عرض مشاركة واحدة
قديم 11-11-2008, 07:13 AM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
عضو نشط
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
ابوصالح الشمالي is on a distinguished road


 

هل أنا ألف ٌ ، وباء ٌ للكتابة أم لتفجير الهياكل ؟

كم سنه كنا معا ً طوق النجاة لقارة محمولة ٍ فوق السراب
ودفتر الإعراب ؟
كم عرب ٌ أتوك ليصبحوا غربا ً
وكم غربٌ أتاكِ ليدخل الإسلام من باب الصلاة على النبي ِّ
وسنِّة النفط المقدّس ؟ كم سنة
وأنا أصدِّق أن لي أمما ً ستتبعني
وأنكِ تكذبين على الطبيعة والمسدَّس. كم سنة ، !


من تزوجني ظفائرها لأشنق رغبتي وأموت كالأمم القديمة
كم سنه أغريتني بالمشي نحو بلادي الأولى
وبالطيران تحت سمائي الأولى
وباسمك كنت أرفع خيمتي للهاربين من التجارة والدعارة والحضارة
كم سنة كنا نرش على ضحايانا كلام البرق :
بعد هنيهة ٍ سنكون ما كنا وما سنكون
إما أن نكون نهارك العالي …. وإما أن نعود إلى البحيرات القديمة
كم سنة لم تسمعيني جيدا ً . لم تردعيني جيدا ً
لم تحرميني من فواكهك الجميلة
لم تقولي:
حين يبتســـم المخيم تعبس المدن الكبيرة !!
كم سنه
قلنا معـا ً: أنا لا أشاء ، ولا تشائين . اتفقنا . كلنـّا في البحر مـاء
كم سـنه كانت تنظـّمنا يد ُ الفوضـى
تعبنا من نظام الغاز
من مطر الأنابيب الرتيب
ومن صعود الكهرباء إلى الغرف
حريتي فوضاي . إني أعترف
وسأعترف بجميع أخطائي ، وما أترف الفؤاد من الأماني
ليس من حق العصافير الغناء على سرير النائمين
والإيديولوجيا مهنة البوليس في الدول القوية
من نظام الرق ّ في روما
إلى منع الكحول وآفة الأحزاب في ليبيا الحديثة
كم سنه
نحن البداية والبداية والبداية .كم سنة
كنا هناك . ومن هنا ستهاجر العرب ُ
لعقيدة ٍ أخرى وتغترب ُ
قصب هياكلنا
وعروشنا قصب ُ
في كل مئذنة ٍ
حاو ٍ ، ومغتصب ُ
يدعو لأندلس
إن حوصرت حلب ُ
بيروت … فجرا ً
يطلق البحر الرصاص على النوافذ


يفتح العصفور أغنية ً مبكرة ً
يطيـّر ُ جارنا رفّض الحمام إلى الدخان
يموت من لا يستطيع الركض في الطرقات
قلبي قطعة من برتقال يابس
أهدي إلى جاري الجريدة كي يفتش عن أقاربه ……. أعزيه غدا ً
أمشي لأبحث عن كنوز الماء في قبو البناية
يدخل الطيران أفكاري ويقصفها
فيقتل تسع عشرة طفلة
يتوقف العصفور عن إنشاده
والموت يأتينا بكل سلاحه الجوي ّ والبري ّ والبحري ّ
ألـــــــف قذيفة أخرى …. ولا يتقدم الأعداء شبراً واحدا ً
ما زلت حيا ً – ألف شكر ٍ للمصادفة السعيدة
يبذل الرؤساء جهدا ً عند أمريكا لتفرج عن مياه الشرب
كيف سنغسل الموتى ؟
ويسأل صاحبي : وإذا استجابت للضغوط فهل سيسفر موتنا عن
دولة ٍ …… أم خيمـة ٍ ؟
قلت : انتظر ! لا فرق بين الرايتين
قلت : انتظر حتى تصب الطائرات جحيمها !
بيروت ….. ظهرا ً
يستمر الفجر ُ منذ الفجر
تنكسر السماء على رغيف الخبز
ينكسر الهواء ُ على روؤس الناس ِ من عبء الدخان
ولا جديد لدى العروبة !!
بعد شهر يلتقي كل ُّ الملوك بكل أنواع الملوك
من العقيد إلى الشهيد ، ليبحثوا خطر اليهود على وجود الله
أما الآن فالأحوال هادئة تماما ً مثلما كانت
والموت يأتينا بكل سلاحه الجوي والبري والبحري
مليون انفجار في المدينة
هيروشيما هيروشيما
وحدنا نصغي إلى رعد الحجارة
وحدنا نصغي لما في الروح من عبث ٍ ومن جدوى
وأمريكا على الأسوار تهدي كل طفل لعبة للموت عنقودية
يا هيروشيما العاشق العربي
أمريكا هي الطــــاعون ، والطـــــــاعون أمريكا
نعسنا . أيقظتنا الطائرات وصوت أمريكا
وأمريكا لأمريكا
وهذا الأفق اسمنت ٌ لوحش ِ الجو
نفتح ُ علبة َ السردين ، تقصفها المدافع ُ
نحتمي بستارة الشباك ، تهتز البناية
تقفز الأبواب
أمريكا وراء الباب
أمريكا
بيروت …… ليلا ً
يخرج الشهداء من أشجارهم ، يتفقدون صغارهم
يتجولون على السواحل ، يرصدون الحلم والرؤيا
يغطون السماء بفائض الألوان ، يفترشون موقعهم
يسـمـّون الجزيرة ، يغسلون الماء ، ثم يطرزون حصارنا
قططـــا ً …. ونخلا
وحدنــــا ، والله فينا وحدنــــا
الله فينا قد تجلى !
….أمس ِ – الآن َ – بعد َ غد ٍ
نشيد ٌ للخريف
صور لما بعد النهار
وظلال امرأة ٍ غريبة
وطني حقيبه
وحقيبتي وطني
ولكن …. لا رصيف ولا جدار
لا أرض تحتي كي أموت كما أشاء
ولا سماء حولي لأثقبها وأدخل في خيام الأنبياء
ظهري إلى الحائط
الحائط / الساقط !
وطني حقيبه
وحقيبتي وطن الغجر
شعب ٌ يخيـّم ُ في الأغاني والدخان
شعبٌ يفتش ُعن مكان
بين الشظايا والمطر
وجهي على الزهرة
الزهرة / الجمرة
وطني حقيبه
في الليل أفرشها سريرا ً
وأنام فيها
أخدع الفتيات فيها
أدفن الأحباب فيها
أرتضيها لي مصيرا ً
وأموت فيها
كفـِّي على النجمة
النجمة / الخيمه
وطني حقيبه
من جلد أحبابي
وأندلس القريبة
وطني على كتفي
بقايا الأرض في جسد العروبة

رحم الله الشاعر الكبير محمود درويش وأسكنه فسيح جنانه

 

 

   

رد مع اقتباس