الْزَّوَاج هُو سُنَّة الْحَيَاة، خَلَقَه الْلَّه تَعَالَى
لِيَكُوْن سَكَنَا وَمَوَدَّة وَرَحْمَة بَيْن الْرَّجُل وَالْمَرْأَة، وَهُو الْطَّرِيْق
الْشَّرْعِي الْوَحِيْد لِتَكْوِيْن الْأَسِرَّة.. يَقُوْل الْلَّه تَعَالَى
{وَمِن آَيَاتِه أَن خَلَق لَكُم مِّن أَنْفُسِكُم أَزْوَاجا لِّتَسْكُنُوَا إِلَيْهَا وَجَعَل بَيْنَكُم مَّوَدَّة وَرَحْمَة إِن فِي ذَلِك لَآَيَات لِّقَوْم يَتَفَكَّرُوْن}
"سُوْرَة الْرُّوْم آَيَة 21".
وَيُحَدِّد لَنَا رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم صِفَات الْزَّوْجَة الْصَّالِحَة فَيَقُوْل:
"تُنْكَح الْمَرْأَة لِأَرْبَع، لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِيْنِهَا، فَاظْفَر بِذَات الْدِّيْن تَرِبَت يَدَاك "
أَي: امْتَلَأْت يَدَاك بِالْخَيْر وَقَلْبُك بِالْسَّعَادَة، وَيَقُوْل (صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم):
"الْدُّنْيَا مَتَاع، وَخَيْر مَتَاعُهَا الْمَرْأَة الْصَّالِحَة
وَفِي حَدِيْث آَخَر: "أَلَّا أُخْبِرُكُم بِنِسَائِكُم مِن أَهْل الْجَنَّة؟ الْوَدُوْد الْوَلُود الْعَؤُوُد،
الَّتِي إِذَا ظَلَمَت قَالَت: هَذِه يَدِي فِي يَدِك، لَا أَذُوْق غُمْضَا حَتَّى تَرْضَى.
وَقِيْل لَأُم الْمُؤْمِنِيْن عَائِشَة رَضِي الْلَّه عَنْهَا أَي الْنِّسَاء أَفْضَل؟ فَقَالَت:
الَّتِي لَا تُعْرَف عَيْب الْمَقَال، وَلَا تَهْتَدِي لَمَكْر الْرِّجَال،
فَارِغَة الْقَلْب إَلَا مَن الْزِّيْنَة لِبَعْلِهَا، وَلِإِبْقَاء الصِّيَانَة عَلَى أَهْلِهَا.
وَقَدِيمَا قَال الْعَرَب: لَا تَنْكِحُوْا مِن الْنِّسَاء سِتَّة:
لَا أَنَانَّة "كَثِيْرَة الْشَكِّي وَالْأَنِيْن" وَلَا مَنَّانَة "مِن تَمُن عَلَى زَوْجِهَا"
وَلَا حَنَّانَة "مَن تَحِن لِزَوْج آَخَر" وَلَا تَنْكِحُوْا حَدَّاقَة "تَشْتَهِي مَا لَيْس عِنْدَهَا"
وَلَا بَرَّاقَة "كَثِيْرَة الْزِّيْنَة" أَوَمَن تَسْتَقِل بِنَفْسِهَا فِي كُل شَيْء وَلَا شِدَاقَة "كَثِيْرَة الْكَلَام".
وَيَقُوْل الْشَّيْخ مُحَمَّد مُتْوَلِّي الْشَّعْرَاوِي ـ رَحِمَه الْلَّه ـ
أَن الْزَّوْجَة الْصَّالِحَة هِي الْمَرْأَة الْمُؤْمِنَة الْعَابِدَة الَّتِي تَحْفَظ نَفْسَهَا وَتَحْفَظ زَوْجَهَا فِي نَفْسِه وَعِرْضِه
وَتَحْفَظُه فِي مَالِه وَوَلَدِه وَهِي الَّتِي تُحَسِّن مُعَامَلَة زَوْجِهَا وَأَهْلِهَا وَجِيْرَانِهَا،
وَتُحْسِن إِدَارَة بَيْتِهَا الَّذِي هُو مَمْلَكَتِهَا الْخَاصَّة الَّتِي جَعَلَهَا الْلَّه سُبْحَانَه وَتَعَالَى مَلَكَة مُتَوَّجَة عَلَيْه.
فَالزَّوْج قَد يَقْضِي فِي مَنْزِلِه سَاعَات قَلَيْلَة فِي الْيَوْم،
لَكِن الْمَرْأَة تَقْضِي مُعْظَم وَقْتِهَا فِي بَيْتِهَا،
فَإِن كَانَت صَالِحَة صَلُح الْبَيْت كُلِّه، وَإِن كَانَت فَاسِدَة فَسَد الْبَيْت كُلِّه..
وَلَم لَا وَهِي بِمَثَابَة الْقَلْب لِلْإِنْسَان، فَإِن صَلَح الْقَلْب صَلَح الْجَسَد كُلُّه وَإِن فَسَد الْقَلْب فَسَد الْجَسَد كُلُّه وَضَاع صَاحِبُه.
إِن الْمَرْأَة الْصَّالِحَة لَهَا عَمَل عَظِيْم فِي حَيَاتِهَا وَبَيْتُهَا لَا يَقِل إِن لَم يَزِد عَن عَمَل الْرَّجُل وَكَدِّه فِي الْحَيَاة لِتَوْفِير الْمَال،
فَالْمَرْأَة سَكَن لِزَوْجِهَا وَحَضَن لِأَطْفَالِهَا وَوَزِيْرَة اقْتِصَاد لِشُئُون بَيْتِهَا،
تُعَامِل زَوْجَهَا كَمَا أَمَرَهَا رَبِّهَا سُبْحَانَه وَتَعَالَى بِالْمَوَدَّة وَالْرَّحْمَة وَالْطَّاعَة الْتَّامَّة فِي غَيْر مَعْصِيَة،
وَتُرَبِّي أَوْلَادَهَا تَرْبِيَة إِسْلامِيَّة صَحِيْحَة رَشِيْدَة،
فَتَغْرِس فِيْهِم مَبَادِئ الْإِسْلَام الْعَظِيْم مُنْذ الْصِغَر فيَنْشَأُون صَالِحِيِن فِي الْمُجْتَمَع.
الْزَّوْجَة الْصَّالِحَة تَقُوْم عَلَى شَأْن زَوْجَهَا وَتُعِيْنُه عَلَى طَاعَة رَبِّه،
وَتَحْفَظُه فِي حُضُوْرِه وَغِيَابِه، وَتَنَصَّحَه وَتُشِير عَلَيْه،
وَتُخَفِّف عَنْه وَلَا تُثْقِل عَلَيْه، إِذَا نَظَر إِلَيْهَا سَرَّتْه، وَإِن دَعَاهَا أَجَابَتْه، وَإِذَا غَاب عَنْهَا حَفِظَتْه.