عرض مشاركة واحدة
قديم 05-25-2012, 03:36 PM   رقم المشاركة : 1
لغتنا تشكو من أبنـائها وبنـاتها . د/ سعيد أبو عالي


 

يستفزني الموقف عندما يخطئ أو يلحن متحدث باللغة العربية، وهو يرتدي زيَّ العلماء. أفهم أن يخطئ المتحدث مرة أو مرتين خلال ربع ساعة، ولكني لا أغفرها لمن يمتطي صهوة اللغة؛ ليتواصل مع علماء وطلاب علم فلا يلقي للغة العربية بالًا وكأنه في عداء مع لغته الأم، أو عندما تسأله عن ذلك ويقول: أنا تهمّني الفكرة ولا تهمّني (قواعد النحو).. وكأن هذه القواعد لا تتعلق ولا تفيد بشيء من فهم المعاني والأفكار.
ونحن في عالمنا العربي على اتساعه نعيش مع الناس وقد تقدّم فيها (العلم) وتعدّدت مصادر تحصيله.. بل إن هذه الأيام أهدت إلينا وسائل وأساليب تقنية منها وسائل ووسائط تعليمية متعددة.. أقول نحن في عالمنا العربي هذه الأيام نسمع متحدّثين ومحاضرين وشخصيّات علمية عامة (تلوك اللغة لوكًا).. المنصوب يُرفع أو يُكسر، والمرفوع يُنصب أو يُكسر وهكذا. وإذا كان الأشقاء تعرّضت بعض بلدانهم للاستعمار الذي حاول محاربة اللغة العربية، فإن بلادنا – المملكة العربية السعودية – لم تتعرّض بحمد الله لمـثل هذه المواقف، ومناهجنا الدراسية تعطي مساحة زمنية لمقررات اللغة، تكاد تكون أكثر من المطلوب.. ولكن طرائق التدريس في مدارسنا والجامعات تفتقر إلى كثير من آليات تطبيق القواعد اللغوية والأساليب البلاغية، مما أنتج لنا (متعلمين) تسود ألسنتهم العُجْمة (بضم العين وتسكين الجيم).
وفي أحد اللقاءات العلمية الرفيعة كان رئيس الملتقى – في حديثه الرسمي – ينصب الفاعل ويرفع المكسور ويضم المنصوب، فمال عليَّ صديق وقال: «إذا كان ربُّ البيت (بالدف) ضاربًا / فشيمةُ أهل البيت كلُّهم الرقصُ» وأجبته مداعبًا: لعلَّ أحد أهل البيت يفاجئنا فيُلقي (الدف) بعيدًا ويُعيد إلينا اعتزازنا بذواتنا.
إن اللغة على مرِّ الدهور وفي مختلف الأقطار ضرورة من ضرورات الهوية القومية أو الوطنية، فالفرس عُرفوا من خلال لغتهم أكثر مما عُرفوا بالحدود الجغرافية، وكذلك العرب شاع صيتهم في العالم من خلال لغتهم الزاخرة بالحكم والأمثال والأساليب البلاغية والتراكيب اللغوية.
وإذا كانت اللغة الإنجليزية سائرة في أوروبا وفي أمريكا الشمالية فإن اللغة العربية تنتشر في أقطار آسيا وأفريقيا، بل إن أكثر من خُمس سكان الأرض – وهم المسلمون – يؤدون صلاتهم باللغة العربية.
وإذا كان القرآن الكريم جاء بشيرًا ونذيرًا وهدى ورحمة وشفاء لما في الصدور فإن الله قد امتنَّ علينا بأن هذا القرآن نزل باللغة العربية وهو محفوظ بإرادة الله إلى يوم الدين.
لغتنا ودودة نحو غيرها من اللغات فقد اعتمدت مفردات شائعة من لغات أخرى مثل القسطاس، الديوان، الاستبرق، الزبرجد، الزمرد، التاكسي. وهي لغة طبعة وواسعة الصدر أمام ابتكارات الإنسان، فنحن نستخدم التلكس، التلغراف، الكمبيوتر، والرادار.
وهكذا فإن مقوّمات ديمومتها تجعلنا فخورين بها وتفرض علينا واجب الالتزام بقواعدها النحوية وأساليبها البلاغية. إن على جامعاتنا في جميع الأقسام والوحدات والمراكز والكليات التزام التحدّث والكتابة باللغة العربية الفصحى الميسّرة. وعلى جامعاتنا واجب إعداد مدرسين للغة العربية يُحبون اللغة ويفهمون أسرارها النحوية والبلاغية.. ويتحدثونها بيُسر وطلاقة.. ويطبّقون قواعدها عمليًا مع الطلاب.
وعلى مدارسنا بجميع مراحلها الدراسية وعلى جميع المدرسين فيها واجب اعتماد اللغة العربية الفصيحة في التحدّث والحوار وفي القراءة والكتابة.. وإن واجب التزام المتحدث باللغة العربية هو أول الواجبات على المدرسين والمدرسات.
إذا طبَّقنا ما سبق في جامعاتنا ومعاهدنا ومراكز الأبحاث وفي مدارسنا فأبشروا بجيل جديد لا يتحدّث اللغة العربية الصحيحة فحسب، ولكن يحترمها ويفتخر بها.





================================================== ================================================== ====================================

هذا مقال كتبه الدكتور سعيد آبو عالي اليوم الجمعة في جريدة اليوم
وقد أوضح فيه أن اللغة العربية كثيرا ما تمتهن وتؤتى من قبل أبنائها
وماهذه الإرهاصات والمزالق التي نسمعها ونقرؤها إلا دلالة على استخفاف
أبنائها بلغتهم ( لغةالقرآن لغة أهل الجنة ) التي أختارها الله لنا من بين لغات الدنيا ولكن للأسف
أهانها أبناؤها بترديد كلمات وعبارات أجنبية متوهمين أنهم بهذا أكثر ثقافة وتقدما
وخآصة أمام النخبة من أبناء المجتمع أوأمام الأجانب فتسمع خلطا عجيبا بين اللغة الأم
وبين اللغات الدخيلة

يقول حافظ إبراهيم :
أيهجرني قومي عفى الله عنهمُ ******* إلى لغة لم تتصل برواة
فيا ويحكم أبلى وتبلى محاسني ****** وفيكم وإن عز الدواء أساتي

في الواقع أن لغتنا الجميلة تواجه هجمة شرسة ليس من الأجانب فقط بل حتى من أبنائها
دعاة التغريب المبهورين بثقافتهم وتقدمهم
ليتنا نقلدهم ونعمل مثلهم ونأخذ محاسنهم وندع سلبياتهم عندها فقط سيحترمنا العالم .
شكرا لك يادكتور على هذه المقالة الهادفة.

 

 

   

رد مع اقتباس