--- 51 ---
ورحل الجابري
أدرك أن الموت نهاية مفترضة وحتمية لجميع الكائنات
وأنه الطريق الذي سيمضي منه كل مخلوق ولكنني رغم ذلك أتأثر
بسماع ان فلاناً مات أو قتل أو قضى نحبه أياً كانت المسميات
المفكر الكبير الدكتور : محمد عابد الجابري والذي قرأت كغيري
خبر وفاته جعل من يجلس إلى جواري يشك في قواي العقليه
الفقيد د/ محمد عابد الجابري
فقد قال لي : (أبوناهل بسم الله عليك ) فرددت : خير فأردف (لك دقائق
تطالع الجريدة وسارح مرة أحس بأنك ستبكي ومرة تتبسم .. وش السالفه )؟!
فرددت : فاجأني خبر وفاة الدكتور الجابري فحزنت لفقد مفكر ولكن إسمه
أعادني إلى عام 1990 م والإرهاصات الأولى للقراءات الفكرية وتحديداً
(حوار المشرق والمغرب) والذي سميّ حوار الثمانينات والذي جرى بين
عدة مفكرين أهمهما د/ حسن حنفي (مصر) ود/ محمد الجابري (المغرب)
فذكرني بالعديد من اللقاءات والحوارات التي كانت تستمر مع بعض الأصدقاء
حول أفكار الكاتبين تحديداً حنفي والجابري لعدة ساعات .
وسبب ضحكي أنني ومجموعة من الأصدقاء ذهبنا لمقهى ثقافي شهير في القاهرة
عام 1990ودار نقاش تجاوز الثلاث ساعات والجو بارد فقال صديق (عماني) مقولة شهيرة
(أسوأ الرحلات تلك التي مع المثقفين ) وأكمل (نعلبوكم ماحلي لكم النقاش
الفكري إلا بالقاهره ... خلونا نسهر وخلو النقاش لاصار كل واحد بديرته )
فتذكرت تلك الأجواء وغالبني الضحك .
مختصر القول أن الجابري وكما أراه يشكل علامة فارقة في الفكر العربي
يكفي ان تقرأ مؤلفه ( نقد العقل العربي) لأنه يجبرك للتنقيب في مؤلفات عدد من
المفكرين منذ العصر الإسلامي وحتى العصر الحديث .
فعلاً هو يعيد بناء العقل والفكر العربي ولكن بصورة مغايرة .