الغنيمة الثانية
الانطلاقة الحيوية
ومرة أخرى نأخذ هذه الغنيمة من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – السابق ،
إنها غنيمة حسية مهمة، أثرها ظاهر بل باهر ،
وفائدتها أكيدة بل فريدة ،
تأمل معي قوله – صلى الله عليه وسلم - فيمن ذكر وتطهر وصلى الفجر:
( أصبح نشيط النفس )
إن افتتاح اليوم بالذكر والطاعة يجعلك منشرح الصدر ، طيّب الخاطر، قوي العزم ،
متجدد النشاط ، تنطلق وفي محياك وسامة ، وعلى ثغرك ابتسامة ،
وينفرج –بإذن الله – كربك ، ويزول-بعون الله- همّك ،
وترى من نفسك على الخير إقبالاً، وللطاعة امتثالاً،
وتجد الأمور ميسرة، والصعاب مذللة، يلقاك التوفيق مع بشائر النهار،
ويصحبك النجاح في سائر الأحوال.
وانظر - أخي- إلى من حرم هذه النعمة ، وفاتته تلك المنة ..
انظر إليه وقد أصبح في غفلة فإذا هو " خبيث النفس كسلان" ، لا يصحوا إلا متثاقلاً ،
وتراه مكدر الخاطر ، ضيق الصدر ، فاتر العزم ،
تنظر إليه فكأنما جمع همَّ الدنيا بين عينيه ، وكثيراً ما تتعسر أموره ،
وتتعثر مقاصده ،
إنه يكون خبيث النفس بسبب" إتمام خديعة الشيطان عليه"
ويكون كسلاناً أي متثاقلاً عن الخيرات لا تكاد تسخو نفسه ولا تخف عليها صلاة ،
ولا غيرها من القربات ، وربما يحمله ذلك إلى تضييع الواجبات .
[ المفهم 2/140 ] .
قال ابن عبدالبر :
هذا الذم يختص بمن لم يقم إلى صلاته وضيعها . أما الذي انبعث للطاعة ،
وبادر للصلاة ؛ فإنه يكون " طيب النفس " لسروره بما وفقه الله له من الطاعة ،
وبما وعده من الثواب ، وبما زال عنه من عقد الشيطان ،كذا قيل ،
والذي يظهر أن في صلاة الليل سراً في طيب النفس
[ الفتح3/26] .
ومن معاني النشاط أنه يكون نشيطاً لما يرد عليه من عبادات أخر من صلوات وغيرها ؛
فإنه يألف العبادات ويعتادها حتى تصير له شرباً ، فتذهب عنه مشقتها ولا يستغني عنها
[المفهم2/409 ] .
إنه ينشط بزوال آخر سحر الشيطان عنه ،
وكفايته إياه ،
ورجوعه خاسئاً عنه خائباً من كيده
[ إكمال المعلم3/142 ] .
فما أحسنها من غنيمة تشبث بها ولا تضيع .