الوقفة الثالثة
واعبد ربك حتى يأتيك اليقين
هكذا يجب أن يكون العبد ... مستمر على طاعة الله , ثابت على شرعه ,
مستقيم على دينه , لا يراوغ روغان الثعالب , يعبد الله في شهر دون شهر ,
أو في مكان دون آخر , لا ... وألف لا ..!! بل يعلم أن ربّ رمضان هو ربّ بقية الشهور والأيام ....
قال تعالى : { فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَك.. }
هود 112 ,
وقال : { ... فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ... }
فصلت 6 .
والآن بعد أنتهاء صيام رمضان ...
فهناك صيام النوافل :
( كالست من شوال ) , ( والاثنين , الخميس ) , ( وعاشوراء ) , ( وعرفه ) , وغيرها .
وبعد أنتهاء قيام رمضان , فقيام الليل مشروع في كل ليله :
وهو سنة مؤكدة حث النبي صلى الله عليه وسلم على أدائها بقوله :
" عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم ،
ومقربة إلى ربكم ، ومكفرة للسيئات ،
ومنهاة عن الإثم مطردة للداء عن الجسد "
رواه الترمذي وأحمد .
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
" أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل " ،
وقد حافظ النبي صلى الله عليه وسلم على قيام الليل ،
ولم يتركه سفراً ولا حضراً ، وقام صلى الله عليه وسلم
وهو سيد ولد آدم المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر حتى تفطّرت قدماه ،
فقيل له في ذلك فقال : " أفلا أكون عبداً شكوراً " متفق عليه .
وقال الحسن :
ما نعلم عملاً أشد من مكابدة الليل ، ونفقة المال ،
فقيل له : ما بال المتهجدين من أحسن الناس وجوهاً ؟
قال : لأنهم خلو بالرحمن فألبسهم نوراً من نوره .
اجتناب الذنوب والمعاصي :
فإذا أراد المسلم أن يكون مما ينال شرف مناجاة الله تعالى ،
والأنس بذكره في ظلم الليل ، فليحذر الذنوب ،
فإنه لا يُوفّق لقيام الليل من تلطخ بأدران المعاصي .
قال رجل لإبراهيم بن أدهم :
إني لا أقدر على قيام الليل فصف لي دواء ؟
فقال : لا تعصه بالنهار ، وهو يُقيمك بين يديه في الليل ،
فإن وقوفك بين يديه في الليل من أعظم الشرف ، والعاصي لا يستحق ذلك الشرف .
وقال رجل للحسن البصري : يا أبا سعيد :
إني أبِيت معافى ، وأحب قيام الليل ، وأعِدّ طهوري ، فما بالي لا أقوم ؟
فقال الحسن : ذنوبك قيدتْك .
وقال رحمه الله : إن العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل ،
وصيام النهار . وقال الفضيل بن عياض : إذا لم تقدر على قيام الليل ،
وصيام النهار ، فأعلم أنك محروم مكبّل ، كبلتك خطيئتك
وقيام الليل عبادة تصل القلب بالله تعالى ،
وتجعله قادراً على التغلب على مغريات الحياة الفانية ،
وعلى مجاهدة النفس في وقت هدأت فيه الأصوات ،
ونامت العيون وتقلب النّوام على الفرش .
ولذا كان قيام الليل من مقاييس العزيمة الصادقة ،
وسمات النفوس الكبيرة ، وقد مدحهم الله وميزهم عن غيرهم بقوله تعالى :
( أمّن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه
قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب ) .
والآن بعد أن انتهت ( زكاة الفطر ) : ,
فهناك الزكاة المفروضه , وهناك أبواب للصدقه والتطوع والجهاد كثيرة .
وقرأة القرآن وتدبره ليست خاصه برمضان: بل هي في كل وقت .
وهكذا .... فالأعمال الصالحه في كل وقت وكل زمان .....
فاجتهدوا الأحبة في الله في الطاعات .... وإياكم والكسل والفتور .
فالله ... الله
في الاستقامة والثبات على الدين في كل حين
فلا تدروا متى يلقاكم ملك الموت
فإحذروا أن يأتيكم وأنتم على معصية .