عرض مشاركة واحدة
قديم 05-11-2008, 03:41 PM   رقم المشاركة : 1
دع...النور يسطع بداخلك


 

يبحث كثير من الناس عن المصادر الحقيقية للسعادة فيتوهمون أنها في المال ، أو الوظيفة ، أو الزواج ، أو المكانة الاجتماعية ، أو التعليم ، أو احترام الآخرين وتقديرهم لهم ، أ و ما شابه ذلك ، ويجدون في الطلب ودفع الأثمان التي تكون أحيانا باهظة دون جدوى .

وعندما لا يشعر أحدهم بالسعادة يتوهم أنها لا تكون إلا من خلال حصوله على الدعم الخارجي الذي يمكن أن يتلقاه من زوجة متميزة ، أو من خلال صيرورة زوجته الحالية أكثراهتماما به ولطفا ورقة معه ، أو بتأثير وظيفة محترمة ، أو مال وفير ، أو ثروة طائلة ، أو سلطة مؤثرة ، أو بالحصول على قصر منيف ، أو شهادة عالية ، أو مكتسبات مادية ثمينة .

أحدهم يعتبر نفسه غير سعيد ، إلا إذا حقق سيارة فاخرة ، أو أنجز عقدًا أو صفقة غالية الثمن ، أو سافر سفرة خارجية مرفهة ، أو مثل هذا مما تعج به الحياة من مكاسب مادية ومعنوية .

يعتقد أنه لن يكون سعيداً ما لم يتبوأ مركزاً وظيفياً مرموقاً ، أو مكانة اجتماعية عالية ، لن يكون سعيداً إلا إذا رزقه الله بأولاد كثر ، ومكاسب مادية كثيرة .

ويستنتج أن سبب تعاسته عدم حصوله على الأشياء التي يحب وعدم تملكه لما يريد ، والواقع أن الحصول على هذه الأشياء هو بالضرورة من الأمور الهامة والفعالة لتحقيق النجاح والحلم المرتجى .

لكن المتأمل في الأمر يلحظ أن المشكلة تكمن في أنه لن تمر فترة طويلة على الإنسان إلا وقد بدل مطالبه القديمة بمطالب جديدة واستبدل أولياته السابقة بأخرى أشد الحاحاً، وأكثر جدة وتماثلاً مع متطلبات العصر واحتياجات الواقع .

ومرة أخرى يقع في براثن الوهم المتمثل في أن الحصول على المزيد من المكاسب والنجاحات المادية والدعم الخارجي سيشعره بالسعادة المنشودة ويزيل عنه الآلام التي حلت به .

لكن الحقيقة التي أدركها العقلاء تتمثل في أن السعادة تنبع من داخل الإنسان لا من خارجه ، تنبع من اعماق قلبه ، ولذا فإن من يقرر أنه غير سعيد فإن السعادة ستختفي من داخله ، ومن يؤمن بعدم قدرته على ممارسة الحب فلن يكون قادراً على منح الحب وأخذه ، ومن يتيقن أنه لن يكون قادراً على الاستمتاع بالحياة بفاعليه ويؤثر فيها بجد فلن يحقق ذلك مهما كان نوع الدعم الخارجي الذي يتلقاه والمساندة التي يتلقاها .

إن من يشعر بأنه سعيد فسيكون بالفعل سعيداً ، ومن يشعر بأنه مؤمن بالله جل وعلا واثق من نفسه وقدراته ومواهبه وإمكاناته فسيكون أكثر إيمانا وثقه بالله تعالى ثم بنفسه والآخرين .

إن المصدر الحقيقي للسعادة يكمن في داخل كل منا ، يشع من داخله ، يتمثل في إيمانه بعظمته وقوته وقدرته على فعل الخير وممارسة الجميل .

إنه يبرز عندما يكون المرء قادراً على حب نفسه ، شاعراً بالثقة والاعتزاز بها ، عندما يشعر بالرضا والقبول والامتنان بما وهبه الله تعالى من إمكانات معنوية ومادية ، عندما يكون قادراً على تغيير طرائق تفكيره وتبديلها من التفكير السلبي إلى الإيحابي ، من التشاؤم إلى التفاؤل ، من الشعور باليأس من الحياة والأحياء والقنوط من رحمة الله ، إلى التلبس بالأمل والحلم .. إنه يكمن في حبه لنفسه والآخرين .

يقيناً إن السعادة الدائمة تأتي من داخل الإنسان ، والدوافع الخارجية تجعله سعيداً ، إن كان بالفعل كذلك من الداخل ، وتجلب إليه أمواج من الحب الحقيقي والمتعة الحقيقية ، والقوة الضاربة التي لا تهزها الأحداث ، والطمأنينة الراسخه التي لا تهون منها المصائب ، عندما يشعر هو بذلك من الداخل .

إن الرغبات الصادرة من أعماق الذات تذكي تسامي الروح إلى أن تكون أكثر اتصالاً بالله جل وعلا ، وشفافية وتسامحا ًومنحا ًوأثرة عند التعامل مع الآخرين، وهي تحرض العقل دائما على أن يعرف أكثر ، ويثري الحياة بأفكار أكثر جدوى وقيمة ، وهي تدفع بالقلب إلى التطلع لنيل مزيد من الحب المشروع غير المشروط ، الحب الحقيقي ، الحب النابع من القلب ، والصدق الصادق و، دفء المشاعر ، وتجعل الحواس البشرية أكثر قابلية للاستمتاع البرئ بما خلقه الله وبالاسهام فيما يضفي السرور والسعادة على خلقه .

فأضئ الضوء بداخلك.. دعه يسطع .

الآن قرر إن لم تفعل من قبل ، أن تكون أكثر إيماناً بالله تعالى ، موقناً بموعوده ، محباً لذاتك والآخرين ، محباً في علاقاتك ، ناجحاً في عملك ، واثقاً من الله تعالى ثم نفسك ، واثقاً من إمكانياتك ومواهبك، سعيداً في حياتك ، احلم بدون حدود، وآمن بصدق ، وعامل الناس كما تحب أن يعاملوك ، وكما قال الشاعر القديم : كن جميلاً ترى الوجود جميلا ..

 

 

   

رد مع اقتباس