فضيلة الشيخ محمد نور بن إبراهيم بن محمد عبدالله كتبي
1327 ـــ 1402 هـ*
أرسل لي أخي الدكتور زهير بن محمد جميل كتبي هذه الترجمة عن عمه :
الولادة:
ولد محمد نور كتبي في مدينة مكة المكرمة، بحارة جبل هندي في دار والده الشيخ إبراهيم. وذلك في عام 1327هـ.
عائلته:
عائلة "آل كتبي" من العوائل العريقة والتي أشتهرت بالعلم والدين. ومعذرة عندما أتحدث عن عائلتي فلن أكون مبالغاً، كما أنه ليس من حقي أن أهضم ذكرهم. فالشيخ محمد نور كتبي – يرحمه الله – هو أخو سيدي الوالد محمد جميل كتبي. وجدي الشيخ العالم الفاضل / إبراهيم محمد عبدالله كتبي فهو من مواليد الهند في زمن الاستعمار الانجليزي وقبل تقسيمها إلى باكستان والهند وسيلان. وولد – يرحمه الله – في بلد (سلطان بور) وذلك في شهر صفر من عام 1275هـ. التابعة في الوقت الحاضر للحكومة الهندية. ولوجود القلاقل والمصادمات بين المسلمين والهنود وعدم استقرار الأمن آنذاك. فقد سمح له والده (عبدالله) بالسفر من الهند لطلب العلم والمعرفة وأن ينهل من العلوم واللغة العربية، ودراسة أصول الفقه للتمشي بالكتاب والسنة من البلدان العربية.
وصفه:
الشيخ محمد نور كتبي – يرحمه الله – متوسط القامة، أسمر اللون، واسع العينين، نحيل الجسم، ذكي لماح ن يرتدي الكوفية والغترة ولا يضع على رأسه عقالاً، ويلبس العباءة العربية، تزين وجهه لحية بيضاء، يتسم بنظرة رقيقة حانية.
صفاته:
فيه سماحة نفس وهدوء طبع أن يجمع القلوب حوله فأحبه الناس والتفوا حوله، فكانت داره كما كان مكتبه يزدحم بالناس والمراجعين واصحاب الحوائج. طموح، دمث الأخلاق، فيه تواضع ورفق. طليق اللسان وسامر في بيانه. محافظاً على الصلوات الخمس في الجماعة، تتجلى فيه روح الاخلاص، صريحاً يقول الحق لا يخشى فيه لومة لائم، حنون ن عطوف. لا تجده في المسجد الا مصليا أو تالياً لكتاب الله.
نشأته:
نشأت الشيخ محمد نور كتبي في مدينة مكة المكرمة، وترعرع بها في حارة جبل هندي، وحفظ القرآن الكريم على يد الشيخ الفاضل عبد اللطيف قارئ – يرحمه الله – وهو خال أمه وعلمه والده الشيخ إبراهيم كتبي أصول الفقه، كما تلقى التفسير والحديث عن والده. وكان من يجاوره في المسكن بجبل هندي آل هارون دهلوي، وآل القامة، وآل القزاز، وآل غندوره، وآل بخش، وآل العطار، وآل السقاط.
تعليمه:
درس بالمدرسة الصولتيه وكان مقرها بالقرب من جبل الكعبة من حارة الباب. وتخرج منها فتضلع في الفقه والنحو. وعرف بحبه للقراءة والاطلاع. وبعد تخريجه من الصولتيه وأصل تعليمه في علم الفقه على يد الشيخ عمر بن حمدان والشيخ الرواس وأخيراً على يد الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ صديق والده الحميم.
أعماله :
بعد تخريجه من الصولتية إلتحق برئاسة القضاة ز ففي سنة (1346هـ) عين بترشيح من الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ رئيساً لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بمكة المكرمة. وكان مقرها ما بين باب الصفا وباب أجياد. وكان الشيخ محمد نور كتبي من المقربين لفضيلة الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ. وكان من الموظفين الشيخ سليمان الصنيع والشيخ عبد الله خياط – يرحمهم الله -.
وفي عهد حكومة الأشراف كانت صلاة التراويح تصلى في المسجد الحرام على المذاهب الاربعة فكل إمام يصلي بمن على مذهبه. وكان الشيخ محمد نور كتبي من الأئمة الذين يصلون بالناس في صلاة التراويح من شهر رمضان في الرملة القريبة من باب العمرة.
كان فضيلته إماماً للمسجد الحرام، ويؤم المصلين من صلاة الظهر، وأحياناً في صلاة العصر. وأما الإمام الأول للمسجد الحرام فكان الشيخ أبو السمح – يرحمهم الله -.
ومنذ تولى الحكم السعودي للحجاز كان فضيلته يجتمع في كل ليلة بعد صلاة المغرب مع الشيخ عبد الله بن حسن في مقر سكن الشيخ عبد الله بن حسن بداره العامرة بالداودية بالمجلس المطل على الحرم الشريف والكعبة المشرفة يتدارسون على يد سماحة الشيخ عبد الله بن حسن، حيث عين سماحته رئيساً لهيئة تميز الأحكام الشرعية، ويستمر ذلك الاجتماع حتى صلاة العشاء.
وفي عام 1352هـ في الصيف قرر سماحة الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ زيارة المدينة المنورة فاصطحب معه فضيلة الشيخ محمد نور كتبي وكان في استقبالهم وكيل أمير المدينة الأمير عبد العزيز بن إبراهيم.
وفي عام 1349هـ عين فضيلة الشيخ محمد نور كتبي عضواً بهيئة تمييز الأحكام الشرعية وكان مقرها بجوار المحكمة الشرعية بالقرب من باب زيادة. وكان من أعضائها الشيخ سليمان الحمدان والشيخ محمد علي سراج. الذي هو من أهالي الطائف وله بستان في منطقة شهار. والسيد المرزوقي، وكانت هيئة التمييز تنتقل صيفاً إلى الطائف مع ديوان نائب جلالة الملك وبعضاً من الدوائر الحكومية.
ولما علم جلالة الملك عبد العزيز – يرحمه الله – وهو من أئمة المسجد الحرام أنه يسكن بعيداً عن المسجد الحرام فقد صدر أمره السامي الكريم أول عام 1355هـ بمنحه العمارة العائدة لوزارة المالية بباب العمرة مقابل الزقاق الموصل إلى الداودية. كهبة وتقديراً من جلالة الملك عبد العزيز – يرحمه الله -. وانتقل إليها الشيخ محمد نور كتبي وكان من جيرانه الأستاذ عبد الله بالخير وآل المنصوري وآل خوج.
ومن عام 1356هـ عرض على فضيلة الشيخ محمد نور كتبي تولى القضاء في مدينة العلا فاعتذر عن ذلك وقبل اعتذاره.
وفي ربيع أول عام 1357هـ رشح لتولي القضاء في المدينة المنورة فوافق على ذلك. وكان في استقباله في منطقة آبيار علي وكيل عن أمير المدينة المنورة الشيخ عبد الله السديري وبعض موظفي المحكمة الشرعية وعلى رأسهم فضيلة نائب الرئيس الشيخ عبد الحفيظ كردي الكوراني، ورئيس كتاب المحكمة الشرعية السيد علي حافظ.
وفي عام 1363هـ صدر أمر جلالة الملك عبد العزيز بتعيين فضيلة الشيخ محمد نور كتبي مساعداً لرئيس الدوائر والمحاكم الشرعية في المدينة المنورة.
كان عضواً في مجلس المعارف.
وفي عام 1372هـ حينما أتى حضرة صاحب السمو الملكي ولتي العهد الأمير سعود بن عبد العزيز قدم فضيلته طلب لسموه بإحالته على التقاعد فصدر أمر سموه الكريم بإحالته على التقاعد بكامل الراتب لما قدمه من خدمات جليلة لوطنه والمواطنين.
وحينما عين صاحب السمو الملكي الأمير عبد المحسن بن عبد العزيز – يرحمه الله- أميراً للمدينة المنورة عينه عضواً من أعضاء مجلس الإدارة.
وفي عهد الملك فيصل بن عبد العزيز – يرحمه الله – كان سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم وزيراً للعدل، فقد عمد الشيخ محمد نور كتبي لتولي القضاء في مدينة القطيف. وعند عرض الأمر على مقام جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز كتب على المعاملة ما معناه: أن الشيخ محمد نور قد خدم الدولة بالحرمين الشريفين، فهل تأتى في آخر عمره وكبر سنة ونكافؤه على الترحال من الحرمين. وإن كان لابد فيعين في الحرمين الشريفين فجزاه الله خيراً على ما فعله.
وبعد مضي شهر من ذلك – أيضاً – صدر الأمر السامي الكريم بتعيينه مستشاراً شرعياً لإدارة أوقاف المدينة في عهد معالي الشيخ حسين عرب وزير الحج والأوقاف.
أصدقاؤه :
للشيخ محمد نور كتبي الكثير من الأصدقاء منهم في مكة المكرمة الشيوخ: اسعد مشفع، وكامل كردي بن ماجد. وإسحاق قاري صاحب ومؤسسة المدرسة الفخرية، والسيد أمين كتبي، وعبد الصمد فدا، وعبد الكريم فدا، أمين كاتب، اسماعيل دهلوي، وإسحاق دهلوي، محمد سرور الصبان، إبراهيم شاكر، عبد الزراق هنداوي، أحمد قاري، إبراهيم نوري. ومن أصدقائه في المدينة المنورة السيد علي حافظ والسيد عثمان حافظ وآل الخاشقجي وآل أبو الفرج والسيد حسن عمران الحبوبي وأخيه السيد علي وآل الكماخي، وآل أسعد والشيخ حمزة خليل، وبكر كردي، وأحمد أبو عزة، وآل البساطي، والسيد محمود أحمد والد السيد حبيب، والدكتور عبد الرحمن خليل الرحمن وعبد القدوس الأنصاري.
حياته العائلية :
تزوج الشيخ محمد نور كتبي – يرحمه الله – من بيت الأشقر. . من مكة المكرمة وأنجب :
1. عائشة، توفيت.
2. أسماء، توفيت.
3. حفصة، زوجة الشيخ محمد علي برنجي – يرحمه الله -.
4. عبد الرزاق. رجل أعمال. وله خبرة طويلة في أعمال المحاكم الشرعية – يرحمه الله -.
5. مصباح، زوجة الفضل – يرحمه الله -.
6. عائشة، زوجة الشيخ عمر قرطلي.
7. زبيدة ن زوجة الأستاذ أبو خضير – يرحمه الله – عمل في السلك الدبلوماسي.
8. مريم، زوجة الأستاذ عمر منصور، رجل أعمال.
9. حليمة، زوجة الأستاذ أحمد شعبان، رجل أعمال.
10. ناجية، زوجة الأستاذ خالد أبو الفرج. موظف في إدارة مشروعات المطارات.
11. هند، زوجة الأستاذ حمزة مسعود، رجل أعمال.
مؤلفاته :
عندما تولى جلالة الملك عبد العزيز الحكم في الحجاز وأخذت الدولة بالتمشي بكتاب الله وسنة رسوله عليه أفضل الصلاة والسلام. واعتمدت الدولة بالتمشي بالأحكام الشرعية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل – يرحمه الله – فقد ألف فضيلة الشيخ محمد نور كتبي كتاباً في الحج والعمرة على المذاهب الأربعة وسماه: (النخبة المعتبرة في مناسك الحج والعمرة على المذاهب الأربعة). وطبع هذا الكتاب في نفقته وطبع بالمملكة المصرية.
مكتبته :
ترك فضيلة الشيخ محمد نور كتبي مكتبة كبيرة جداً وبها نفائس الكتب والمراجع والمصادر والدوريات، جمعها وهو في سن الشباب ونقلها معه إلى المدينة المنورة. وبعد وفاته تبرع ورثته بها على مكتبة الحرم المدني الشريف. وهي موجودة باسمه حتى الآن.
وفاته :
توفي فضيلة الشيخ محمد نور كتبي في يوم 22 شوال عام 1402هـ، بعد أن أفنى حياته في خدمة العلم والقضاء وقضاء حوائج الناس.أ.هـ
وأخبرني الشيخ محمد جميل كتبي (أخو المترجم له) مشافهةً في يوم الجمعة 20/11/1434 هـ أن أخاه كان إماماً في المسجد النبوي أثناء عمله في المحكمة وقد صلى خلفه أثناء زياراته للمدينة .
رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته .
* كتبي، د. زهير/ رجال من مكة/3/110-123 (4).
* أنس كتبي/ أعلام من أرض النبوة/ 2/ 189-206، وفيه ولادته سنة 1323هـ.
* العبدلي، عبدالله منسي: المسجد الحرام في قلب الملك عبدالعزيز ص183.
* الصبحي، يوسف بن محمد: وسام الكرم في تراجم أئمة وخطباء المسجد الحرام ص417 (521).
*محمد خير رمضان/ تتمة الأعلام للزركلي/ 2 /151.
*عبد الله الزاحم، قضاة المدينة 1/111.
*كتبي, د. زهير /البكاء ضرورة ولكنه ليس حلاً (مخطوط)
*موسوعة أسبار/ 3 /1127-1128 (1633).
*العلاف، عبد الله /أئمة الحرمين 1343/1434.