يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > ساحات الموروث والشعر والأدب > ساحة الأدب الفصيح

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-18-2008, 06:27 PM   رقم المشاركة : 1

 

.

*****

قصيدة ( البردة ) للبوصيري


مولاي صلي وسلم دائماً أبدا = على حبيبك خير الخلق كلهـم
أمن تذكر جيرانٍ بذى سلم = مزجت دمعا جَرَى من مقلةٍ بـدم
َمْ هبَّت الريحُ مِنْ تلقاءِ كاظمةٍ = وأَومض البرق في الظَّلْماءِ من إِضم
فما لعينيك إن قلت اكْفُفاهمتا = وما لقلبك إن قلت استفق يهم
أيحسب الصب أن الحب منكتم = ما بين منسجم منه ومضطرم
لولا الهوى لم ترق دمعاً على طـــــللٍ = ولا أرقت لذكر البانِ والعلمِ
فكيف تنكر حباً بعد ما شهدت = به عليك عدول الدمع والسقمِ
وأثبت الوجد خطَّيْ عبرةٍ وضنى = مثل البهار على خديك والعنم
نعم سرى طيف من أهوى فأرقني = والحب يعترض اللذات بالألمِ
يا لائمي في الهوى العذري معذرة = مني إليك ولو أنصفت لم تلمِ
عدتك حالي لا سري بمستتر = عن الوشاة ولا دائي بمنحسم
محضتني النصح لكن لست أسمعهُ = إن المحب عن العذال في صممِ
إنى اتهمت نصيح الشيب في عذلي = والشيب أبعد في نصح عن التهتمِ
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا = على حبيبك خير الخلق كلهـم
فإن أمارتي بالسوءِ ما أتعظت = من جهلها بنذير الشيب والهرم
ولا أعدت من الفعل الجميل قرى = ضيف ألم برأسي غير محتشم
لو كنت أعلم أني ما أوقره = كتمت سراً بدا لي منه بالكتمِ
من لي برِّ جماحٍ من غوايتها = كما يردُّ جماح الخيلِ باللُّجـُم
فلا ترم بالمعاصي كسر شهوتها = إن الطعام يقوي شهوة النَّهم
والنفس كالطفل إن تهملهُ شبَّ على = حب الرضاعِ وإن تفطمهُ ينفطم
فاصرف هواها وحاذر أن توليه = إن الهوى ما تولى يصم أو يصم
وراعها وهي في الأعمالِ سائمةٌ = وإن هي استحلت المرعى فلا تسم
كم حسنت لذةً للمرءِ قاتلة = من حيث لم يدرِ أن السم فى الدسم
واخش الدسائس من جوعٍ ومن شبع = فرب مخمصةٍ شر من التخم
واستفرغ الدمع من عين قد امتلأت = من المحارم والزم حمية الندمِ
وخالف النفس والشيطان واعصهما = وإن هما محضاك النصح فاتَّهِم
ولا تطع منهما خصماً ولا حكماً = فأنت تعرف كيد الخصم والحكم
أستغفر الله من قولٍ بلا عملٍ = لقد نسبتُ به نسلاً لذي عُقـُم
أمْرتُك الخير لكن ما ائتمرت به = وما استقمت فما قولى لك استقمِ
ولا تزودت قبل الموت نافلةً = ولم أصل سوى فرض ولم اصم
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا = على حبيبك خير الخلق كلهـم
ظلمت سنة من أحيا الظلام إلى = أن اشتكت قدماه الضر من ورم
وشدَّ من سغب أحشاءه وطوى = تحت الحجارة كشحاً مترف الأدم
وراودته الجبال الشم من ذهبٍ = عن نفسه فأراها أيما شمم
وأكدت زهده فيها ضرورته = إن الضرورة لا تعدو على العصم
وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة من = لولاه لم تخرج الدنيا من العدمِ
محمد سيد الكونين والثقليـن = والفريقين من عرب ومن عجمِ
نبينا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ = أبر في قولِ لا منه ولا نعم
هو الحبيب الذي ترجى شفاعته = لكل هولٍ من الأهوال مقتحم
دعا إلى الله فالمستسكون به = مستمسكون بحبلٍ غير منفصم
فاق النبيين في خلقٍ وفي خُلـُقٍ = ولم يدانوه في علمٍ ولا كرم
وكلهم من رسول الله ملتمسٌ = غرفاً من البحر أو رشفاً من الديمِ
وواقفون لديه عند حدهم = من نقطة العلم أو من شكلة الحكم
فهو الذي تم معناه وصورته = ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النسم
منزهٌ عن شريكٍ في محاسنه = فجوهر الحسن فيه غير منقسـم
دع ما ادعته النصارى في نبيهم = واحكم بماشئت مدحاً فيه واحتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شــرف = وانسب إلى قدره ما شئت من عظم
فإن فضل رسول الله ليس له = حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفم
لو ناسبت قدره آياته عظماً = أحيا اسمه حين يدعى دارس الرمم
لم يمتحنا بما تعيا العقول به = حرصاً علينا فلم نرْتب ولم نهمِ
أعيا الورى فهم معناه فليس يرى = في القرب والبعد فيه غير منفحم
كالشمس تظهر للعينين من بعُدٍ = صغيرةً وتكل الطرف من أمم
وكيف يدرك في الدنيا حقيقته = قومٌ نيامٌ تسلوا عنه بالحلمِ
فمبلغ العلم فيه أنه بشرٌ = وأنه خير خلق الله كلهمِ
وكل آيٍ أتى الرسل الكرام بها = فإنما اتصلت من نوره بهم
فإنه شمس فضلٍ هم كواكبها = يظهرن أنوارها للناس في الظلم
أكرم بخلق نبيّ زانه خلقٌ = بالحسن مشتمل بالبشر متسـم
كالزهر في ترفٍ والبدر في شرفٍ = والبحر في كرمٍ والدهر في همم
كانه وهو فردٌ من جلالته = في عسكر حين تلقاه وفي حشم
كأنما اللؤلؤ المكنون فى صدفٍ = من معدني منطق منه ومبتسم
لا طيب يعدل تُرباً ضم أعظمهُ = طوبى لمنتشقٍ منه وملتثمِ
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا = على حبيبك خير الخلق كلهم
أبان موالده عن طيب عنصره = يا طيب مبتدأ منه ومختتم
يومٌ تفرَّس فيه الفرس أنهم = قد أنذروا بحلول البؤْس والنقم
وبات إيوان كسرى وهو منصدعٌ = كشمل أصحاب كسرى غير ملتئم
والنار خامدة الأنفاس من أسفٍ = عليه والنهر ساهي العين من سـدم
وساءَ ساوة أن غاضت بحيرتها = ورُد واردها بالغيظ حين ظمي
كأن بالنار ما بالماء من بلل = حزناً وبالماء ما بالنار من ضرمِ
والجن تهتف والأنوار ساطعةٌ = والحق يظهر من معنى ومن كلم
عموا وصموا فإعلان البشائر لم = تسمع وبارقة الإنذار لم تُشـَم
من بعد ما أخبره الأقوام كاهِنُهُمْ = بأن دينهم المعوجَّ لم يقمِ
وبعد ما عاينوا في الأفق من شهـب = منقضةٍ وفق ما في الأرض من صنم
حتى غدا عن طريق الوحى منهزمٌ = من الشياطين يقفو إثر منهزم
كأنهم هرباً أبطال أبرهةٍ = أو عسكرٌ بالحصى من راحتيه رمى
نبذاً به بعد تسبيحٍ ببطنهما = نبذ المسبِّح من أحشاءِ ملتقم
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا = على حبيبك خير الخلق كلهم
جاءت لدعوته الأشجار ساجدة = تمشى إليه على ساقٍ بلا قدم
كأنَّما سطرت سطراً لما كتبت = فروعها من بديع الخطِّ في اللقم
مثل الغمامة أنَّى سار سائرة = تقيه حر وطيسٍ للهجير حَم
أقسمت بالقمر المنشق إن له = من قلبه نسبةً مبرورة القسمِ
وما حوى الغار من خير ومن كرم = وكل طرفٍ من الكفار عنه عـم
فالصِّدْقُ في الغار والصِّدِّيقُ لم يرما = وهم يقولون ما بالغار من أرم
ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على = خير البرية لم تنسج ولم تحم
وقاية الله أغنت عن مضاعفـةٍ = من الدروع وعن عالٍ من الأطــُم
ما سامنى الدهر ضيماً واستجرت به = إلا ونلت جواراً منه لم يضم
ولا التمست غنى الدارين من يده = إلا استلمت الندى من خير مستلم
لا تنكر الوحي من رؤياه إن له = قلباً إذا نامت العينان لم ينم
وذاك حين بلوغٍ من نبوته = فليس ينكر فيه حال محتلم
تبارك الله ما وحيٌ بمكتسبٍ = ولا نبيٌّ على غيبٍ بمتهم
كم أبرأت وصباً باللمس راحته = وأطلقت أرباً من ربقة اللمم
وأحيتِ السنةَ الشهباء دعوته = حتى حكت غرة في الأعصر الدهم
بعارضٍ جاد أو خلت البطاح بها = سيبٌ من اليم أو سيلٌ من العرمِ
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا = على حبيبك خير الخلق كلهم
دعني ووصفي آيات له ظهرت = ظهور نار القرى ليلاً على علم
فالدُّرُّ يزداد حسناً وهو منتظمٌ = وليس ينقص قدراً غير منتظم
فما تطاول آمال المديح إلى = ما فيه من كرم الأخلاق والشِّيم
آيات حق من الرحمن محدثةٌ = قديمةٌ صفة الموصوف بالقدم
لم تقترن بزمانٍ وهي تخبرنا = عن المعادِ وعن عادٍ وعن إِرَم
دامت لدينا ففاقت كلَّ معجزةٍ = من النبيين إذ جاءت ولم تدمِ
محكّماتٌ فما تبقين من شبهٍ = لذى شقاقٍ وما تبغين من حكم
ما حوربت قط إلا عاد من حَرَبٍ = أعدى الأعادي إليها ملقي السلمِ
ردَّتْ بلاغتها دعوى معارضها = ردَّ الغيور يد الجاني عن الحرم
لها معانٍ كموج البحر في مددٍ = وفوق جوهره في الحسن والقيمِ
فما تعدُّ ولا تحصى عجائبهـا = ولا تسام على الإكثار بالسأمِ
قرَّتْ بها عين قاريها فقلت له = لقد ظفرت بحبل الله فاعتصم
إن تتلها خيفةً من حر نار لظى = أطفأت حر لظى من وردها الشم
كأنها الحوض تبيض الوجوه به = من العصاة وقد جاؤوه كالحمم
وكالصراط وكالميزان معدلةً = فالقسط من غيرها في الناس لم يقم
لا تعجبن لحسودٍ راح ينكرها = تجاهلاً وهو عين الحاذق الفهم
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد = وينكر الفم طعم الماءِ من سقم
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا = على حبيبك خير الخلق كلهم
يا خير من يمم العافون ساحته = سعياً وفوق متون الأينق الرسم
ومن هو الآية الكبرى لمعتبرٍ = ومن هو النعمةُ العظمى لمغتنم
سريت من حرمٍ ليلاً إلى حرمٍ = كما سرى البدر في داجٍ من الظـلم
وبت ترقى إلى أن نلت منزلةً = من قاب قوسين لم تدرك ولم ترم
وقدمتك جميع الأنبياء بها = والرسل تقديم مخدومٍ على خدم
وأنت تخترق السبع الطباق بهم = في مركب كنت فيه صاحب العلم
حتى إذا لم تدع شأواً لمستبقٍ = من الدنوِّ ولا مرقى لمسـتنم
خفضت كل مقامٍ بالإضافة إذ = نوديت بالرفع مثل المفردِ العلم
كيما تفوز بوصلٍ أي مستترٍ = عن العيون وسرٍ أي مكتتم
فحزت كل فخارٍ غير مشتركٍ = وجزت كل مقامٍ غير مزدحم
وجل مقدار ما وليت من رتبٍ = وعز إدراك ما أوليت من نعمِ
بشرى لنا معشر الإسلام إن لنا = من العناية ركناً غير منهدم
لما دعا الله داعينا لطاعته = بأكرم الرسل كنا أكرم الأمم
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا = على حبيبك خيــر الخلق كلهـم
راعت قلوب العدا أنباء بعثته = كنبأة أجفلت غفلا من الغنمِ
ما زال يلقاهمُ في كل معتركٍ = حتى حكوا بالقنا لحماً على وضـم
ودوا الفرار فكادوا يغبطون به = أشلاءَ شالت مع العقبان والرخم
تمضي الليالي ولا يدرون عدتها = ما لم تكن من ليالي الأشهر الحُرُم
كأنما الدين ضيفٌ حل ساحتهم = بكل قرمٍ إلى لحم العدا قرم
يجر بحر خميسٍ فوق سابحةٍ = يرمى بموجٍ من الأبطال ملتطم
من كل منتدب لله محتسبٍ = يسطو بمستأصلٍ للكفر مصطلمِ
حتى غدت ملة الإسلام وهي بهـم = من بعد غربتها موصولة الرحم
مكفولةً أبداً منهم بخير أبٍ = وخير بعلٍ فلم تيتم ولم تئمِ
هم الجبال فسل عنهم مصادمهم = ماذا رأى منهم في كل مصطدم
وسل حنيناً وسل بدراً وسل أُحداً = فصول حتفٍ لهم أدهى من الوخم
المصدري البيض حمراً بعد ما وردت = من العدا كل مسودٍ من اللممِ
والكاتبين بسمر الخط ما تركت = أقلامهم حرف جسمٍ غير منعجِم
شاكي السلاح لهم سيما تميزهـم = والورد يمتاز بالسيما عن السـلم
تهدى إليك رياح النصر نشرهم = فتحسب الزهر في الأكمام كل كم
كأنهم في ظهور الخيل نبت رباً = من شدة الحَزْمِ لا من شدة الحُزُم
طارت قلوب العدا من بأسهم فرقاً = فما تفرق بين الْبَهْمِ وألْبُهـُمِ
ومن تكن برسول الله نصرته = إن تلقه الأسد فى آجامها تجمِ
ولن ترى من وليٍ غير منتصرٍ = به ولا من عدوّ غير منفصم
أحل أمته في حرز ملته = كالليث حل مع الأشبال في أجم
كم جدلت كلمات الله من جـدلٍ = فيه وكم خصم البرهان من خصـم
كفاك بالعلم في الأُمِّيِّ معجزةً= في الجاهلية والتأديب في اليتـم


*****

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 08-19-2008, 05:12 PM   رقم المشاركة : 2

 

.

*****

" نهج البردة "

لإمير الشعراء احمد شوقي

قصيدة معارضة لقصيدة البردة للبوصيري



ريمٌ عَلـى القـاعِ بَيـنَ البـانِ وَالعَلَـمِ = أَحَلَّ سَفكَ دَمـي فـي الأَشهُـر الحُـرُمِ
رَمـى القَضـاءُ بِعَينَـي جُـؤذَرٍ أَسَـداً = يا ساكِـنَ القـاعِ أَدرِك ساكِـنَ الأَجَـمِ
لَمّـا رَنـا حَدَّثَتنـي النَـفـسُ قائِـلَـةً = يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهـمِ المُصيـبِ رُمـي
جَحَدتُهـا وَكَتَمـتُ السَهـمَ فـي كَبِـدي = جُـرحُ الأَحِبَّـةِ عِنـدي غَيـرُ ذي أَلَـمِ
رُزِقتَ أَسمَحَ ما في النـاسِ مِـن خُلُـقٍ = إِذا رُزِقتَ اِلتِمـاسَ العُـذرِ فـي الشِيَـمِ
يـا لائِمـي فـي هَـواهُ وَالهَـوى قَـدَرٌ = لَو شَفَّكَ الوَجـدُ لَـم تَعـذِل وَلَـم تَلُـم
ِلَقَـد أَنَلتُـكَ أُذنــاً غَـيـرَ واعِـيَـةٍ = وَرُبَّ مُنتَصِـتٍ وَالقَلـبُ فـي صَـمَـمِ
يا ناعِسَ الطَرفِ لا ذُقـتَ الهَـوى أَبَـداً = أَسهَرتَ مُضناكَ في حِفـظِ الهَـوى فَنَـمِ
أَفديـكَ إِلفـاً وَلا آلـو الخَيـالَ فِــدىً = أَغـراكَ باِلبُخـلِ مَـن أَغـراهُ بِالكَـرَمِ
سَـرى فَصـادَفَ جُرحـاً دامِيـاً فَأَسـا = وَرُبَّ فَضـلٍ عَلـى العُـشّـاقِ لِلحُـلُـمِ
مَـنِ المَوائِـسُ بانـاً بِالرُبـى وَقَـنـاً = اللاعِبـاتُ بِروحـي السافِحـاتُ دَمــي
السافِـراتُ كَأَمثـالِ الـبُـدورِ ضُـحـىً = يُغِرنَ شَمسَ الضُحى بِالحَلـيِ وَالعِصَـمِ
القـاتِـلاتُ بِأَجـفـانٍ بِـهـا سَـقَـمٌ = وَلِلمَنِـيَّـةِ أَسـبـابٌ مِــنَ السَـقَـمِ
العاثِـراتُ بِأَلـبـابِ الـرِجـالِ وَمــا = أُقِلنَ مِـن عَثَـراتِ الـدَلِّ فـي الرَسَـمِ
المُضرِمـاتُ خُـدوداً أَسفَـرَت وَجَـلَـت = عَـن فِتنَـةٍ تُسلِـمُ الأَكبـادَ لِلـضَـرَمِ
الحامِـلاتُ لِـواءَ الحُـسـنِ مُختَلِـفـاً = أَشكالُـهُ وَهـوَ فَـردٌ غَـيـرُ مُنقَـسِـمِ
مِـن كُـلِّ بَيضـاءَ أَو سَمـراءَ زُيِّنَتـا = لِلعَيـنِ وَالحُسـنُ فـي الآرامِ كَالعُصُـمِ
يُرَعنَ لِلبَصَـرِ السامـي وَمِـن عَجَـبٍ = إِذا أَشَـرنَ أَسَــرنَ اللَـيـثَ بِالغَـنَـمِ
وَضَعتُ خَـدّي وَقَسَّمـتُ الفُـؤادَ رُبـيً = يَرتَعـنَ فـي كُنُـسٍ مِنـهُ وَفـي أَكَـمِ
يـا بِنـتَ ذي اللَبَـدِ المُحَمّـى جانِبُـهُ = أَلقاكِ في الغـابِ أَم أَلقـاكِ فـي الأُطُـمِ
مـا كُنـتُ أَعلَـمُ حَتّـى عَـنَّ مَسكَنُـهُ = أَنَّ المُنـى وَالمَنايـا مَضـرِبُ الخِـيَـمِ
مَن أَنبَتَ الغُصنَ مِـن صَمصامَـةٍ ذَكَـر = وَأَخـرَجَ الريـمَ مِـن ضِرغامَـةٍ قَـرِمِ
بَيني وَبَينُكِ مِـن سُمـرِ القَنـا حُجُـبٌ = وَمِثلُـهـا عِـفَّـةٌ عُـذرِيَّـةُ العِـصَـمِ
لَم أَغشَ مَغناكِ إِلّا فـي غُضـونِ كِـرىً = مَغنـاكَ أَبـعَـدُ لِلمُشـتـاقِ مِــن إِرَمِ
يـا نَفـسُ دُنيـاكِ تُخفـى كُـلَّ مُبكِيَـةٍ = وَإِن بَـدا لَـكِ مِنهـا حُسـنُ مُبتَـسَـمِ
فُضّـي بِتَقـواكِ فاهـاً كُلَّمـا ضَحِكَـت = كَمـا يَفُـضُّ أَذى الرَقـشـاءِ بِالـثَـرَمِ
مَخطوبَـةٌ مُنـذُ كـانَ النـاسُ خاطِبَـةٌ = مِن أَوَّلِ الدَهـرِ لَـم تُرمِـل وَلَـم تَئَـمِ
يَفنـى الزَمـانُ وَيَبقـى مِـن إِساءَتِهـا = جُـرحٌ بِـآدَمَ يَبكـي مِنـهُ فــي الأَدَمِ
