بسم الله الرحمن الرحيم
إخواني وأخواتي أعضاء الساحات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : وبعد
ندرك جيدآ أهمية البلاغة والتي عرفهاالأقدمون بأنها
(حسن البيان وقوة التأثير) وهي تسعى للحد من الوقوع في الأخطاء وللتفريق
بين غث القول وسمينه (فصاحته هدفها الرئيسي )
وقد أسهمت عناية العرب بالبلاغة في خروج علوم
المعاني والبيان والبديع من رحمها ..
ولما لهذه العلوم من أهمية قصوى ولأن بعض إعجاز القرآن الكريم
_ المراد من الناحية البلاغية _ لايقوم إلا بها
فإنني أقترح ان يشارك كل من أحب ببعض الآيات التي وجد بها
بلاغة لغوية كل يوم من أيام هذا الشهر المبارك ..
بحيث يكون اليوم الأول خاص بالجزء الأول واليوم الثاني
خاص بالجزء الثاني وهكذا ..
بهذه الطريقة سنجد أننا وضعنا أيدينا على عددمن المواضع
البلاغية في القرآن الكريم في كل جزء ..
........ سأورد أمثلة ( منقولة بتصرف) واترك إثراء المشاركة لكم
فعذرآ إن رأيتم بعض القصور ..
... يتذكر الجميع الآية رقم 38 في سورة المائدة
(( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالآ من الله)) في آخر هذه الآية قوله تعالى ((والله عزيز حكيم ))
قرأها أحدهم وبقربه أعرابي فختمها قائلآ _ والله غفور رحيم _
فاستنكر الأعرابي قوله فأعاد قراءتها مستدركآ خطأه فقالها
كما نزلت ((والله عزيزحكيم)) فرد الأعرابي (الآن إستقام المعنى)
لأن الأعرابي رغم عدم علمه بالقرآن أدرك أن الله لن يفرض العقاب
ويختم قوله بالعفو والمغفرة ..
أما عزيز فهي الأصح لأن ذلك يدل على العزة والقوة والمنعة لله جل شأنه
ولأن هذا الحكم طبيعي جدآ فالحكمة هي الأسلم ..فمن
أصدر هذه العقوبة تجلت حكمته في إصدارها جل وعلى ..
...... هناك مثال آخر علم البيان في القرآن ..
قوله تعالى في سورة الأنعام الآية 151
(( ولاتقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ))
في ذلك نهي صريح عن قتل الأبناء
وعن مسبباته ( الفقر) فالله جل وعلى يؤكد أنه سيتكفل
برزق الآباء للصرف على الأبناء ثم برزق الأبناء بعد ذلك ..
ومن امثلة علم البديع ( المقابله )قوله تعالى
(( فليضحكوا قليلاً وليبكوا كثيرًا )) التوبة : 82
هذه الآية بها شيء من التورية
و التورية : هي أن يُذكر لفظٌ له معنيان ؛ أحدهما قريب ظاهر غير مراد ، والثاني بعيد خفي هو المراد ..
مثال آخر (الطباق)
هو: الجمع بين الشيء وضده في الكلام وهو نوعان:
أ- طباق الإيجاب: وهو ما لم يختلف فيه الضدان إيجابا وسلبا، كقوله تعالى: (( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ )) الحديد آيه 3
طباق السلب: وهو ما اختلف فيه الضدان إيجابا أو سلبا، كقوله تعالى: ((يستخفون من الناس ولا يستخفون من الناس )) النساء 108
.........................................
وآخر الأمثلة التي أسوقها هنا .. قوله تعالى
(( وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)) 44 هود
(إن هذه الآية مثال قوي على تجسيد هذا الفن البلاغي, فجمل الآية الشريفة جاءت مترادفة بواو النسق, بترتيب في غاية الجمال, فالهدف الأسمى هو أن ينطلق أصحاب نوح من السفينة إلى الأرض, وذلك لا يتحقق إلا بانحسار الماء عن الأرض, فلذلك تم توجيه النداء إلى الأرض أولا حيث أُمرت بابتلاع الماء, ثم وجه النداء الثاني إلى السماء بالإقلاع, ثم تلى ذلك مجيء خبر ( غيض الماء ) حيث انحسار الماء, وأعقب ذلك بيان ( وقضي الأمر ) والذي يوحي بهلاك القوم العصاة ونجاة القوم المؤمنين, ثم الإشارة إلى استواء السفينة واستقرارها ليبعث الأمن في أنفس النجاة, ثم اختتام المشهد بالدعاء على العصاة المكابرين.
يوجد تناسق قوي بين هذه الجمل المعطوفة.
لا حظوا أن كل جملة قائمة بذاتها, وبمكن أن تعطي معنى مستقلا منفردة :
" قيل يا أرض ابلعي ماءك "
" يا سماء اقلعي "
" غيض الماء "
" قُضي الأمر "
" استوت على الجودي "
" قيل بعدًا للقوم الظالمين "
فن الإشارة :
يراد بفن الإشارة دلالة اللفظ القليل على معان كثيرة.
في المقطع القرآني {وَغِيضَ ٱلْمَاء } مثال قوي على فن الإشارة, فلقد عبر هذا المقطع عن معان كثيرة, فالماء لا يغيض حتى تكف السماء عن المطر, وتبلع الأرض ما يخرج منها فينقص ما على وجه الأرض من ماء )
........ ملحوظة مابين قوسين منقول .....
............ أحبتي من نعم الله على الساحات تواجد عددمن
البارزين والمميزين في هذا المضمار فلاتحرمونا الفائدة
لاعدمناكم جميعآ .. وشهر مبارك وكل عام والجميع بخير ..