عرض مشاركة واحدة
قديم 06-20-2011, 05:55 PM   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
عضو مميز
 
الصورة الرمزية ابوحاتم
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
ابوحاتم is on a distinguished road


 

وبعد، أيها المسلمون:
فلا عاصمَ من الفتن إلا ما عصمَ الله، قال - سبحانه -: وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا [المائدة: 41].
والدعاء سلاحُ المؤمن في السرَّاء والضرَّاء، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أمرَ صحابتَه بالتعوُّذ من الفتن، قال زيد بن ثابت - رضي الله عنه -: أقبلَ علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوجهه فقال: «تعوَّذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن». قالوا: نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن؛ رواه مسلم.
بل وأمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالتعوُّذ منها في كل صلاة، قال - عليه الصلاة والسلام -: «إذا تشهَّد أحدكم فليستعِذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجَّال»؛ رواه مسلم.
والبُعد عن الفتن عصمةٌ منها، ولهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالهرب من الدجَّال لمن سمِعَه، ويعظُم قدرُ العبد بالبُعد عنها، قال - عليه الصلاة والسلام -: «ستكون فتنٌ القاعدُ فيها خيرٌ من القائم، والقائمُ خيرٌ من الماشي، والماشي فيها خيرٌ من الساعي، من تشرَّف لها تستشرِفه، فمن وجدَ ملجأً أو معاذًا - أي: هربًا منها - فليعُذ به»؛ متفق عليه.
قال ابن حجر - رحمه الله -: "في الحديث التحذيرُ من الفتنة والحثُّ على اجتناب الدخول فيها، وأن شرَّها يكون بحسب التعلُّق بها".
والعلم الشرعي حصنٌ مكينٌ يدرأ عن الجوارح أعمال الشهوات، وعن القلب اعتقاد الشُّبهات، قال - عليه الصلاة والسلام -: «تركتُ فيكم أمرين لن تضِلُّوا ما إن تمسَّكتم بهما: كتابَ الله وسنة نبيه»؛ رواه الإمام مالك.
والصلوات الخمس جماعةٌ في بيوت الله تحفظُ العبدَ من المكاره والشرور، قال - جل شأنُه -: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت: 45].
والرُّفقة الصالحةُ تُدنِي من الخلق وتُباعِدُ عن الشر، وصُحبة السوء ندامةٌ تُجمِّل القبيحَ وتأزُّ إليه، والحياة معبَرٌ، والموفَّق من صانَه الله من الفتن والمِحَن، ثم لقِيَه وهو راضٍ عنه.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الزخرف: 43].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا مزيدًا.
أما بعد، أيها المسلمون:
فتنةُ الشُّبهات تُدفَع باليقين، وفتنةُ الشهوات تُدرأ بالصبر، والمسلمُ الحقُّ هو الذي يُصلِح الناسَ يوم فتنتهم ويُبيِّن خطرَها، ويُوصِي بالاعتصام بحبل الله المتين، وشأنُ العبادة من الدعوة إلى الله وغيرها في أوقات الفتن يعظُم أجرُها عند الله، قال - عليه الصلاة والسلام -: «العبادةُ في الهَرج كهجرةٍ إليَّ»؛ رواه مسلم.
وعلى المرء ألا يغترَّ بكثرة الهالكين، وألا يستوحِش من قلَّة السالكين، ولا ينظر إلى كثرة من هلَك، وإنما ينظر إلى الناجي كيف نجا لينجو.
ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيه، فقال في محكم التنزيل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيْمًا [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على نبينا محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدِلون: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعنَّا معهم بجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل اللهم هذا البلد آمنًا مُطمئنًّا وسائر بلاد المسلمين.
اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم احقِن دماءهم يا رب العالمين، وأعلِ شرفَهم وقدرَهم، واصرف عنهم عدوَّك وعدوَّهم يا رب العالمين.
اللهم إنا نسألك الجنةَ وما قرَّب إليها من قولٍ أو عمل، ونعوذ بك اللهم من النار وما قرَّب إليها من قولٍ أو عمل.
اللهم وفِّق إمامنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، ووفِّق جميع ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك، وتحكيم شرعك يا ذا الجلال والإكرام.
عباد الله:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل: 90].
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

__________________


 

 

   

رد مع اقتباس