قلوب المسلمين وأصلِح ذات بينهم.
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك يا قوي يا عزيز.
اللهم أذِلَّ البدع يا رب العالمين إلى يوم الدين.
اللهم احفظ دماء المسلمين، اللهم احفظ دماء المسلمين، اللهم احقِن دماء المسلمين، واحفظ أعراضهم وأموالهم يا رب العالمين، اللهم واكفِهم شر المُعتدين الظالمين يا رب العالمين، اللهم احفظ المسلمين في كل مكان، اللهم أعِذ المسلمين من شر الظالمين ومن عدوان الظالمين يا رب العالمين.
اللهم أطفِئ الفتن التي هبَّت على المسلمين يا رب العالمين، اللهم أطفِئها بعزٍّ للإسلام والمسلمين يا رب العالمين، وبما يُرضيك يا أرحم الراحمين، وبذلٍّ لأعداء الدين يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح اللهم ولاة أمورنا.
اللهم وفِّق خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضى، اللهم وفِّقه لهُداك، واجعل عمله في رِضاك، وأعِنْه على ما يُرضيك وما فيه صلاحُ الإسلام والمسلمين يا رب العالمين، اللهم وفِّق نائبَيْه لما تحب وترضى، ولما فيه العزُّ للإسلام يا أرحم الراحمين.
اللهم أغِثنا، اللهم أعِذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، وأعِذنا من شر كل ذي شرٍّ يا رب العالمين، اللهم أعِذنا وذرياتنا من إبليس وذريته وجنوده وشياطينه، اللهم أعِذ المسلمين من إبليس وذريته وشياطينه يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة: 201].
عباد الله:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [النحل: 90، 91].
واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 06-19-2011, 12:59 AM   رقم المشاركة : 12

 

خطبة الجمعة 8/7/1432 من المسجد النبوي
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وجعلها سببًا للمودة والوِئام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملكُ العلاَّم، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبدُه ورسوله سيدُ ولد عدنان، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 70، 71].
أيها المسلمون:
من الأصول الدينية العظيمة: وجوب تحقيق الأُخوَّة بين المؤمنين: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات: 10]، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «المسلمُ أخو المسلم».
ومن هنا؛ فعلى المسلم أن يعلمَ أن أعظم حقٍّ لهذه الأُخُوَّة أن يلتزِم بالقاعدة القرآنية: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة: 71]، وأن يعمل جادًّا في تحقيق المبدأ الذي دعا إليه سيدُ البشرية محمد - صلى الله عليه وسلم - بأن يحبَّ للمسلمين ما يُحبُّه لنفسه في كل الأحوال وجميع التصرُّفات ظاهرًا وباطنًا، عملاً بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «مثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم كمثَل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعَى له سائرُ الجسد بالسهر والحُمَّى»؛ متفق عليه.
ويقول - صلى الله عليه وسلم - داعيًا المجتمعَ المسلمَ إلى أن تشِيعَ فيه روحُ المحبة الصادقة وعاطفةُ المودَّة الصادقة: «لا يُؤمنُ أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسه»؛ متفق عليه.
أيها المسلمون:
إن الواجب على المسلم أن يسعى في تحقيق هذه المُثل العُليا والأخلاق العُظمى، فهو حسنٌ في قوله وفعله، فاضلٌ في سلوكه ومنهجه، ويجبُ عليه أن يكون رحيمًا لطيفًا رفيقًا بإخوانه المسلمين، هيِّنًا سهلاً مُتواضعًا مع أحبابه المؤمنين، حليمًا عند الغضب، كظومًا عند الغيظ، عفوًّا عند الإساءة والجهل، يتعاملُ مع المسلمين بكل خُلُقٍ رفيعٍ وتعامُلٍ سامٍ راقٍ تقبلًُه النفوس البشرية، وتألفُه الطِّباعُ الإنسانية.
فالمسلمُ يجب أن يكون في عيشه مع الناس يجب أن يكون ذا ذوقٍ عالٍ، يتمتَّعُ بكل صفةٍ مُحبَّبةٍ للقلوب، مُرغّبةً للنفوس، مُقتديًا في ذلك بالنبي الأعظم والرسول الأكرم - عليه أفضل الصلاة والسلام -، والذي وصَفه ربُّه بقوله: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم: 4]، فحينئذٍ يتبوَّأ المسلم بتلك الصفات المنزلةَ الرفيعةَ والمكانةَ العاليةَ في الدنيا والآخرة.
يقول عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه وعن أبيه -: لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاحشًا ولا مُتفحِّشًا. وكان يقول: «إن من خيارِكم أحسنَكم أخلاقًا»؛ متفق عليه.
ولا غَروَ؛ فإن الأخلاق الحسنة والصفات الجميلة أسبابُ الفلاح، وركائزُ الفوز والنجاح، فقد سُئِل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكثر ما يُدخِل الناسَ الجنةَ، قال: «تقوى الله وحُسن الخُلق»، وسُئِل عن أكثر ما يُدخِل الناسَ النار، فقال: «الفمُ والفَرجُ»؛ رواه الترمذي، وقال: حسنٌ صحيح، وصحَّحه ابن حبان.
وفي "سنن أبي داود" بسندٍ حسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن المؤمن لَيُدرِك بحُسن خُلُقه درجةَ الصائم القائم».
فيا من تريد النجاة وتبتغي السعادة! كن هيِّن المعشر، ليِّن الطِّباع، سهل التعامُل، فرسولُنا - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ألا أُخبِركم بمن تحرُم عليه النار أو بمن يحرُم على النار؟ تحرُم على كل قريبٍ هيِّنٍ ليِّنٍ سهل»؛ رواه الترمذي، وقال: حديثٌ حسن.
وفي "الصحيحين" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عُتلٍّ جوَّاظٍ مُستكبِر».
والعُتُلُّ: هو الغليظ الجافي في الطبع وفي الفعل. والجوَّاظ: هو الجَموع المَنوع.
فاتقوا الله - أيها المؤمنون -، وخذوا من وصية الله - جل وعلا - لنبيِّه مثالاً يُحتذَى: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ [الحجر: 88].
بارك الله لنا فيما سمِعنا، ونفعنا بما تعلَّمنا، أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله سيدُ الخلق أجمعين، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد، فيا أيها المسلمون:
إن أعظم الأسباب المُحرَّمة التي تهتِكُ حقوق الأُخوَّة: التعدِّي على المسلمين بقولٍ أو فعلٍ، والتطاوُل على حقوقهم، والسعيُ إلى ظلمهم والإضرار بهم، يقول - جل وعلا -: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ [الحجرات: 11].
فاحذر - أيها المسلم - من التعرُّض لما يخدِشُ هذه الأُخوَّة المفروضة بسببٍ قلبيٍّ أو فعليٍّ أو قوليٍّ، ماديٍّ أو معنويٍّ، يقول - صلى الله عليه وسلم - ناهيًا عن هذه الأمور: «لا تَحاسَدوا، ولا تَباغَضوا، ولا تَدابَروا، ولا يبِع بعضُكم على بيع بعضٍ، وكونوا عبادَ الله إخوانًا، المسلمُ أخو المسلم لا يظلمُه ولا يحقِرُه، التقوى ها هنا - يُشير بيده إلى صدره ثلاث مرات -»، ثم يقول - عليه الصلاة والسلام -: «بحسب امرئٍ من الشر أن يحقِر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمُه ومالُه وعِرضه»؛ رواه مسلم.
فأين المسلمون من هذه التوجيهات العظيمة والوصايا اللازمة؟! فهل يتقِ اللهَ مسلمٌ يُسلِّط على إخوانه السلاحَ ويُحاربُهم كأنهم أعداء بسبب دنيا فانية، ومنافع زائلة.
فتمسَّكوا بالإسلام، حكِّموا الإسلام في القلوب، طبِّقوه في الأفعال، التَزموا به في الأقوال، الله - جل وعلا - يقول: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [الأحزاب: 58].
ثم إن الله - جل وعلا - أمرنا بأمرٍ عظيم، ألا وهو: الصلاة والسلام على النبي الكريم.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين.
اللهم أصلِح أحوالنا وأحوال المسلمين، اللهم فرِّج همومنا وهموم المؤمنين، اللهم احفظ المسلمين في كل مكان، اللهم احفظ المسلمين في كل مكان، اللهم حقِّق لهم ما يصبُون إليه يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اجعل السعادة حليفَهم في الدنيا والآخرة، اللهم أصلِح أحوالهم، اللهم أصلِح أحوالهم، اللهم أصلِح أحوالهم.
اللهم ولِّ عليهم خِيارَهم، اللهم ولِّ عليهم خِيارَهم، اللهم ولِّ عليهم خِيارَهم، اللهم واكفِهم شِرارَهم، اللهم واكفِهم شِرارَهم، اللهم واكفِهم شِرارَهم يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احقِن دماء المسلمين، اللهم احقِن دماء المسلمين، اللهم احقِن دماء المسلمين.
اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تحبُّ وترضى، اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تحبُّه وترضاه يا ذا الجلال والإكرام، اللهم هيِّئ له البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ يا ذا الجلال والإكرام.
عباد الله:
اذكروا الله ذكرًا كثيرًا، وسبِّحُوه بُكرةً وأصيلاً.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

__________________

((لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)) [التوبة - 128]

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 06-20-2011, 05:49 PM   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
عضو مميز
 
الصورة الرمزية ابوحاتم
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
ابوحاتم is on a distinguished road


 

خطبة المسجد النبوي - 15 رجب 1432 - التحذير من الفتن - الشيخ عبد المحسن القاسم



الخطبة الأولى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فاتقوا الله - عباد الله - حقَّ التقوى، واستمسِكوا من الإسلام بالعُروة الوُثقى.
أيها المسلمون:
امتنَّ على عباده بنعمٍ ظاهرةٍ وباطنة، ولا تتمُّ نعمةٌ إلا بالدين، والثبات عليه من التحوُّل أو النقصان من أشق الأمور، قال أنس - رضي الله عنه -: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُكثِر أن يقول: «يا مُقلِّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك». فقلتُ: يا رسول الله! آمنَّا بك وبما جئتَ به، فهل تخافُ علينا؟ قال: «نعم، لإن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يُقلِّبها كما يشاء»؛ رواه الترمذي.
ومن دعاء الصالحين: رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً [آل عمران: 8].
والشيطان راصدٌ للإنسان في كل سبيلٍ لإفساد دينه، قال - عليه الصلاة والسلام -: «إن عرش إبليس على البحر، فيبعثُ سراياه فيفتنِون الناس، فأعظمُهم عنده أعظمُهم فتنة»؛ رواه مسلم.
والفتنُ من أعظم المُؤثِّرات على الدين، فلا تعرفُ سنًّا ولا جنسًا ولا بلدًا، وهي تُمحِّص القلوبَ وتُظهِرُ ما فيها من صدقٍ أو ريب، فتتعرَّض لكل قلبٍ فيسقط فيها أقوامٌ وينجو آخرون، قال - عليه الصلاة والسلام -: «تُعرضُ الفتنُ على القلوب كالحصير عودًا عودًا، فأيُّ قلبٍ أُشرِبَها نُكِتَت فيه نُكتةٌ سوداء، وأيُّ قلبٍ أنكرها نُكِتَت فيه نُكتةٌ بيضاء»؛ رواه مسلم.
وهي كثيرةٌ، وصفها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «بادِروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المُظلِم»؛ رواه مسلم.
ولا تدَعُ بيتًا إلا دخَلَته، قال - عليه الصلاة والسلام -: «إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القَطر»؛ متفق عليه.
وكلما فُتِحت نعمةٌ نزلَت معها فتنة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ماذا فُتِح الليلة من الخزائن وماذا أُنزِل من الفتن؟»؛ متفق عليه.
وإذا بعُد الناس عن زمن النبوة ظهرَت الفتن، قال - عليه الصلاة والسلام -: «لا تقومُ الساعةُ حتى يُقبَض العلمُ، وتكثُر الزلازل، ويتقارَب الزمانُ، وتظهرَ الفتن»؛ رواه البخاري.
وهي تتوالَى على العبد إلى مماته، وقد تأتي بمُهلِكته وقد تتدرَّج عليه، قال - عليه الصلاة والسلام -: «إن أمتي هذه جُعِل عافيتُها في أولها، وسيُصيبُ آخرَها بلاءٌ وأمورٌ تُنكِرونها، وتجيءُ فتنةٌ فيُرقِّقُ بعضُها بعضًا، وتجيءُ الفتنةُ فيقول المؤمنُ: هذه مُهلِكَتي، ثم تنكشِفُ وتجيءُ الفتنة، فيقول المؤمن: هذه هذه، فمن أحبَّ أن يُزحزَحَ عن النار ويدخل الجنةَ فلتأتِه منيَّتُه وهو يؤمنُ بالله واليوم الآخر، وليأتِ إلى الناس الذي يُحبُّ أن يُؤتَى إليه»؛ رواه مسلم.
وخطَرها كبير، من دنا منها أخذَته، ومن حام حول حِماها أوقَعَته، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من تشرَّف لها تستشرِفه»؛ متفق عليه.
منها ما هو كبير يمُوج كموج البحر، ومنها ما هو دون ذلك، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يعُدُّ الفتن: «منهن ثلاثٌ لا يكَدنَ يذَرنَ شيئًا، ومنهن فتنٌ كرياح الصيف منها كبار ومنها صغار»؛ رواه مسلم.
منها ما تُخرِج المرء من الدين، قال - عليه الصلاة والسلام -: «يُصبِحُ الرجلُ مؤمنًا ويُمسِي كافرًا، أو يُمسِي مؤمنًا ويُصبِح كافرًا، يبيعُ دينَه بعرَض من الدنيا»، رواه مسلم.
قال النووي - رحمه الله -: "وهذا لعِظَم الفتن ينقلِبُ الإنسان في اليوم الواحد هذا الانقلاب".
وفتنةُ الشرك أعظمُ من القتل، ومن فتنته أن يُظنَّ أن دعوة الأموات وأصحاب القبور مسموعة، فردَّ الله شبهَتهم بقوله: وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر: 13، 14].
أو يُظنَّ أن العمل الصالح لا ينقُضه الشركُ ولا يُفسِده، وقد أخبر الله أن العمل الصالح يبطُل إذا قارنَه الشرك به، قال - سبحانه -: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر: 65].
وكل عملٍ لم يكن خالصًا لله فإنه لا يُقبَل ولو كثُر، والرياء في الأعمال وعدم الإخلاص فيها لله أعظم من فتنة الدجال، قال - عليه الصلاة والسلام -: «ألا أُخبِركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجَّال؟». قلنا: بلى، قال: «الشرك الخفِيُّ»؛ رواه ابن ماجه.
والتوكُّل على الله أحد ركنَي الدين: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة: 5]، والله - سبحانه - هو الخالق الرازق القدير، وتفويض الأمر إليه يشرحُ الصدر ويُيسِّر الأمر، ويُحقِّقُ - بإذن الله - المُنى، قال - جل شأنه -: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق: 3].
والاعتماد على الأسباب في طلب الرزق وغيره والتعلُّق بالمخلوقين مع ضعف التوكُّل أو تركه فتنةٌ في الدين، وذلٌّ للنفس، وجلبٌ للأحزان، وداعٍ للهموم، والإيمانُ يصقُل النفوس ويُهذِّبها ولا يُذبذِبُها، فتشكر ربَّها عند النعماء، وتصبر عند البلاء.
ومن الفتن: تركُ الهداية إن نزلت محنةٌ أو أقبلَت دنيا بزُخرفها أو تحليل ما كان يراه حرامًا اتباعًا لهوىً أو طمعًا بدنيا، قال الله - عز وجل -: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ [الحج: 11].
والخلقُ يُفتنُ بعضُهم ببعض، قال - سبحانه -: وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ [الفرقان: 20].
قال ابن القيم - رحمه الله -: "وهذا عامٌّ في جميع الخلق، امتحنَ بعضَهم ببعض، فامتُحِن الرسل للمُرسَل إليهم، والمُرسَل إليهم بالرسل، وامتُحِن العلماء بالجهَّال، وامتُحِن الجهَّال بالعلماء، وامتُحِن الأغنياء بالفقراء، والفقراء بالأغنياء".
والأُلفة وجمع الكلمة على الحق من أسس قوة الإسلام وأهله، ونهى الله عن الشتات والافتراق، فقال: وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا [الروم: 31، 32]، ومن أُوليات أعمال النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قدِمَ المدينة تأليفُ قلوب الأوس والخزرج والمُؤاخاة بين المهاجرين والأنصار لنشر الإسلام.
ومن الفتن: الفُرقة والنزاع والاختلاف بين المسلمين اتباعًا لهوًى ونحوه، قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: "والفتنُ التي يقعُ فيها التهاجُر والتباغُض والتطاعُن والتلاعُن ونحو ذلك هي فتنٌ وإن لم تبلغ السيف".
والله كرَّم الإنسانَ وفضَّلَه وعظَّمَ حرمةَ المسلم ودمَه، وفي آخر الزمان يقلُّ العمل الصالح ويضعُف الإيمانُ في النفوس، فيُستهانُ بحُرمات الله، ومن الفتن: كثرة القتل في الأمة، قال - عليه الصلاة والسلام -: «ويكثُر الهَرجُ». قالوا: يا رسول الله! وما الهَرج؟ قال: «القتل»؛ متفق عليه.
ولكثرة القتل يُسفكُ الدم من غير سبب، قال - عليه الصلاة والسلام -: «ليأتينَّ على الناس زمانٌ لا يدري القاتلُ في أي شيءٍ قتَل، ولا يدري المقتول على أي شيءٍ قُتِل»؛ رواه مسلم.
ومن سلِمَت يدُه عن الاعتداء فليحفَظ لسانَه عن أعراض المسلمين.
والمالُ فتنةُ هذه الأمة، كما قال - عليه الصلاة والسلام -: «فتنةُ أمتي في المال»؛ رواه الترمذي.
وكان - عليه الصلاة والسلام - يتعوَّذ من فتنته يقول: «وأعوذ بك من فتنة الغِنى ومن فتنة الفقر»؛
متفق عليه.
وخشِيَ - عليه الصلاة والسلام - على أمته كثرةَ المال والمنافسةَ في جمعه، فقال: «واللهِ ما الفقرَ أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تُبسطَ عليكم الدنيا كما بُسِطَت على من كان قبلكم، فتنافَسُوها كما تنافَسُوها، فتُهلِكَكم كما أهلكَتهم»؛ متفق عليه.
ومن فتنته: جمعُه سواءٌ من حِلٍّ أم من حرام، قال - عليه الصلاة والسلام -: «يأتي على الناس زمانٌ لا يُبالي المرءُ ما أخذَ منه أمِن الحلال أم من الحرام»؛ رواه البخاري.
ومن فتنته: البخلُ به أو احتقار المساكين أو جعله سببًا للعصيان أو الاستكبار به على الخلق ونسيانُ أن الله هو المُنعِم عليه أو بيع الدين للحصول عليه، كما قال - عليه الصلاة والسلام -: «يبيعُ دينَه بعَرَضٍ من الدنيا»؛ رواه مسلم.
والسعيدُ من قنِعَ بعطاء الله له وجمعه من حلالٍ وأيقنَ بأن الله هو المُنعِمُ عليه وحده، فشكر ربَّه وتواضَع للخلق وبذَلَ مالَه ابتغاء مرضات الله.
والدنيا تزيَّنت لأهلها وفتحَت أبوابها في الصناعة والآلة والبناء وغيرها، والمرءُ قد يُفتنُ بما يراه فيها، وينسى أن الله هو الذي وهبَ للإنسان العقلَ وسخَّر له الأرضَ وما فيها مع كواكب أخرى؛ لتكون عونًا للإنسان على طاعة ربه، وحذَّر أن تكون تلك النعمُ صادَّةً عنه، وإذا استكبَر بما صنعَه وانبهَر بما رآه فالأُمم السابقةُ قد فُتِح لها من القوة والمال والولد ما لم يُفتَح لهذه الأمة، قال - سبحانه -: كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا [التوبة: 69].
والأولاد زينةُ الحياة، وجعلَهم الله فتنةً، كما قال - سبحانه -: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ [التغابن: 15]، ومن فتنتهم: التفريطُ في تنشِئَتهم على الدين أو جمعُ المال من غير حِلِّه لهم أو تركُ شيءٍ من أنواع الطاعات أو انتهاكُ محظورٍ من أجلهم.
والدجَّال ما من نبيٍّ إلا حذَّر أمتَه منه، وهو أعظم إنسانٍ هيئةً وأشدُّه وثاقًا، مجموعةٌ الآن يداهُ إلى عُنقه، وما بين رُكبتيه إلى كعبَيه بالحديد، وإذا أذِنَ الله بخروجه حُلَّ وثاقُه وسعى في الأرض، فيهرُب الناسُ إلى الجبال خوفًا منه، ومن فتنته: ادِّعاءُ الربوبية، فيُكذِّبُه بعضُ الناس، فيأمر السماءَ فتُمطِر، والأرضَ فتُنبِت، ويمرُّ بالخَرِبة فيقول لها: أخرِجي كنوزكِ، فتتبعُه كنوزُها، ويضربُ الرجلَ بالسيف فيقطعه قطعتين، ثم يدعوه فيُقبِل فيُقبِل إليه، فإذا رأى ذلك بعضُ الناس قالوا: أنت ربُّنا فتنةً لهم.

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 06-20-2011, 05:55 PM   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
عضو مميز
 
الصورة الرمزية ابوحاتم
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
ابوحاتم is on a distinguished road


 

وبعد، أيها المسلمون:
فلا عاصمَ من الفتن إلا ما عصمَ الله، قال - سبحانه -: وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا [المائدة: 41].
والدعاء سلاحُ المؤمن في السرَّاء والضرَّاء، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أمرَ صحابتَه بالتعوُّذ من الفتن، قال زيد بن ثابت - رضي الله عنه -: أقبلَ علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوجهه فقال: «تعوَّذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن». قالوا: نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن؛ رواه مسلم.
بل وأمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالتعوُّذ منها في كل صلاة، قال - عليه الصلاة والسلام -: «إذا تشهَّد أحدكم فليستعِذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجَّال»؛ رواه مسلم.
والبُعد عن الفتن عصمةٌ منها، ولهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالهرب من الدجَّال لمن سمِعَه، ويعظُم قدرُ العبد بالبُعد عنها، قال - عليه الصلاة والسلام -: «ستكون فتنٌ القاعدُ فيها خيرٌ من القائم، والقائمُ خيرٌ من الماشي، والماشي فيها خيرٌ من الساعي، من تشرَّف لها تستشرِفه، فمن وجدَ ملجأً أو معاذًا - أي: هربًا منها - فليعُذ به»؛ متفق عليه.
قال ابن حجر - رحمه الله -: "في الحديث التحذيرُ من الفتنة والحثُّ على اجتناب الدخول فيها، وأن شرَّها يكون بحسب التعلُّق بها".
والعلم الشرعي حصنٌ مكينٌ يدرأ عن الجوارح أعمال الشهوات، وعن القلب اعتقاد الشُّبهات، قال - عليه الصلاة والسلام -: «تركتُ فيكم أمرين لن تضِلُّوا ما إن تمسَّكتم بهما: كتابَ الله وسنة نبيه»؛ رواه الإمام مالك.
والصلوات الخمس جماعةٌ في بيوت الله تحفظُ العبدَ من المكاره والشرور، قال - جل شأنُه -: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت: 45].
والرُّفقة الصالحةُ تُدنِي من الخلق وتُباعِدُ عن الشر، وصُحبة السوء ندامةٌ تُجمِّل القبيحَ وتأزُّ إليه، والحياة معبَرٌ، والموفَّق من صانَه الله من الفتن والمِحَن، ثم لقِيَه وهو راضٍ عنه.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الزخرف: 43].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا مزيدًا.
أما بعد، أيها المسلمون:
فتنةُ الشُّبهات تُدفَع باليقين، وفتنةُ الشهوات تُدرأ بالصبر، والمسلمُ الحقُّ هو الذي يُصلِح الناسَ يوم فتنتهم ويُبيِّن خطرَها، ويُوصِي بالاعتصام بحبل الله المتين، وشأنُ العبادة من الدعوة إلى الله وغيرها في أوقات الفتن يعظُم أجرُها عند الله، قال - عليه الصلاة والسلام -: «العبادةُ في الهَرج كهجرةٍ إليَّ»؛ رواه مسلم.
وعلى المرء ألا يغترَّ بكثرة الهالكين، وألا يستوحِش من قلَّة السالكين، ولا ينظر إلى كثرة من هلَك، وإنما ينظر إلى الناجي كيف نجا لينجو.
ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيه، فقال في محكم التنزيل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيْمًا [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على نبينا محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدِلون: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعنَّا معهم بجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل اللهم هذا البلد آمنًا مُطمئنًّا وسائر بلاد المسلمين.
اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم احقِن دماءهم يا رب العالمين، وأعلِ شرفَهم وقدرَهم، واصرف عنهم عدوَّك وعدوَّهم يا رب العالمين.
اللهم إنا نسألك الجنةَ وما قرَّب إليها من قولٍ أو عمل، ونعوذ بك اللهم من النار وما قرَّب إليها من قولٍ أو عمل.
اللهم وفِّق إمامنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، ووفِّق جميع ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك، وتحكيم شرعك يا ذا الجلال والإكرام.
عباد الله:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل: 90].
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

__________________


 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 06-30-2011, 08:11 PM   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
عضو مميز
 
الصورة الرمزية ابوحاتم
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
ابوحاتم is on a distinguished road


 

خطبة الجمعة من المسجد النبوي الثاني والعشرون من رجب لعام 1432هـ
الموضوع: الشباب والإجازة..
الشيخ: صلاح البدير..


نبذة عن الخطبة:
ألقى فضيلة الشيخ صلاح البدير - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "الشباب والإجازة"، والتي تحدَّث فيها عن الإجازات ونصائح وتوجيهات لكيفية استغلالها استغلالاً صحيحًا، وحذَّر من المخالفات التي يقع فيها الكثير؛ من السفر المحرم، وتضييع أوقات الفراغ فيما لا ينفع، ونبَّه على ما يُرتكب من محرماتٍ في الأفراح والأعراس.

الخطبة الأولى:
الحمد لله، الحمد لله بارئ النَّسَم، ومُحيِي الرِّمَم، ومُجزِل القِسَم، مُبدِع البدائع، وشارعِ الشرائع، دينًا رضيًّا، ونورًا مُضيًّا، أحمده وقد أسبغَ البرَّ الجزيل، وأسبلَ السترَ الجميل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةَ عبدٍ آمنَ بربه، ورجا العفو والغفران لذنبه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعِه وحِزبه صلاةً وسلامًا دائمَيْن ممتدَّيْن مُتلازمَين إلى يوم الدين.أما بعد، فيا أيها المسلمون:
اتقوا الله؛ فإن تقواه أفضلُ مُكتسب، وطاعته أعلى نسَب، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 102].

أيها المسلمون:
تجمُل الراحةُ بعد عناء، وتحلو العُطلة بعد تعبٍ وإعياء، ويحصُل رخاءُ البال وفراغُ القلب بعد كدٍّ ومشقَّةٍ وجَهد، ولا بأس بلهوٍ مباح يُروِّح عن النفس، ويُجِمُّ الخاطر، ويدفعُ الكآبة، ويطرُدُ السآمة، ويُجدِّد العزمَ والهمَّة؛ فإن المُنبَت لا أرضًا قطَع، ولا ظهرًا أبقى.
ومن فعل ذلك بنيَّةٍ صالحةٍ أُجِر، قال عمر بن عبد العزيز لابنه: "يا بنيّ! إن نفسي مطيَّتي، وإن حملتُ عليها فوق الجَهد قطعتُها".وقال أحد السلف: "إني لأُجِمُّ قلبي باللهو المُباح ليكون أقوى لي على الحق".وقال آخر: "أريحوا القلوب؛ فإن القلب إذا أُكرِه عمِي".
ودوام الذكر والفكر في أمر الآخرة فضيلةٌ عظيمة، ولا يعني ذلك حرمانَ النفس نصيبَها من الدنيا؛ فعن حنظلة الأُسيدي - رضي الله عنه - وكان من كُتَّاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: دخلنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلتُ: نافَقَ حنظلةُ يا رسول الله! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وما ذاك؟». قلتُ: يا رسول الله! نكون عندك تُذكِّرنا بالجنة والنار حتى كأنَّا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافَسنا الأولاد والأزواجَ والضَّيْعات نسينا كثيرًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفسي بيده؛ إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافَحتكم الملائكةُ على فُرشكم وفي طرقكم، ولكن - يا حنظلةُ - ساعةً وساعة»؛ أخرجه مسلم.
وآخى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بين سلمان وأبي الدرداء - رضي الله عنهما –، وكان أبو الدرداء يقوم الليل ويصوم النهار، فقال سلمان لأبي الدرداء: إن لربك عليك حقًّا، وإن لنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعطِ كل ذي حقٍّ حقَّه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صدق سلمان»؛ أخرجه البخاري.
ويقبُح بالمسلم استمهادُ الراحة، واستيطاء الدَّعة، واستدامةُ الغفلة، واستِمراءُ اللغو، وإطلاقُ العَنان للمُتعة والشهوة، وتجاوُز حدود الشرع في الترفيه والترويح.
أيها المسلمون:
وفراغُ اليد، وبَطالةُ البدن، ودوام الفراغ، ومُحالفة النوم لِقاحُ الفقر والفساد والضياع، ودوامُ الجُثوم على أجهزة التسليط والترفيه يقتُل النبوغ، ويحُدُّ من الفِطنة والذَّكاء، ويشغَلُ الأذهان بما حقُر وهان، ويُهدِرُ الوقت، ويُعقِبُ العِلَل، ويُورِثُ الكسل، ويجلِبُ الفشل.وما الحقُّ أن تهوَى فتُشغَفَ بالذي هوِيتَ إلى ما كان ليس بأجملِ
أيها الشَّبَبة:
سارِعوا إلى قصَبات التقدُّم وشُرفات العلو، وافترِعوا الشَّعَث السوامِي، وتوقَّلوا إلى التلال والروابي، وشمِّروا للعلم والمعرفة، وأوغِلوا في ميادين العمل والتكسُّب المُباح، أتقِنوا حِرفة، وتعلَّموا صنعة، واكتسِبوا مهارة، وشارِكوا في البناء والنَّماء، واعلموا أن أحصَنَ موئِل، وأمنع معقِل، وأكرمَ مقِيل، وأهدى سبيل: لزوم الكتاب والسنة وتعلُّمهما، والتفقُّه في الدين، وقراءةُ سيرة سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم -، والتأسِّي به في أفعاله وأحواله وأقواله - صلى الله عليه وسلم -.
أيها الشَّبَبة:
كونوا ممن يأتي السنيَّة، ويأبى الدنيَّة، كونوا أتقياء برَرة، واحذروا الأشقياء والفجَرة، والعُصاة والفسَقة المكَرة، أصحاب السوء والفتنة الذين يُضيِّعون الصلوات، ويتَّبعون الشهوات، ويأتون المنكرات والمُحرمات، ويتعاطَون الدخانَ والشيشةَ والمُسكِرات والمُخدِّرات، ويُديمون السهرَ على المُوبِقات والمُهلِكات والفضائيات.احذروهم احذروهم؛ فإنهم السمُّ الناقع، والبلاء الواقع.

أيها المسلمون:
وفي الإجازة تكثُر السافرةُ بالأمصار، والسفر يُسفِرُ عن وجوه المُسافرين وأخلاقهم، ويُظهِرُ منهم ما كان خافيًا، ومن سافر سفرَ طاعةٍ أُجِر وغنِم، ومن سافرَ سفرًا مُباحًا نجا وسلِم، ومن تسربَلَ بالدنيَّة، واختار النقيصة، وتقنَّع بالسوءة، وسافر سفرَ معصية، وساحَ سياحةً محرمة؛ فقد دنَّس عِرضَه، ولطَّخَ شرفَه، وأتى خِزايةً لا تخفى، وعارًا لا يُنسى.
اليوم تفعلُ ما تشاءُ وتشتهِي وغدًا تموتُ وتُرفعُ الأقلامُإذا المرءُ أعطى نفسَه كل ما اشتهَت ولم ينهَها تاقَت إلى كل باطِلوساقَت إليه الإثمَ والعارَ الذي دعَتْه إليه بالحلاوة عاجلِ
والمؤمنُ عَيوفٌ للخَنا والمنكر، ودواعِي الهوى طالبة، والنفسُ أمَّارةٌ بالسوء، والشيطانُ يُزيِّنُ ويُوسوِسُ، والهوى يُعمِي ويُصِمّ، والهوى مطيَّةُ الفتنة، والدنيا دارُ المحنة، ومُدَّة اللهو تنقطِع، وعارُ الإثم لا يرتفع، إلا من تاب لربه، ورجع عن خطئه وذنبه.
فقُودوا أنفسَكم بالحزم، وتنبَّهوا - أيها الآباء والأولياء -، ولا يفتننَّكم الشيطان، فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ [لقمان: 33]، وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ [الزمر: 54، 55].
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من البينات والحكمة، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:
الحمد لله آوى من إلى لُطفه أوَى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له داوَى بإنعامه من يأِسَ من أسقامه الدوا، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله شهادةً نرجو بها الفوز والهدى والنجاةَ من الخيبة والرَّدى، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما انفلقَ صبحٌ ثم بدا، وسلَّم تسليمًا مزيدًا.
أما بعد، فيا أيها المسلمون:
اتقوا الله؛ فقد فاز من اتقى، وخسِر من قادَه الهوى، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 70، 71].
أيها المسلمون:
وفي الإجازة تتوالى الأفراح، وتكثُر عقود النكاح، وأوثقُ العقود بدءًا، وأدومُها أُلفة، وأحمدُها عاقبةً: ما بُنِي على الشرع القويم والهدي المستقيم.
أيها المسلمون:
لقد تمادَى الناسُ اليوم في المُغالاة في المهور، وتسابَقوا في إظهار البَذَخ والإسراف والتكلُّف والتبذير في حفلات الزواج، وتجاوزوا الحدود في الولائم والذبائح والقصور والألبِسة والثياب تفاخُرًا وتكاثُرًا، وتعالِيًا وتماديًا في الباطل، ولربما صاحبَ بعضَ الأفراح فاحِشُ القول وعظيمُ المنكر، وتفسُّخٌ في الأخلاق، واختلاطُ الرجال بالنساء، ودخول الرجال على النساء وهنَّ سافراتٌ كاشِفات قد لبِسنَ الفاتِنَ والقصير والضيِّق والشفَّاف، إلى غير ذلك من الأفعال الشائنة التي هي وبَالٌ وسِفالٌ على فاعليها، مما لا يرضاه الغَيارى، ويأباه أهل الإيمان والتقوى.
وتجاوز آخرون المشروعَ والمُباح من الضرب بالدُّفِّ للنساء خاصةً لإعلان النكاح إلى ما حُرِّم عليهم؛ من استئجار المُطربين والمُطرِبات الذين يتغنَّون بالكلام الفاحِش البذِيء، وآلات اللهو والطرَب والمعازِف، ودفع المبالغ الكبيرة في مثل هذه الأمور.
فاتقوا الله - أيها المسلمون -، وعودوا إلى هدي الشرع، ولا تغلِبنَّكم أهواؤكم، ولا تستهوِينَّكم عاداتٌ ذميمة دخيلةٌ على مجتمعاتكم.
ثم صلُّوا وسلِّموا على خير الورى، فمن صلَّى عليه صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا.
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة، أصحاب السنة المُتَّبَعة: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الآل والصحابة أجمعين، والتابعين لهم وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وجُودك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام وانصر المسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام وانصر المسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام وانصر المسلمين، ودمِّر أعداء الدين، وانصر عبادك المُوحِّدين، ودمِّر الطغاة والظلَمة والمُعتدين، ودمِّر الطغاة والظلَمة والمُعتدين يا رب العالمين.
اللهم أدِم على بلاد الحرمين الشريفين أمنَها ورخاءَها، وعِزَّها واستقرارها، ووفِّق قادتَها لما فيه عِزُّ الإسلام وصلاحُ المسلمين.
اللهم وفِّق إمامنا ووليَّ أمرنا خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضى، اللهم وفِّقه ونائبيْه لما فيه عِزُّ الإسلام وصلاحُ المسلمين.
اللهم عُمَّ بالأمن والرخاء والاستقرار جميعَ أوطان المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم كن لإخواننا وأهلنا في سورية وليبيا واليمن يا أرحم الراحمين، اللهم احقِن دماءهم، اللهم احقِن دماءهم، اللهم صُن أعراضَهم، اللهم صُن أعراضَهم، اللهم واحفظ أموالَهم وأمنَهم واستقرارَهم ووحدَتهم يا أرحم الراحمين.
اللهم اكشِف الغُمَّة، اللهم اكشِف الغُمَّة، اللهم اكشِف الغُمَّة، وأطفِئ جمرة الفتنة يا رب العالمين.
اللهم قاتلِ الكفرة الذين يصدُّون عن سبيلك ويُعادون أولياءك، واجعل عليهم عذابَك ورِجزَك إلهَ الحق يا رب العالمين.
اللهم طهِّر المسجد الأقصى من رِجس يهود، اللهم عليك باليهود الغاصبين، والصهاينة الغادرين، اللهم لا ترفع لهم راية، ولا تُحقِّق لهم غاية، واجعلهم لمن خلفهم عبرةً وآية.
اللهم لا تُشمِت بنا أحدًا، ولا تجعل لكافرٍ علينا يدًا، اللهم اشف مرضانا، وعافِ مُبتلانا، وفُكَّ أسرانا، واشف مرضانا، وارحم موتانا، وانصرنا على من عادانا يا رب العالمين.
عباد الله:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل: 90].
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.




 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 07-02-2011, 04:05 PM   رقم المشاركة : 16

 

خطبة الجمعة من المسجد النبوي29/7/1432
القدوة الحسنة

ألقى فضيلة الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "محمد - صلى الله عليه وسلم - القدوة الحسنة"، والتي تحدَّث فيها عن أهمية أن يكون للمسلم قدوةً يقتدِي بها، وأعظم قدوةٍ نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، مُنبِّهًا على ما وهبَ الله نبيَّه - عليه الصلاة والسلام - بالأخلاق الحسنة والصفات الحميدة، وأن المُقتدين به على درجات، أعلاها من صحِبَه ولازمَه وسمعه أو رآه، ثم توجَّه بالنُّصح لكل مسؤولٍ أن يُراعِي من تحته من الرعيَّة.


الخطبة الأولى

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِ الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أبدًا.
أما بعد:
فاتقوا الله تنالوا رضوانه وجناته، وتنجو من غضبه وعقوباته، فما شقِيَ بطاعة الله أحد، ولا سعِد بمعصية الله أحد.
واعلموا - عباد الله - أنكم في دار عمل وأن الدار الآخرة دار جزاء، فطُوبى لمن تزوَّد من دنياه لأُخراه، وويلٌ لمن غرَّته الأماني وباعَ آخرتَه بدنياه، فما أعظم خسارته، وما أشد ندامتَه، ولن يُعطى الرجوع إلى الدنيا مرةً أخرى ليعملَ صالحًا.
ولله الحُجَّة البالغة على خلقه أجمعين، ولن يهلِك على الله إلا من لا خيرَ فيه.

أيها المسلمون:
صحِّحوا العمل، وقصِّروا الأمل، واحذروا الزَّلَل، ألا وإن دوام الخير على الناس وإن أمان الأرض من الشرور بثبات العاملين بالطاعات، وبالقدوة الحسنة لكل الأجيال الناشئة؛ فالعمل الصالح يُصلِح الله به أحوالَ الفرد والمجتمع، وتعمُر به الدنيا عُمران بركةٍ وخير، وتسعَد به الحياة في جميع مجالاتها، ويتبوَّأ الإنسان بصالح العمل أفضل المنازل في الآخرة، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا[الكهف: 107].
والقدوة الحسنة تهدي الشبابَ إلى الصراط المستقيم في عقيدتهم، وفي أخلاقهم وسلوكهم، وفي اهتمامهم وفي آمالهم وأهدافهم، والإنسان في جميع مراحل عمره بحاجةٍ إلى القدوة الحسنة التي يتَّبُعها ويُطبِّقُها في حياته؛ إذ معنى الاقتداء: العملُ بأعمال المُقتَدى به في الدين أو الدنيا.
ومن رحمة الله تعالى بالبشر أن أرسل إليهم الرسل قدوةً للخلق يأمرونهم بالتوحيد وبكل خُلُقٍ كريم، ويُرشِدونهم إلى ما يُصلِحهم في دنياهم وأُخراهم على امتداد الزمان، ويُحذِّرونهم من الشرك بالله تعالى ومن كل خُلُقٍ ذميمٍ مهين، ومن كل شرٍّ وفساد، ويُنذِرونهم النار، قال الله تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ[النحل: 36]، وقال تعالى: وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ[فاطر: 24].
فرسول كل أمةٍ قدوةٌ لهم في كل شيء، وأفضل كل أمةٍ أصحابُ ذلك الرسول؛ لأنهم شاهَدوه وعاصَروه وكمُل فيهم الاقتداء، والجيلُ الذي يليهم دونَهم في الفضل؛ لضعف الاقتداء في بعض الجوانب.
وقد ختمَ الله تعالى الرسلَ - عليهم الصلاة والسلام - بسيد الخلق نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وجمع فيه الفضائل كلها، وحباهُ الله بالمكارم جميعها، ونسخَت شريعتُه الشرائع التي قبلَه، فلا يقبَلُ الله من أحدٍ عملاً حتى يؤمنَ بمحمدٍ سيد البشر - صلى الله عليه وسلم -، فهو وارثُ الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام –، المُقتدِي بهم، المبعوث بملَّة إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -.
قال الله تعالى: أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (89) أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ[الأنعام: 89، 90]، وقال تعالى: ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ[النحل: 123].
وقد جعل الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - سيدَ ولد آدم أُسوةً حسنةً لأمة الإسلام ولكل أحدٍ يريد أن يدخل في دينه من أي جنس، قال الله تعالى:لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا[الأحزاب: 21]، فقد أنعم الله عليه باجتماع خِصال الخير كلها في شخصه الكريم، وشهِد الله له بالكمال البشري في عظمة أخلاقه، فقال تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ[القلم: 4].
وأقسم الله بكلامه بأن نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - على صراطٍ مستقيم في أموره كلها، قال الله تعالى: يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ[يس: 1- 4]، وقال تعالى: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا[الفتح: 1، 2].
فوصفُ الله تعالى لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - بأنه على صراطٍ مستقيم وأن الله هداه صراطًا مستقيمًا وصفٌ جامعٌ للخيرات وكريم الصفات، وشهادةٌ من الله ببراءة رسوله - عليه الصلاة والسلام - من العيوب والنقائص والمكروهات.
وكان يقول - صلى الله عليه وسلم - في خُطبه: «إن أحسن الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكل بدعةٍ ضلالة»؛ رواه مسلم من حديث جابر - رضي الله عنه -.
وعن عائشة - رضي الله عنها - أنها سُئِلت عن خُلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم –، فقالت: «كل خُلُقه القرآن»؛ رواه مسلم. أي: أنه يعمل به كلَّه.
فهنيئًا لكِ - أمةَ الإسلام - على هذه القدوة المُثلَى وعلى هذا الصراط المستقيم.
وسرُّ فضل الصحابة - رضي الله عنهم - لكمال اقتدائهم بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ومُشاهدتهم له، ومُعاونته على تمكين الدين في الأرض، وجهادهم معه أعداءَ الإسلام، وبذلهم الأموالَ والنفوسَ في سبيل الله، وتبليغهم القرآن والسنة في الأرض، وهم أفضل الناس بعد النبيين - عليهم الصلاة والسلام -.
وقد شهِد الله لهم بالفضل والجنة، وشهِد لهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالفضل والجنة، فلا يُبغِضهم إلا منافقٌ زنديقٌ، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «آيةُ الإيمان: حبُّ الأنصار، وآية النفاق: بُغض الأنصار»؛ رواه مسلم.
وإذا كان هذا في حق الأنصار فالمُهاجِرون من باب أولى؛ لأن القرآن قدَّم المُهاجرين على الأنصار - رضي الله عنهم جميعًا -، ولأن الصحابة - رضي الله عنهم - هم الذين نقلوا الدين، وهم الواسطة بيننا وبين النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فمن أبغضَهم فقد أبغضَ الدين.
ومَن بعدَ الصحابة - رضي الله عنهم - دونَهم في الفضل؛ لتخلُّف كمال الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض الأمور.
أيها المسلمون:
إن الاقتداء الحسن أهم شيءٍ في حياة المسلم؛ يُنير له السبيل، ويُثبِّتُه على الصراط المستقيم، ويُبيِّن له النهايةَ والعاقبةَ الحميدَة، ويرفعُ له أعلامَ الحق، ويُوصِلُه إلى جنات النعيم، ويحميه من طُرق الباطل والغواية، وقدوة المسلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم الصحابة - رضي الله عنهم - وأئمة الإسلام الذين قام بهم الإسلام وبه قاموا.
وقد قال أهلُ التفسير في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا[الفرقان: 74] "أي: مُقتدين بمن قبلنا من أهل الهُدى ليقتدِيَ بنا مَن بعدَنا".
ولا معصوم إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والخللُ في حياة الفرد والمجتمع الإسلامي والتفلُّت من أحكام الإسلام مردُّه وسببُه التقصير في القدوة بالرسول - صلى الله عليه وسلم -.
أيها المسلم:
جاهِد نفسَك بتطبيق الاقتداء بنبي الرحمة - صلى الله عليه وسلم -، واعرِض أمورَك كلها على سنته، وابذُل الوسعَ والطاقةَ للعمل بهديه وتعلُّم سيرته المباركة لاتباع طريقته، قال الله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ[آل عمران: 31].
وتمسَّكوا بما كان عليه الصحابة - رضي الله عنهم -؛ فمن خالفهم فقد خسِر وضلَّ سواء السبيل، قال الله تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا[النساء: 115]، وما لا يُدرَك كلُّه فلا يُترَك ما يقدر عليه المسلم.
وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تخفى لمن طلبَها وحرِص عليها؛ فقد حفِظ الله القرآن والسنة.
وأما الناشئةُ الصغار من الذكور والإناث فهم لا يُدرِكون من القدوة إلا ما يرون ويسمعون من الآباء والأمهات والإخوة والمُعلِّمين والزملاء ومن هو أكبر منهم والمجتمع، فإن رأوا أو سمِعوا خيرًا اقتدَوا بمن خالطَهم فسعِدوا، وإن رأوا أو سمِعوا شرًّا تأثَّروا بذلك الشر، وكثيرًا ما يستمر معهم طوال حياتهم.
والشباب هم قوة الأمة وثروتها الحقيقية، وعلى كل أحدٍ أن يُوفِّر لهم القدوةَ الحسنة، وخاصةً في المرحلة الأولى من العُمر، فهم لا يعرفون الخيرَ من الشر، ولا يستقِلُّون بأنفسهم ليدرُسوا تاريخَ من يصلُح الاقتداء به، فهم كالفُروخ في أوكارها يُؤتَى إليها بطعامها وشرابها.
ألا فليتقِ اللهَ الآباء والأمهات والإخوة والمُعلِّمون وأفرادُ المجتمع وكل مسؤولٍ فيما يخصُّه، ليتقوا اللهَ في الناشئة الصغار، ليكونوا قدوةً لهم في كل خير، وليُبعِدوهم عن كل شر؛ فقد كثُرت المُؤثِّرات الضارة على الشباب، انتشرت الفضائيات بما فيها، وتيسَّرت غُرف الإنترنت بما فيها من الشر والخير، وتنوَّعت الجوالات، وكثُر الشر والمعاصي.
فوجِّهوا شبابَ الأمة إلى ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، واستثمِروا لهم أوقاتَهم في العمل النافع، وعلِّموهم الانتفاع بالمصنوعات، ليأخذوا النافع ويتركوا الضار، ويبتعِدوا عن الشرور، وليكون عندهم مناعةٌ وتمييزٌ بين الخير والشر.
فاتقوا الله - أيها المسلمون -، اتقوا الله تعالى، وعلى كل مسلمٍ العملُ بالأسباب، والتوفيق والهداية بيدِ ربِّ الأرض والسماوات، بيد مُقلِّب القلوب، قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ[المائدة: 2].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وقوله القويم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 07-02-2011, 04:30 PM   رقم المشاركة : 17

 

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فاتقوا الله - أيها المسلمون - حقَّ التقوى، اتقوه في السر والعلَن؛ فإنه - بارك وتعالى - قائمٌ على كل نفسٍ بما كسبت.
أيها المسلمون:
إن الله أمركم بعمل الأسباب، إن الله أمركم وحثَّكم على العمل الصالح واكتساب العلم النافع؛ فإن العلم النافع والعمل الصالح عليه مدارُ السعادة في الدنيا وفي الآخرة، قال الله - تبارك وتعالى -: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ[التوبة: 105].
فإذا عمِلتم الأسباب فقد قمتم بما أمركم الله به، وما وراء ذلك فالله - تبارك وتعالى - يتولاَّه، والله - عز وجل - يقول: إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا[الكهف: 30].
فيا أيها المسلمون:
وجِّهوا همَّتكم إلى إصلاح قلوبكم وأعمالكم ونفوسكم، ثم ابذلوا جُهدَكم ووسعَكم في إصلاح شباب الأمة كلٌّ على قدر استطاعته؛ فإن الأمةَ هي بصلاح شبابها، وإن ما تكون فيه الأمة من شرٍّ وبلاء هو بسبب انحرافٍ في شبابها، فاتقوا الله - أيها المسلمون -.
أيها الناس:
أنتم ترون وتسمعون وتشاهدون ما حلَّ بالمسلمين من المصائب، فعليكم بالدعاء بأن يُصلِح الله أحوالَ المسلمين.
أدعو اللهَ - عز وجل - أن يحقِن دماء المسلمين، وأن يصُونَ ويحفظَ أعراضَهم وأموالَهم، وأن يُفقِّههم في الدين، وأن يتوبَ عليهم أجمعين، وأن يُصلِح أمورهم، وأن يكفِيَهم شرَّ كل ذي شرٍّ فإنه على كل شيءٍ قدير، وهو الغفَّار التواب.
فاصدقوا اللهَ - تبارك وتعالى - في الدعاء؛ فإنه - تبارك وتعالى - قريبٌ مجيب، واسألوا الله لأنفسكم ولجميع المسلمين التوبةَ إلى الله؛ فإنه ما وقع بلاءٌ إلا بذنب، وما رُفِع إلا بتوبة.
وإذا وُكِل العبادُ إلى أنفسهم فإنهم من الهالكين.
أسأل الله - تبارك وتعالى - أن يحفظ المسلمين في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وأن يُصلِح أحوالهم، وأسأل الله أن يتوبَ علينا وعليهم أجمعين، وأن يُفقِّهَنا وإياهم في الدين، وأن يُعيذَنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، ومن شر كل ذي شرٍّ إنه على كل شيء قدير.
اللهم استُر عوراتنا وآمِن روعاتنا يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أعِذنا وذرياتنا من إبليس وشياطينه وذريته وجنوده يا رب العالمين، اللهم أعِذ المسلمين وذرياتهم من إبليس وذريته يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير.
اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلِح اللهم ولاةَ أمورنا، اللهم وفِّق وليَّ أمرنا خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضى، اللهم وفِّقه لهُداك واجعل عمله في رضاك، اللهم أصلِح به البلاد والعباد، إنك على كل شيء قدير.
اللهم وأصلِح بِطانتَه، اللهم وفِّق نائبَيْه لما تحبُّ وترضى، ولما فيه الصلاحُ للبلاد والعباد، ولما فيه الخيرُ للإسلام والمسلمين يا رب العالمين.
اللهم ألِّف بين قلوب المسلمين، وأصلِح ذات بينهم، واهدِهم سُبل السلام، وأخرِجهم من الظلمات إلى النور، اللهم اكشِف كل كُربةٍ عن المسلمين يا رب العالمين، اللهم تُب علينا وعليهم يا أرحم الراحمين.
رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا[البقرة: 286].
اللهم إنا نسألك يا ذا الجلال والإكرام أن تُصلِّي وتُسلِّم صلاةً وسلامًا كثيرًا دائمَين أبدَين على نبينا نبي الرحمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وارضَ عن أصحابه أجمعين برحمتك يا أرحم الراحمين، وعن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ يا رب العالمين، وعن سائر الصحابة أجمعين.
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ[النحل: 90، 91].
واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 07-09-2011, 12:18 AM   رقم المشاركة : 18

 

الإجازة ويقظة الأولياء

ألقى فضيلة الشيخ صلاح البدير - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "الإجازة ويقظة الأولياء"، والتي تحدَّث فيها عن الإجازات وتساهل الكثير من الأولياء في ترك أولادهم بلا رقيبٍ ولا حسيب، وحذَّر من الغفلة عن رعاية الأولاد؛ لما في ذلك من الخيانة لما استرعاهم الله عليه من حفاظ الأولياء على أهليهم وأولادهم.


الخطبة الأولى


الحمد لله، الحمد لله بارئ النَّسَم، ومُحيِي الرِّمَم، ومُجزِل القِسَم، أحمده حمدًا يُوافِي ما تزايَد من النعم، وأشكره على ما أولَى من الفضل والكرم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً تعصِمُ من الزيغ وتدفعُ النقَم، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله المبعوث رحمةً للعالمين من عُربٍ وعجَم، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاةً تبقى وسلامًا يترَى إلى يوم الدين.
أما بعد، فيا أيها المسلمون:
اتقوا الله؛ فإن تقواه أفضلُ مُكتسب، وطاعته أعلى نسَب، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[آل عمران: 102].
أيها المسلمون:
القصور في فهم مقاصد الأمور يحملُ على فعل ما يقبُح وترك ما هو أليَقُ وأجملُ وألزَم، ومن قصُر فهمُه عن إدراك مقاصد الإجازة وأهدافها ملأها عبثًا وصخَبًا، وأشعلَها طيشًا وسفهًا، ومن أدرك المُراد أنِفَ من خمول الدَّعَة ومهانة التفريط، وحمل رايةَ الجِدّ، وقطعَ أسبابَ العجز، واستثمَر إجازتَه بادئًا وعائدًا فيما يُعليه ويُرقِّيه في أمر الدنيا والدين.
أيها المسلمون:
ولئلا تكون الإجازة منبعًا للمعار، ومجمعًا للأخطار، وطريقًا للمهالك والمضارّ؛ يتوجَّبُ تذكيرُ كل وليٍّ بأن يكون يقِظًا حذِرًا، مُتحفِّظًا مُحترسًا، مُتنبِّهًا مُحترِزًا، قد حصَّن أسرتَه، وحمى عورتَه، وحرسَ شرفَه، وصانَ عِرضَه عن اللئام الفجَرة والخونَة المكرَة؛ فإن لشياطين الإنس انتشارًا وانبعاثًا وخطفَة، وأخذةً في غفلة، وخَتلاً في سهوة، وخِداعًا في خُفية.
وأكثرُ الصبيان والصغار أغمارُ أغرار، وأحداثٌ أطهار، لا فطنةَ لهم ولا تجربة، ولا تحوُّط لديهم ولا احترازًا، وفي الناس سِباعٌ عادية، وذئابٌ ضارية، وأجادلُ خاطفة، تنتظرُ غيابَ الوليِّ الحامي، وغفلةَ الأبِ الحانِي؛ فكونوا - أيها الآباء والأمهات - في الإجازات وفي سائر الأوقات حُرَّاسًا أُمنَاء، وأولياء أوفيَاء، وفُطناء وحُكماء، وصونوا أبناءَكم وبناتكم عن العاديات المُوبِقة، والأخطار المُحدِقة، واجتنِبوا التفريطَ والتشاغُل، وحاذِروا التقصير والتساهل الذي لا تُؤمَنُ لواحِقُه وتوابِعُه، وتوالِيَه وعواقِبه؛ بَيدَ أن عاقبتَه بوار، وخاتمتَه خَسار.
أيها المسلمون:
ومن ترك أهلَه وأولادَه ونساءَه وقِعادَه يقتحِمون الناسَ من غير تثبُّت، ويُخالِطون الآخرين دون تعقُّل، ويخرجون من البيوت دون تحفُّظ، ويمكثُون بعيدًا دون رقابة، ويُصاحِبون من رغِبوا دون مُسائَلة؛ فقد قذَفهم في مُهلِكةٍ مُردِية، ورماهم في مدارج الانحراف والضياع.
أيها الأولياء:
حُوطوا أُسركم بسِياج الرعاية والعناية، والرقابة والصيانة، والتربية والتقويم، واكسُوها برداء الحبِّ والحُنوِّ والشفقة، والجُودِ والكرم والإحسان، واغمُروها بروح الفرح والمرَح، والقُرب والوُدِّ والحَوار والجوار، واحفظوها بالطاعة والاستقامة والتقوى والإيمان؛ حتى لا تكون نهبًا لأهل الدنايا، وهدفًا لشرار الخلق، ومرتعًا للأراذِل الساقطين.
والله سائلٌ كل عبدٍ عما استرعاه أدَّى أم تعدَّى؛ فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله سائلٌ كلَّ راعٍ عما استرعاه حفِظَ أم ضيَّع، حتى يسألَ الرجلَ عن أهل بيته»؛ أخرجه ابن حبان.
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من البينات والحكمة، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتِنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد، فيا أيها المسلمون:
اتقوا الله وراقِبوه، وأطيعوه ولا تعصُوه، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ[التوبة: 119].
أيها المسلمون:
ومن الآباء والأولياء من تتهاوَى إرادتُه، وتتوارَى قيادتُه، وتتضاءَلُ إدارتُه، ويضعُف أمام محبةِ الزوجة والأولاد وإلحاحهم، ويستجيبُ لرغباتِهم ولو كانت معصيةً لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ويُقدِّمُ محبوبَهم على محبوبِ الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وذلك عنوانُ الفتنة وعلامة الخُسران، قال - جلَّ في عُلاه -: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ[المنافقون: 9]، ويقول - جلَّ في عُلاه -: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ[التغابن: 14].
قال مجاهد: "ما عادَوهم في الدنيا، ولكن حملهم مودتُهم على أن أخذوا لهم الحرام، فأعطَوه إياهم".
قال القرطبي - رحمه الله -: "والآيةُ عامةٌ في كل معصيةٍ يرتكِبُها الإنسانُ بسبب الأهل والولد، وخصوص السبب لا يمنعُ عمومَ الحكم".
فاتقوا الله - أيها المسلمون -، وتيقَّظوا من الغفلة، وقوموا بواجب المسؤولية، وأكثِروا من الدعاء بصلاحِ الأهل والأولاد والذرية، والعصمةِ من مُضِلاَّت الفتن ونزَغات الشياطين.
وصلُّوا وسلِّموا على خير الورى، فمن صلَّى عليه صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا.
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة، أصحاب السنة المُتَّبَعة: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الآل والصحابة أجمعين، والتابعين لهم وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وجُودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، ودمِّر أعداء الدين، وانصر عبادك المُوحِّدين، وانصر إخواننا المُستضعفين والمظلومين، والمنكوبين والمُشرَّدين والمُنقطعين، ودمِّر الطغاة والظلَمة والمُعتدين يا رب العالمين.
اللهم أدِم على بلاد الحرمين الشريفين أمنَها ورخاءَها، وعِزَّها واستقرارها، ووفِّق قادتَها لما فيه عِزُّ الإسلام وصلاحُ المسلمين.
اللهم من أراد المسلمين بسوءٍ أو شرٍّ أو فتنةٍ فأشغِله بنفسه، واجعل كيدَه في نحره، وتدبيرَه تدميرَه، اللهم اكشِف أمره، واهتِك سِتره، واكفِنا شرَّه، واجعله عبرَة، اللهم اقتُله بسلاحه، اللهم اقتُله بسلاحه، اللهم اقتُله بسلاحه، وأحرِقه بناره يا رب العالمين.
اللهم طهِّر المسجد الأقصى من رِجس يهود، اللهم طهِّر المسجد الأقصى من رِجس يهود، اللهم عليك باليهود الغاصبين، والصهاينة الغادرين، اللهم عليك بهم فإنهم لا يُعجِزونك، اللهم لا ترفع لهم راية، ولا تُحقِّق لهم غاية، واجعلهم لمن خلفهم عبرةً وآيةً يا رب العالمين.
اللهم عُمَّ بالأمن والرخاء والاستقرار جميعَ أوطان المسلمين، اللهم عُمَّ بالأمن والرخاء جميعَ أوطان المسلمين، اللهم عُمَّ بالأمن والرخاء جميعَ أوطان المسلمين يا رب العالمين.
اللهم اشف مرضانا، وعافِ مُبتلانا، وفُكَّ أسرانا، وارحم موتانا، وانصرنا على من عادانا برحمتك يا أرحم الراحمين.
عباد الله:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ[النحل: 90].
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 07-18-2011, 05:16 PM   رقم المشاركة : 19

 

أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
ألقى فضيلة الشيخ عبد المحسن بن محمد القاسم - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم"، والتي تحدَّث فيها عن بعض أخلاق نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وما حلاَّه به مولاه - سبحانه - من صفاتٍ حميدةٍ ينبغي لكل مسلمٍ أن يتأسَّى به ويقتدي، وأشار إلى شيءٍ من حقوقه - عليه الصلاة والسلام - على أمته، وما يجب عليهم تجاهه.

الخطبة الأولى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فاتقوا الله - عباد الله - حقَّ التقوى، وراقِبوه في السر والنجوى.
أيها المسلمون:
كرَّم الله بني آدم وفضَّلهم على كثيرٍ ممن خلق تفضيلاً، واجتبَى منهم من خصَّه بالنبوة والرسالة، واصطفَى من أولئك أفضلَهم نبينا محمدَ بن عبد الله صفوةَ بني هاشم، وهاشمٌ خِيَر قريش، فهو خيرٌ من خيارٍ، اختاره الله لهذه الأمة لهدايتها إلى دين الله القويم وصراطه المستقيم، فكانت حياتُه - عليه الصلاة والسلام - عبادةً وشكرًا، ودعوةً وحلمًا، وابتلاءً وصبرًا، تحلَّى فيها بخُلُقٍ سامٍ وفألٍ محمود، شمائلُه عطِرةٌ وسيرتُه حافلة.
قال ابن القيم - رحمه الله -: "اضطرارُ العباد فوق كل ضرورةٍ إلى معرفة الرسول وما جاء به، وتصديقه فيما أخبر به، وطاعته فيما أمر".
ما من خيرٍ إلا دلَّ الأمة عليه، وما من شرٍّ إلا حذَّرَها عنه، قال عن نفسه - عليه الصلاة والسلام -: «ما يكن عندي من خيرٍ فلن أدَّخِره عنكم»؛ متفق عليه.
قضى قريبًا من شطر زمن رسالته يدعو لأمرٍ واحدٍ هو أعظمُ أمرٍ أمَر الله به، من لم يستجِب له فيه خلَّده الله في النار وحرَّم الجنةَ عليه، استفتَحَ رسالتَه به وقام على جبل الصفا وقال لقريش: «قولوا: لا إله إلا الله تُفلِحوا».
مكثَ عشر سنواتٍ في مكة لا يدعو إلى شيءٍ سواه، ثم دعا إلى بقية الشرائع معه إلى مماته، ووعدَ من حقَّق هذا الأمر بدعوةٍ منه مُستجابةٌ له يوم القيامة؛ فقال: «لكل نبيٍّ دعوةً مُستجابة، فتعجَّل كل نبيٍّ دعوتَه، وإني اختبأتُ دعوتي شفاعةً لأمتي يوم القيامة، فهي نائلةٌ - إن شاء الله - من مات من أمتي لا يُشرِك بالله شيئًا»؛ متفق عليه.
كثيرُ التعبُّد لله، قام بالطاعة والعبادة خيرَ قيام، قدَماه تتشقَّقُ من طول القيام، في ركعةٍ واحدةٍ قرأ البقرة وآل عمران والنساء، وكان جميلَ الصوت في تلاوة القرآن، قال البراء - رضي الله عنه -: "سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في العِشاء: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ[التين: 1] فما سمعتُ أحدًا أحسنَ صوتًا أو قراءةً منه"؛ متفق عليه.
خاشعٌ لله يُصلِّي وفي صدره أزيزٌ كأزيز المِرجَل من البكاء، ولسانُه لا يفتُر عن ذكر الله، قالت عائشةُ - رضي الله عنها -: "كان يذكر الله على كل أحيانه"؛ رواه مسلم.
وقال ابن عمر - رضي الله عنه -: "إن كنَّا لنعُدُّ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المجلس الواحد مائةَ مرةٍ: ربِّ اغفر لي وتُب عليَّ، إنك أنت التواب الرحيم".
يُحبُّ الصلاة ويُوصِي بها؛ قال أنس - رضي الله عنه -: كانت عامةُ وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - حين موته: «الصلاةَ، وما ملكَت أيمانُكم»، قال: حتى جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُغرغِرُ بها صدرُه وما يكادُ يُفيضُ بها لسانُه -أي: يُوصِي بها حتى فاضَت روحُه -؛ رواه أحمد.
وكان يحثُّ صغارَ الصحابة على نوافل الصلوات، قال لابن عمر وهو فتى: «نِعم الرجلُ عبد الله لو كان يُصلِّي من الليل»؛ متفق عليه.
يقينُه بالله عظيم، مُوقِنٌ بأن كلام الله فيه شفاء، إذا مرضَ يُرقِي نفسَه بكلام الله، قالت عائشة - رضي الله عنها -: "كان إذا اشتكَى يقرأ على نفسه بالمُعوِّذات وينفُث"؛ متفق عليه.
مُعظِّمٌ للرسل من قبله؛ قال له رجل: يا خير البرية، فقال: «ذاك إبراهيم»؛ رواه مسلم.
ونهى عن إطرائه وتعظيمه؛ فقال: «لا تُطروني كما أطرَت النصارَى ابنَ مريم، فإنما أنا عبدٌ، فقولوا: عبدُ الله ورسوله»؛ رواه البخاري.
يدعو كلَّ أحدٍ إلى هذا الدين ولو كان المدعو صغيرًا، زار غلامًا يهوديًّا فقعدَ عند رأسه وقال له: «أسلِم»، فأسلَم الغلام؛ رواه البخاري.
يتواضَعُ للصغير ويغرِسُ في قلبه العقيدة؛ قال لابن عباس: «يا غلام! إني أُعلِّمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجِده تُجاهَك، إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعِن بالله»؛ رواه الترمذي.
يتلطّفُ في تعليم صحابته ويُظهِر ما في قلبه من حبِّه لهم؛ أخذ بيدِ مُعاذ وقال له: «والله إني لأُحبُّك، أُوصيك يا معاذ لا تدعنَّ في دُبُر كل صلاةٍ أن تقول: اللهم أعنِّي على ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك»؛ رواه النسائي.
لا يُعنِّفُ ولا يتكبَّر؛ بل صدره مُنشرحٌ لكل أحد؛ دخل رجلٌ وهو يخطُب، فقال: يا رسول الله! رجلٌ غريبٌ جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينُه، قال: فأقبَل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وترك خطبتَه حتى انتهَى إليَّ، فأُتِي بكرسيٍّ حسبتُ قوائمَه حديدًا، قال: فقعد عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعل يُعلِّمني مما علَّمه الله، ثم أتى خطبتَه فأتمَّ آخرها؛ رواه مسلم.
رفيقٌ بالشباب مُشفقٌ عليهم، قال مالك بن الحويرث: أتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن شَبَبةٌ مُتقاربون، فأقَمنا عنده عشرين ليلة، فظنَّ أنَّا اشتقنَا أهلَنا، وسألَنا عمن تركنا في أهلنا، فأخبرناه، قال: وكان رفيقًا رحيمًا، قال: «ارجعوا إلى أهليكم، فعلِّموهم ومُروهم، وصلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي»؛ متفق عليه.
دَمثُ الأخلاق ليس بفاحشٍ ولا مُتفحِّشٍ في الألفاظ، وحياؤه أشد من العذارء في خدرها، عفُّ اليد لم يضرب أحدًا في حياته؛ قالت عائشة - رضي الله عنها -: "ما ضربَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا قطُّ بيده، ولا امرأةً ولا خادمًا، إلا أن يُجاهد في سبيل الله، ولم ينتقم لنفسه؛ بل يعفو ويصفَح، وإذا خُيِّر بين أمرين أخذ أيسَرهما ما لم يكن إثمًا".
طلْقُ الوجه؛ قال جرير بن عبد الله: "ما رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطُّ إلا تبسَّم".
واصلٌ لرحمه، صادقٌ في حديثه، قاضٍ لحوائج المكروبين؛ قالت له خديجة: «إنك لتصِلُ الرَّحِمَ، وتصدُق الحديث، وتحمِلُ الكلَّ، وتكسِبُ المعدوم، وتَقري الضيفَ، وتُعينُ على نوائب الحق».
بارٌّ بوالدته؛ زار قبرها فبكى وأبكى من حوله، وقال: «استأذنتُ ربي في أن أستغفر لها فلم يُؤذَن لي، واستأذنتُه في أن أزور قبرَها فأذِن لي»؛ رواه مسلم.
يُوصِي بالجار ويحُثُّ على حُسن جواره وإكرامه، قال لأبي ذرٍّ: «إذا طبختَ مرقةً فأكثِر ماءَها وتعاهَد جيرانك»؛ رواه مسلم.
رقيقُ القلب رفيقٌ بمن تحته؛ خدَمه أنسٌ عشر سنين، فما قال له أفٍّ قط، ولا قال لشيءٍ صنعَه لم صنعتَ، ولا ألا صنعتَ.
رحيمٌ بالضعفاء والمرضى؛ أمر من يُصلِّي بهم أن يُخفِّف صلاتَه من أجلهم.
رؤوفٌ بالناس شديد الحِلم؛ بالَ أعرابيٌّ جهلاً منه في مسجده، فتناولَه الناس، فقال لهم: «دَعوه حتى يقضِي بولَه، وهَريقوا على بوله سجلاً من ماءٍ أو ذنوبًا من ماء؛ فإنما بُعِثتُم مُيسِّرين ولم تُبعَثوا مُعسِّرين»؛ رواه البخاري.
كثيرُ البذل والعطاء، لا يردُّ سائلاً ولا مُحتاجًا، قال حكيمُ بن حزامٍ - رضي الله عنه -: سألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاني، ثم سألتُه فأعطاني، ثم سألتُه فأعطاني؛ متفق عليه.
كريمُ اليد واسعُ الجُود؛ جاءه رجلٌ فأعطاه غنمًا بين جبلَين، ورأى رجلٌ عليه بُردةً فقال: اكسنيها ما أحسنها، فأعطاه إياها؛ رواه البخاري.
طيبٌ لا يأكل إلا طيبًا، يتوارى عن أي شُبهةٍ في المطعَم أو المشرَب، قال: «إني لأنقلبُ إلى أهلي فأجِدُ التمرةَ ساقطةً على فراشي فأرفعها لآكلَها، ثم أخشى أن تكون صدقةً فأُلقيها»؛ متفق عليه.
يُجِلُّ صحابته ويُعظِم مكانتهم وإن كانوا حديثي السن، قال عن أسامة بن زيد - وهو لم يتجاوز حينذاك الثامنة عشرة من عمره -: «أُوصيكم به فإنه من صالحيكم»؛ رواه مسلم.
وإذا مرِضَ أحدهم عادَه وحزنَ لمُصابه، زار سعد بن عبادة فوجدَ مرضَه شديدًا فبكى.
وفيٌّ مع صحابته، لم ينسَ فضلَهم وإيثارهم، آخر يومٍ صعد فيه المنبر قال: «أُوصيكم بالأنصار؛ فإنهم كرِشي - أي: جماعتي وموضع ثقتي -، وعَيبتي، وقد قضوا الذي عليهم وبقِيَ الذي لهم، فاقبَلوا من مُحسِنهم وتجاوزوا عن مُسيئهم»؛ رواه البخاري.
وحفظَ لخديجةَ مواقفها العظيمة وبذلَها السخيّ وعقلَها الراجِح، فكان يذكرها بالخير بعد وفاتها ويصِل أقرباءها ويُحسِن إلى صديقاتها.
وأمر بسدِّ كل خَوخةٍ - أي: باب - من البيت يُفتَح على المسجد النبوي سوى باب أبي بكرٍ - رضي الله عنه - وفاءً له.
ومع عِظَم أعباء ما أُوكِل إليه من الرسالة كان جميلَ المعشَر مع أهله مُتلطِّفًا معهم، فإذا دخل بيتَه يكون في مهنتهم، وإذا حضرَت الصلاة خرج إلى الصلاة.
رقيقٌ مع أولاده وأحفاده مُكرمٌ لهم، إذا دخلت ابنتُه فاطمةُ يقوم لها ويأخذ بيدها ويُجلِسُها في مكانه الذي كان يجلسُ فيه.
وكان يضعُ الحسنَ على عاتقه فيقول: «اللهم إني أُحبُّه فأحِبَّه»؛ متفق عليه.
وخرج على صحابته وبنتُ ابنته أمامةُ على عاتقه، فصلَّى بها فإذا ركع وضعها، وإذا رفع رفعها؛ متفق عليه.
وصف عثمانُ - رضي الله عنه - معاملتَه لصحابته فقال: صحِبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السفر والحضَر، وكان يعودُ مرضانا، ويتبَعُ جنائزنَا، ويغزو معنا، ويُواسينا بالقليل والكثير؛ رواه أحمد.
ذاقَ من الحياةِ مُرَّها ولأواءها؛ قالت عائشة - رضي الله عنها -: دخلت عليَّ امرأةٌ ومعها ابنتان لها تسأل، فلم تجِد عندي شيئًا غير تمرةٍ واحدة؛ متفق عليه.
وربطَ على بطنه الحجرَ من الجوع؛ قال عمر - رضي الله عنه -: لقد رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يظلُّ اليومَ يتلوَّى، ما يجدُ من الدَّقَل - أي: التمر الرديء - ما يملأ به بطنَه؛ رواه مسلم.
لاقَى من المِحن والشدائد أشقَّها؛ نشأ يتيمًا، وأُخرِج من بلده، وحُوصِر في الشِّعبِ ثلاث سنين، واختفَى في غارٍ، ومات له ستة من الولد، وتبِعَه قومُه في مُهاجَره وقاتلوه، ومكرَ به أهلُ النفاق، وسُقِي السمُّ، وعُمِل له السحر، وكان يقول: «أُخِفتُ في الله وما يُخافُ أحد، وأُوذيتُ في الله وما يُؤذَى أحد».
ومع ما لاقاه من تلك المصائب وغيرها كان مُتفائلاً في حياته ويقول: «يُعجِبني الفألُ والكلمةُ الحسنة»؛ متفق عليه.
أعرضَ عن الدنيا ورجا ما عند الله؛ فكان يقول: «ما لي وللدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكبٍ استظلَّ تحت شجرةٍ ثم راحَ وتركها»، ففارقَ الحياةَ ولم يُخلِّف شيئًا من حُطامها؛ قالت عائشة - رضي الله عنها -: تُوفِّي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما ترك دينارًا ولا درهمًا ولا شاةً ولا بعيرًا، ولا أوصى بشيء.
وصفَه عليٌّ - رضي الله عنه - بقوله: لم أرَ قبله ولا بعده مثلَه.
وبعدُ، أيها المسلمون:
فنبينا - صلى الله عليه وسلم - قد أدَّى أمانةَ الرسالة ونصحَ لأمته، وقال: «مثَلي ومثَلُكم كمثَل رجلٍ أوقدَ نارًا فجعل الجنادبُ والفراشُ يقعن فيها وهو يذُبُّهن عنها، وأنا آخِذٌ بحُجَزكم عن النار، وأنتم تفلَّتون من يدي»؛ رواه مسلم.
ومن وفاء الأمة له: أداء حقوقه؛ من الإيمان به والتصديق بما جاء به، فقال: «لا يسمعُ بي أحدٌ من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسِلتُ به إلا كان من أصحاب النار»؛ رواه مسلم.
ومن حقه - صلى الله عليه وسلم -: تقديمُ حبه على جميع المحاب، قال: «لا يُؤمنُ أحدُكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين»؛ متفق عليه.
ومن واجبات الأمة في جنابه: طاعته فيما أمر، واجتنابُ ما عنه نهى وزجَر، قال - عليه الصلاة والسلام -: «كل أمتي يدخلون الجنةَ إلا من أبَى». قالوا: يا رسول الله! ومن يأبَى؟ قال: «من أطاعني دخل الجنةَ، ومن عصاني فقد أبَى»؛ رواه البخاري.
ومن أصول الشهادة له بالرسالة: ألا يُعبَد الله إلا بما شرع، قال: «إياكم ومُحدثات الأمور».
ومن محبته: قراءة سيرته ومعرفة هديه في كل حين، ونشر دعوته في الآفاق، وأن يدعو المسلمُ لما دعا إليه من التوحيد وأوامر الدين ومحاسنه وفضائله، ومن جعل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قدوتَه في عباداته ومعاملاته نالَ الفلاحَ والرضا.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا[الأحزاب: 21].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا مزيدًا.
أيها المسلمون:
سعادةُ الدارَين بطاعته - عليه الصلاة والسلام -، وعلى قدر متابعته تكون الهداية والعزَّة والنجاة، قال - عز وجل -: وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا[النور: 54].
ومن أطاعه صلُح دينُه وحسُنت دنياه وانشرَحَ صدره، ومن أحبَّ أن يكون رفيقَه في الآخرة فليكن مُقتفيًا أثرَه، مُستنًّا بسنته، مُعرِضًا عما يُناقِضُ الشهادةَ له بالرسالة أو يُنقِصُها، قال - سبحانه -: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا[النساء: 69].
ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيه، فقال في محكم التنزيل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيْمًا[الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم على نبينا محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدِلون: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعنَّا معهم بجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل اللهم هذا البلد آمنًا مُطمئنًّا وسائر بلاد المسلمين.
اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم احقِن دماءهم، ورُدَّهم إليك ردًّا جميلاً.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ[البقرة: 201].
اللهم إنا نسألك التوفيقَ والسعادة في الدنيا والآخرة، اللهم احشُرنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ[الأعراف: 23].
اللهم وفِّق إمامنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، ووفِّق جميع ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك، وتحكيم شرعك يا رب العالمين.
عباد الله:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ[النحل: 90].
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 07-22-2011, 11:53 PM   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
عضو مميز
 
الصورة الرمزية ابوحاتم
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
ابوحاتم is on a distinguished road


 

نفحات شهر رمضان
ألقى فضيلة الشيخ عبد المحسن بن محمد القاسم - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "نفحات شهر رمضان"، والتي تحدَّث فيها عن شهر رمضان وحثَّ المسلمين على العناية به والحرص على اغتنامه بالعبادات وأنواع القُربات، وذكر العديد من الفضائل التي وردت في سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذا الشهر الكريم.
الخطبة الأولى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فاتقوا الله - عباد الله - حقَّ التقوى، واستمسِكوا من الإسلام بالعُروة الوُثقى.
أيها المسلمون:
تذهبُ الليالي والأيام سِراعًا، والعامُ يطوِي شهورَه تباعًا، وسنة الله في كونه قدومٌ وفوات، والله أكرمَ عبادَه فشرعَ لهم مواسم في الدهر تُغفَر فيه الذنوبُ والخطيئات، ويُتزوَّد فيها من الأعمال الصالحات، وفي العام شهرٌ هو خيرُ الشهور، بعثَ الله فيه رسولَه - صلى الله عليه وسلم - وأنزل فيه كتابَه، يرتقِبُه المسلمون في كل حولٍ وفي نفوسهم له بهجَة، يُؤدُّون فيه ركنًا من أركان الإسلام يُفعل خالصًا، ويتلذَّذ فيه المسلم جائعًا، يُحقِّق العبدُ فيه معنى الإخلاص لينطلقَ به إلى سائر العبادات بعيدًا عن الرياء، ثوابُ صومه لا حدَّ له من المُضاعفة؛ بل ذلك إلى الكريم.
قال - عليه الصلاة والسلام -: «قال الله - عز وجل -: كل عملِ ابنِ آدم له إلا الصوم؛ فإنه لي وأنا أجزِي به»؛ متفق عليه.
الصيامُ يُصلِح النفوس ويدفعُ إلى اكتساب المحامد والبُعد عن المفاسد، به تُغفَر الذنوب وتُكفَّر السيئات، قال - صلى الله عليه وسلم -: «من صامَ رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه»؛ متفق عليه.
شهر الطاعة والإحسان والمغفرة والرضوان، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا دخلَ رمضان فُتِّحت أبوابُ السماء، وغُلِّقت أبوابُ جهنم، وسُلسِلَت الشياطين»؛ متفق عليه.
لياليه مباركةٌ، فيه ليلةٌ مُضاعفةٌ هي أم الليالي: ليلة القدر والشرف خيرٌ من ألف شهر، من قامها إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه.
فيه صبرٌ على حمأة الظمأ ومرارة الجوع ومُجاهدة النفس في زجرِ الهوى، جزاؤهم بابٌ من أبواب الجنة لا يدخله غيرُهم، فيه تذكيرٌ بحال الجوعَى من المساكين والمُقتِرين، يستوي فيه المُعدِم والمُوسِر، كلهم صائمٌ لربه مُستغفِرٌ لربه، يُمسِكون عن الطعام في زمنٍ واحدٍ ويُفطِرون في وقتٍ واحد، يتساوون طيلةَ نهارهم بالجوع والظمأ؛ ليتحقَّق قولُ الله في الجميع: إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ[الأنبياء: 92].
والقرآنُ العظيمُ أصلُ الدين وآيةُ الرسالة، نزل في أفضل الشهور: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ[القدر: 1]، ونزولُه فيه إيماءٌ لهذه الأمة بالإكثار من تلاوته وتدبُّره، وكان جبريل - عليه السلام - ينزل من السماء ويُدارِسُ فيه نبيَّنا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - كاملَ القرآن، وفي العام الذي تُوفِّي فيه عرضَ عليه القرآنَ مرتين.
وكان الإمام مالك - رحمه الله - إذا دخل رمضان أقبلَ على تلاوة القرآن وتركَ الحديثَ وأهلَه.
وللصدقة نفعٌ كبيرٌ في الدنيا والآخرة؛ فهي تدفع البلاء، وتُيسِّر الأمور، وتجلِبُ الرزقَ، وتُطفِئُ الذنوب كما يُطفِئُ الماءُ النار، وهي ظلٌّ لصاحبها يوم القيامة، والمالُ لا ينقُص بالصدقة؛ بل هو قرضٌ حسنٌ مضمونٌ عند الغني الكريم: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ[سبأ: 39]، يُضاعفُه في الدنيا بركةً ونقاءً، ويُجازيه في الآخرة نعيمًا مُقيمًا، قال - صلى الله عليه وسلم -: «ما من يومٍ يُصبِح العبادُ فيه إلا ملَكان ينزِلان فيقول أحدهما: اللهم أعطِ مُنفِقًا خلَفًا، ويقول الآخر: اللهم أعطِ مُمسِكًا تلَفًا»؛ متفق عليه.
فتحسَّس دورَ الفقراء والمساكين ومساكن الأرامل والأيتام، ففي ذلك تفريجُ كربةٍ لك ودفع بلاءٍ عنك، وإشباعٌ لجائعٍ وفرحةٌ لصغير، وإعفافٌ لأسرةٍ وإغناءٌ عن السؤال، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان أكرمَ الناس وأجودَهم إن أنفقَ أجزلَ، وإن منحَ أغدَقَ، وإن أعطَى أعطى عطاءَ من لا يخشى الفاقَة، وكان يستقبلُ رمضان بفيضٍ من الجُود، ويكون أجودَ بالخير من الريحِ المُرسَلة.
والمالُ لا يُبقِيه حرصٌ وشُحٌّ، ولا يُذهِبُه بذلٌ وإنفاق.
وليالي رمضان تاجُ ليالي العام، ودُجاها ثمينةٌ بالعبادة فيها، قال - عليه الصلاة والسلام -: «أفضلُ الصلاة بعد الفريضة صلاةُ الليل»؛ رواه مسلم.
ومن صلَّى مع الإمام حتى ينصرفَ كُتِب له قيامُ ليلة، وفي كل ليلةٍ يُفتَح بابُ إجابةٍ من السماء، وخزائنُ الوهَّاب ملأى، فسَل من جُود الكريم، واطلُب رحمةَ الرحيم، فرمضان شهر العطايا والنفحات والمِنَن والهِبات، وأعجزُ الناس من عجزَ عن الدعاء، والأيام صحائفُ الأعمار، والسعيدُ من خلَّدها بأحسن الأعمال، ومن نقلَه الله من ذلِّ المعاصي إلى عزِّ الطاعة أغناه بلا مالٍ، وآنسَه بلا أنيس، وراحةُ النفس في قلَّة الآثام، ومن عرفَ ربَّه اشتغلَ به عن هوى نفسه.
وبعضُ الناس أرخصَ لياليَه الثمينة باللهو وما لا نفع فيه، فإذا انقضى شهر الصيام ربِح الناسُ وهو الخاسر، ومن الناس من يصومُ وهو لا يُصلِّي، والصوم لا يُقبل إلا بتوحيدٍ وصلاةٍ.
والمرأة مأمورةٌ بالإكثار من تلاوة القرآن والذكر والاستغفار، والإكثار من نوافل العبادات، وصلاةُ التراويح في بيتها أفضلُ من أدائها في المساجد، قال - عليه الصلاة والسلام -: «وبيوتهنَّ خيرٌ لهنَّ»؛ رواه أبو داود.
وعليها بالستر والحياء ومراقبة ربها في غيبة وليِّها وشهوده، والصالحةُ منهنَّ موعودةٌ برضا ربِّ العالمين عنها، وتمسُّكها بدينها واعتزازُها بحجابها، وسِترها يُعلِي شأنَها ويُعزِّزُ مكانَها، وهي فخرُ المجتمع وتاجُ العفاف وجوهرةُ الحياة.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[البقرة: 183].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا مزيدًا.
أما بعد، أيها المسلمون:
من خير ما يُستقبَل به رمضان ملازمةُ الاستغفار والإكثار من حمد الله على بلوغه، والسابقون للخيرات هم السابقون إلى رفيع الدرجات في الجنة، فتعرَّضوا لأسباب رحمة الله في شهره الكريم، وتنافَسوا في عمل البرِّ والخيرات، واستكثِروا فيه من أنواع الإحسان، وترفَّعوا عن الغِيبة والنميمة وسائر الخطيئات، ولا يفوتُك خيرٌ من سهرٍ على غير طاعةٍ أو نومٍ عن عبادة.
وإن استطعتَ ألا يسبقَك إلى الله أحدٌ فافعل.
ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيه، فقال في محكم التنزيل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيْمًا[الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم على نبينا محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدِلون: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعنَّا معهم بجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل اللهم هذا البلد آمنًا مُطمئنًّا وسائر بلاد المسلمين.
اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان يا رب العالمين، اللهم أصلِح أحوال المسلمين، اللهم احقِن دماءهم، واجمع كلمتَهم على الحق والرضا يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم وفِّق إمامنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، ووفِّق جميع ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك، وتحكيم شرعك يا رب العالمين.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ[البقرة: 201]، رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ[الأعراف: 23].
عباد الله:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ[النحل: 90].
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

 

 

   

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:54 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir