عرض مشاركة واحدة
قديم 07-17-2011, 12:27 AM   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
عضو مميز
 
الصورة الرمزية ابوحاتم
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
ابوحاتم is on a distinguished road


 

الخطبة الثانية
الحمد لله، الحمد لله جعل الدنيا دار ممرٍّ واعتبار، والآخرةَ دار جزاءٍ وقرار، أحمده - سبحانه - وأشكره على ثواب نعمِه وفضله المِدرار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العزيز الغفَّار، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبدُ الله ورسولُه المُصطفى المُختار، صلّى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آله السادة الأطهار، وأصحابه البرَرة الأخيار، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ وعلى طريق الحق والهُدى سار، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فإن من معالم الهُدى في أجواء الفتن: السمعَ والطاعة لولاة الأمور بالمعروف، ولزومَ جماعة المسلمين، والاجتماع على الدين، والحذرَ من الفُرقة وشقِّ صفِّ الأمة المُجتمِع؛ فالجماعةُ رحمة والفُرقة عذاب، وأكثرُ ما تتجلَّى عواملُ الفُرقة في أجواء الفتن والاضطراب في مسلكَيْن: البغي وسوء التأويل.
أما البغي: فبمُجاوزة الشرع، وأما التأويل: فبتفسيرٍ من غير مُستنَد شرعيٍّ صحيح.


أيها المسلمون:
هذه معالمُ هُدى يدخلُ بعضُها في بعض، ويدلُّ بعضُها على بعض، ويُفسِّرُ بعضُها بعضًا، ويُنبِّهُ ما ذُكِر منها على ما لم يُذكَر، مع ما يجمعُ هذه المعالم مما يجبُ من محبة المسلمين والشفقة عليهم والنُصرة لهم؛ ففي الحديث عند مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إنه لم يكن نبيٌّ قبلي إلا كان حقًّا عليه أن يدلَّ أمتَه على خير ما يعلمُه لهم، ويُنذِرهم شرَّ ما يعلمُه لهم، وإن أمتُكم هذه جُعِل عافيتُها في أولها، وسيُصيبُ آخرَها بلاءٌ وأمور، وتجيءُ فتنةٌ فيُرقِّقُ بعضُها بعضًا، وتجيءُ الفتنة فيقول المؤمنُ: هذه هذه، فمن أحبَّ أن يُزحزَحَ عن النار ويدخل الجنة فلتأتِه منيَّتُه وهو يؤمنُ بالله واليوم الآخر، وليأتِ الناسَ الذي يحبُّ أن يُؤتَى له».
والوصيةَ الوصيةَ - عباد الله -، الوصيةَ الوصيةَ في الإخلاص، والإحسان، والنُّصح، والصدق، وترك ما يَريب، والتثبُّت فيما يُسمع ويُنقَل، وعدم الاغترار بالكثرة في الموافقة والمخالفة، والحذَرَ الحَذَر من الاندفاع والحماس غير المُنضبِط، مع لزوم الرفق والأناة والصبر وحفظ اللسان وصدق اللجوء إلى الله، والتوبة، والإنابة، والدعاء، والاستغفار، وحُسن التوكُّل، والاعتصام بالكتاب والسنة.
وليُعلَم أن الصبر في الأزمات، والحلمَ في النكبَات، والتثبُّت إذا ترادَفَت الضوائق، والأناة إذا تكاثَرت العوائق، كل أولئك فرسانٌ - بإذن الله - لا تكبو، وصوارم لا تنبُو، وجنودٌ لا تُهزَم، وحصونٌ لا تُهدَم، واستجماعُ ذلك كله - بعون الله - لا تزيغُ معه الأبصار، ولا تطيشُ به الأحلام، ولا تضِلُّ فيه الأفهام؛ بل تتبيَّن الأمور بحقائقها، والأحداثُ بدوافعها.
ألا فاتقوا الله - رحمكم الله -؛ فمن علِمَ الله من قلبه الصدقَ والنصحَ والإخلاصَ وإرادة الصلاح والإصلاح وفَّقه وسدَّده وثبَّته وأنارَ بصيرتَه، إِنَّهُمَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ[يوسف: 90].
ألا صلُّوا وسلِّموا على الرحمة المُهداة، والنعمة المُسداة: نبيكم محمدٍ رسول الله، فقد أمركم بذلك ربُّكم في محكم تنزيله، فقال - وهو الصادق في قيله - قولاً كريمًا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك نبينا محمد الحبيب المُصطفى، والنبي المُجتبى، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجُودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، واخذل الطغاة والملاحدة وسائر أعداء الملَّة والدين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم وفِّق إمامنا ووليَّ أمرنا بتوفيقك، وأعِزَّه بطاعتك، وأعلِ به كلمتك، واجعله نُصرةً للإسلام والمسلمين، واجمع به كلمة المسلمين على الحق والهدى يا رب العالمين، اللهم وفِّقه ونائبَيْه وإخوانهم وأعوانهم لما تحب وترضى، وخُذ بنواصيهم للبر والتقوى.
اللهم وفِّق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك، وبسنة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم -، واجعلهم رحمةً لعبادك المؤمنين، واجمع كلمتهم على الحق والهدى يا رب العالمين.
اللهم وأبرِم لأمة الإسلام أمرَ رشدٍ يُعَزُّ فيه أهل الطاعة، ويُهدَى فيه أهل المعصية، ويُؤمَر فيه بالمعروف، ويُنهَى فيه عن المنكر، إنك على كل شيء قدير.
اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم احقِن دماءهم، واجمع على الحق والهدى والصلاح كلمَتهم، وولِّ عليهم خيارَهم واكفِهم شِرارهم، وابسُط الأمنَ والرخاءَ في ديارهم، وأعِذهم من الشرور والفتن ما ظهر منها وما بَطَن، وأعِذهم من المُضِلاَّت.
اللهم وارفع عنا الغلا والوبا والربا والزنا والزلازل والمِحَن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بَطن عن بلدنا وعن سائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.
اللهم عليك باليهود الغاصبين، اللهم عليك باليهود الغاصبين المحتلين فإنهم لا يُعجزونك، اللهم أنزِل بهم بأسك الذي لا يُردُّ عن القوم المجرمين، اللهم إنا ندرأُ بك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ[البقرة: 201].
سبحان ربك رب العزة عما يصِفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

 

 

   

رد مع اقتباس