لا تَحفَـلـي بِجَنـاهـا أَو جِنايَـتِـهـا = المَوتُ بِالزَهـرِ مِثـلُ المَـوتِ بِالفَحَـمِ
كَـم نائِـمٍ لا يَراهـا وَهـيَ سـاهِـرَةٌ = لَـولا الأَمانِـيُّ وَالأَحـلامُ لَــم يَـنَـمِ
طَـوراً تَمُـدُّكَ فـي نُعمـى وَعافِـيَـةٍ = وَتـارَةً فـي قَـرارِ البُـؤسِ وَالوَصَـمِ
كَـم ضَلَّلَتـكَ وَمَـن تُحجَـب بَصيرَتُـهُ = إِن يَلـقَ صابـا يَـرِد أَو عَلقَمـاً يَسُـمُ
يـا وَيلَتـاهُ لِنَفسـي راعَـهـا وَدَهــا = مُسوَدَّةُ الصُحـفِ فـي مُبيَضَّـةِ اللَمَـمِ
رَكَضتُها فـي مَريـعِ المَعصِيـاتِ وَمـا = أَخَـذتُ مِـن حِميَـةِ الطاعـاتِ لِلتُخَـمِ
هامَـت عَلـى أَثَـرِ اللَـذّاتِ تَطلُبُـهـا = وَالنَفسُ إِن يَدعُها داعـي الصِبـا تَهِـمِ
صَـلاحُ أَمــرِكَ لِـلأَخـلاقِ مَرجِـعُـهُ = فَقَـوِّمِ النَـفـسَ بِـالأَخـلاقِ تَستَـقِـمِ
وَالنَفسُ مِن خَيرِهـا فـي خَيـرِ عافِيَـةٍ = وَالنَفسُ مِن شَرِّهـا فـي مَرتَـعٍ وَخِـمِ
تَطغـى إِذا مُكِّنَـت مِـن لَـذَّةٍ وَهَــوىً = طَغيَ الجِيـادِ إِذا عَضَّـت عَلـى الشُكُـمِ
إِن جَلَّ ذَنبي عَـنِ الغُفـرانِ لـي أَمَـلٌ = في اللَـهِ يَجعَلُنـي فـي خَيـرِ مُعتَصِـمِ
أَلقـى رَجائـي إِذا عَـزَّ المُجيـرُ عَلـى = مُفَـرِّجِ الكَـرَبِ فـي الدارَيـنِ وَالغَمَـمِ
إِذا خَفَضـتُ جَـنـاحَ الــذُلِّ أَسـأَلُـهُ = عِزَّ الشَفاعَـةِ لَـم أَسـأَل سِـوى أُمَـمِ
وَإِن تَـقَـدَّمَ ذو تَـقـوى بِصـالِـحَـةٍ = قَدَّمـتُ بَيـنَ يَـدَيـهِ عَـبـرَةَ الـنَـدَمِ
لَزِمـتُ بـابَ أَميـرِ الأَنبِيـاءِ وَمَــن = يُمسِـك بِمِفتـاحِ بـابِ اللَـهِ يَغتَـنِـمِ
فَكُـلُّ فَـضـلٍ وَإِحـسـانٍ وَعـارِفَـةٍ = مـا بَيـنَ مُستَـلِـمٍ مِـنـهُ وَمُلـتَـزِمِ
عَلَّقـتُ مِـن مَدحِـهِ حَبـلاً أُعَـزُّ بِـهِ = فـي يَـومِ لا عِـزَّ بِالأَنسـابِ وَاللُحَـمِ
يُزري قَريضـي زُهَيـراً حيـنَ أَمدَحُـهُ = وَلا يُقـاسُ إِلـى جـودي لَـدى هَــرِمِ
مُحَمَّـدٌ صَـفـوَةُ الـبـاري وَرَحمَـتُـهُ = وَبُغيَـةُ اللَـهِ مِـن خَلـقٍ وَمِـن نَسَـمِ
وَصاحِبُ الحَوضِ يَـومَ الرُسـلِ سائِلَـةٌ = مَتى الـوُرودُ وَجِبريـلُ الأَميـنُ ظَمـي
سَنـاؤُهُ وَسَـنـاهُ الشَـمـسُ طالِـعَـةً = فَالجِرمُ فـي فَلَـكٍ وَالضَـوءُ فـي عَلَـمِ
قَـد أَخطَـأَ النَجـمَ مـا نالَـت أُبُوَّتُـهُ = مِـن سُـؤدُدٍ بـاذِخٍ فـي مَظهَـرٍ سَنِـمِ
نُموا إِلَيهِ فَـزادوا فـي الـوَرى شَرَفـاً = وَرُبَّ أَصـلٍ لِفَـرعٍ فـي الفَخـارِ نُمـي
حَـواهُ فـي سُبُحـاتِ الطُهـرِ قَبلَـهُـمُ = نـورانِ قامـا مَقـامَ الصُلـبِ وَالرَحِـمِ
لَـمّـا رَآهُ بَحـيـرا قــالَ نَـعـرِفُـهُ = بِمـا حَفِظنـا مِـنَ الأَسمـاءِ وَالسِيَـمِ
سائِل حِراءَ وَروحَ القُـدسِ هَـل عَلِمـا = مَصـونَ سِـرٍّ عَــنِ الإِدراكِ مُنكَـتِـمِ
كَـم جيئَـةٍ وَذَهـابٍ شُـرِّفَـت بِهِـمـا = بَطحـاءُ مَكَّـةَ فـي الإِصبـاحِ وَالغَسَـمِ
وَوَحشَـةٍ لِاِبـنِ عَبـدِ اللَـهِ بينَهُـمـا = أَشهى مِنَ الأُنـسِ بِالأَحسـابِ وَالحَشَـمِ
يُسامِـرُ الوَحـيَ فيهـا قَبـلَ مَهبِـطِـهِ = وَمَـن يُبَشِّـر بِسيمـى الخَيـرِ يَتَّـسِـمِ
لَمّا دَعا الصَحبُ يَستَسقـونَ مِـن ظَمَـإٍ = فاضَـت يَـداهُ مِـنَ التَسنيـمِ بِالسَنَـمِ
وَظَلَّلَـتـهُ فَـصـارَت تَستَـظِـلُّ بِــهِ = غَمـامَـةٌ جَذَبَتـهـا خـيـرَةُ الـدِيَـمِ
مَحَـبَّـةٌ لِـرَسـولِ الـلَـهِ أُشرِبَـهـا = قَعائِـدُ الدَيـرِ وَالرُهبـانُ فـي القِـمَـمِ
إِنَّ الشَمائِـلَ إِن رَقَّـت يَـكـادُ بِـهـا = يُغـرى المـادُ وَيُغـرى كُـلُّ ذي نَسَـمِ
وَنـودِيَ اِقـرَأ تَعالـى اللَـهُ قائِلُـهـا = لَم تَتَّصِـل قَبـلَ مَـن قيلَـت لَـهُ بِفَـمِ
هُـنـاكَ أَذَّنَ لِلـرَحَـمَـنِ فَـاِمـتَـلَأَت = أَسمـاعُ مَكَّـةَ مِـن قُدسِـيَّـةِ النَـغَـمِ
فَلا تَسَل عَـن قُرَيـشٍ كَيـفَ حَيرَتُهـا = وَكَيـفَ نُفرَتُهـا فـي السَهـلِ وَالعَلَـمِ
تَساءَلوا عَـن عَظيـمٍ قَـد أَلَـمَّ بِـهِـم = رَمـى المَشايِـخَ وَالـوِلـدانِ بِاللَـمَـمِ
ياجاهِليـنَ عَلـى الـهـادي وَدَعـوَتِـهِ = هَـل تَجهَلـونَ مَكـانَ الصـادِقِ العَلَـمِ
لَقَّبتُمـوهُ أَميـنَ القَـومِ فـي صِـغَـرٍ = وَمـا الأَميـنُ عَلـى قَــولٍ بِمُتَّـهَـمِ
فـاقَ البُـدورَ وَفـاقَ الأَنبِيـاءَ فَـكَـم = بِالخُلقِ وَالخَلقِ مِن حُسنٍ وَمِـن عِظَـمِ
جـاءَ النبِيّـونَ بِالآيـاتِ فَاِنصَـرَمَـت = وَجِئتَـنـا بِحَكـيـمٍ غَـيـرِ مُنـصَـرِمِ
آياتُـهُ كُلَّمـا طــالَ الـمَـدى جُــدُدٌ = يَزينُـهُـنَّ جَــلالُ العِـتـقِ وَالـقِـدَمِ
يَكـادُ فـي لَفـظَـةٍ مِـنـهُ مُشَـرَّفَـةٍ = يوصيـكَ بِالحَـقِّ وَالتَقـوى وَبِالرَحِـمِ
يــا أَفـصَـحَ الناطِقـيـنَ الـضــادَ قاطِبَةً = حَديثُكَ الشَهدُ عِندَ الذائِـقِ الفَهِـمِ
حَلَّيـتَ مِـن عَطَـلٍ جيـدَ البَيـانِ بِـهِ = فـي كُـلِّ مُنتَثِـرٍ فـي حُسـنِ مُنتَظِـمِ
بِكُـلِّ قَــولٍ كَـريـمٍ أَنــتَ قائِـلُـهُ = تُحـيِ القُلـوبَ وَتُحـيِ مَيِّـتَ الهِمَـمِ
سَـرَت بَشائِـرُ باِلـهـادي وَمَـولِـدِهِ = في الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ في الظُلَمِ
تَخَطَّفَـت مُهَـجَ الطاغيـنَ مِـن عَـرَبٍ = وَطَيَّـرَت أَنفُـسَ الباغيـنَ مِـن عُجُـمِ
ريعَت لَها شَـرَفُ الإيـوانِ فَاِنصَدَعَـت = مِن صَدمَةِ الحَقِّ لا مِـن صَدمَـةِ القُـدُمِ
أَتَيـتَ وَالنـاسُ فَوضـى لا تَمُـرُّ بِهِـم = إِلّا عَلـى صَنَـمٍ قَـد هـامَ فـي صَنَـمِ
وَالأَرضُ مَملـوءَةٌ جَــوراً مُسَـخَّـرَةٌ = لِكُـلِّ طاغِيَـةٍ فـي الخَـلـقِ مُحتَـكِـمِ
مُسَيطِرُ الفُـرسِ يَبغـي فــي رَعِيَّـتِـهِ = وَقَيصَرُ الـرومِ مِـن كِبـرٍ أَصَـمُّ عَــمِ
يُعَذِّبـانِ عِبـادَ الـلَـهِ فــي شُـبَـهٍ = وَيَذبَحـانِ كَـمـا ضَحَّـيـتَ بِالغَـنَـمِ
وَالخَلـقُ يَفتِـكُ أَقـواهُـم بِأَضعَفِـهِـم = كَاللَيـثِ بِالبَهـمِ أَو كَالحـوتِ بِالبَـلَـمِ
أَسـرى بِـكَ اللَـهُ لَـيـلاً إِذ مَلائِـكُـهُ = وَالرُسلُ في المَسجِدِ الأَقصى عَلـى قَـدَمِ
لَمّـا خَطَـرتَ بِـهِ اِلتَفّـوا بِسَيِّـدِهِـم = كَالشُهـبِ بِالبَـدرِ أَو كَالجُنـدِ بِالعَـلَـمِ
صَلّـى وَراءَكَ مِنهُـم كُـلُّ ذي خَـطَـرٍ = وَمَـن يَفُـز بِحَبيـبِ الـلَـهِ يَأتَـمِـمِ
جُبتَ السَمـاواتِ أَو مـا فَوقَهُـنَّ بِهِـم = عَـلـى مُـنَـوَّرَةٍ دُرِّيَّـــةِ الـلُـجُـمِ
رَكوبَـةً لَـكَ مِـن عِـزٍّ وَمِـن شَـرَفٍ = لا في الجِيـادِ وَلا فـي الأَينُـقِ الرُسُـمِ


