عرض مشاركة واحدة
قديم 07-31-2010, 06:34 PM   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
tarafen is on a distinguished road


 

(9)


الحجاب حجر عثرة في طريق السد ليس إلا, ويطّرد من بعده القياس...

إن التوابع الفعلية لخلع الحجاب لا تطال فقط أهل الخلاعة بل تؤثر على عامة الناس.. والتساهل في الاختلاط, أعني التبسط الناشيء عن اعتياد الخلطة والذي يتسرب للنفوس تدريجيا بعد وقت يسير مع اعتيادها, في غياب مراجعة النفس وفي غياب منظومة القيم الإسلامية الأصيلة التي تنظم حياة المسلمين وتهذب جنوحهم وتسمو بهم, إن التنكب لهذه القيم, بما ينتج عنه من الإنفلات من ضوابط الشرع, يقود إلى الإفلات من ضوابط العرف كذلك..
فمن الذي يقول حين نترك الدين جانبا, من الذي يقول ماذا تغطي المرأة وماذا تكشف, ومتى تحتجب ومتى تتبرج, ومتى تتبسط مع الغرباء ومتى تحتشم معهم, وما حدود كل هذا وقيوده, المجتمعات التي وقعت ضحية لنزع الانتماء لأوامر الشرع وقعت ضحية تخليها عن هويتها وانتحاب قيمها وأعرافها الطيبة بذات الوقت, في البداية كشفت النساء الوجوه, ثم الشعور, ثم الأكتاف, ثم ... لم يبق شيء.

قرأت نقاشا جادا في مكان ما بين بعض الليبرالين الصغار,"البريئين جدا", وجدتهم يقولون: (كل شيء في وقته ومكانه المناسب مناسب!! فالبكيني على الشاطئ جميل, والماكسي في السهرات جميل...)!! ... لم يعد هناك مرجعية للمعروف الطيب, ولا استنكار لظاهر المنكر.. هناك عبارة مأثورة لدى هؤلاء, أعتذر منكم لوضعها هنا: (نحن نريد أن نربي الرجل الذي يسير وسط شارع من العرايا ولا تتحرك مشاعره إلا أمام المرأة التي يحبها..) ! عجب معجب..

ثم يأتي مفكر تعلو سيماه الجدية والوقار والأهمية البادية فيقول: (بعض الداعين للإسلام يشعروني أننا نحن المسلمين لسنا إلا وحوشا وذئابا مفترسة تتحين الفرصة السانحة للإنقضاض على أي ضحية.. بينما تشعره المرأة العصرية الجاحدة لحقيقة الحجاب جملة وتفصيلا والداعية لتبرئة ساحة الصداقة الجادة بين الأولاد والبنات, هذه تشعره بأن الدنيا مليئة بالزهور والفراشات الملونة والعلاقات البريئة والبشر الناضجين الذين يحترم كل منهم الآخر ويتحدون معا في كل عمل بأخوة وصداقة نظيفة طاهرة...).. أي وربي, وجدت من يقول ذلك, وليس فردا, بل يعبر عن فئة عريضة من أدعياء الفكر المتقدم.. تعس وانتكس, وإذا شيك فلا انتقش..


هل يتوجب علينا الرد عليهم؟..


قراءة الواقع أولى من التنظير.. لم يعد للأولاد والبنات همّ يحكى إلا في قصص الغرام والتعلق والإعجاب والإستلطاف و"التعليق", عناوين عابرة في مجلات الشباب تحكي المأساة وخطوات قصيرة في ممشى الجامعة تريك قدر التخبط والتفلت والارتباك المستولي على أولادنا, حال محزنة مفجعة..

عنوان قصير في مجلة سيارة: كيف تجعل البنات تحبك, نصائح لعلاقة عاطفية ناجحة, كلمات تحب البنات أن تسمعها.. صفحة المشاكل: خان حبي ولم يرحم دموعي, منحته كل السعادة فطعنني بكل بلادة, الوعود الوردية, من أين يأتي بقسوة قلبه...
وعلى شاكلتها تليفون الفضفضة في قنوات الإذاعة الشبابية, التي هي بالمناسبة قنوات موسيقى وغناء محض, لها عند الشباب تاريخ محفوظ وواقع مدروس, تافهة وسمجة لحد التقيؤ.. أهدي لحبيبتي ألبوم "بهلول زيادة" الجديد!..
كل المشاكل والدموع والتأوهات تحكي عن واقع مرير وعلاقات عجيبة وحكايات غريبة ومفاهيم مشوهة, هي في الحقيقة الثقافة السائدة بين فئة لا يمكن الاستهانة بها من شبابنا, أمل الأمة, عصبها, حلمها المنشود الضائع..
ولا يقتلك شيء وأنت تتابع كما تقتلك ردود المستشار العاطفي الغير متخيلة بحال.. إنه غارق معهم فيما هم فيه يعمهون..
إلى الله المشتكى..



بعض الناس لا يمكنه التفريق بين الأحجار الكريمة وبين صخور الطين..

بأي حال, ذكرني هذا المفكر المعجب بالفراشات الملونة بسطور عابرة قرأتها لصحفية أمريكية قضت عدة أسابيع في السعودية لتجري بحثا ميدانيا, ارتدت خلال تلك الفترة الحجاب توافقا مع طبيعة البلاد, ثم عبرت عن تلك التجربة بكلمات مختزلة في الصميم , تقول تانياسي هسو: "رأيت لأول مرة كيف يعاملني الرجال باحترام وتقدير دون أن يكون لجسدي كأمرأة أثر في ذلك الاحترام والتقدير"



لنوفر جواً من التوازن والحيادية والتجرد في كثير من مناحي الحياة, يتوجب علينا أن نلغي بعض المؤثرات, كي لا تنشغل بها النفوس وتشوش على الهدف المشترك الذي نسعى إلى بلوغه.
وحين نفكر بهذه الطريقة الواعية والمنضبطة ندرك في أفق جديد كيف أن الحجاب يحل كثيرا من المعضلات ويقطع التشويش الناتج عن بروز النساء للرجال وميلهم المحتمل إليهن, قطع سبيل الشبهات وحده هو الذي يوفر طاقة كلا الطرفين لمسيرة الحياة الناجحة والمثمرة والبناءة.. إن تلك الحصانة التي نريدها للمجتمع المسلم ليست اتهاما لأفراده بالتفاهة أو سوء الطوية, بل هي برهان أكبر على سلامة النفوس من أي ريبة وحماية لها من الفتن والظنون..

إن المسلمة المتزنة تقدم لهذا المجتمع رسالة متحضرة مختصرة, مفادها: لا تنظر لزينتي وأساوري, ولا لمظاهر أنوثتي, بل تعامل معي كإنسان راق, بتجرد واحتشام, لنحقق معا الجدية المرتجاة من هذه المعاملة قدر الحاجة.. لننصرف معا عما يعوق أحدنا أو يشغله عن مهامه ورسالته الجادة..

وهي بهذه الرسالة لا تلغي أنوثتها ولا تجحدها, ولا تكبتها, بل ترتقي بها وتؤكد عليها, وتؤكد معها على أنها أعلى شرفا وأعز قدرا من أن تتركها معروضة مبتذلة في طريق الريح, فهي تعرف قيمة ما وهبها الله إياه تعالى من جمال ورقة, فلا ترضى بإقحامها في كل شأن لتتحصل بجمالها أو دلالها على ما لم تتحصل عليه بجديتها ووقارها, إنها لا تستسيغ هذه المعادلة المقلوبة, ليست تلك شيمة لأي حرة, إنها لا ترضى أن تمنح منها شيئا يسيرا لأي عابر..

وما العجب في ذلك؟.. ألم تكن الملكات والأميرات في كل الثقافات تحتجبن عن عامة الناس كنوع من تقرير العزة والشرف.. أعني أنها صورة تعترف بها ثقافة الحضارات المختلفة, كلما عزت النساء في أمة كلما حجبن عن أن تبتذل محاسنهن للعيون العابرة..باستثناء حضارة الغرب الراهنة, ولا عحب, لأنها في الحقيقة انتكاس كبير للإنسانية في مدارك البهيمية, فيما يخص شئونها وأخلاقها وقيمها الأصيلة, وهذا الأمر من الوضوح والشيوع بحيث لا يحوجنا لبرهان..

وبنظرة موجزة أخرى للواقع الذي تمتلئ بها صفحات حياتنا كل يوم نستطيع أن نميز ببساطة ودون جهد يذكر من الذي يريد أن يستهلك أنوثة المرأة وجمالها للترويج لمكاسبه المتعددة تجاريا أو فنيا أو حتى فكريا.. من الذي لا يرى في المرأة إلا جسد جميل يصلح للفرجة والعرض قبل أي شيء ءاخر.. من الذي لا تخفى في كل ءاثار أنامله دلالات سوء الطوية..ومن الذي يدعو للتجرد من كل تلك المطامع في المقابل..


فما هي صورة المرأة المسخ البشري التي تطل بها علينا حضارة التغريب في نهاية المطاف , وما هي ثمرة خلع التربية الإسلامية الشمولية من أعماق البنات المهدومات من الداخل قبل خلع العباءة, فأين صفات الفتاة التي رباها الإسلام ؟


أين أم ترضع العلم بنيها ** دون وهن في الليالي النَيِّرات؟
تغرس المجد وتُحيِي العزم فيهم** ترشد الركب لدرب المكرُمات
ليس يغريها بزيف الذلِّ عيشٍ ** لا ولا ترضى بسُفْهِ الراغدات
ما بوهمٍ..ذاك عهدُ الخير فيها ** كم على درب الهدى من رائدات
أين هذا من رجال المكرُمَات ** أظهروا الجِدَّ وعافوا الترهات
نفضوا الدنيا متاعاً وامتطَوْا ** صهوةَ العزم وساروا في ثبات
أفردوا الله إلاهاً وارتَضَوْا ** دينهُ حكماً لكُلِّ النازلات
أخلصوا العهد ولم يستبدلوا ** وضَوْا بالحق في كل الجهات



الحمد لله الواحد الوهاب الذي وسع حلمه وسبق علمه وعمت رحمته العباد..

والصلاة والسلام على نبيه الأواب, وعلى ءاله والأصحاب, ورضي الله عنهم وأدخلهم الجنة من كل باب..

 

 
























التوقيع

،



..



   

رد مع اقتباس