عرض مشاركة واحدة
قديم 05-03-2009, 08:36 PM   رقم المشاركة : 20

 

بسم الله الرحمن الرحيم

إبني العزيز / أبو ناهل

ألم اقل لك بأني اغبطك على التوفيق في إختيارك للموضوعات التي تطرحها ! ها انت تفاجئنا اليوم بهذا الاختيار الموفق ، رجل في قامة أحمد بن عبد الرحمن رحمه الله ماذا ينتظر هو وامثاله مني ومن امثالي ؟! لن أثني عليه فهو اجل واكبر من كل كلماتي مهما تفننت في إنتقائها من قواميس اللغة وسراديب المفردات ساكتفي بسرد بعض المواقف التي حدثت لي معه ومن خلالها ستعرفون جوانب من شخصيته وكم هو ذكي وعطوف وحكيم وقريب من الله :

كنت طفلا وبيتنا مجاور لبيت الخال أحمد بن عبد الرحمن وكان اغلب اهل الديرة وخصوصا صغار السن إذا ما وقع بينهم خصام لايتورعون عن استخدام ( المناذير ) وهي لمن لايعرفها الاستعانة بالجن قولا لا فعلا ( انفروا به ، اشتلوه ، آهو لكم ياسكون ، واشباهها كثير ) وقد سمعت من بعض اخواتي أن بنات الخال أحمد بن عبد الرحمن لايمكن أن يقمن بمثل ذلك ابدا فكنت اتعمّد الدخول معهن بحكم الجيرة في خلاف شكلي واستخدم غفر الله لي ولهن كل ما اعرفه من تلك المناذير ووالله لم يكنّ يزدن على كلمتي ( عِلّه وطاعون ) مع أن السباب قد يمتد وقتا طويلا . فما منشأ ذلك ! اليس حسن التربية والتزام اهل البيت بالدين ! ومن زرع في اهل البيت ذلك اليس رب الاسرة ؟

في يوم من الايام استدعاني وانا لازلت طفلا واعطاني مبلغا من المال وطلب مني ايصاله إلى عجوز من اهل الدار وقال لي قل لها من حق الله وهي اول مرة اعرف فيها ان هناك حقا لله في اموال العباد .

وانا في الصف الرابع او الخامس ابتدائي قررت المدرسة الذهاب برحلة إلى وادي الملد وكانت رسوم الاشتراك فيها خمسة ريالات للطالب ولأن والدي مسافر لجأت إلى أمي لتعطيني المبلغ فلم تستجب فذهبت اليه رحمه الله في الصباح الباكر وقلت له ( أمي تقول اعطيها خمسة ريال ) فاعطاني إياها دون مناقشة لكنه بفراسته أدرك أني كاذب فانتظر في الدكان حتى شاهدني متجه إلى المدرسة ولم ادخل البيت فصاح بي ( عوّد ) فلم اخط بعد ذلك خطوة باتجاه المدرسة حتى اعدت له المبلغ ووالله لا اذكر انه عاتبني او اخبر احدا من اهلي بالامر .

كنت احمي الطير في الوادي وعشَّتي في نمرة تحت بيت استاذي الفاضل الدكتور أحمد التابعي حاليا على طريق الصادر من سوق الخميس وكان الخال احمد بحكم تجارته لايتخلف عن الاسواق إلا فيما ندر فمر بي وكأنه عطف عليّ واستدعاني بعد أن اوقف حمارته ونزل من عليها واخرج من الخُرْجِ خوخا وعنبا واعطاني إياها اسأل الله ان يطعمه من فاكة الجنة .

كنت استمتع بمروره ومن هم على شاكلته امثال العم مسفر رمزي ومسفر بن قسقس وحسن بن يحي واحمد العبائر ومحمد ابوعلامة وعبد الله العجمة ضحى كل جمعة من امام بيتنا في طريقهم إلى المسجد وهم مرتدين تلك الثياب النظيفة والبشوت تفوح رائحة الطيب منها وقد قدر لي أن أصلي في إحدى المرات الجمعة خلفه في الصف الثاني وكان الامام الوالد علي دغسان رحمه الله فقراء جزءا من سورة ( تبارك ) فلفت انتباهي تحريك راسه مع القراءة تحريكا خفيفا من الاعلى إلى الاسفل وبالعكس فعلمت انه يتدبر القرآن ويتفهم معانيه .

في الحلقة القادمة أكمل حديثي عن المواقف التي حدثت لي معه رحمه الله والتي وددت أن تكون انشقت الارض وغيبتني فيها ولم تكن حدثت مني تلك المواقف معه ، لكن ذكرها ضروريا لتتعرفوا على مدى حلمه وحكمته رحمه الله رحمة واسعة .

 

 

   

رد مع اقتباس