بين يدي السطور
خواطر تصورتها في مخيلة ابني وابنك.. وابنتي وابنتك..
وهم يخطون بأقدامهم الصغيرة الحبيبة.. أولى خطواتهم إلى "المدرسة"..
محط آمالنا فيهم، بعد تقوى الله؛ لعلها تسهم في فهم سديد لنفسياتهم البريئة..
وسلوك رشيد بهم في مستهل مستقبلهم الواعد!
في فناء المدرسة..!
ما هذا البيت الواسع الكبير؟!.. ولماذا هذا الصخب والضجيج؟!
أناس يصيحون.. وآخرون يضحكون.. وأطفال صغار كثيرون..!
لماذا أتوا بنا إلى هذا المكان الغريب؟! أشعر بالقلق.. أكاد أبكي..
على الرغم من ابتساماتهم.. وهداياهم.. إنهم غرباء.. أريد أمي!
لماذا يصر أبي الحبيب على بقائي كلما طلبت منه الانصراف؟! لم أتعود منه ذلك!
هل يمكن أن يكون في الخفاء دواء مرّ يخبئونه لنا؟
أو "إبرة" مؤلمة ليحقنوننا بها مثل تلك التي قالت أمي إنها "تطعيم ضد الأمراض"؟!
وما هؤلاء الصغار الكثيرون؟
إنني لا أعرف أحدا منهم.. فهل آباؤهم أصدقاء جدد لأبي؛
ولهذا يرغب في أن أتعرف عليهم وألعب معهم؟!
الغريب أن الأمور تبدو جميلة من حولي، بالونات معلقة، ولوحات ملونة، وهدايا وفرح ومرح؛
فلماذا أشعر بالقلق وشيء من الخوف؟!
ولماذا أبي وهؤلاء الناس - على العكس - يشعرون بالسرور؟!
ساعة الانصراف..!
ها قد أزف الرحيل.. أبي يمسك بيدي ونتجه إلى السيارة..
أتنفس الصعداء.. يسألني: ما رأيك؟
أجبته: جيدة.. لكن الحديقة والملاهي التي نعتاد الذهاب إليها أفضل منها!
ابتسم أبي دون أن يفصح عن رأيه فيما أقول..
وظل طوال الطريق يثني على هذه الدار (المدرسة)،
يقول إنها مكان أتعلم فيه القراءة والكتابة والحساب والعلوم الممتعة،
وكذلك ألهو فيها وأمرح مع أقراني.. ثم يأتي كل يوم ليأخذني ظهرا لأعود إلى البيت.
لقد قال أبي أيضا شيئا مهما..
وهو أن هذه "المدرسة" – كما يسمونها –
هي المكان الذي نأخذ فيه شهادة كل سنة حتى نتمكن ونحن كبار.. مثل أخي وأختي..
من دخول الجامعة التي تمنحنا لقب:
مهندس أو مدرس أو طبيب أو ضابط أو غيرها..
وكلما كنا فيها طائعين وأذكياء صار ذلك أمرا يسيرا.
الآن بدأت أشعر أن "المدرسة" قد تكون ممتعة.. غدا سأجرب مرة أخرى!
الوصول إلى البيت..!
وصلنا إلى البيت بسرعة؛ فالمدرسة قريبة.. مثل الحديقة والملاهي..
كما أنها تشبههما بما فيها من ألعاب كثيرة.. وأرضها الواسعة.
أمي الحبيبة استقبلتني على الباب وهي في غاية السعادة..
ما السر في سرورهما الكبير هي وأبي؟!
لم أتعود أن أجد مفاجآت مفزعة حين أراهما سعداء هكذا!
لم أعد أشعر بالخوف!
قبلت أمي واحتضنتها.. كم افتقدتها؟! لكن لا بأس طالما أن ذهابي لهذا المكان يفرحها!
في العادة أبي وأمي يقولان أشياء صحيحة.. ولابد أن أطيعهما..
فهم لا يخلفان وعودهما كلما كنت طائعا..
ويكافئونني بأشياء جميلة.. إنني أحبهما وسأحاول أن أحب هذه الدار من أجلهما.
حروف الختام..
إنها رسالة - معاشر الآباء والأمهات للأطفال الرائعين الجدد على المدرسة – تهديها لكم هذه الخواطر:
استعينوا بالله.. واعلموا أن مفارقة الإلف شاقة على الكبير؛
فما بالكم بالساذج الصغير؟!
فوطّـنوا أنفسكم على الرفق والأناة..
والاصطبار تجاه مشاعر هؤلاء الأحبة اليافعين..!
وخذوا بأيديهم إلى "المدرسة" بالحب والترغيب والمقاربة والتسديد..!
تحياتي
...........