يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > ساحات الموروث والشعر والأدب > ساحة الأدب الفصيح

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-02-2011, 01:51 AM   رقم المشاركة : 11

 

قصة أول مؤلف له :
كان أول مؤلف له بعنوان (باقة من تاريخ أدب العرب ( وهو عبارة عن مختارات من قراءاته في كتب التراث العربي ؛ وهذا المؤلف هو أول كتاب قام بنشره ، وقد قام بمقابلة أمير منطقة الباحة في تلك الفترة الأمير سعود السديري ــ رحمه الله ــ حتى يقوم بمساعدته بطباعة الكتاب ، فوافق على ذلك ، وقد نُصح ــ عبد العزيز مشري ــ ألا يقوم بطباعة الكتاب وكان غرض الناصح أن يؤجل الطبع حتى يكون هناك كتاب من نتاجه الشخصي لا مجرد نقولات ؛ ولكن عبد العزيز مشري رفض حتى مجرد مناقشة الفكرة ، فقد كان همه أن يخرج له كتاب باسمه ، وهذه تُحسب له ــ رحمه الله ــ فشخص بمثل صغر سنه في تلك الفترة ويكون هذا اهتمامه فمن النوادر .

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 03-02-2011, 01:54 AM   رقم المشاركة : 12

 

الزهور تبحث عن آنيـة


بقلم: عبدالعزيز مشري

يا للحب.. يا للعذاب .. يا للخجل
قل لنفسك الآن :
أين تضع هذه الزهور المخنوقة داخل هذه اللفافات الورقية؟
قل لي بصدقك .. من أين تأتي لها بآنية ؟ إنها سوف تمرض وتموت، وإلا فانقذها . قلت للممرضة ياسيستر لو سمحت.. هل لديك آنية تصلح لهذه الزهور ؟

يبدو أنها لم تفهم من أنجليزيتي المكسرة .. توقفت برهة ثم نفخت :

أوه .. زهور جميلة .. لحظة .

عادت بعد أن خرجت من الغرفة المزدحمة بأربعة أسرة (كلها بمرضاها، كنت أنا الخامس) خرجت لا أدري إلى أين ، ولكنها عادت ومعها إناء بلاستيكي معوج وله قاعدة تشك في أنها تصلح للثبات، اعتقد أنها ستطلب مني بولاً للتحليل كالعادة.. آسف لا يوجد غيره ، لكن يصلح للزهور ، لقد ملأته بالماء النقي .

بالطبع ، قالت :

شكراً، وذهبت تقص سيقان الزهور عن أسفلها وتقحمها بلا عناية في الإناء الخبيث .

لا عليك أيتها الزهور .. كم في السجن من مظاليم ..

كنت أتمدد على طولي فوق السرير حاشراً انفي في هواء الغرفة المختلط بأنات المريض المقابل(يقول الأطباء.. إن حالته ليست في وضع سيء ، وأن الأنات التي لا يريح بها نفسه ولا الجيران، ما هي إلا وهم تنامت عادته ليلاً ونهاراً) .

أما ظهري فكان قد يبس كالخشبة.. فكل ثقلي كان يربض على فقراته.

فمنذ خمسة أيام وفي يدي أنبوب طويل يمنع كلي من الحركة يميناً أو يساراً .

لم أكن لآبه بكثير من المضايقات أمام الممرض الذي وقف كالشوكة في حلقي .. صباحاً ومساء، وكأنه قد وظف لعذابي فقط .

في الصباح الباكر جداً يأتي بعربية ويطلب مني الذهاب معه إلى الحمام ليغسلني من رأسي إلى قدمي، بحذائي وسراويلي.. يقول لا زم النزافة .. ده مستشفه .

طبعاً تأكد لي من لهجته .. أنه من مصر ، ولكن – مع احترامي لمهنته – فإن هيئة صلعته، وأسلوبه في عمله، يوحيان لي بأن له سابق خبرة بـ الجزارة والله أعلم .

يظنون .. إني أرى عندما أبحلق بعيني المجردتين من نظارتيهما ..

يقول لي جاري الملاصق لسريري في كل ربع ساعة على الأقل عبد العزيز .. يا خوك وأراك ما نمنت لها لحين؟

أرد عليه بشفة ملوية العنق :

بارك الله فيك يا بوسالم.. بانام إن شاء الله .

يقول بلهجة بدوية خالصة :

يا خوك ، لا تتفكر في النما .

عرفت منه أنه يعني الأطفال، فقد كذبت عليه، وقلت إن لدي طفلين .. أكبرهما – عادل ثلاث سنوات، وكان يدعوني مراراً بـ أبو عادل يا مصيبتي لو دعاني بها أمام أحد أصدقائي من الزوار .

حكي لي بغير مناسبة قصة حياته .. قال : تزوجت بمئتي بارة ، وقال : زوجتي أكبر مني باثنتي عشرة سنة، وأنجبت لي ثلاثة أولاد.. أكبرهم في البحرية برتبة ضابط، والثاني في شركة أرامكو، والثالث طالب في جامعة العلوم (ولا أدري أي علوم) .

قال : إن نفسه نهقة أبو زيد منذ اعوام طويلة، ويرغب في الزواج.

قال : إنه شاب، ولو أن عمره يتجاوز الخمسين (كنت أسمع لأسنانه الصناعية قرضاً كقرض الفأر في الليل.. بعد أن نهج جميعاً في الغرفة ، وكل يوم يقرر الطبيب الذي يدعوه الدختور بتأخيره يوماً آخر .. نظراً لظهور السكر المرتفع في تحاليل المختبر – اعتقد لأنه يأكل أشياء محظورة في الليل) .

لقد كان يتهم الدختور والمستشفى بالغفل والبلادة. فهم كما يقول يتعلمون ويقررون فيه بلاء السكر!

يقول، وهو يستوي جالساً متربعاً كأنه على باب خيمة، وأمامه كرقاب الإبل نار تشتعل يا عبد العزيز .. الدنيا ما ريحتني ويعود بعد شيء من الشكوى، يحمد الله الذي هداه فاشترى أرضاً كبيرة على طريق الميناء وبنى عليها ثلاث فلل عام ثلاثة وسبعين (كنت أظنها بالتاريخ الميلادي عدة أيام فصححها لي) .

قال إنه كان يملك عبداً وعبده (أي زوجها) فهرب العبد، وبقيت العبدة ومعها ثلاثة أطفال.. جاء يوم فباعها لكنها خرجت أمام الجيران، ودعت الله أن يشتت شمله، لأنه فرقها عن أولادها.. قالت الناس، هذا حرام. يتمتها من أولادها، فرد الثمن وأعادها .. قال إنه باعها هي وأولادها بعد تردد طويل، واشترى بالثمن غنماً، فجاء الخير، وانتشرت البركة، وباع واشترى في الغنم حتى صار مالكاً فحلاً .

كنت أحاول مراعاة انفعالاته في سرده لقطيع الأحداث، فأومىء برأسي، وأفعل مثل قعدته، وأردد :

عجيب ، يا سلام الله أكبر وهكذا .

بعد أن فرغت من عذاب الممرض المصري ذاك الصباح .. دخل الغرفة شيخ كبير اللحية نقيها، وكان يهمهم بكلام لم يتبين منه شيء لكنني تبين أنه من أهل المنطقة ، قال لي بوضوح أخيراً :

قالوا لي .. خبز ما تأكل .. جام ما تأكل .. عسل ما تأكل .. طيب وش تأكل ؟

قلت له وكأن الأمر يهمني .

طول بالك يا حجي .. كله لأجل مصلحتك .

فجأة قلب الموضوع ، وحوله بعيداً.. قال :

عمري ضاع ، وأنا أراجع الدوائر والمحاكم .. أدور أرضي أو قرض .. ويا ليتني حظيت بشيء.. أطفالي مشردون، ما عندي سكن، ولا راتب ، ولا زوجة .. حتى الماء مقطوع في حارتنا .

وفجأة أخرى قلب الموضوع الذي كان يتحدث عنه، قال عندك ورقة وقلم ؟

قلت ، نطلب الممرضة (وكنت أخاف أن يطلب مني شيئاً أكتبه له فأقول إنني لا أرى الخط، فلن يصدق.. سيقول أنه يهزأ مني أو يتهرب) .

لكنه جال بنظرة غامضة كل الأسرة في الغرفة، ثم استدار وخرج . الزهور لا تزال في تلك الآنيـة، ولا تزال على ما اعتقد أنها تتوجع، لا تزال تنتظر ماءً جديداً أو عناية ملائمة .

في الممر الطويل .. كان هناك جرس الهاتف يرن ، ويرن .. لم ترفع سماعته يد ، أما الممرضات فكن في صخب لغة غير مفهومة على الإطلاق.. وكنت أترك كل ثقلي على ظهري المنكسر و أغفو .

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 03-02-2011, 01:55 AM   رقم المشاركة : 13

 

نوادر أبو سالم مع الحيوان: القطـة
بقلم : عبدالعزيز مشري


لم يكن السبب الذي جعل من هدوء أول الليل، وتهيؤ كبير العائلة وصغيرها، للعشاء المنتظر، جديراً بحاصل ما حصل .
فها إن أبو سالم يدفئ يديه المطهرتين بماء الوضوء.. على خفوت النار المتهالكة أمام قعدة جسده الملموم كالقبضة، وإلى جانبيه : الزوجة التي هتكت طاقتها منذ صلاة العصر، تعجن في قدر متوسط أسود.. الطحين والماء والملح ، وتسوط بهراوة قصيرة عصيدة الذرة .

وثلاثة أولاد ، أثنان بزوجتيهما، وكلاهما ينتظران مولوداً ، وبنت في التاسعة .

كانت قطة رمادية هزيلة كالخرقة .. تموء، وتلف بمكان الجمع، وحيناً تهرهر، وتمسح برأسها .. ثم بذيلها على ركبة القاعد .. نهرتها زوجة الأبن الكبير :

هيا انقلعي .. ما تشبعين يا مسعورة ؟!

نظر أبو سالم : إليها مؤنباً بنظرته الرخوة :

لا .. لا ، رزقها من رزقنا .

أمتدت يد سالم إلى ذيلها وجذبها كأنما يشد دلواً فارغاً، فتشبثت القطة بركبة أخيه، وغرزت مخالبها الأمامية ، فصعق من الوجع .

حينمـا فزعـت القطـة.. كانت تلقي بخوفها وهشاشة عودها حيثما التجأت .. في صحن العصيدة والمرقة تنضح ببخار حارق، وتندلق .. وحيث أن أبو سالم قد هذب لقمة أولية ، وحفف أطرافها ، وجعل حفرتها على هيئة فنجان القهوة الصغير، ولم يهيأ لها أن تغمس في المرقة.. هزها بين أصابعه، وقذف بها، فجاءت دون عمد في وجه زوجة الابن الصغير، وكانت هي الأخرى، تجهز لقمتها، وظنت أن القذيفة اللينة تلك .. جاءت من يد الزوج، ولسبب ما دحرجت لقمتها أمام يدها ، فوقعت مع الغضب في جبين سالم .

قال الناس :

عيال أبو سالم تحاذفوا العصيدة .

الله يكثر العيش غداً ينتقم منهم رب الأرزاق .

تحفرها أصغر الثيران ، وتطيح فيها أكبر الثيران .

الله لا يضلنا العقل نعمة .. حسدوا القطة .. فأكلت حتى انتفخت .

كانت القطط تحوم في المناسبات حول دار أبو سالم ثم تنصب آذانها، وتجري كالريح، فبعد ضحية عيد الحج، جلس أبو سالم يقطع اللحم إلى فتافيت صغيرة ، تحفظ مع الملح والبهار الأسود، بعد طبخها ادماً لليالي الآتيات، إذ امتد رأس القطة فاجتز سالم أنفها بحد السكني، وقذف بها إلى الساحة.

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 03-02-2011, 01:57 AM   رقم المشاركة : 14

 

نوادر أبو سالم مع الحيوان: العنـز

بقلم : عبدالعزيز مشري

للشاعر في القرى مقام المحسود، وله الموضع المذكور عند الصبايا ، وله مناعة القول، وله في شدة المناسبات حكم الفصل وطاعة القاضي.. فلم لا يكون أبو سالم شاعراً ؟
ولم لا يفرط في هذه الأمنية بين يدي الجماعة بين حين وحين ؟

قالوا، نتسلى بإيهامه .

وقالوا علها تصيب، وعلها تخيب، فإن صابت فما أسهلها علينا ن وإن خابت فما أصعبها عليه.

أشاروا عليه ، أن شياطين الشعر لا تأتي كل من يرغبها .. لكنها قد تجيء لمن يطارح وحدته معها في الليل بقفر بعيد عن المساكن، على أن يذبح لها عنـزة ، يمرغ دعوتها بدمها .. يخلع جميع ملابسه ويقعد إلى جانبها .. عاريا كما خلقه الله .

تناطحت الظنون بخاطر أبو سالم ، ووازن بين الرغبة والمخاطرة ، وكان الخوف من جن الليالي المغدرة ، ينمو مع كل الأهالي منذ الطفولة، وكذا نما مع أبو سالم إلى جانب عشقه للشاعرية .

غيرة أنه عزم ، وكان إذا عزم قبض على دلدول لحيته ، وجذبها بعنف بسيط حتى تنجذب انفرادة الشفة السفلى .

فاختار عنزة سوداء من بين القطع ، وأركبها كتفيه، فتدلت أطرافها عن اليمين، وعن الشمال، وبدأ رأسها بقرنيه وأذنيه الهاطلتين كالخرق الخاملة .

وعلى حين نوم الناس بعد صلاة العشاء، وهب قدميه للفيافي البعيدة التي لا يحدها سوى شبح الجبال في الظلام .

أنزل العنـزة عن كتفيه على مهل ، وكأنه يسكب سمناً من القربة، لكن هدوء انسيال السمن في القرب، ليس كالزمامير النافرة من لسان العنـزة وسط الفيافي في الليل .

شحذ سكينه على حافة صخرة بارزة، وفرك بحدها رقبة العنـزة فخرخر الدم، وتدافعت أطرافها الأربع في الفضاء الرحب طويلاً .

لم يفصل الرأس عن الجسد؛ حتى استوى منتصباً كالجذع، وخلع ملابسه واحدة بعد واحدة، .. ثم قعد متكئاً إلى الصخرة منتظراً شياطين الشعر حتى الصباح .

علم الأهلون أن الغداء على ذبيحة عند أبو سالم وقالت زوجته، أنه جاء بها مذبوحة، وتعب في سلخ جلدها الذي برد على لحمها في الليل، وأن الحمى تهز أوصاله .

وكان أبو سالم يمضغ قطعة متجلدة من لحم العنـز، يبتلعه كما الحنظل في صمت جارح لا يعرف معناه إلا هو .

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:01 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir