الغنيمة الرابعة 
الشهادة الملائكية 
يقول الحق - جل وعلا - :
 { أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً } ،
 والمفسرون يذكرون عند هذه الآية حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - ، 
عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أنه قال : 
( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ،
 ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ،
 ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم الله- وهو أعلم بهم- :
 كيف تركتم عبادي ؟
 فيقولون : تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون )
 [متفق عليه] .
إن السائل هو الله ملك الملوك ، والمسئولون هم الملائكة الذين
 {لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون } 
و { لايسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون }، 
نعم هؤلاء الملائكة المقربون يشهدون لك عند الله ،
 ويذكرونك بأداء الصلاة ، ويمدحونك بشهودك الجماعة ،
 الملائكة الأبرار الأطهار يشهدون أنك من العباد المصلين الأخيار .
تأمل معي :
" لطف الله تعالى بعباده وإكرامه لهم بأن جعل اجتماع ملائكته 
في حال طاعة عباده لتكون شهادتهم لهم بأحسن الشهادة "
 [الفتح2/35 ] .
وتأمل معي أيضاً حكمة سؤال الله للملائكة كما ذكرها ابن حجر في قوله :
 " قيل الحكمة فيه استدعاء شهادتهم لبني آدم بالخير واستنطاقهم بما يقتضي التعطف عليهم، 
وذلك بإظهار الحكمة من خلق الإنسان في مقابلة من قال من الملائكة :
 {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم مالا تعلمون }
 أي وقد وجد فيهم من يسبّح ويقدّس مثلكم بنص شهادتكم " .
 ورد الحديث أيضاً " فيه الإخبار بما نحن فيه من ضبط أحوالنا حتى نتيقظ ونتحفظ في الأوامر والنواهي ،
 ونفرح في هذه الأوقات بقدوم رسل ربنا وسؤال ربنا عنّا ،
 وفيه إعلامنا بحب ملائكة الله لنا لنـزداد فيهم حباً ونتقرب بذلك " 
[الفتح 2/37 ] ،
 فهل رأيت أثر صلاة الفجر في صلتك بالملائكة وشهادتهم لك.
وفي التفسير مزيد من القول أنقله لك من تفسير الألوسي عند قوله تعالى 
 { إن قرآن الفجر كان مشهوداً } 
حيث قال : 
أخرج النسائي وابن ماجه والترمذي والحاكم وصححاه وجماعة عن أبي هريرة – رضي الله عنه - 
عن النبي – صلى الله عليه وسلم - أنه قال في تفسير ذلك :
 تشهده - أي قرآن الفجر - ملائكة الليل وملائكة النهار ، 
وقيل يشهده كثير من المصلين في العادة ، 
وقيل من حقه - أي قرآن الفجر - أن تشهده الجماعة الكثيرة ، 
وقيل تشهده وتحضر فيه شواهد القدرة من تبدل الضياء بالظلمة والانتباه بالنوم الذي هو أخو الموت .
وأختم هذه الغنيمة بقول الألوسي المفسر - رحمه الله - : 
" ولا يخفى ما في هذه الجملة من الترغيب والحث على الاعتناء بأمر صلاة الفجر ؛
 لأن العبد في ذلك الوقت مشيع كراماً ، ومتلقى كراماً ، 
فينبغي أن يكون على أحسن حال يتحدث به الراحل ويرتاح إليه النازل " . 
فما أجلها من غنيمة ، فلا تغب عن شهودها .