.
*****
الأربعاء 28 ذو القعدة 1437 هـ
عبدالله بن ناصر.. ونصف الأحلام
بقلم د. سعيد أبو عالي
عبدالله بن أحمد بن ناصر مربٍ فاضل تشرف بخدمة بلاده في مجال التدريس والعمل الكشفي. سحرته مدينة الطائف... قضى معظم حياته العملية وبعض سنين دراسته فيها ويقول إنه عندما يكون بالطائف يشعر بأنه (أمام حلم وجمال لا حدود له).
عبدالله من عائلة (بن ناصر) كما نسميها، وهي أسرة مرموقة في بلاد غامد فمنها الشيخ المربي الفاضل محمد بن ناصر، الذي وقف حياته على تدريس القرآن الكريم وطلب العلم، وعندما انتقل الشيخ إلى الخرج طلبوه للعمل رسميا بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فكان شرطه الوحيد أن يتفرغ في كل رمضان من كل سنة للعبادة!!! وللشيخ محمد ابن وحيد هو (عبدالمحسن) وتميز هذا الابن البار بالأدب وحسن التعامل مع الآخرين.
يغوص عبدالله في كتابه (نصف الأحلام) في تفاصيل دقيقة إلى حد الإملال (من الملل) ولكن لها في حياته دلالات كبيرة. عنوان الكتاب الذي يقع في أكثر من أربعمائة صفحة يشير للقارئ الفطن، بأن المؤلف يجلد ذاته لأنه انحرف في دراسته عن المرحلة الثانوية إلى الدراسة بمعهد المعلمين، كي يحصل عاجلا على وظيفة يساعد أهله براتبها وهذا - في رأيي - هدف رائع في حياة الأبناء المطيعين لأهلهم.
تخرج في معهد المعلمين بالطائف وترتيبه الرابع على المعهد. عبدالله عصامي الهوى صمم على دراسة المرحلة الثانوية. وهو يحب حركة الحياة ويتذمر من هدوء القرية، ولكني أراه هدوءا سَهَّلَ لعبدالله دراسة المقررات وقراءة الكتب النافعات والتفكير في أمور الحياة.
مؤلف (نصف الأحلام) يتمتع بذوق راق فهو يستخدم جماليات اللغة من أشعار وأمثال وعبارات بديعة جميلة. أثناء عمله ركب سيارة شحن (لوري) إلى القرية التي بدأ التدريس بها، ومشى على قدميه بين قرية وأخرى، وامتلك دراجة نارية ثم اقتنى سيارة فاخرة. وهذا تدرج يدلُ على الواقعية والتصميم.. ومع إخلاص عبدالله لعمله ومحاولاته الجادة للتميز إلا أن تعليم الصبيان عنده لا يمثل عملا يفخر به صاحبه، وهنا أختلف معه فالصبي هو أساس الأسرة، والأسرة أساس المجتمع، ومعلم الصبيان هو بانٍ للمجتمع، ومجتمعنا السعودي بدينه الإسلامي أساس المجتمعات المتحضرة.
تحدث في فصلين من كتابه عن الطائف وعن أهالي الطائف بما يثبت حبه لهذه المدينة واحترامه لأهلها. ويقول: إن الطائف عنده هي مكان (بوتقة) انصهار الشعب السعودي مع بعضه ليعملوا من أجل هدف واحد. وقد أثار شجوني شخصيا عندما تحدث عن (مكتبة السيد) فقد كانت وجهتي الأولى عندما أمر بالطائف. وكذلك الردف بتشكيلاتها الصخرية الجميلة، أما مدرسة ثقيف الثانوية فهي المدرسة التي حصلت (أنا) فيها على الشهادة الثانوية طالبا من المنازل.
عبدالله بن ناصر سمَّى نفسه على الكتاب (عبد الله أحمد الناصر) وأظن أنه ألصق (لام التعريف) باسم جده تأثرا بزملائه أو بزياراته إلى منطقة نجد، ولكن اسم (بن ناصر) لدينا نحن أهالي قبيلة بني ظبيان بمنطقة الباحة أكثر دلالة على هذه الأسرة العريقة. لم يهدأ عبدالله فقد واصل طلب العلم حتى نال درجة الماجستير.
(نصف الأحلام) لا يتوقف عن الحركة دراسة وعملا، تدرج في العمل فهو مدرس، ثم إداري ناجح ثم موجه تربوي، وقائد كشفي. علاقاته مع أهل العلم والفضل. هذا الكتاب يعدُ وثيقة رسمية من وثائق التطور الاجتماعي الظافر الذي شهدته بلادنا والحمد لله.
عبد الله بن أحمد بن ناصر حقق إنجازات تربوية تحسب له، وكون أسرة متوازنة تعد استمرارا لعائلة (بن ناصر) وهو صديق للعديد من المربين والأدباء وأعيان المجتمع. وأهيب به أن يحمد الله الذي حقق له الأحلام وكتابه (نصف الأحلام) يستحق القراءة والتأمل.
*****