نعتهم الساحات بالأمس وستنعينا بالغد

نعتهم الساحات بالأمس وستنعينا بالغد

أخواني وأخواتي أعضاء الساحات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بدون مقدمات أردت تذكيركم بزيارة ساحة الأحزان ( ساحة المواساة والعزاء ) بساحات وادي العلي
فبينما أنا أتصفح وأقلب صفحات هذه الساحة وجدت أنها قد نعت عدداً ليس بالقليل مقارنة بعمر الساحات القصير منذ تأسيسها وهم :

الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
الشيخ محمد بن جماح رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
الشيخ حسن ايوب رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
علي بن حجلة رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
علي بن مسفرأبو علامه رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
د. أحمد علي التابعي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
عبد الله بن محمد العبادي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
أحمد محمد التهامي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
عطيه صالح مسفر آل عباده رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
أحمد حمدان قباء رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
رياض بن نايف عبدالغني رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
عبد الله بن علي ابو علامه رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
عبدالله بن وافيه رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
محمد قرماد رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
سعيد بن دماس رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
علي بن متعب رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
سعود عبدالله غنام رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
صالح السياري رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
سالم شنقور رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
صالح المنتوف رحمه الله وأسكنه فسيح جناته

ومن النساء

والدة يحيى بن حسن صوهد رحمها الله وأسكنها فسيح جناته
والدة العميد علي بن حبيب رحمها الله وأسكنها فسيح جناته
زوجة الأخ صالح العقيشي رحمها الله وأسكنها فسيح جناته
زوجة الأخ سعيد بن صالح العجمة رحمها الله وأسكنها فسيح جناته
والدة الأخ محمد عجير البدوي رحمها الله وأسكنها فسيح جناته
زوجة سعيد السندف رحمها الله وأسكنها فسيح جناته
والدة الأخ عبد الله الزبير رحمها الله وأسكنها فسيح جناته
والدة جميل أبو عزه رحمها الله وأسكنها فسيح جناته

هؤلاء جميعاً جاءتهم سكرات الموت بالحق والموت حق لا مناص عنه كما سماه الله في القرآن بالحق فقال سبحانه :

[ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ]

وقال تعالى: {كل نفس ذائقة الموت..} الآية

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة)

وقال في حديث آخر: (أكثروا من ذكر هادم اللذات)، وقال أيضا: (كفى بالموت واعظا)

حتى أن البعض إذا غفل عن الآخرة وعن الموت نزل في حفرة كالقبر وقرأ قوله تعالى:

{حتى إذا جاء أحدهم الموت قال ربي ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت}

والموت حدث عظيم, يفضي بالعبد إلى أول منازل الآخرة, ومن مات قامت قيامته, وما له من سبيل للعودة إلى هذه الدار

وتمعنوا في الأبيات التالية :-

لدوا للموت وابنوا للخراب = فكلكم يصير إلى ذهاب
لمن نبني ونحن إلى تراب = نصير كما خلقنا من تراب
ألا يا موت لم نر منك بداً = أتيت فما تحيف ولا تحابي
كأنك قد هجمت على المشيب = كما هجم المشيب على الشباب
تقلدتُ العِظامً من الخطايا = كأنك قد أمِنت من العقاب
ستسأل عن أمورٍ كنت فيها = فما عذرٌ هناك وما جواب ؟
بأية حجةٍ تحتج نفسك = إذا دُعِيَت إلى طول الحساب
هما أمران يوضح لك مقامك = هنالك حين تنظر في الكتاب
فإما أن تُخلًّد في نعيمٍ = وإما أن تُخلًّد في عذاب

فأكثروا من ذكرهادم اللذات (الموت) وأحسنوا الاستعداد له قبل نزوله ، وقبل أن تفاجئكم المنية وخذوا من مصارع هؤلاء ومن ذويكم ومن حولكم أبلغ العظات، ولرب شخص استبعد الأجل نزل به الموت فأخذه فجأة من مأمنه ، وكم رأيتم ممن يؤملون بعيدا فأخذوا على غرة ، وأزعجوا بعد الطمأنينة، فأصبحوا يسكنون القبور.

أنساك محياك المماتا = فطلبت في الأرض الثباتا
أوثقت بالدنيا وأن = ت ترى جماعتها شتاتا
إن الإله يميت من أحيا = ويحيي من أماتا
يا من رأى أبويه في = من قد رأى كانا فماتا
هل فيهما لك عبرةٌ = أم خِلتَ أن لكَ انفلاتا
ومن الذي طلب التفلت = من منيته ففاتا
كل تصبحه المنية = أو تبيتة بياتا

وهؤلاء الأموات رهن لأعمالهم لا يستطيعون في حسناتهم يزيدون، ولا من سيئاتهم ينقصون ، وفارقوا مراقدهم وأهليهم وجيرانهم وأحباؤهم :

فأرقت موضع مرقدي يوما ففارقني السكون = القبر أول ليلة بالله قلي ما يكون

دفنوهم أهلوهم وأعز الناس لهم وحثوا على قبورهم التراب :

يقولون لا تبعد وهم يدفنونني = وأين مكان البعد إلا مكانيا

ولنكن من الناس الذين علموا بالقبر وانتقالهم إليه فأحسنوا العمل ، وهم لذلك متهيئون دائما يترقبون الموت كل طرفة عين يريدون الله والدار الآخرة

فكم من صحيح بات للموت آمنا = أتته المنايا رقدة بعدما هجع
فلم يستطع إذ جاءه الموت بغتةً = فراراً ولا منه بحيلته انتفع
فأصبح تبكيه النساء مكفّناً = ولا يسمع الداعي إذا صوته ارتفع
وقُرّب من لحدٍ فصار مقيله = وفارق ما قد كان بالأمس قد جمع

( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) .

فاعمل لدار غدا رضوان خازنها = الجار أحمد والرحمن بانيها
قصورها ذهب والمسك طينتها = والزعفران حشيش نابت فيها

جعلني الله وإياكم وموتانا وموتاكم وجميع المؤمنين ممن يخلَّد في جنات النعيم إنه على ذلك قدير وإني والله لأتمثل قول الشاعر :

وإني لممن يعرف الموت والبلى = ويعجبه ريح الحياة وطيبها
كأني برهطي يحملون جنازتي = إلى حفرةٍ يحثى علي كثيبها
وداعيةٍ حرى تنادي وإنني = لفي غفلةٍ عن صوتها لا أجيبها
أيا هادم اللذات ما منك مهربٌ = تحاذر منك النفس ما سيصيبها
رأيت المنايا قسمت بين أنفسٍ = ونفسي سيأتي بعدهن نصيبها

فوصيتي لكم التفكر في الموت حيث نعيش الآن في هذه الدار بصحة وعافية وهي دارٍ ليست للبقاء أيّامُها مراحل، وساعاتها قلائل، والمرءُ عنها راحِل. شبابُها هرَم، وراحتُها سَقَم، ولذّاتُها نَدَم .
نعيش في أمن وأمان ثم يؤول الأمر إلى مفارقة الخلان بحلول الأجل ومجيء الموت ، والموت مدرك كل عبد لا محالة وملاقية بلا ريب

يقول الله تعالى: (أينما تكون يدرككم الموت),

ويقول: (قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم)

والموت له أجل محدود وأمد معدود فإذا جاء الأجل فلا تقديم له ,ولا تأخير

(فإذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون )

ولا ندرك متى سننتقل منها ونفارقها ولا ندرك متى يطرق ملك الموت أبوابنا وينتزع أرواحنا .

الموت في كلِ حينٍ ينشُرُ الكَفَنَا = ونحنُ في غفلةٍ عما يُرادُ بنا
لا تَطْمِئِنَّ إلى الدُنيا وَبَهْجَتِها = وإنْ تَوَشَّحْتَ مِن أّثْوابِهَا الحَسَنَا
أَيْنَ الأحِبَّةُ والجيرانُ ما فَعَلُوا = أينَ الذين هُمُ كانُوا لنا سَكَنَا
سَقَاهُمُ الموتُ كأساً غيرَ صَافِيَةٍ = فَصَيَّرتْهُمْ لأَطْباقِ الثَّرى رُهُنَا
تَبْكِيْ المـَنَازل مِنْهُمْ كلُ مُنْسَجِمٍ = بالمكرُمَاتِ وتَرْثي البِرَّ والمِنَنَا
حَسْبُ الحِمَامِ لَوَ ابْقاهُمْ وأَمْهَلَهُمْ = ألاَ يَظُنّ على مَعْلومِهِ حَسَنَا

فكم شيّعنا من الأقران ، وكم دفنّا من الإخوان ، وكم أضجعنا من الجيران ، وكم فقدنَا من الخِلاّن

يا أيها الباني الأمن منيته = لا تأمنن فإن الموت مكتوب
على الخلائق إن سروا وإن فرحوا = فالموت حتف لذي الآمال منصوب
لا تبنين دياراً لست تسكنها = وراجع الرب كيما يغفر الحوب

فلنستبق الخيرات، ونبادِر قبل أن نتمنّى المهلةَ وهيهاتَ هيهات، وعلينا ألاّ نغتر بحياةٍ تقود إلى الممَات، لا يُرى في حُشودِها إلاّ الشتات، ولا يُسمَع في ربوعِها إلا "فلان مرِض" و"فلان مات".

فما أقبحَ التفريطَ في زمن الصِّبا = فكيـف به والشيبُ نازل؟!
ترحّل عن الدنيا بزادٍ من التُّقى = فعُمرك أيّـام تُعَدّ قلائـل

ألا ترون أننا في أسلاب الهالكين وكل فترة نُشَيِّعُ من قضى نحبه وانقضى أجله
وندعه في الأرض غير مُوَسَّدٍ ولا مُمَهَّدٍ ، قد خلع الأسباب وفارق الأحباب وسكن التراب وواجه الحساب .

ألا فهل من استعداد للموت وتهيؤ له
جعلني الله وإياكم من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون
«وأعنَّا اللهم على غمرَاتِ الموْتِ وَسَكَراته »
وارحمنا إذا فٌتِح قبرُنا.. ونُسي اسمنا .. وانقطع ذكرنا , فلم يعد يذكرنا ذاكر ولم يعد يزرنا زائر
وآمِنَّا يوم الفَزَعِ الأكبر يوم الدين , واحشرنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين واغفر لنا ولوالدينا ، وارحم الله أمواتنا وأموات المسلمين

وحق لهذه القائمة أن نخصهم بالدعاء

اللهم أغفر لهم وارحمهم وارفع درجاتهم في المهديين واخلفهم في عقبهم في الغابرين واغفر لنا ولهم يارب العالمين وأفسح له في قبورهم ونور لهم فيها.
اللهم إنهم في ذمتك وفي جوارك فقهم من فتنة القبر وعذاب النار فأنت أهل الوفاء والحق واغفر لهم وارحمهم إنك أنت الغفور الرحيم .
اللهم إنك غني عن عذابهم فمن كان منهم محسناً فرد في حسناته ومن كان منهم مسيئاً فتجاوز عن سيئاته .

وأستغفر الله لي ولكم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته