عرض مشاركة واحدة
قديم 07-25-2011, 08:40 PM   رقم المشاركة : 1
Berightback العدل عند المنصور وقدوته ملك الصين


 

العدل عند المنصور وقدوته ملك الصين

الحلقة الثانية
فما بقاء الإسلام ؟ وقد كنتُ يا أمير المؤمنين أسافر إلى الصين ؛ فقدمتها مرَّة وقد أصيب ملكهم بسمعه ، فبكى بكاءً شديدًا فحثه جلساؤه على الصبر، فقال: أما أني لست أبكي للبلية النازلة ، ولكني أبكي لمظلوم يصرخ بالباب فلا أسمع صوته 0 ثم قال: أما إذ قد ذهب سمعي فإن بصري لم يذهب 0 نادوا في الناس أن لا يلبس ثوبًا أحمر إلا متظلم 0ثم كان يركب الفيل طرفي النهار ، وينظر هل يرى مظلومًا
فهذا يا أمير المؤمنين مشرك بالله بلغت رأفته بالمشركين هذا المبلغ ، وأنت مؤمن بالله من أهل بيت نبيه لا تغلبك رأفتك بالمسلمين على شح نفسك ! فإن كنت إنما تجمع المال لولدك فقد أراك الله عبرًا في الطفل يسقط من بطن أمه ما له على الأرض مال 0
وما من مال إلا ودونهُ يد شحيحة تحويه ، فما يزال الله يلطف بذلك الطفل حتى تعظم رغبة الناس له .
ولستَ الذي تعطي ، بل الله تعالى يعطي من يشاء ما يشاء
فإن قلت : إنما تجمع المال لشديد السلطان ؛ فقد أراك الله عبرًا في بني أمية ، ما أغنى عنهم جمعهم من الذهب ، وما أعدُّوا من الرجال والسلاح والكراع ، حين أراد الله بهم ما أراد .وإن قلت : إنما تجمع المال لطلب غاية هي أجسم من الغاية التي أنت فيها ؛ فوالله ما فوق ما أنت فيه إلا منزله ما تدرك .وهل تعاقب من عصاك بأشد من القتل
قال لا .قال 0 فكيف تصنع بالملك الذي خولك ملك الدنيا ، وهو لا يعاقب من عصاه بالقتل ولكن بالخلود في العذاب الأليم ، قد رأى ما عقد عليه قلبك ، وعملته جوارحك ، ونظر إليه بصرك واجترحته يداك ، ومشت إليه رجلاك ؛ هل يغني عنك ما شححت عليه من ملك الدنيا ، إذا انتزعه من يدك ، ودعاك إلى الحساب ؟
فبكى المنصور ، وقال :ليتني لم أخلق .
ويحك ، كيف أحتال لنفسي ؟ .قال 0 يا أمير المؤمنين إن للناس أعلامًا يفزعون إليهم في دينهم ، ويرضون بهم في دنياهم ؛ فاجعلهم بطانتك يرشدوك ، وشاورهم في أمرك يسددوك . قد بعثتُ إليهم فهربوا مني خافوك أن تحملهم على طريقتك . ولكن افتح بابك ، وسهل حجابك ، وانصر المظلوم ، واقمع الظالم ، وخذ الفيء والصدقات على حلها ، واقسمها بالحق والعدل على أهلها ، وأنا الضامن منهم بأن يأتوك ليساعدوك على صلاح الأمة .وأذّن المؤذن فصلى المنصور وعاد فطلب الرجل فلم يوجده .
انتهت الموعظة !! .
وإني أسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن تجد هذه الكلمات من ينقلها أو يرسلها إلى الأمراء والوزراء لما فيها من الخير والسعادة لنا ولهم في ديننا ودنيانا ، وأولانا وأخرانا ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وهم والله لن يستنكروها ولن يرفضوها وهم جديرون بها 0
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه .

 

 

   

رد مع اقتباس