عرض مشاركة واحدة
قديم 02-18-2010, 10:48 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية عبدالعزيز بن شويل
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 19
عبدالعزيز بن شويل is on a distinguished road

لو تركها لدارت إلى يوم القيامة ( من القصص النبوي )


 





عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم قال :

( أصاب رجلاً حاجة ، فخرج إلى البرّية ، فقالت امرأته :

اللهم ارزقنا ما نعتجن وما نختبز ، فجاء الرجل والجفنة ملأى عجيناً ،

وفي التنور الشواء ، والرحا تطحن ، فقال : من أين هذا ؟ ،

قالت : من رزق الله ، فكنس ما حول الرحا
) ،

وقال عليه الصلاة والسلام :

( لو تركها لدارت أو طحنت إلى يوم القيامة )

رواه الطبراني في الأوسط .


معاني المفردات


أصاب رجلا حاجة : أي الفاقة والجوع.

الجفنة : الوعاء الكبير الذي يُقدّم به الطعام.

الرحا : الحجر الكبير الذي يُستخدم في طحن الحبوب.

التنور : الموقد.


تفاصيل القصّة


جعل الله هذه الحياة الدنيا مليئةً بألوان المحن والبلايا ، والشدائد والرزايا ،

والتي يجريها سبحانه وتعالى على عباده امتحاناً واختباراً ،

ولابدّ من هذا البلاء للكشف عن معادن الناس ،

فيتميّز الصادق من الكاذب ، والمخلص من المدّعي ،

والمؤمن من المنافق .

ثم أن سنة البلاء التي أقام الله عليها هذه الحياة فرصةٌ مهمّة

لتربية المؤمنين على مواجهة المصاعب والمتاعب ،

والإعداد لتحمّل الآلام والشدائد ،

مهما كان نوعها أو بلغت شدّتها ،

فلا تذهب نفوسهم حسراتٍ مع كلّ فاجعة تصيبهم ،

أو تجزع قلوبهم أمام كلّ محنة تحلّ بديارهم ،

ولكن يواجهونها برباطة جأشٍ وثبات جنان.


ومن شيم المؤمنين وأخلاقهم إذا نزل بهم قضاء الله وقدره ،

أن يلجؤوا إلى الركن الركين ، والحصن الحصين ،

ويرفعوا أكفّ الضراعة إلى خالقهم ،

موقنين أن طول البلاء مؤذن بقرب الفرج ،

وأن وراء كل محنة منحة ، ووراء كل مصيبة حكمة .


ولعل القصّة التي حكاها النبي – صلى الله عليه وسلم -

مثالٌ حيّ على النفوس المؤمنة الصابرة ، الراضية الشاكرة ،

المربوطة بالله سبحانه وتعالى في أحوال الدنيا وتقلّباتها ،

فاستحقّت بذلك حصول الفَرَج ، واستيفاء الأجر ،

على نحوٍ تظهر فيه عظمة الله وقدرته ، وحكمته وتدبيره .


فنحن أمام قصّة رجل مع زوجته ، عضّهما الفقر بنابه ،

ونفد كل ما لديهما من زاد وطعام ،

فلم يجدا بُدّاً من الخروج إلى البرّية ؛

علّهما أن يظفرا بشيء يصلح طعاماً لهما ،

ويخفّف من جوعهما .


وطال البحث ، لكن من غير طائل ، إذلم يجدا شيئاً ،

فقامت المرأة تناجي ربّها داعيةً أن يرزقهما شيئاً من الطحين يصنعون به خبزاً يأكلانه ،

أو يمنّ عليهم بلحمٍ يطبخانه ،

ولعلّه لم يدر في خاطرها أن يكون الفرج الإلهيّ لهما آية عظيمة يتحدّث بها التاريخ ،

ويتناقلها الناس إلى قيام الساعة .


عاد الزوجان إلى البيت ، فإذا بهما يريان عجباً : وعاء مُلئ عجيناً ،

ورحىً تطحن الحبّ من غير أن يحرّكها أحد ،

وفرن يفوح برائحة الشواء ،

فانقشعت عنهم الغمّة ، وظهر على محيّاهما البِشر .


وقام الرجل الصالح فكنس ما حول الرّحا من الطحين ،

ولو ترك الأمر على حاله ، لاستمرّ الحجر في الدوران إلى يوم القيامة ،

كما أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – في خاتمة القصّة .


وقفات مع القصّة


عالجت القصّة بسياقها وأحداثها عدداً من القضايا ،

فقرّرت حقائق مهمّة ، وأرست مباديء قيّمة ،

كي يتربّى المسلم عليها ويعمل بمقتضاها .


حيث تظهر القصّة في المقام الأوّل قدرة الله تعالى ليزداد المؤمنون إيماناً ،

وليعلموا أن شواهد القدرة الإلهيّة لا تنقطع عنهم آناء الليل وأطراف النهار ،

يرونها بجلاء في كلّ ذرّة من ذرّات هذا الكون الفسيح ،

لا يملك أحدٌ إنكارها ،

وقد تناولت نصوص قرآنيّة عديدة هذا الجانب من صفات الكمال الإلهيّ ،

وإن مظاهر القدرة الإلهيّة في هذا الحديث بيّنة

في تهيئة الطعام والشراب للزوجين الصالحين من غير سببٍ ظاهر ،

ومن خلال الرحى التي كانت تطحن والقدر الذي يُطبخ من غير حاجة إلى أحد .


كما تبيّن القصّة أيضاً أن الله سبحانه وتعالى يجيب دعاء المضطرّين ،

حين ينزل بهم البلاء ، وتحلّ بهم الهموم ، وتضيق عليهم السُبُل ،

وتتخاذل عنهم الأسباب إلا سبب السماء ،

كما قال تعالى ممتنّاً على عباده :



( النمل )

وفي القصّة إثباتٌ للكرامات التي يجريها الله تعالى على يد عباده الصالحين ،

وتكون مخالفة لما اعتاده الناس من نواميس الكون وسننه ،

إكراماً لهم وتأييداً لحالهم ، وقد تواترت نصوص الكتاب والسنّة على إثباتها ،

وشهد التاريخ على وقوعها ،

وإن حصرها فيمن استقام على شرع الله والتزم حدوده .


وأخيراً : فعلى المؤمن أن يعظم رجاؤه بالله ، وثقته به ،

واعتماده عليه ، فالفرج يحصل سريعاً مع الكرب ، والعسر لابد أن يعقبه اليسر ،

كما قال الله في كتابه :



( الشرح )



غفر الله لكاتبه وناقله وقارئه


تحياتي
...........

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس