الموضوع: مقال اليوم...
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-18-2009, 10:08 AM   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
أحمد بن فيصل is on a distinguished road


 

جريدة المدينة
الأحد, 18 أكتوبر 2009
د. فهد بن سعد الجُهني


المنهج العلمي في طرح القضايا والحوار حولها ؛ له أصوله وقواعده التي ‏رسمها أهل العلم وأفردوها بمصنفاتهم الخاصة؛ وهي قواعد وأصول مستوحاة ‏من نور الوحيين الكتاب والسنة ، ففي كتاب الله من قواعد الحوار والجدل كنوزٌ ‏نورانية يغفلُ عنها كثيرٌ من الكاتبين والمتحاورين مع الأسف الشديد ! وكذلك ‏الحال في سنةِ وسيرةِ المصطفى الكريم صلى الله عليه وسلم .‏
ففي هذين المصدرين تجد تلك السمات العظيمة والآداب الراقية؛ ومنها: العدلُ في ‏القول والعمل كما في قوله تعالى: (ولايجرمنكم شنآن قومٍ على أن لا تعدلوا) فمن ‏أدب القرآن النهي عن ظلم المتحاور في الطرف الآخر بأن نقول عنه ما ليس فيه ‏أو نرد الحق الذي قد يوجد في طرحه وكلامه لمجرد أنه يخالفنا في الرأي ‏والتوجه! ومنه : الإنصاف بمعنى : ذكره بما فيه من حسنات وإعطاؤه حقَّه من ‏التقدير والمكانة ؛ومثل هذا في القرآن كثير؛ كقوله تعالى وهو يخاطب أهل الباطل ‏المحض من المشركين: (وإنا أو إياكم لعلى هدًى أو في ضَلـَال مبين ،قل لا تُسألون ‏عما أجرمنا ولا نُسئلُ عما كنتم تعملون) فانظر كيف بسطَ المسألةَ ولم يحكم من ‏البداية بضلالهم مع أنه لاشك في ذلك ثم نسبَ الإجرام لو كان للمسلمين أما ‏هم فقد وصف باطلهم بالعمل فقط ! كل ذلك تأليف لقلوبهم لقبول الحق وتعليم للناسِ ‏كيفَ يكون الجدل والإنصاف!!‏
ومن قواعد الحوار الرئيسة : التحدثُ بعلمٍ وعن دراية وبعد تثبت ؛ والتسليم لأهل ‏الاختصاص وتقديم قولهم على قول غيرهم ؛ وهذا ما نعاني منه كثيراً في جدلنا ‏ونقاشاتنا! من جهة أن كلّ أحدٍ مهما كان مستواه العلمي أو تخصصه يستطيع ‏التحدث في أي مجال ؛بل وقد يتجرأ البعض على الفتوى في مسائل شرعية دقيقة ‏،بل ويجادل أهل العلم الشرعي ويرد عليهم وأحياناًً بدون أدب وهو لا في ‏العير ولا النفير !‏
كما أن البعض كذلك قد يتحدث أو يحكم في مسائل علمية في مجالات علمية بحتة ‏وهو لا يفقه فيها شيئاً !‏
ومن القواعد كذلك : النيةُ الصادقة والنقاش من أجل الوصول للحق ،وهذا ‏يستوجب من المُحاور أن يرخي سمعه ويفتحَ قلبه وعقله لسماع الرأي الاخر ‏لاسيما إذا صدرَ من أهله المعتبرين ؛حتى إذا ما لاح له الحق ولو خالف قناعاته ‏ـ رجعَ إليه ؛وهذا من أمارات العقل والإنصاف والصدق .‏
أما ما نلاحظه في واقعنا الثقافي اليوم فهو ومن المحزن يبتعدُ كثيراً عن تلك ‏القواعد ؛فتجدُ أن طرفاً من الأطراف إذا لم يعجبْهُ رأي ما ولو كان قد صدر من ‏أهله يجتهد في تسفيهه والحط منه بل من قائله وأخطر من ذلك التشكيك في ‏النيات أو الوطنية أو الاتهام بالتشدد أو الانحلال !‏
إنها دعوة للتخلق بأدب القرآن والالتفات لقواعد أهل العلم ؛حتى نصل بحواراتنا ‏وثقافتنا للمستوى الذي نخدمُ فيه الحقيقة ويستفيد منه الناس والوطن

 

 

   

رد مع اقتباس