يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > الساحات العامة > الساحة العامة

الساحة العامة مخصصة للنقاش الهادف والبناء والمواضيع العامه والمنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
قديم 08-30-2010, 02:14 PM   رقم المشاركة : 11

 

عندما هبطت سوق رغدان لأول مرة في حياتي

قرر والدي رحمه الله رحمة الأبرار واسكنه فسيح الجنان السفر إلى مكة ( وهذا هو المتعارف عليه في عهدنا حتى لو كانت وجهته إلى الطائف أو جدة أو غيرها ، حتى إذا سئل احدنا عندما كنا أطفال ( فين ) أبوك ؟ الجواب في مكة ) وكان يوم احد وقرر أن يقضي لأسرتنا الكبيرة مقاضي من سوق رغدان وهو سوق كبير يقع في قرية رغدان ويعقد كل يوم احد ويرتاده الناس من غامد وزهران ولا ينافسه إلا سوق السبت والذي كان يعقد في بلجرشي ويرتاده الناس من كل مكان ، ولكن من يعود بالمقاضي من السوق ؟ خاصة وانه مضطر لأخذ الحمارة أكرمكم الله لكثرة المقاضي ، فقرر اصطحابي معه وعمري اقل من عشر سنوات رغم عدم معرفتي بالطريق ولا بالسوق فهي أول مرة اهبط فيها سوق رغدان ( كلمة اهبط لمن لا يعرفها فصيحة ووردت في القرآن الكريم ﴿اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ﴾ وهي تعني الذهاب إلى السوق ) وعندما علمت بذلك فرحت كثيرا وانتظرت الصبح بفارغ الصبر حيث الانطلاقة ستبدأ بعد صلاة فجر اليوم التالي وعندما انبلج الصبح وصلى والدي رحمه الله صلاة الفجر حاضرا بالمسجد كعادته عاد إلى المنزل ( وشد الحمارة ) واردفني خلفه وانطلقنا وانهلت عليه رحمه الله بالأسئلة وكلها حول السوق وما فيه ويتخللها أسئلة عن نوع المقاضي وعلى سبيل المثال : بتشتري بلح وخوخ ؟ بتشتري لنا تمر ؟ بتشتري رمان ؟ وإجابته موحدة لجميع أسئلتي وهي إن شاء الله وإن كانت لا تشفي غليلي لكن لا أستطيع تكرار السؤال وأنا على يقين انه لولا حاجته لي لأعود بالحمارة والمقاضي وأكون حارسا صوريا عليها لما صبر على أسئلتي الكثيرة .
وصلنا السوق وهالني كثرة الناس وكثرة الجمال والحمير والبقر والغنم وأنواع البضائع ومناداة الناس على بضائعهم فهذا ينادي يا روس البل يا روس البل واصفا الحبحب الذي يبيعه برؤوس الابل والثاني يقول يا خوخ يا فدري يا خوخ يا فدري خمسين بريال ( والخوخ الفدري من اجود انواع الخوخ ) الحق الطيب الحق الطيب وثالث ينادي يارمان بيده وينكم يا زباين (ورمان بيده مشهور بجودته هو الآخر ) الحق يا ولد الحق يا ولد وأنا في ذهول وافكركيف أستطيع العودة وحيدا وأنا ما اعرف الطريق ؟ تكاثرت علي الأفكار واختلطت علي الأمور ولم أعهد حالة كهذه .
ربط والدي حمارته ( وكان لونها مميز ليست سوداء ولا بيضاء بل لونها يشبه لون البغل أي لون اغبر فيقولون حمارة غبراء ) في ( ميقافة الحمير ) ( باركنق ) الحمير وسحب الخرج من على ظهر الحمارة ( والخرج مصنوع من الصوف به جيبان توضع بهما المقاضي ويوضع على الدابة ) وصعدنا من درج عريض إلى مجلس بأحد المنازل والتقينا بأناس يعرف والدي رحمه الله بعضهم ووضع الخرج واخذ بيدي وذهبنا إلى السوق ليتفق مع سائق إحدى اللواري المسافرة للسفر معه ولشراء المقاضي ومنها ما سألت عنه عندما انطلاقتنا من المنزل ويعود بها إلى ذلك المنزل ويضعها في الخرج وعندما تكاثرت المقاضي التي اشتراها امرني بالجلوس عند الخرج وافتح عيوني لا احد يأخذ منه شيئا وقال كلمته التي كان يرددها علي : خلك ذيب وانتبه لمقاضينا وفي المرة الأخيرة دخل ومعه رجالان