يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > الساحات العامة > الساحة العامة

الساحة العامة مخصصة للنقاش الهادف والبناء والمواضيع العامه والمنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
قديم 11-27-2010, 01:40 AM   رقم المشاركة : 11

 


بعض ملامح الحياة بالمنطقة الشرقية قبل خمسين عاما :

هذه المشاركة كنت أنوي الكتابة عنها من قبل كمساهمة مني مع أبو ياسر لرغبته في إثراء هذا الموضوع .. لكن حديثه عن تعليم جده جعلني أعقب سابقا على ما كتب

=======================================

وصلت الدمام بناء على طلب والدي رحمه الله عام 1378 في تلك السنة درست جزءا من الصف الأول ابتدائي ببيت الزبير وبعد شهرين تقريبا نقلت المدرسة لبيت العجمة وبعد منتصف العام أكملت الدراسة بمدرسة الدمام الأميرية الأولى في حي الدواسر .. أما رحلة السفر فقد كانت برفقة أختي الكبرى وزوجها الذي يعمل بالظهران .. وقد تسنت لي فرصة الركوب في السيارة لأول مرة من الديرة إلى الطائف بما فيها مبيت ليلة في شقصان .. ثم بالطائرة إلى الرياض .. وبالقطار إلى الدمام .. وفي أثناء ركوبنا الطائرة كنت أتوقع أن موقعنا سيكون على ظهرها وليس بداخلها .. وعند إخباري لوالدي بما حصل .. مكث فترة طويلة يخبر جلسائه رحمه الله معلقا بالقول : ( يحسبها حماره يركب فوق ظهرها )
كان الوالد يرحمه الله قد ابتعد إلى هناك بعد مغامرة تجارية لم يكتب لها النجاح ( تحتاج إلى فصل مستقل ) وعند الوصول للدمام كان الوالد وأخي الأكبر صالح في محل تجاري صغير ( دكان ) بالرغم من صغر سني إلا أنني أدركت أن هذا الدكان يثير الحزن والشفقة لأن كل ما فيه من بضاعة لا تصل قيمتها إلى مائة ريال .. لما وصلت كان عمري في حدود ست سنوات و عندما باشر علي الأخ صالح بحبة بسكوت مغلفة بغطاء أخضر لماع يثير الشهية رفضتها قائلا : ( لا ... بنخسر ) إدراكا مني وشعورا بالمسؤلية من بؤس ما رأيت
الدكان البائس في شارع يسمى اصطلاحا : شارع الدواسر .. ومزاحا : شارع الحب .. ورسميا شارع الأمير سعود .. يسكن الشارع الذي تتكون مبانيه من دورين شعبية : أسر غالبيتها من الدواسر .. جزء منهم بالدمام وجزء أخر في البحرين وأغلبهم من ذوي البشرة السمراء .. والبحر يبعد عنا مسافة مائتي متر فقط .. وإذا اتجهنا للبحر نمر بصيادي الأسماك وهم يصنعون الشباك وأمامهم قوارب الصيد .. ومنهم من يعمل حواجز بأعواد سعف النخل لعملية الصيد

الأسر المحيطة بالدكان حياتهم تنطوي على الكثير من الجوانب الإجتماعية الإيجابية فهم يتعارفون ونصلي في مسجد واحد مجاور ومنهم ذوي أصول إيرانية وهنود ومن مختلف أنحاء المملكة لكن الغالبية دواسر .. والجميع في ثراء ملحوظ قياسا بذلك الزمن .. عدا القادمين من الديرة حيث تجدهم أولا ( عزوبيه ) وأعمالهم يادوب سواق أو عامل وما شابه ذلك .. كانوا أفضل قليلا من العمانيين ويشابهون إلى حد كبير عزب الهنود والبنقالة حاليا ( هذا الكلام في بداية الثمانينات الهجرية ) ولهذا كان الدواسر يعطفون علينا ويقدمون لنا وجبات إفطار يومي في شهر رمضان

هناك آخرين من الجماعة التحقوا بأرامكو وحياتهم أفضل وتتحسن سنه بعد أخرى وخاصة من استمر منهم مدة أطول حيث يحصلون على أرض وسكن وخدمات أخرى كثيرة
تحسنت أحوال الوالد فيما بعد ولله الحمد .. فإذا أتجهنا إلى مدينة الظهران والخبر نجد الوضع يتغير تماما إذ ننظر إليها بعين الحسرة لما فيها من نظام وخدمات راقية وتطور لا شبيه له في أنحاء المملكة ومن ذلك :
يتاح للعمال السكن فيما يسمى ب ( اللاينات ) وهي مساكن تمتد أفقيا على شكل خطوط مستقيمة .. وهي أيضا عبارة عن وحدات سكنية وكل موظف له غرفة خاصة وقد يشترك معه آخر تتوسط تلك المساكن حديقة جميلة وأشجار وحمامات عامة ومطبخ جماعي موصل له الماء والغاز ومسجد مجاور ومركز تجاري منظم يسمى ( ال شبرة ) ومسجد عام كبير للجمعة والحي بأكملة منخطط ومسفلت وبه كل البنية التحتية وهناك عدد محدود من المباني الشعبية ( للعربان ) تسمى سعودي كامب تسفيد مجانا من كل تلك الخدمات

وفي حي حديث مجاور لأعمال الشركة أنشئ حي ( إنترميديات ) مخصص للطبقة المتوسطة من الموظفين وهو أرقى من الأول وأكثر تنظيما ومكيف تكييفا مركزيا .. أما الحي الخيالي الذي نسمع به ولا نشاهده هو حي ( السنيور ستاف ) لكبار الموظفين وما بداخله كما نسمع يعتبر كأنه قطعة من مدينة أمريكية
ومع ذلك توجد في الحيين الأول والثاني : سينما ندخلها بعد العشاء بسبعة عشر قرشا .. بشرط يعطيك أحد معارفك بطاقة دخول حيث يصرف لكل موظف بطاقة إضافية إذا كان له صديق .. وفي الساعة العاشرة يمكن الدخول بدون بطاقة .. حيث ينظر للوقت على أنه متأخر جدا والحضور قليل .. الأفلام انجليزية ولا نفهم شيء ولا ننتبه إلا مع ضحك الموظفين لموقف معين ولا ندري ماهي السالفة .. تعجبنا مناظر الكاوبوي والخيول واطلاق النار فقط

من الخدمات الأخرى : وجود نادي كبير بجوار الحي الأول وبه صالة تلفزيون وكراسي حديدية جميلة مصنوعة خصيصا للعمال وللسعوديين بالذات لأنها ممكن تعيش ألف سنة على الأقل مع سوء الإستعمال .. ونسطيع هنا بالنادي شراء آيسكريم بالفانيلا بأربعة قروش فقط .. كما تحصل آخر الشهر على نسخة من مجلة قافلة الزيت مرصوصة على مكتب تأخذ نسختك بدون زحمة ولا تدافع

هناك مطعم حديث يقدم وجبات بأسعار رمزية للجميع .. هو مخصص لعمال الشركة لكن من لديه جرأة ويطب .. لا أحد يسأله فكل شيء بسيط ولا يوجد تعقيد .. الأجمل من ذلك ما يسمى بالكفتيريا .. وهي مطعم راقي جدا .. تأخذ صحن وتمشي وتختار من الأكل ما تشاهده أمامك ثم تحاسب وتجلس على إحدى الطاولات أيضا بأسعار رمزية ولا تعقيد .. فقط أشكالنا بالثياب وعقال الوالد رحمه الله هو الملفت للنظر .. فالجميع هنا يلبسون بدلات بعضهم بكرفتات ومنظرهم راقي جدا

بالجوار مكتبه منظمة ومكيفية لحقت عليها بعد أن وصلت مرحلة معهد المعلمين بالدمام أقضي بها أوقاتا للمذاكرة والقراءة .. بجوار المكتبة أندية رياضية لمختلف الألعاب نسمع أصوات ونشاط مرتاديها وننظر إلها بحسرة .. لكن لم نتجرأ لدخولها.. وعلى بعد قليل من هذاالحي مقابل القنصلية الأمريكية بالظهران مضمار للخيول وسباق الحواجز .. خاص للأمريكان .. والمشاهدة للعامة
بداخل مقر الشركة ما يسمى معرض أرامكو .. وبه كافة المصورات والمجسمات التي تحكي مسيرة الشركة وأنشطتها والدخول إليه مجانا ومفتوح لكل من يرغب .. بداخل المقر موقف خاص لتكاسي أجرة مرقمة وتستدعى تلفونيا لمن يرغب في أي خدمة داخل مباني الشركة أو خارجها

لقد كان عمال الشركة ينعمون بمزايا قل أن تجدها في أي جزء من المملكة ومع ذلك فالإقبال عليها ضعيف وخاصة من القبائل .. فعندما سألت والدي رحمه الله لماذا لم يعمل بها كانت إجابته أن السبب هو عدم رغبته لبس البنطلون فقط لاغير .. بينما الخدمات مغرية جدا .. تصوروا أنه بعد خمس سنوات فقط يمكنك أن تحصل على أرض سكنية مجانا بأرقى حي وفي أي مدينة من مدن المنطقة الشرقية .. بل تحصل على رخصة بناء بمواصفات تضعها أرامكو وقرض يغطي كامل قيمة البناء .. بالإضافة إلى العلاج بأرقى مشفى خاص بالشركة ونظام خاص للإدخار والتعليم المجاني الفني داخل وخارج المملكة .. إضافة إلى مزايا أخرى كثيرة لا مجال لذكرها .. ومع ذلك فالعربان لديهم شيء من التوجس والرهبة من الشركة وكثير منهم يتسدحون في أعمال لا تغني ولا تسمن .. ولهذا استفاد من الشركة الكثير من سكان المنطقة الأصليين وأغلبهم من مدينة القطيف وسيهات وضواحيها

أكتفي بهذا .. وإذا تيسر لنا شيء من بعض الجلسات التي يخبرها أبو ياسر .. بشرط حضور أبو خالد .. سنواصل النطق من أجل إثراء جبهة الذكريات التي فتحها أبو ياسر .. والله يحفظكم



 

 

   

 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:54 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir