عرض مشاركة واحدة
قديم 05-04-2011, 06:05 AM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية عبدالعزيز بن شويل
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 19
عبدالعزيز بن شويل is on a distinguished road


 


الحِكمة من النهي عن الصلاة في هذه الأوقات:

الأصلُ أنَّ المسلِم يستسلم لأوامِر الله، ويجتنب نواهيَه تعبُّدًا لله،

ولا يتوقَّف عن التعبُّد حتى يطَّلعَ على الحِكمة أو العِلَّة مِن الأمر بكذا، أو النهي عن ذلك،

بل عليه أن ينقاد، وله أن يبحَث على الحُكم والعِلل أثناء العمل؛ ليزدادَ إيمانًا وثباتًا،

وقد ذكر العلماء - رحمهم الله تعالى -

أنَّ الشرع الحكيم نهى عن الصلاةِ في هذه الأوقات لحِكم عدَّة،

علِمها مَن علِمها، وجهلها مَن جهلها، ومن هذه الحِكم التي عُلمت في هذه المسألة ما يأتي:


أولاً: أنَّ في وقت الظهيرة قُبيل الزوال يُوقد فيه على جهنم إيقادًا بليغًا؛

لحديث عمرو بن عبسة أنَّ النبي

قال: ((ثم صلِّ؛

فإن الصلاة مشهودةٌ محضورة حتى يستقلَّ الظل بالرمح،

ثم أقْصِر عن الصلاة؛ فإنه حينئذٍ تُسجر جهنم
))؛

رواه مسلم (832).


ثانيًا: وأمَّا الحِكمة من النهي عنِ الصلاة عندَ طلوع الشمس وعندَ غروبها،

فهي مشابهة المشركين،

فإنَّهم يسجدون للشمس عندَ طلوعها وعندَ غروبها؛

لحديث عمرو بن عبسة أنَّ النبي قال:

((صلِّ الصبح، ثم أَقْصِرْ عن الصلاة حتى تطلُع الشمس حتى ترتفع؛

فإنها تطلع بين قرْني شيطان، وحينئذٍ يسجد لها الكفَّار
))،

ثم قال :

((حتى تصلِّي العصر، ثم أقصِرْ عن الصلاة حتى تغربَ الشمس؛

فإنَّها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذٍ يسجد لها الكفار
))؛

رواه مسلم (832).

وحديث ابن عمرَ - رضي الله عنهما - أنَّ النبي قال:

((لا تَحَرَّوا بصلاتكم طلوعَ الشمس ولا غُروبها؛ فإنَّها تطلع بقرْني شيطان))؛

رواه مسلم (828).


ثالثًا: وأمَّا النهي عنِ الصلاة بعدَ صلاة الفجْر إلى طلوع الشمس، وبعدَ صلاة العصْر إلى غروب الشَّمس،

فمِن باب سدِّ الذريعة؛ قال شيخُ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في بيان حِكمة النهي عن الصلاة في هذه الأوقات:

"الشيطانُ يقارن الشمس، وحينئذٍ يسجد لها الكفَّار، فالمصلِّي حينئذٍ يتشبه بهم في جِنس الصلاة،

فالسُّجُودُ وإنْ لم يكونوا يعبدون معبودَهم، ولا يقصدون مقصودهم،

لكن يشبههم في الصُّورة، فنهَى عن الصلاة في هذين الوقتين سدًّا للذريعة؛

حتى ينقطِع التشبُّهُ بالكفَّار، ولا يتشبه بهم المسلِم في شِرْكهم


مجموع الفتاوى (23/186).

وقال - رحمه الله -: " ... الأصل في النهي أنَّه عندَ الطلوع والغروب... لكن نُهِي عن الصلاة بعدَ الصلاتين سدًّا للذريعة؛

فإنَّ المتطوع قد يصلِّي بعدهما حتى يُصلِّي وقتَ الطلوع والغروب


"مجموع الفتاوى" (23/203).


رابعًا: وهناك حِكمة أُخرى في النَّهي عن الصلاة في هذه الأوقات عمومًا،

وهي إجمامُ النفوس، وتنشيطها حتى تُقبل بعد وقت المنْع بنشاط ورغْبة،

كما أشار إلى ذلك شيخُ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - فقال:

"في النهي عنه بعض الأوقات مصالِح أُخَر؛

من إجمام النفوس بعض الأوقات مِن ثقل العبادة، كما يجم بالنَّوْم وغيره...

ومِن تشويقها وتحبيب الصلاة إليها إذا مُنعِت منها وقتًا،

فإنَّه يكون أنشطَ وأرغب فيها؛ فإنَّ العبادة إذا خُصت ببعض الأوقات نشطتِ النفوس لها أعظمَ ممَّا تنشط للشيءِ الدائم،

ومنها: أنَّ الشيء الدائم تسأم منه وتملُّ وتضجر، فإذا نهى عنه بعضَ الأوقات زال ذلك الملل


"مجموع الفتاوى" (23/187).

 

 

   

رد مع اقتباس