يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > ساحة الثقافة الإسلامية > الساحة الإسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-28-2011, 05:03 PM   رقم المشاركة : 1

 

عباد الله:
ولأن الأمم تُؤتَى - في الغالب - من جهل أبنائها؛ فقد أكمل بعضُ من نُحسِنُ بهم الظنَّ من جهلة الأمة مشروعَ عدوهم، فانتسَبوا للسلف وتسمَّوا باسمهم، وأنشأوا جماعاتٍ ومُنظَّماتٍ اختطفَت ذلك الاسم الشريف واستأثرَت به، ثم ارتكَبَت باسمه انحرافات، وافتعَلَت خُصومات.
ولم يُفوِّت عدوُّهم تلك الفرصة فدفع بعملائه ليركَبوا معهم المَوجة، ويُوسِّعوا الهُوَّة بالانتساب للسلف الصالحين، ونصَّبوا أنفسَهم مُمثِّلين للسلفية، فحُمِل خطؤهم على صوابها، وغُلُوُّهم على وسطيَّتها واعتدالها، حتى صار الإسلام يُعادَى باسم مُحاربة السلفية، وصار الإعلامُ يصِف المُتطرِّفين والإرهابيين بأنهم سلفيُّون، ووُصِفت عودةُ الأمة لدينها الصحيح بالسلفية المُتطرِّفة تنفيرًا وتشويهًا للتديُّن، وأصبحت السلفيَّةُ سُبَّةً وجريمةً يُلاحَقُ أربابُها، ويَتبرَّأ منها أصحابُها الذين هم أصحابُها، وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا [الفتح: 26].
يا أيها المسلمون:
سلفُكم هو محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - وصحابتُه والقرون المُفضَّلة؛ فبأيِّ كتابٍ وجدتموهم يقتلون المسلمين، أو يخونون المُستأمَنين، أو يدعون من دون الله الأئمةَ والصالحين، أو يتبرَّكون بالأضرحة وقبور السالفين، أو يُثيرون الفتن بين المسلمين؟!
سلفُكم - يا أيها المسلمون - حريصون على جمع الكلمة، ووحدة الصفِّ، وتنقية الدين من تحريف الغالين، وانتحال المُبطِلين، وتأويل الجاهلين، سلفُكم كانوا أهدى طريقًا، وأقوم مسلكًا، وأتبعَ للكتاب والسنة، وأعلمَ بالوحي؛ فكانوا حقًّا مسلمين.
الانتسابُ للسلف ليس دعوى يدَّعيها شخصٌ أو جماعة، أو يتبنَّاها حزبٌ أو مُنظَّمة؛ بل هي طاعةٌ واتباع، ووحدةٌ واجتماع، ونبذٌ للفُرقة والاجتماع.
منهج السلف الصالح هو الإسلام الأول الذي عرفه أبو بكرٍ وعمر وعثمانُ وعلي، هو النَّهجُ الذي قاتلَ لأجله خالدٌ وسعد، واستُشهِد في سبيله حمزة ومُصعب، هو الجادَّة الذي سلَكها ابنُ مسعودٍ وابنُ عباس، وهو السبيلُ الذي ترسَّمه الحسنُ البصري والنَّخعيُّ والشعبيُّ، وهو الفِجاجُ التي طرَقَها أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ وأحمد، هو الطريق الذي خطا فيه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي، وأولئك كل أولئك وكثيرٌ غيرهم على منهجهم، سِيَرهم محفوظة، وآثارُهم معلومة، وكتبُهم مُسطَّرةٌ ومخطوطة.
فالسعيدُ من تمسَّك بما كان عليه السلف، واجتنبَ ما أحدثَه الخلف، وما أسهل الاتباع وأيسر الاهتداء إن عافَى الله من دعاة الضلالة.
وقد شهِد الله تعالى بقوله: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة: 100].
عن عمران بن حُصين - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خيرُ الناس قرني، ثم الذين يلُونهم، ثم الذين يلُونَهم ..» الحديث؛ أخرجه البخاري ومسلم.

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 05-28-2011, 05:12 PM   رقم المشاركة : 2

 

أيها المسلمون:
إن منهج السلف الصالح هو المنهجُ الذي يُمثِّل هذا الدين العظيم في شُموله وصفائه كما يُمثِّل المسلمين في اجتماعهم وائتلافهم، إنه اسمٌ ينتظِمُ الإسلامَ كلَّه كما ينتظِمُ جميعَ المسلمين الثابتين على الإسلام الذي كان عليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه، فهو شريعةُ الله في صفائها، وهو عقيدةُ الحق في نقائها، لا يحقُّ لجماعةٍ أو فردٍ أن تحتقِرَه.
فالذي يرسمُ حدودَ هذا المنهج هو القرآنُ الكريم، والذي يُحدِّدُ معالمَه سنةُ النبي الخاتم، وهو الأمَنةُ من كل خلافٍ واختلاف، بذلك المنهج تُعرفُ الحادثات من الدين فتُتَّقى، ويُعرفُ الأدعياء في علم الشريعة فيُحذَرون، ويُعرف الشاقُّون لصف الأمة ووحدتها فيُجتنَبون، ويُعرف المُخلِصون المُهتَدون فيُتَّبعون.
تكمُن أهميةُ نهج السلف الصالح في كونه التطبيقَ العمليَّ الأول للإسلام، تحت سمع وبصر رسول السلام - عليه الصلاة والسلام -، وتمثَّله التابعون بعد ذلك تحت سمع وبصر الصحابة المشهود لهم بالخيريَّة والاصطفاء، وكذلك تابِعوهم؛ فمن الذين يُزايِدُ على ذلك النهج، ومن يجرؤُ أن يدَّعيَ أن الحق خلافَه؟!
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء: 59].
بارك الله لي ولكم في الكتاب والسنة، ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا، وأستغفر الله تعالى لي ولكم.

الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، خلقَ خلقَه واصطفَى منهم من اصطفَى، وجعل خيرتَهم أنبياءهم ومن ترسَّم سبيلَهم واقتفَى، وتبارك الله مُثيب الطائعين لأمره، ومن خالفَ منهم إن شاء عذَّب أو عفا، وأشهد أن إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مَثيل ولا شبيه ولا كِفَا، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه المُصطفى، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وأصحابه ومن لمنهجهم اقتفَى.
أيها المسلمون:
منهجُ السلف منهجٌ شاملٌ في النظر والاستدلال، في التلقِّي والاستمداد، والارتباط بالنصِّ الشرعي، وفي نبذ المُحدثات في السلوك والتعبُّد، ولا يكادُ يخلو أحدٌ من المُنتسبين إليه في كل مكانٍ من خللٍ في الفهم أو في التطبيق، إلا أن الخلاف في امتثال هذا المنهج في بعض الفروع وجُزئيات لا يجوز أن يكون داعيًا إلى تصنيف المُخالِف، أو نبذه باسمٍ يقطعُ نسبتَه إلى السلف؛ فإن الأصل في كل مسلمٍ لم يتلبَّس بشيءٍ من الأصول البدعية المُحدثة أنه على نهج السلف وإن وقع في معصيةٍ أو خالفَ في مسألةٍ اجتهادية، ومن قال بالكتاب والسنة والإجماع كان من أهل السنة والجماعة، وشِعارُ المُخالف: مُفارقة الكتاب والسنة وإجماع المسلمين.
أيها المسلمون:
لقد تسرَّب الوهنُ للأمة بقدر ما تسرَّب إليها من البدع والمُحدثات، والانحراف عن الطريق الحق، وضعف الاستمداد من الوحييْن، وإذا كان المسلمون يلتمِسون اليومَ طريقًا للنهوض فليس لهم من سبيلٍ إلا وحدة جماعتهم، ولا سبيل إلى وحدة الجماعة إلا على الإسلام الصحيح، والإسلامُ الصحيح مصدرُه القرآن والسنة، وهذه خُلاصة الاتجاه السلفي.
عودةٌ بالإسلام إلى معينه الصافي من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فلا تلتبِس عليكم السُّبُل، ولا تُضلَّنكم الأهواء، ولا يصُدَّنكم كثرةُ الأعداء أو سَطوة الأدعياء.

اللهم أرِنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعَه، وأرِنا الباطلَ باطلاً وارزقنا اجتنابَه.
هذا وصلُّوا وسلِّموا على خير البرية، وأزكى البشرية: محمد بن عبد الله، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغُرِّ الميامين، وارضَ اللهم عن الأئمة المهديين، والخلفاء المَرْضِيِّين: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر صحابة نبيك أجمعين، ومن سار على نهجهم واتبع سنتهم يا رب العالمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا وسائر بلاد المسلمين.
اللهم من أرادنا وأراد بلادنا ودينَنا بسوءٍ أو فُرقة فرُدَّ كيدَه في نحره، واجعل تدبيرَه دمارًا عليه.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليَّ أمرنا، اللهم وفِّقه لهداك، واجعل عمله في رضاك، وهيِّئ له البِطانة الصالحة، وأتِمَّ عليه الصحة والعافية والشفاء، وأسبِغ عليه لباس العافية.
اللهم وحِّد به كلمةَ المسلمين، وارفع به لواء الدين، اللهم وفِّق وليَّ عهده والنائبَ الثاني لما فيه الخير للعباد والبلاد، واسلُك بهم سبيل الرشاد، وكن لهم جميعًا مُوفِّقًا مُسدِّدًا لكل خير وصلاح.
اللهم ادفع عنا الغلا والوبا، والربا والزنا، والزلازل والمِحَن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بَطَن.
اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم اجمعهم على الحق والهدى، اللهم احقِن دماءهم، وآمِن روعاتهم، واحفظ ديارهم.
اللهم انصر المُستضعَفين من المسلمين في كل مكان، اللهم انصرهم في فلسطين، واجمعهم على الحق يا رب العالمين.
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين، اللهم عليك بأعداء الدين فإنهم لا يُعجِزونك.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة: 201].
اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، ويسِّر أمورنا، وبلِّغنا فيما يُرضِيك آمالنا، ربنا اغفر لنا ولوالدينا ووالديهم وذرياتهم، إنك سميع الدعاء.
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتُب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

 

 

   

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:48 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir