الدعـاء عبادة و رجاء ، وأعجز الناس من عجز عن الدعــاء . قال الله تعالى : ] ادعوا ربكم
تضرعــــاً و خفية [ . و في آيــة أخرى : ] و ادعوه خوفـاً و طمعاً
. و الدعاء افتقار و تبرؤ من الحول و القوة إلى حول الله و قوته ، و فيه
استشعار بذلِّ العبودية إلى مقام عزة الله ، و فيه أنواع من الثناء على ذات الله عز و جل . قال
تعـــالى : ] ادعوني أستجب لكم [و قال عليه الصـلاة و السـلام
: (( ثلاثة لا تردُّ دعوتهم : الصائم حين يفطر ، و الإمام العادل ، و دعوة المظلـوم )) .
و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
(( ليس شيء أكرم على الله من الدعــاء )) والوصول إلى الله عز و جل يكون بالتوجه إليه
و روى البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنـه ، عن النبي صـلى الله عليه و سـلم قال
: (( اطلبوا الخيرَ دهرَكم كلَّه ، و تعرَّضوا لنفحـات رحمة الله ، فإن لله نفحات من رحمته
يصيب بها من يشاء من عباده ، و سلوا الله أن يستر عوراتكم ، و أن يؤمِّن روعاتكم )) .
و إن أوقات النفحات تكمن في الأزمنة و الساعات ليداوم المؤمــن على الدعاء و الرجاء ،
كما في ليلة القدر ، و وقت السحر ، و ساعة الجمعة ، و عقب الصلوات … فمن أدام التعرض
لها يصادفها بإذن الله .
و في ( الصحيحين ) عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( ينـزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول : من يدعوني
فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له )) .
دعاؤنا .. لمَ لا يستجاب ؟
قيل لأحد الصالحين : ما بالنا ندعوا الله فلا يستجاب لنا ؟ ! . قال : لأنكم عرفتم الله و لم تؤدوا
حقـه ، و قرأتم كتابة و لم تعمـــلوا به ، و ادعيتم حب رسول الله و تركتم سنته ، و علمتم
أن الموت حق و لم تستعدوا له ، و أكلتم من رزق الله و لم تشـــكروه .
و من شروط إجابة الدعاء :
إعادة الحقوق إلى أصحابها ، و اجتناب الحرام … قال عليه الصلاة
و السلام : (( أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة )) . رواه الطبراني .
و من شروط الإجابة :
الثقة المطلقة بالله عز و جل .. فإذا جمع مع الدعاء خشوع القلب ، و بدأ
الداعي بحمد الله و الثناء عليه ، و الصلاة على محمد عبده و رسوله ، ثم قدم بين يدي حاجته
التوبة و الاستغفار ، و ألحَّ في المســألة ، و توسل إلى الله بأسمائه و صفاته ، فإن هذا الدعاء إما
يجاب بعين ما طلب ، و إما يجاب بغيره ، و إما يعجَّل في الدنيا ، و إما يؤخر إلى الآخـرة ، ما لم
يدعُ المؤمن بإثم أو قطيعة أو يستعجل فيقول : دعوتُ فلم يُستجب لي .
و من شروط الدعاء على الأعداء :
أن ندعو دونما تخلٍّ عن الجهاد .. أن ندعو و نحن في ساحة
التضحية و الفـــداء .
و من شروط الإجابة :
أن تكون الخطوط موصولة بيننا و بين الله ، فإذا كان الخط مقطوعاً ، فإن
النجــدة لن تأتي مهما حاولنا الاتصال . و أول ما يصل الخطوط بيننا و بين الله هو إخلاص
النية ، و أن نتجرد عن كل شيء ما سوى الله .