عرض مشاركة واحدة
قديم 05-02-2010, 09:46 PM   رقم المشاركة : 1
الرمز الذي فقدناه . بقلم الدكتور/ سعيد عطية أبو عالي


 

.

*****

الأحد 18/5/1431هـ


الرمز الذي فقدناه



بقلم الدكتور: سعيد أبو عالي

مات شيخ الاحساء واديب السفراء.. مات المؤدب والاديب.. مات العالم طالب العلم. مات كل هؤلاء في شخص الشيخ احمد بن علي المبارك - رحمه الله رحمة واسعة .

قابلته لأول مرة قبل خمسة وعشرين عاما تملكني بحسن حديثه، وروعة منطقه، وسحر ابتسامته.
تملكني شعور جارف بأني اعرفه من زمن قديم. سمعت الصدق في روايته .
ونهلت البلاغة من حديثه.
زارني في منزلي بالدمام ولم يفارقه ابنائي حتى ودعنا.

شاركته في مجلس ادارة النادي الادبي بالمنطقة الشرقية فكان حصيف الرأي ، واسع الأفق .
ناقشته في أمور فكرية وتاريخية واجتماعية فكان المستمع الواعي والمتحدث البارع لا يترك الزمان يغادرنا، ولا المكان يجفونا.

شكر لي جهودا بذلها زملائي معي في التعليم بالاحساء يوم تشرفت بادارة التعليم فيها .
دعاني لاحياء احدى امسيات الاحدية المباركة وقدمني للحاضرين ليلتها صديقي وصديقه العالم الجليل والاديب العزيز الدكتور خالد بن عبداللطيف الحليبي ..
كان الشيخ طوال الامسية يستمع الى ما اقوله فيعلق عليه ويزيد ..
امسيته (أحديته) كانت نبراس علم ومنارة ادب لا تعلوها اي منارة اخرى في الاحساء والمنطقة الشرقية على ما علمت .

عاتبني ذات مرة هاتفيا عندما لم أدعه أو أقترح دعوته لحضور حفل تكريمي في اثنينية عبدالمقصود خوجه ..
اعتذرت اليه بأني لم اشأ ان اكلفه مشقة السفر فقال: المشقة اجافيها واهزمها عندما اهب لأكون بجانب صديق .

ذهبنا هو وفقيدي الاخر عبدالمحسن المنقور - رحمهما الله - والاستاذ مبارك بوبشيت والاستاذ جواد الرمضان وانا في معية الاستاذ عبدالرحمن بن عبدالكريم العبيد رئيس نادي الشرقية انذاك الى الخفجي ..
وبعدها ذهبنا الى حفر الباطن لاقامة امسيات ومحاضرات هناك فكان لنا بعد الله خير عون على السفر ومشقات الطريق .
قلت له عندما ودعته ليواصل رحلته الى الاحساء لقد خففت عنا من متاعب السفر .

ابتسم وقال: بل انتم انسيتموني نفسي ولكن اسمع مني فأصغيت ..
قال ان رفاق السفر ثلاثة افضلهم يحملك واخر تحمله وثالث يعطلك عن السفر .
ولقد كان فقيدي الشيخ احمد المبارك هو من حملنا على راحة احاديثه ورقيق ابداعه وظريف إلماحاته .

حضر مرة الى منطقة الباحة للمشاركة في مؤتمر الاندية الادبية فكان النجم الساطع بأدبه وحسن حديثه وسداد رأيه ..
وسعدت به يزور منزلي هناك برفقة الشيخ عبدالرحمن العبيد ..
فيتحول بما اسداه على اهل القرية من مجاملات وملاحظات الى ذاكرة حية جميلة في نفوسهم الى اليوم .

وقع نبأ وفاته علي وقع الصاعقة .
فقدته رمزا ومزارا
رمز هو لكل جميل ولكل شيمة
ومزار هو في حضرته وفي مكتبه وفي بيته
أين صاحب الكلمة الصادقة؟
أين صاحب الثناء على كل عمل جليل؟
أين من يبذل علمه لكل من يسأله؟
أين من يوقر الكبير ويحترم الصغير

أين من يتحدث عن اسرته بعبارات: اخي، عمي، خالي ، ابن عمي ، ابن خالي ، ابن اخي ..
وكذلك حديثه عن قريباته من كريمات الأسرة المباركة .

لقد توفاه الله وادعو الله له بواسع الرحمة وان يسكنه الله فسيح جناته ، وان يجمعنا به في الفردوس الاعلى انه سميع قريب مجيب .

واني لأمد يدي وارفع صوتي الى اعضاء الاسرة الكريمة ، اسرة آل مبارك في الاحساء وفي كل مكان بحسن المواساة والعزاء ..

ولا نقول الا ما امرنا به ربنا: (إنا لله وإنا إليه راجعون) .

*****

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس