.
*****
الاثنين 06 رجب 1438 هـ
المنطقة الشرقيَّة.. نهضة وثَّابة (1)
بقلم د. سعيد أبو عالي
«كلُّنا نحبُّ الشرقيَّة وشهدنا مظاهر تطوُّرها» هذا ما قاله الأستاذ سليمان أبا حسين أثناء حديث بيني وبينه؛ وقال لي اكتب عن هذه المنطقة يوم جئت إليها وكيف هي الآن!!
المنطقة الشرقيَّة هي أكبر المناطق مساحة بالمملكة وتتكون من إحدى عشرة محافظة، وهي إلى ذلك أكثر منطقة يوجد بها مخزون نفطي في العالم. يسكنها أكثر من أربعة ملايين نسمة من السعوديين وغيرهم، والمقيمون للعمل فيها من الأشقاء العرب والمسلمين وغيرهم يشكِّلون ما نسبته 30% تقريبا.
المنطقة لها ارتباط وثيق بتاريخنا الإسلامي، وتعيش العصر بكل تجلِّياته العمرانية والتَّقنية إلى جانب التطلُّع إلى مستقبل يجعل المملكة كلها بإذن الله تزاحم الدول الناهضة وتحتل مكانها في صفوف الدول المتقدمة. إنَّها تحتضن ثاني مسجد أقيمت فيه صلاة الجمعة في التاريخ الإسلامي وهو مسجد جواثا بالأحساء (بلاد هجر) وجسر الملك فهد بين الخبر والبحرين هو إبداع تقني معاصر.
تشتهر باستخراج النفط وبالصناعات البترولية والتعدينيَّة المتعدِّدة. فيها مدينة الجبيل الصناعية وأبقيق ورأس تنورة وكلها مدن قامت على نشاط استخراج البترول والصناعات البترولية. فيها مزارع عملاقة تعتمد على التقنيات الزراعية العالية. واحة الأحساء مشهورة بنخيلها وعيونها ومزارعها. بالمنطقة هضبة الصمان المشهورة بمراعيها. وعلى صحاريها تقوم تربية الإبل والمواشي بحيث تشكِّل مخزونًا غذائيًا يساعد على توفير الأمن الغذائي الوطني.
كانت المنطقة الشرقيَّة تسمى منطقة الأحساء والقطيف ومدينة الهفوف هي مقرّ الإمارة، واستمر هذا الحال حتى عام 1375هـ حيث صدر مرسوم ملكي بنقل مركز الإمارة إلى الدَّمام وتسميتها (المنطقة الشرقية).
وتتميَّز هذه المنطقة بموقعها الجغرافي، فهي البوابة الشرقية المطلَّة على الخليج العربي والتي تجاور البحرين وقطر والكويت والإمارات العربية المتحدة، ولها علاقات ثقافية واقتصادية مع الهند وإيران. وهي تمتد على الخليج العربي بطول 700كم وبرُّها تتخايل فيه المروج بمراعيها، والواحات بنخيلها والصَّحاري بامتدادها العميق نحو المكان والزمان.
وللمنطقة امتداد تاريخي يتجاوز خمسة آلاف سنة عاشت خلالها فترات من الاستقرار والاضطراب إلى أن دخل الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- الى الهفوف ليلة الإثنين 25 جمادى الأولى 1331هـ الموافق 8 مايو 1913م. تكتنز المنطقة الشرقية مخزونًا كبيرًا من الآثار التي تتحدَّث عن حضارات قديمة ترعرعت على ترابها.
تقوم فيها خمس جامعات هي جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران، وجامعة الإمام عبدالرحمن الفيصل بالدمام، وجامعة الفيصل بالهفوف، وجامعة حفر الباطن، وجامعة أهلية هي جامعة الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز، ومركز أبحاث علمية متقدِّم بجامعة الملك فهد، ومركز أبحاث النخيل بجامعة الملك فيصل، وكلية طب مرموقة بجامعة الإمام عبدالرحمن الفيصل، وفروع لجامعات أخرى ممَّا يجعلنا نتخيَّل التزاوج بين العلم والإنتاج. وفيها ناديان أدبيان وفرعان لجمعية الثقافة والفنون بالدمام والهفوف.
الحركة الاقتصادية فيها عالية سيَّما وهي تحتضن شركة أرامكو السعودية بالظهران، وشركة الصناعات الأساسية بالجبيل، وشركة معادن في رأس الخير، وموانئ جويَّة وبحريَّة وبريَّة عملاقة.
هذه مقدمة لمقالات قادمة تتحدَّث بالتفصيل عن النهضة بهذه المنطقة من بلادنا العزيزة.
*****