(يتبع)

*****

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 08-19-2008, 05:16 PM   رقم المشاركة : 3

 

.

*****


مَشيئَةُ الخالِـقِ البـاري وَصَنعَتُـهُ = وَقُدرَةُ اللَـهِ فَـوقَ الشَـكِّ وَالتُهَـمِ
حَتّى بَلَغـتَ سَمـاءً لا يُطـارُ لَهـا =عَلى جَناحٍ وَلا يُسعـى عَلـى قَـدَمِ
وَقيـلَ كُـلُّ نَبِـيٍّ عِنـدَ رُتبَـتِـهِ = وَيا مُحَمَّـدُ هَـذا العَـرشُ فَاِستَلِـمِ
خَطَطتَ لِلديـنِ وَالدُنيـا عُلومَهُمـا = يا قارِئَ اللَوحِ بَل يا لامِـسَ القَلَـمِ
أَحَطتَ بَينَهُمـا بِالسِـرِّ وَاِنكَشَفَـت = لَكَ الخَزائِنُ مِن عِلـمٍ وَمِـن حِكَـمِ
وَضاعَفَ القُربُ ما قُلِّدتَ مِـن مِنَـنٍ = بِلا عِدادٍ وَمـا طُوِّقـتَ مِـن نِعَـمِ
سَل عُصبَةَ الشِركِ حَولَ الغارِ سائِمَةً = لَولا مُطـارَدَةُ المُختـارِ لَـم تُسَـمَ
هَل أَبصَروا الأَثَرَ الوَضّاءَ أَم سَمِعوا = هَمسَ التَسابيحِ وَالقُرآنِ مِـن أُمَـمِ
وَهَل تَمَثَّلَ نَسـجُ العَنكَبـوتِ لَهُـم = كَالغابِ وَالحائِماتُ وَالزُغبُ كَالرُخَـمِ
فَأَدبَـروا وَوُجـوهُ الأَرضِ تَلعَنُهُـم = كَباطِلٍ مِـن جَـلالِ الحَـقِّ مُنهَـزِمِ
لَولا يَدُ اللَهِ بِالجارَيـنَ مـا سَلِمـا = وَعَينُهُ حَولَ رُكنِ الديـنِ لَـم يَقُـمِ
تَوارَيـا بِجَنـاحِ اللَـهِ وَاِستَـتَـرا = وَمَن يَضُـمُّ جَنـاحُ اللَـهِ لا يُضَـمِ
يا أَحمَدَ الخَيرِ لـي جـاهٌ بِتَسمِيَتـي = وَكَيفَ لا يَتَسامى بِالرَسـولِ سَمـي
المادِحـونَ وَأَربـابُ الهَـوى تَبَـعٌ = لِصاحِبِ البُردَةِ الفَيحـاءِ ذي القَـدَمِ
مَديحُهُ فيكَ حُـبٌّ خالِـصٌ وَهَـوىً = وَصادِقُ الحُبِّ يُملي صـادِقَ الكَلَـمِ
اللَـهُ يَشهَـدُ أَنّـي لا أُعـارِضُـهُ = من ذا يُعارِضُ صَوبَ العارِضِ العَرِمِ
وَإِنَّما أَنا بَعـضُ الغابِطيـنَ وَمَـن = يَغبِـط وَلِيَّـكَ لا يُذمَـم وَلا يُـلَـمِ
هَذا مَقـامٌ مِـنَ الرَحمَـنِ مُقتَبَـسٌ = تَرمـي مَهابَتُـهُ سَحبـانَ بِالبَـكَـمِ
البَدرُ دونَكَ في حُسنٍ وَفـي شَـرَفٍ = وَالبَحرُ دونَكَ في خَيـرٍ وَفـي كَـرَمِ
شُمُّ الجِبالِ إِذا طاوَلتَهـا اِنخَفَضَـت = وَالأَنجُمُ الزُهرُ مـا واسَمتَهـا تَسِـمِ
وَاللَيثُ دونَـكَ بَأسـاً عِنـدَ وَثبَتِـهِ = إِذا مَشَيتَ إِلى شاكي السِلاحِ كَمـي
تَهفـو إِلَيـكَ وَإِن أَدمَيـتَ حَبَّتَهـا = في الحَربِ أَفئِـدَةُ الأَبطـالِ وَالبُهَـمِ
مَحَبَّـةُ اللَـهِ أَلقـاهـا وَهَيبَـتُـهُ = عَلى اِبنِ آمِنَةٍ فـي كُـلِّ مُصطَـدَمِ
كَأَنَّ وَجهَكَ تَحتَ النَقعِ بَـدرُ دُجـىً = يُضـيءُ مُلتَثِمـاً أَو غَيـرَ مُلتَـثِـمِ
بَـدرٌ تَطَلَّـعَ فـي بَــدرٍ فَغُـرَّتُـهُ = كَغُرَّةِ النَصرِ تَجلـو داجِـيَ الظُلَـمِ
ذُكِرتَ بِاليُتمِ فـي القُـرآنِ تَكرِمَـةً = وَقيمَةُ اللُؤلُؤِ المَكنـونِ فـي اليُتُـمِ
اللَـهُ قَسَّـمَ بَيـنَ النـاسِ رِزقَهُـمُ = وَأَنتَ خُيِّرتَ فـي الأَرزاقِ وَالقِسَـمِ
إِن قُلتَ في الأَمرِ لا أَو قُلتَ فيهِ نَعَم = فَخيرَةُ اللَـهِ فـي لا مِنـكَ أَو نَعَـمِ
أَخوكَ عيسى دَعا مَيتـاً فَقـامَ لَـهُ = وَأَنتَ أَحيَيـتَ أَجيـالاً مِـنَ الزِمَـمِ
وَالجَهلُ مَوتٌ فَإِن أوتيـتَ مُعجِـزَةً = فَاِبعَث مِنَ الجَهلِ أَو فَاِبعَث مِنَ الرَجَمِ
قالوا غَزَوتَ وَرُسلُ اللَهِ مـا بُعِثـوا = لِقَتـلِ نَفـسٍ وَلا جـاؤوا لِسَفـكِ دَمِ
جَهلٌ وَتَضليـلُ أَحـلامٍ وَسَفسَطَـةٌ = فَتَحتَ بِالسَيفِ بَعـدَ الفَتـحِ بِالقَلَـمِ
لَمّا أَتى لَكَ عَفـواً كُـلُّ ذي حَسَـبٍ = تَكَفَّـلَ السَيـفُ بِالجُهّـالِ وَالعَمَـم
ِوَالشَرُّ إِن تَلقَهُ بِالخَيرِ ضِقـتَ بِـهِ = ذَرعـاً وَإِن تَلقَـهُ بِالشَـرِّ يَنحَسِـمِ
سَلِ المَسيحِيَّةَ الغَـرّاءَ كَـم شَرِبَـت = بِالصابِ مِن شَهَواتِ الظالِـمِ الغَلِـمِ
طَريدَةُ الشِـركِ يُؤذيهـا وَيوسِعُهـا = في كُلِّ حينٍ قِتـالاً ساطِـعَ الحَـدَمِ
لَولا حُمـاةٌ لَهـا هَبّـوا لِنُصرَتِهـا = بِالسَيفِ ما اِنتَفَعَت بِالرِفقِ وَالرُحَـمِ
لَولا مَكـانٌ لِعيسـى عِنـدَ مُرسِلِـهِ = وَحُرمَةٌ وَجَبَت لِلـروحِ فـي القِـدَمِ
لَسُمِّرَ البَدَنُ الطُهرُ الشَريـفُ عَلـى = لَوحَينِ لَم يَخشَ مُؤذيهِ وَلَـم يَجِـمِ
جَلَّ المَسيحُ وَذاقَ الصَلـبَ شانِئُـهُ = إِنَّ العِقـابَ بِقَـدرِ الذَنـبِ وَالجُـرُمِ
أَخو النَبِيِّ وَروحُ اللَـهِ فـي نُـزُلٍ = فَوقَ السَماءِ وَدونَ العَرشِ مُحتَـرَمِ
عَلَّمتَهُم كُـلَّ شَـيءٍ يَجهَلـونَ بِـهِ = حَتّى القِتالَ وَمـا فيـهِ مِـنَ الذِمَـمِ
دَعَوتَهُـم لِجِهـادٍ فيـهِ سُـؤدُدُهُـم = وَالحَربُ أُسُّ نِظامِ الكَـونِ وَالأُمَـمِ
لَولاهُ لَم نَـرَ لِلـدَولاتِ فـي زَمَـنٍ = ما طالَ مِن عُمُدٍ أَو قَـرَّ مِـن دُهُـمِ
تِلـكَ الشَواهِـدُ تَتـرى كُـلَّ آوِنَـةٍ = في الأَعصُرِ الغُرِّ لا في الأَعصُرِ الدُهُمِ
بِالأَمسِ مالَت عُروشٌ وَاِعتَلَت سُرُرٌ = لَولا القَذائِفُ لَم تَثلَـم وَلَـم تَصُـمِ
أَشياعُ عيسى أَعَـدّوا كُـلَّ قاصِمَـةٍ = وَلَم نُعِـدُّ سِـوى حـالاتِ مُنقَصِـمِ
مَهما دُعيتَ إِلى الهَيجاءِ قُمتَ لَهـا = تَرمي بِأُسدٍ وَيَرمـي اللَـهُ بِالرُجُـمِ
عَلـى لِوائِـكَ مِنهُـم كُـلُّ مُنتَقِـمٍ = لِلَّـهِ مُستَقتِـلٍ فـي اللَـهِ مُعتَـزِمِ
مُسَبِّـحٍ لِلِقـاءِ الـلَـهِ مُضـطَـرِمٍ = شَوقاً عَلى سابِخٍ كَالبَـرقِ مُضطَـرِمِ
لَوصادَفَ الدَهرَ يَبغي نَقلَـةً فَرَمـى = بِعَزمِهِ في رِحـالِ الدَهـرِ لَـم يَـرِمِ
بيضٌ مَفاليلُ مِن فِعلِ الحُروبِ بِهِـم = مِن أَسيُفِ اللَـهِ لا الهِندِيَّـةُ الخُـذُمُ
كَم في التُرابِ إِذا فَتَّشتَ عَـن رَجُـلٍ = مَن ماتَ بِالعَهدِ أَو مَن ماتَ بِالقَسَـمِ
لَولا مَواهِبُ في بَعضِ الأَنـامِ لَمـا = تَفاوَتَ الناسُ فـي الأَقـدارِ وَالقِيَـمِ
شَريعَةٌ لَـكَ فَجَّـرتَ العُقـولَ بِهـا = عَن زاخِرٍ بِصُنـوفِ العِلـمِ مُلتَطِـمِ
يَلوحُ حَولَ سَنا التَوحيـدِ جَوهَرُهـا = كَالحَليِ لِلسَيفِ أَو كَالوَشـيِ لِلعَلَـمِ
غَرّاءُ حامَت عَلَيهـا أَنفُـسٌ وَنُهـىً = وَمَن يَجِد سَلسَلاً مِن حِكمَـةٍ يَحُـمِ
نورُ السَبيلِ يُساسُ العالِمـونَ بِهـا = تَكَفَّلَـت بِشَبـابِ الدَهـرِ وَالـهَـرَمِ
يَجري الزَمانُ وَأَحكامُ الزَمانِ عَلـى = حُكمٍ لَها نافِذٍ فـي الخَلـقِ مُرتَسِـمِ
لَمّا اِعتَلَت دَولَةُ الإِسـلامِ وَاِتَّسَعَـت = مَشَت مَمالِكُـهُ فـي نورِهـا التَمَـمِ
وَعَلَّمَـت أُمَّـةً بِالقَـفـرِ نـازِلَـةً = رَعيَ القَياصِرِ بَعـدَ الشـاءِ وَالنَعَـمِ
كَم شَيَّدَ المُصلِحونَ العامِلـونَ بِهـا = في الشَرقِ وَالغَربِ مُلكاً باذِخَ العِظَمِ
لِلعِلمِ وَالعَدلِ وَالتَمدينِ مـا عَزَمـوا = مِنَ الأُمورِ وَما شَـدّوا مِـنَ الحُـزُمِ
سُرعانَ ما فَتَحـوا الدُنيـا لِمِلَّتِهِـم = وَأَنهَلوا الناسَ مِن سَلسالِها الشَبِـمِ
ساروا عَلَيها هُداةَ الناسِ فَهيَ بِهِـم = إِلى الفَلاحِ طَريـقٌ واضِـحُ العَظَـمِ
لا يَهدِمُ الدَهرُ رُكنـاً شـادَ عَدلَهُـمُ = وَحائِطُ البَغـيِ إِن تَلمَسـهُ يَنهَـدِمِ
نالوا السَعادَةَ في الدارَينِ وَاِجتَمَعـوا = عَلى عَميمٍ مِـنَ الرُضـوانِ مُقتَسَـمِ
دَع عَنكَ روما وَآثينـا وَمـا حَوَتـا = كُلُّ اليَواقيـتِ فـي بَغـدادَ وَالتُـوَمِ
وَخَـلِّ كِسـرى وَإيوانـاً يَـدِلُّ بِـهِ = هَوىً عَلـى أَثَـرِ النيـرانِ وَالأَيُـمِ
