عرض مشاركة واحدة
قديم 06-02-2011, 10:50 PM   رقم المشاركة : 4

 

الحلقة الرابعة

كيف يمكن حل مشكلة قيادة المرأة للسيارة؟

لا أزال أقول: إنني لست ضد قيادة المرأة للسيارة. ولكنني - كاستشاري - ينبغي أن أخبركم بما أنتم قادمون عليه حتى لا تتفاجؤوا لاحقًا بالنتائج.

إذا كنا عقلاء، فإن نتائج الزيارات الميدانية توضح انحرافًا كبيرًا في مسيرتنا على المدى القصير وعلى المدى الطويل. وهذا يعني ببساطة اعتداءاً على ثوابت هذه البلاد التي أرساها الملك عبدالعزيز لكي يجمع قلوب مواطني هذه البلاد.

الآن نحن أمام أمرين:
1- إما أن يبرز لنا أحد وسائل للتعامل مع المشكلات التي نتجت عن الزيارات الميدانية، مما يلغِي تأثيراتها السلبية على المجتمع السعودي، ويسمح له بالمحافظة على ثوابته، وهو أمرٌ أشكُّ فيه من خلال تجاربي الاستشارية السابقة؛ لأنك تتكلم عن بشر يصعب السيطرة عليهم.
2- أو أن نجد حلا للمشكلة بطرق إبداعية، وهو الأجدى.

وأشير في هذا الصدد إلى أن موضوع قيادة المرأة للسيارة - مثله مثل الكثير من المواضيع الأخرى التي يتم طرحها في الدول النامية - لا تجد أنه يتم مناقشتها بطريقة عملية وموضوعية يمكن من خلالها الوصول إلى حلول عملية ومرضية.

وهكذا تجد الدول النامية نفسها واقفة عند محطات لسنوات طويلة تنتظر أن يقبل طرف من الأطراف بالأمر الواقع أكثر منه حلاً يمكن المجتمع من الانطلاق نحو آفاق أكبر. لذلك أود هنا أن أوجه العناية إلى بعض الأمور التي أرى من الضروري التنبه لها عند مناقشة الموضوع.

حل وليس مشكلة:
إن أول خطأ تم ارتكابه في موضوع (قيادة المرأة للسيارة) هو الاعتقاد بأنه مشكلة قائمة بذاتها لابد من مناقشتها. وأشير في هذا الصدد إلى أن حل سمو وزير الداخلية في أنه ينبغي أن يترك الأمر للأجيال القادمة لحل المشكلة هو حل للطرفين الذين وضعوا (قيادة المرأة للسيارة) كمشكلة، فالحقيقة العلمية هي أن قيادة المرأة للسيارة حل من ضمن حلول كثيرة.

تعريف المشكلة:
يمكن تعريف المشكلة بأنها (انتقال المرأة من مكان إلى آخر بطريقة عملية وميسرة واقتصادية وآمنة لها وللمجتمع وبطريقة مقبولة شرعاً).

لقد اتخذت الحكومة السعودية مجموعة من القرارات قبل فترة تدعو إلى التوسع في توظيف المرأة. وهذا مما سيجعل مشكلة (انتقال المرأة) ستتفاقم ما لم يتم إيجاد حلولاً لها.

الحلول:
يمكن لحكومة المملكة العربية السعودية أن تضع حلولاً كثيرة لهذه المشكلة، ومن هذه الحلول ما يلي (لا تنتقدوا القائمة. لاحظوا أنني أفكر بصوت عال وأعطي أمثلة، وجميعكم مدعوون لإضافة أي حلول ترونها):

1- إيجاد نظام نقل عام (مثلاً: باصات خاصة بالنساء أو أجزاء خاصة بالنساء في باصات النقل العام، وينبغي أن تكون الباصات أفضل مما هو موجود حالياً).
2- السيارة الخاصة مع سائق خاص.
3- سيارات الأجرة.
4- قيادة المرأة للسيارة.
5- قطارات راقية ونظيفة ومكيفة، سطحية أو تحت الأرض داخل المدن (تحل مشكلة الزحام داخل المدن والتي ستتفاقم مع الزمن وستمنع كلا الرجل والمرأة من القيادة مثل دبي).
6- قطارات معلقة داخل المدن.
7- قيام شركات خاصة بتوفير سيارات أو باصات راقية وصغيرة وسريعة خاصة بالسيدات.
8- قيام كل شركة ووزارة بتوفير سيارات أو باصات صغيرة وسريعة خاصة بالسيدات اللواتي يعملن لديها.
9- قطارات مبرمجة تعمل أتوماتيكياً بدون سائق.
10- عربات منفصلة تسير على خطوط حديدية أو معلقة، ويمكن برمجتها بطريقة ميسرة بحيث تفتح وتغلق عند مواقع معينة، وبحيث تسير كل واحدة منها في اتجاه منفصل تمامًا عن الآخر حسب ما هو مطلوب.
11- قيام الزوج بإيصال زوجته.
12- أي فكرة إبداعية يمكن أن تساعد في حل مشكلة انتقال المرأة بدون أن تفرقنا كمجتمع.
هذه قائمة، وهي مرشحة للازدياد حسب إبداعات المجتمع السعودي نفسه، وبحثه عن طرق لحل مشاكله!!

هل تعلم أن اليابان تعمل الآن على فصل باصات السيدات عن باصات الرجال في مواقع معينة في طوكيو، حيث تمت ملاحظة ازدياد حالات التحرش الجنسي في تلك المواقع. هل ترى كيف قاموا بحل المشكلة باتباع طريقة عملية يمكن وصفها بأنها (إسلامية)؟!

إنه التفكير العلمي الهادف إلى حل المشكلة، وليس الهادف إلى (تسجيل مواقف) و(الانتصار لمفاهيم معينة)، وكأننا في معركة مع الآخرين!!

تقويم الحلول:
يمكن بعد ذلك تقويم (الشائع: تقييم) كل الحلول من نواحي عديدة، دعني أعطي أمثلة:
(1) أن تكون عملية وميسرة.
(2) أن تكون اقتصادية.
(3) أن تكون آمنة لها وللمجتمع.
(4) أن تكون ضمن شرع الله حسب ما يفهمه العلماء المعتبرين في هذا الزمان.
(5) أن لا تؤدي إلى تزاحم من أي نوع.
يمكنك إضافة أي اعتبارات للنظر في مدى جاذبية كل طريقة، ثم نطور طريقة للتقويم والمفاضلة بين الطرق.

الأطراف المعتبرة:
من المهم جداً أن يتم وضع حسابات جميع الأطراف في الاعتبار حين حل المشكلة: الله تعالى، المرأة، المجتمع، الحكم. على سبيل المثال طلب الله منا وضعه في الاعتبار، حينما قال لنا: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين} [الأنعام: 162-163].

لا يمكن لكم يا شعوب الجزيرة العربية أن تضيعوا ما حمَّلكم الله إياه من أمانة في وجود أعظم بيتين في الإسلام لديكم، وفي المحافظة على مظاهر الحياة الإسلامية، وحمل لواء الرسالة وتبليغها للشعوب الأخرى بالحسنى.
وكمثال آخر يوضح ما أعني: بأن يكون الحل آمنًا للمرأة وللمجتمع، فأقول - وبالله التوفيق: إن مجتمعنا يعج - ولله الحمد - بنساء فاضلات مستورات، ولكن يوجد لدينا أيضاً نسبة - وإن صغرت - من النساء قد يضللن الطريق إذا فتحت لهن الأبواب، أو لنقُلْ: إن حجم الخبث والفساد الأخلاقي سيزداد لدينا بحيث لا يمكن وصفنا بعد ذلك بأننا (مجتمع مسلم) لا سمح الله.

إن الحكم لدينا قائم على ركيزة حفاظه على (المجتمع المسلم). وهناك - لاشك - في العالم من يرغب أن يهدم بلادنا وحكمنا من الداخل عن طريق تفريغه من مفهوم (المجتمع المسلم).

مشاكل المرأة:
وبالنسبة للقيادات في بلادنا وللخاصة (بما في ذلك أعضاء مجلس الشورى): لقد سبق ووجهت العناية في مقالات سابقة من أنه لا ينبغي على (الخاصة) أن يعاملوا (العامة) كما يعاملوا أنفسهم؛ ففي مجتمعنا العام توجد بيوت ماشية (بالدف)، ولا تحتاج إلى أن نفتح عليها أبواب تؤدي إلى تفككها. ولعلي أذكر الحكومة أعزها الله ببعض الأمور:
(1) أننا عندما بنينا جسراً بحرياً مع دولة مجاورة، فقد أدى وجود الجسر إلى تفكك بعض الأسر في المنطقة الإدارية القريبة من الجسر، وذلك بسبب أنه أصبح عائلها يذهب إلى هناك من أجل المتعة الحرام أو الشراب. وعندما تتفكَّك الأسر تزداد حالات الجرائم والمخدرات بين أبنائها الحاليين أو في المستقبل عندما يكبرون، مما سيزيد الأعباء على الدولة - أعزها الله.

(2) أن أحد أهم ارتفاع نسبة الطلاق إلى 60 في المائة (وهي نسبة عالية جداً) في دولة عربية وإسلامية مثل دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة هو أن النساء أصبحن يشعرن بعدم الحاجة للرجل حسب ما ذكرت جريدة محلية هناك، وحسب ما نتج عن الدراسة في الحلقة الثانية. ولقد رأيت بعيني أموراً وحصلت لي مناقشات معهم لا يمكن ذكرها في جريدة سيارة. والعقلاء هناك يحذروننا من السير على نفس المنوال.

(3) أنه يوجد اليوم لدينا في السعودية نسبة الطلاق قد وصلت إلى نحو 35 في المائة. وهي نسبة سترتفع إذا ظللنا نفتح أبواباً ولا ندرس عواقبها على الأسرة.

(4) كما أن نسب الطلاق في مجتمعنا ستستمر في الارتفاع إذا استمرينا في تناسي مشاكل المرأة في الحصول على حياة كريمة تحت ظل أنظمة واضحة تحفظ حقوقها. ومعظم مشاكل المرأة سهلة لو تعاملنا معها بطريقة إبداعية. وهذه الحلول الإبداعية مع الأسف غير موجودة الآن!!

(5) أن نسبة مضايقة المرأة في الشارع قد ازدادت بسبب طبيعة الثقافة المنتشرة لدينا. ولا يحتاج المرء إلى كبير ذكاء ليكتشف ذلك بنفسه. امش في المراكز التجارية وتعجب من كثرة المضايقات التي تحصل للنساء من الشباب والرجال. وأشير هنا إلى أن بعض الفضائيات التي يملكها مستثمرون محليون تشجع على هذه الثقافة بطريقة غير مباشرة. فالمرأة مجرد مفاتن يمكن لنا الاستمتاع بها، هذه الثقافة تحتاج إلى تغيير بحيث لا يجرؤ أحد على مضايقتها في الشارع أو السوق أو في أي مكان آخر، تماماً كما كنا من قديم حينما كان الإنسان يخشى أن يضايق امرأة تمشي في الشارع.

(6) أن نسبة مضايقات الرجال للنساء في الدول الخليجية التي انفتحت عالية جداً، حسب ما أرى خلال أسفاري الكثيرة إلى هناك. والذين يتحدَّثون عن الخليج لا يعلمون الكثير عن ما يحصل هناك طوال السنة وليس خلال المواسم السياحية حيث يسافر أبناء الخليج إلى الخارج ولا يراهم أحد حين زيارة دولهم. كما أنه يوجد بالولايات المتحدة الأمريكية - التي تنادي بحقوق المرأة - أكثر من ستمائة ألف حالة اغتصاب للنساء سنوياً. وهذه فقط الحالات المعلنة. ولذلك فإن حكاية أن (الدول الأخرى تفعل كذا، فلماذا لانفعل؟!) لا تنفعنا، ويصدق فعلاً علينا حينها قول الرسول الكريم: (حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه).

ولذلك فإن البحث عن حلول لمشكلة (انتقال المرأة من مكان إلى آخر بطريقة عملية وميسرة واقتصادية وآمنة لها وللمجتمع وبطريقة مقبولة شرعاً) هو أمر (إبداعي) ينبغي أن يقوم به العقلاء والمبدعون في بلادنا بما يتناسب مع أوضاعنا وديننا ومفاهيمنا، حتى لا نتفاجأ بأمور لم نحسب حسابها، ولاتَ ساعة الندم. فالتغيير الاجتماعي مطلوب دراسته، ولكن سيصعب العودة عنه متى ما تم فتح أبوابه.


 

 
























التوقيع

كتبت وقد أيقنت يوم كتابتي
بأن يدي تفنى ويبقى كتابها
فإن كتبت خيراً ستُجزى بمثله
وإن كتبت شراً عليها حسابه
(المقياس الأسمى لشعورك بالسعادة هو: كم إنساناً أسعدت)

   

رد مع اقتباس