لا أعرف من أين أبدأ، لكنني متزوجة، وأحب زوجي، ويبدو لي من تعامله أنه يحبني، لكنني قد أغيب خارج البيت وأعود منتصف النهار، وفوجئت بأنه يتقرب من عاملتي الإندونيسية، وتكرر ذلك مع عاملة أخرى بعدما أنهيت تعاقد الأولى وطلبت ردها إلى بلادها، وشكت لي الأخيرة من تحرشه بها، وأنا مصعوقة مصدومة من فعله وخيانته لي برغم أدائي لحقوقه كاملة، وتَزَيُّني له دائما؟
الجواب:
الأخت السائلة الكريمة:
تمنيت في ردِّي على السائلة أن تستطيل كلماتي إلى عشرات الصفحات فإن أخطاء السائلات تمطر من بين أسطر شكواهن، فإن للمرأة في بيتها وظيفةً ورسالةً سامية؛ فالحزن كله إنما يكون على ما ترتكبه الأمهات والزوجات الهاربات من ساحتهن وأعمالهن الواجبة عليهن، ثم غفلتهن عن حسن التبعل للزوج، وغفلتهن أيضا عن تربية أبنائهن وتقويم أسرتهن، ورعاية بيوتهن والبحث عن النواقص والثغرات لسدها والبحث عن الأمراض لعلاجها..
الأخت السائلة:
إن لي في شكواك عدة وقفات..
- دعيني أعتب عليك في البداية عتبا قد يؤلمك قليلا، فقد تسببت بموافقتك على جلب خادمة في بيتك في هذه المأساة المؤلمة لأسرتك، وفي الحقيقة لست أدري كيف ترضى زوجة مؤمنة أن تترك في بيتها امرأة أخرى تقوم لها بتربية أبنائها ورعاية أسرتها!
- لقد وضعت النار بجانب الكبريت وكنت أنت من أول من احترق، وكانت أسرتك أيضا مهددة بالاحتراق، ومهما قيل إن هناك فارقاً اجتماعياً بين رب المنزل والخادمة فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما اجتمع رجل وامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما" والتهاون في ذلك يؤدي إلى كوارث منكرة..
- فدوام الخادمة في البيت وخروج الزوجة في أوقات متعددة لأسباب قد تعدها مهمة فالجو مهيأ لوقوع الخطر، فهذه العوامل تغري بالسوء، والزوجة لا تنتبه لذلك إلا بعد وقوع المصيبة.
- ثم إنك تستغربين إهماله لك رغم تزينك له كل يوم، وللأسف فأنت قد ساعدته في ذلك أيضا لأنك قد وضعت أمامه فتنة أخرى هي قريبة منه وسهلة المنال.
- إنك أيتها الأخت تواجهين الآن فتنة قد عقدت حبالها حول رقبة زوجك، هي فتنة النساء، والرغبة فيهن وفي مواقعتهن، ولذلك فيجب عليك مواجهة الأمر بكل جدية وجهد.
- الجئي إلى ربك سبحانه بالدعاء والرجاء سائلة إياه سبحانه العون لإعادة زوجك إلى ربه وتيسير التوبة عليه، وإخراجه من شر فتنة النساء، ثم إعادته إليك وإلى أسرته.
- لا تترددي من إخراج أي خادمة من بيتك ولا تفكري في جلب أي خادمة مهما كانت، لكن حاولي أنت أن تملئي بيتك نشاطا وتكفيه جهدا وعملا فهو دورك المنوط بك، وإن كان سبب استقبالك للخادمة هو تصورك أن العمل شاق عليك فعليك بنصيحة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حينما سألته ابنته فاطمة رضي الله عنها تريد خادما لأن العمل عليها شاق فنصحها بأن تسبح ثلاثا وثلاثين، وتحمد ثلاثا وثلاثين، وتكبر أربعاً وثلاثين، وتزيد من الاستغفار فهذا كله كاف لها وخير لها من الخادم.
- إذا كان سبب مجيء الخادمة الإندونيسية إليك هو خروجك للعمل فأنصحك بتقديم استقالتك من هذا العمل، وتفرغي لبيتك أفضل للمحافظة عليه.
- حاولي التقرب لزوجك ليس باللبس والزينة فقط، بل أولا بالوصول إلى قلبه وعقله، فإن كان يحب القراءة مثلا فتعلمي كيف تحبين القراءة، وإن كان يحب المزاح فتعلمي كيف تمازحينه، إن كان اجتماعيا ويحب روح الحياة في البيت فاجعلي بيته مليئاً بالحيوية.. وهكذا.
- للأسف فإن كثيراً من النساء يملن إلى الراحة، كي لا تبذل مجهودها في بيتها فتستعين بالخادمة التي قد يكون لها سُم مثل الأفعى ويتنامى أثرها إما على الزوج مريض القلب أو يتوغل سمها في الشباب من أولادها، أو للبنات أيضا فيتأثرن بأخلاقها وفهمها وعقيدتها!
- استبدلي الخادمة بوسائل التكنولوجيا الجديدة التي أكرمنا الله سبحانه وتعالى بها فقد تجعل عندك الوقت لمتابعة شؤون بيتك ومتابعة أولادك وتجعل عندك الوقت الكافي لرعاية زوجك والاهتمام به.
وأخيرا أنصحك أن تفرغي نفسك لتربية أولادك، فليس مثل الأم أن تقدم لأبنائها من رعاية، ورعاية زوجك بنفسك لئلا يهرب من بين يديك نحو الفتن.
وأنصحك ألا تصارحي زوجك بما علمت، واجلسي معه جلسة صفاء صارحيه فيها بأنك مقصرة مع الله ابتداء، وأنك تشعرين أن بيتكما يمر بكبوة وأزمة ومردها عدم العودة إلى الله وعدم التوبة والإنابة إليه سبحانه، وأنك أيضا مقصرة معه في أشياء كثيرة ولذلك تشعرين أنه بعيد عنك وأخبريه أنك سوف تعملي ما في وسعك لإسعاده، وتعملي ما في وسعك لطلب رضاه، فسوف يجد لهجة غريبة منك ولطفاً جديداً، عسى أن يعود إليك ويرده الله إليك رداً جميلاً.
كما أنصحك بمشاركته العبادة والطاعة كالإكثار من العمرة معا وقيام الليل وغيرها من الطاعات الكريمة، فلعل الإيمان أن يزيد بقلبه، ولعله أن يعود تائباً منيباً، فالله سبحانه وتعالى هو التواب الرحيم.
أميمة الجابر
مشورة تربوية من موقع المسلم -قسم الاستشارات-