وَاِترُك رَعمَسيسَ إِنَّ المُلكَ مَظهَـرُهُ = في نَهضَةِ العَدلِ لا في نَهضَةِ الهَرَمِ
دارُ الشَرائِـعِ رومـا كُلَّمـا ذُكِـرَت = دارُ السَلامِ لَهـا أَلقَـت يَـدَ السَلَـمِ
ما ضارَعَتهـا بَيانـاً عِنـدَ مُلتَـأَمٍ = وَلا حَكَتها قَضـاءً عِنـدَ مُختَصَـمِ
وَلا اِحتَوَت في طِرازٍ مِن قَياصِرِهـا = عَلـى رَشيـدٍ وَمَأمـونٍ وَمُعتَصِـمِ
مَـنِ الَّذيـنَ إِذا سـارَت كَتائِبُهُـم = تَصَرَّفـوا بِحُـدودِ الأَرضِ وَالتُخَـمِ
وَيَجلِسـونَ إِلـى عِلـمٍ وَمَعـرِفَـةٍ = فَـلا يُدانَـونَ فـي عَقـلٍ وَلا فَهَـمِ
يُطَأطِئُ العُلَمـاءُ الهـامَ إِن نَبَسـوا = مِن هَيبَةِ العِلمِ لا مِن هَيبَةِ الحُكُـمِ
وَيُمطِرونَ فَما بِالأَرضِ مِـن مَحَـلٍ = وَلا بِمَن باتَ فَوقَ الأَرضِ مِن عُـدُمِ
خَلائِفُ اللَـهِ جَلّـوا عَـن مُوازَنَـةٍ = فَلا تَقيسَـنَّ أَمـلاكَ الـوَرى بِهِـمِ
مَن في البَرِيَّـةِ كَالفـاروقِ مَعدَلَـةً = وَكَاِبنِ عَبدِ العَزيزِ الخاشِـعِ الحَشِـمِ
وَكَالإِمـامِ إِذا مـا فَـضَّ مُزدَحِمـاً = بِمَدمَعٍ فـي مَآقـي القَـومِ مُزدَحِـمِ
الزاخِرُ العَذبُ فـي عِلـمٍ وَفـي أَدَبٍ = وَالناصِرُ النَدبِ في حَربٍ وَفي سَلَـمِ
أَو كَاِبنِ عَفّانَ وَالقُـرآنُ فـي يَـدِهِ = يَحنو عَلَيهِ كَما تَحنـو عَلـى الفُطُـمِ
وَيَجمَـعُ الآيَ تَرتيبـاً وَيَنظُمُـهـا = عِقداً بِجيدِ اللَيالـي غَيـرَ مُنفَصِـمِ
جُرحانِ في كَبِدِ الإِسلامِ مـا اِلتَأَمـا = جُرحُ الشَهيدِ وَجُرحٌ بِالكِتـابِ دَمـي
وَمـا بَـلاءُ أَبـي بَكـرٍ بِمُتَّـهَـمٍ = بَعدَ الجَلائِلِ فـي الأَفعـالِ وَالخِـدَمِ
بِالحَزمِ وَالعَزمِ حاطَ الدينَ في مِحَـنٍ = أَضَلَّتِ الحُلـمَ مِـن كَهـلٍ وَمُحتَلِـمِ
وَحِدنَ بِالراشِدِ الفاروقِ عَـن رُشـدٍ = في المَوتِ وَهوَ يَقينٌ غَيـرُ مُنبَهِـمِ
يُجـادِلُ القَـومَ مُسـتَـلّاً مُهَـنَّـدَهُ = في أَعظَمِ الرُسلِ قَدراً كَيفَ لَـم يَـدُمِ
لا تَعذُلـوهُ إِذا طـافَ الذُهـولُ بِـهِ = ماتَ الحَبيبُ فَضَلَّ الصَبُّ عَن رَغَـمِ
يا رَبِّ صَلِّ وَسَلِّم مـا أَرَدتَ عَلـى = نَزيلِ عَرشِكَ خَيـرِ الرُسـلِ كُلِّهِـمِ
مُحـيِ اللَيالـي صَـلاةً لا يُقَطِّعُهـا = إِلا بِدَمـعٍ مِـنَ الإِشفـاقِ مُنسَجِـمِ
مُسَبِّحاً لَـكَ جُنـحَ اللَيـلِ مُحتَمِـلاً = ضُرّاً مِنَ السُهدِ أَو ضُرّاً مِنَ الـوَرَمِ
رَضِيَّـةٌ نَفسُـهُ لا تَشتَكـي سَأَمـاً = وَما مَعَ الحُبِّ إِن أَخلَصتَ مِن سَـأَمِ
وَصَـلِّ رَبّـي عَلـى آلٍ لَـهُ نُخَـبٍ = جَعَلتَ فيهِم لِـواءَ البَيـتِ وَالحَـرَمِ
بيضُ الوُجوهِ وَوَجهُ الدَهرِ ذو حَلَـكٍ = شُمُّ الأُنوفِ وَأَنفُ الحادِثـاتِ حَمـى
وَأَهـدِ خَيـرَ صَـلاةٍ مِنـكَ أَربَعَـةً = في الصَحبِ صُحبَتُهُم مَرعِيَّةُ الحُـرَمِ
الراكِبيـنَ إِذا نـادى النَبِـيُّ بِـهِـم = ماهالَ مِن جَلَلٍ وَاِشتَـدَّ مِـن عَمَـم
الصابِرينَ وَنَفـسُ الأَرضِ واجِفَـةٌ = الضاحِكينَ إِلـى الأَخطـارِ وَالقُحَـمِ
يارَبِّ هَبَّـت شُعـوبٌ مِـن مَنِيَّتِهـا = وَاِستَيقَظَت أُمَمٌ مِـن رَقـدَةِ العَـدَمِ
سَعدٌ وَنَحـسٌ وَمُلـكٌ أَنـتَ مالِكُـهُ = تُديلُ مِـن نِعَـمٍ فيـهِ وَمِـن نِقَـمِ
رَأى قَضـاؤُكَ فينـا رَأيَ حِكمَـتِـهِ = أَكرِم بِوَجهِكَ مِـن قـاضٍ وَمُنتَقِـمِ
فَاِلطُف لِأَجلِ رَسولِ العالَميـنَ بِنـا = وَلا تَـزِد قَومَـهُ خَسفـاً وَلا تُسِـمِ
يا رَبِّ أَحسَنتَ بَدءَ المُسلِميـنَ بِـهِ = فَتَمِّمِ الفَضلَ وَاِمنَح حُسـنَ مُختَتَـمِ


*****

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:28 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir