رســــــالة طالب
وما المال والأهلون إلا وديعة ٌ ** ولا بد يوما ً أن ترد الودائع
هناك أناس يموتون رغم أنهم أحياء .. وهناك أناس يموتون حينما يحين أجلهم, وهناك أناس يملئون الأرض حياة وحيوية, فإذا ما ماتوا صاروا أحياء عند ربهم يرزقون ... وظلوا أحياء بين الناس بأعمالهم وأثارهم الطيبة ....
أولئك كالشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء, لا ينقطع عطاؤها وثمارها ... (( تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها )) أولئك .. الذين اختصهم الله لدعوته وخدمة دينه وحراسته , فنذروا أنفسهم وما ملكوا لله ...
هكذا كان الوالد الدكتور أحمد بن علي التابعي غفر الله له وأسكنه فسيح جناته
وجهه النير, محياه المبتسم, بشاشته الصادقة
يقول الله تعالى : (( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ
الْمُحْسِنِينَ ))العنكبوت69
الذين احتملوا في الطريق إليه ما احتملوا، فلم ينكصوا ولم ييأسوا.
الذين حملوا أعباءهم، وساروا في ذلك الطريق الطويل الشاق حتى وصلوا إلى مبتغاهم
.. أولئك لن يتركهم الله وحدهم، ولن يضيع إيمانهم ولن ينسى جهادهم.
إنه سينظر إليهم من عليائه وينظر إلى جهادهم إليه فيهديهم.
وسينظر إلى محاولتهم الوصول فيأخذ بأيديهم، وسينظر إلى صبرهم وإحسانهم فيجازيهم خير الجزاء
فكان طلب العلم عند الوالد التابعي شيء بديهي ومفروض ضرب أروع الأمثال في التضحية والعصامية
نسأل الله العلي العظيم أن يكون الدكتور احمد بن علي التابعي رحمه الله من أولئك الذين هداهم الله سبحانه وتعالى إلى السبل للوصول إلى مرضاة الله
..فكانت له العاقبة الحميدة ..والمنزلة المجيدة
عرفنا الدكتور أحمد التابعي أبا وأخا ومعلماً للجميع
تشرفت أن كنت أحد طلبته في جامعة أم القرى في عام 1410هـ
في مادة الإدارة التربوية
كان يتحدث معنا كأب والله يشهد أن الجميع كان يحترمه ويقدره لما يحمله من خلق فضيل في زمن عاد من يتحلى بفضائل الخلق شيء نادر
عرفناه رجلا كريما مضيافا يعاشر الناس بلطف وأدب همه إسعاد غيره وهمه أن يرضي الناس جميعا
كيف لا نبكيك وأنت من ملك الجميع بطيبة قلبه وحسن معشره
رحمك الله رحمة واسعة
رحل وجهه النير, محياه المبتسم, بشاشته الصادقة ... كلها غابت حينما واراه التراب بين أطباقه, في ظلمة اللحد الذي سيبقى بإذن الله عمل التابعي الصالح أنيس له حتى يأذن الله له بحياة أبدية, في جوار النبيين والصديقين والشهداء والصالحين , وحسن أولئك رفيقا .
رحل وهو لا يعرف إلا الجد والعزيمة .
هكذا رحل وعزائنا فيه عظيم , ومصابنا به جلل , دموعنا تذرف لفراقه وقلوبنا تحزن لموته , وأقلامنا تجمدت بعد مغادرة روحة إلى بارئها, أذاننا صعقت لمسمع الخبر, توقفت عجلة الذاكرة عند الوالد أحمد وهو من ساهم في انتشار التربية والتعليم في منطقة الباحة بل تعدت ذكرياتنا وقوفه متحدثا لأبنائه الطلاب في جامعة أم القرى يضع خططاً ورؤى لتربويين قادوا التربية والتعليم متأثرين بذلك الرجل المخلص في عمله المتفاني في أدائه العصامي الذي حقق معنى كلمة عصامي بكل ما تحمله من معنى ومن فهم حتى أضحى علامة فارقة في مسيرة التعليم في المملكة , أحزننا الخبر, وساءنا صوت الناعي , ولكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا تبارك وتعالى , رحم الله أبا صالح , وأنزله منزلة الأبرار والصديقين, وجعل له لسان صدق في الآخرين, وأفاض عليه من شآبيب رحمته ورضوانه .
رسالة لأبنائه ... لا تحزنوا . فقد كانت خاتمة والدكم تدل بإذن الله على حسن الختام فلم يمنعه من أداء صلاة الفجر إلا الموت بينما يمنع كثيرا منا النوم من أداء صلاة الفجر في جماعة
هنيئاَ له بهذه الخاتمة
وعزاؤنا انه أنجب أبناء سائرين على خطاه في فضائل الأخلاق وشيم الرجال وطيبة المعشر فما أجمل الأب المقتدى
اللهم ارحمه فوق الارض وتحت الارض ويوم العرض عليك .
اللهم انزل نورا من نورك عليه
اللهم نور له قبره ووسع مدخله وآنس وحشته
اللهم ارحم غربته وارحم شيبته
اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة .
اللهم أغفر له وارحمه واعف عنه واكرم نزله.
اللهم اطعمه من الجنة واسقه من الجنة واره مكانه من الجنة وقل له أدخل من أي باب تشاء
اللهم ان ( التابعي ) في ذمتك وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار وانت اهل الوفاء والحق فاغفر له وارحمه انك انت الغفور الرحيم
اللهم ان ( التابعي ) عبدك ابن عبدك يحتاج الى رحمتك وانت غني عن عذابه فارحمه
اللهم وارزقه لذة النظر الى وجهك والشوق الى لقاءك
اللهم ارجع نفسه اليك راضية مرضيه وادخله في جنتك مع عبادك الصالحين
اللهم انت غني ونحن الفقراء فانت غني ونحن الفقراء فانت غني من عذابه فارحمه
صالح شبرق
أحد طلبة الدكتور أحمد التابعي رحمه الله في المرحلة الجامعية
مشرف تربوي بتعليم جدة
محرر بالصفحات الثقافية والطبية بجريدة عكاظ