عرض مشاركة واحدة
قديم 03-26-2011, 07:43 PM   رقم المشاركة : 5

 





وإذا كان الحق لابد له من قوة تحميه وتزيح العقبات من طريق حمله للناس وإبلاغه لهم،

على حد قول الفاروق عمر، رضي الله عنه: إنه لا ينفع التكلم بحق لا نفاذ له..

فإن هذه الدعوة إلى الحياة، هي دعوة إلى القوة والجهاد الذي أعزَّ الله تعالى به هذه الأمة بعد ذُل، وقوّاها من بعد ضعف،

فقد حُملت راية الجهاد في سبيل الله، لتقرير ألوهية الله تعالى في الأرض، لينعم البشر بدين الله،

سبحانه وتعالى فيتحرروا في كل عبودية لغير الله،

إذ هم عبيد لله تعالى وحده، وعندئذ تكتب لهم الحرية الحقيقية، والعزة الكاملة،

فالجهاد هو طريق العزة والكرامة للأمة، هو طريق الحياة الحقيقية.

وحتى عندما يموت المجاهدون ويستشهدون في سبيل هذه الدعوة،

لن يكونوا عند الله تعالى إلا في عداد الأحياء، ولو كانوا في قبورهم،

ولهم من الرزق الطيب عند الله ما لا يقاس به رزق الدنيا كلها،

فهم الذين استجابوا لله والرسول:

[ولا تَحْسَبَنَّ الَذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ،

فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ويَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ،

يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وفَضْلٍ وأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ المُؤْمِنِينَ،

الَذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ والرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ القَرْحُ
]

[آل عمران:169-172].

ولقد كان المسلمون يعيشون هذه الحقيقة بحسبِّهم وشعورهم المرهف، فالجهاد عندهم هو الحياة الحقيقية،

والأمثلة علي ذلك من الواقع التاريخي للمسلمين تعزُّ على الحصر؛ فهذا هو الفاروق عمر، رض الله عنه،

يرى غزو الروم بالشام ودعوة الصدِّيق رضي الله عنه، إلى الجهاد دعوة للحياة الحقيقية الكريمة:

فقد جمع أبو بكر، رضي الله عنه مستشاريه فاجتمعوا لديه،

وكان مما قاله لهم: وقد أردت أن أستنفركم إلى الروم بالشام، ليؤيَّد الله المسلمين،

ويجعل الله كلمته العليا، مع أن للمسلمين في ذلك الحظَّ الوافر، فمن هلك هلك شهيداً،

وما عند الله خير للأبرار، ومن عاش عاش مدافعاً عن الدين مستوجباً على الله، عز وجل،

ثواب المجاهدين..


فتكلم كل منهم؛ عمر وعبد الرحمن بن عوف.. وعثمان بن عفان وطلحة والزبير وسعد وأبو عبيدة وسعيد ابن زيد والحاضرون..

واتفقوا مع أبي بكر رضي الله عنه على مبدأ فتح الشام.

وانفض الاجتماع، وتام أبو بكر رضي الله عنه إلى الناس،

فحمد الله بما هو أهله، ثم حثَّهم على الجهاد.. وسكت الناس،

فما أجابه أحدٌ هيبة لغزو الروم لما يعلمون من كثرة عددهم وشدة شوكتهم.

فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال:

يا معشر المسالمين مالكم لا تجيبون خليفة رسول الله إذا دعاكم لما يحييكم؟..

أما إنه لو كان عَرضاً قريباً وسفراً قاصداً لابتدرتموه!


[الطريق إلى دمشق 182].

وهكذا كانت كلمة ابن الخطاب تخرج من مشكاة قوله تعالي:

[يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ ولِلرَّسُولِ إذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ].

 

 

   

رد مع اقتباس