ملامحمها متشابهة إلى حد كبير ووجهيهما مألوفان لدي وهما العم عبد الله أبو نازي بن صغير وأخوه العم مسفر حليلي بن صغير رحمهما الله رحمة الأبرار واسكنهما فسيح الجنان وهما توأم وعرفا بخفة الظل وكنا نتشرف بزيارة كل منهما لنا في منزلنا لصلة الرحم حيث ابنة العم عبد الله أبو نازي زوجة أخي يحيى بن صوهد حفظه الله وحفظها ومتعهما بالصحة والعافية وكانا يترددان على منزلنا لزيارتها ... انجلى همي فهناك من سيدلني على الطريق حيث اخبرني والدي أنني سأصدر معهما ( أصدر أي أعود من السوق ) . ولكن فراق والدي صعب جدا حيث سيذهب إلى المجهول في نظري وكيف سأحتمل فراقه ورغم انه ملأ جيبي بالخوخ والبلح ووضع في جيبي الثاني رمانة لم أكن احلم بها من قبل وأكرمني كثيرا لكن خنقتني العبرة عندما ودعني بقبلتين وشد على يدي وقال هذه المرة : خلك رجال وانتبه لمقاضيك ( حيث أصبحت مسؤولا عنها ) وتركني وحيدا وانصرف ولولا الشرهة لانفجرت باكيا .
انتظرت العم أبو نازي والعم حليلي وكانا يخيطان الجباب ( عباءات مصنوعة من صوف الغنم تنسجه النساء ويخيطه ويزخرفه أصحاب الصنعة من يجيد منهم التطريز بخيوط الصوف الملونة من أمثال العم أبو نازي وأخيه رحمهما الله ) ويبيعان ما يخيطان في الأسواق ومنها سوق رغدان وهو الغالب لأن لهما عملاء من زهران ، أقول : انتظرتهما وطال انتظاري لأنهما لا يصدران إلا متأخرين إلا إذا تمكنا من بيع ما لديهما من جباب وأحيانا يأخذان من عملائهما جبابا لم تخيط بعد ليخيطانها باجرة يتفقون عليها ويعيدا ما تم انجازه في ألاسابيع التالية ولهذا يتأخران في السوق .
وبعد الظهر بحوالي ساعتين في تقديري عادا وناديا علي هيا يا بن حسن ولا يناديان باسمي لأنهما لم يكونا يفرقان بيني وبين أخي سعد رحمه الله فيلخبطان في الاسم فتارة ينادياني باسم سعد وينادون سعد رحمه الله باسمي .. فحتى لا يخطيان يكتفيان بيا بن حسن عند مناداتي أو مناداة سعد رحمه الله .
قمت ولم آكل من الخوخ والبلح كثيرا ويبدو أن السبب في ذلك حزني على فراق والدي وهمي من طريق العودة ... فحملا ما كلفت بحراسته من مقاضي ووضعاه على حمارتي والتي أتت على ما اشترى لها والدي رحمه الله من برسيم حيث أكرمها مثلما أكرمني واركباني عليها وسار احدهما بحمارته إمامي والآخر بالحمارة الأخرى خلفي وجعلاني في المنتصف وحتى أكون أمام ناظريهما وذلك من أمانتهما رحمهما الله وجعل ثوابهما الجنة ولا انسى كثرة الجباب التي عادوا بها وهذا يدل على أن لهما عملاء كثيرون ... وطريق العودة تمر بالزرقاء والباحة والظفير وصعودا من البريدة السفلى ثم البريدة العليا ثم النزول من جبل عروان وعندما وصلنا وادي الطرفين وهي نهاية الطريق لهما قالا(افلح افلح )والحمارة بتعرف الطريق لين توصلك بيتكم ويبدو أن والدي رحمه الله اخبرهما بذلك .. فتركت القيادة للحمارة واستأنفت الهجوم على ما بقي لي من بلح وخوخ حتى أتيت عليهما وعطفت الهجوم على الرمانة والتي التهمتها في لحظات ، ووصلت البيت بقيادة الحمارة سالما .
وسلامتكم وآسف على الإطالة وكنت سأقسمها حلقتين آو ثلاث لكنني فضلت تقديمها لكم ودفعة واحدة واكرر اعتذاري على الإطالة وكل عام وانتم بخير .

 

 
























التوقيع



سبحانك اللهم وبحمدك عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك .

   

 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:51 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir