عرض مشاركة واحدة
قديم 07-31-2010, 06:30 PM   رقم المشاركة : 6

 

(7)

نوع جديد من التبرج من وراء حجاب!..


* والمتأمل في روح الشريعة في أمر الحجاب يمكنه أن يقرأ الواقع من جديد برؤية مستبصرة, فنحن نرى بيننا من لم ينزعن الحجاب ظاهرا لكنهن قد اختلعن من أدبه باطنا فلم تتأدب قلوبهن بأدبه , وغيرهن في هذا الخسران أوفر حظا, لم تعد ترى - إلا من رحم ربي – من يعلو محياه وسمته الحياء من الله عز وجل في كل حركاته وفعاله , فلا قرار في البيت ولا غض للبصر ولا جدية في الكلام بل تكسر وتدلل وهوان, ولا إخلاص في التستر بل ضرب بالأرجل والألحاظ هنا وهناك, ولا جدية في الشخصية ولا وقار بل ميوعة ومزايدة على حب الظهور وتلمس للمديح والثناء والاستحسان من العيون والأنفس, وتلمس لميل القلوب للقلوب..

ولعل إحدى التطبيقات الملموسة بيننا في العصر الراهن مع وجود شبكة الانترنت ودخول النساء والرجال معا في حوارات أدبية أو حتى شرعية في المنتديات الحوارية لا يكاد العابر يحظى بمكان لا تتوالى فيه السقطات , وقد ظهر هاهنا نوع جديد من التبرج من وراء حجاب!.. فتجد الأخوات الطيبات, عفا الله عنهن, يتبرجن, من حيث لا يدرين ربما, في خطواتهن المكتوبة وتعليقاتهن المقروءة.
فتلك تضع صورة معرفها وردة حمراء أو صفراء وتلك تضع صورة طفلة جميلة عارية الكتفين وتلك تضع صورة عين مكتحلة وأخرى قلب منقوش عليه شيء من الكلمات الآسرة, وتلك تكتب باللون الوردي أو الأرجواني وتلك ترد على من مرّ على صفحتها من الأخوة الرجال بترحاب مبالغ أو بكتابة حمراء زاهية وبخط عريض أو تمر هي لتعلق عليه بمثل ذلك وتفرط ويفرطون في كلمات الإشادة والإعجاب والتأييد وما الله به عليم, وتراها تضع في ردها على أحد الأخوة ايقونة ابتسامة, أو وجها يغمز بعين, أو وجها محمر الخدين!, وأشياءا نحو ذلك..

ويقع من الإخوة في ذلك مثل ذلك , فتجده يخاطب الأديبة باسمها مفردا من غير لقب والواجب ألا يصل التبسط لذلك بحال أو يقول لها "لك من اسمك نصيب" و"هيه يا فلانة... أحاسيس منسابة"... ولأخرى"ليتني كنت شاعرا لأكتب لك قصيدة شعر", "ما أبدع بيانك ياأختاااااااااااااااه", "تأكدي أننا ننتظرك كل ساعة فلا تتأخري طويلا علينا", وأمثال ذلك مما يؤذي بعض الأديبات ويؤذي أزواجهن ومحارمهن وقد يمتنعن أو يمنعن بسببه من الكتابة تحفظاً وأدباً..


كل ذلك فيه غياب مفجع لروح الإسلام ولأدب الحجاب والذي حين نتفهمه بعمق ندرك أين هي حدوده بين المتاح المباح وبين مالا عذر لنا باقترافه فيه...

كنت قد وضعت مفكرة بعنوان "ردرود منفلتة", جمعت فيها ردودا منفلتة من أصحابها الذين أحسب لهم في الخير سبقا, وفي مكان طيب, لكنه ءالمني ما رأيته منهم كلما عبرت بين الصفحات, وأردت أن أكتب في ذلك وفي روح الحياء المفقودة في منتدياتنا الإسلامية, وليس غيرها, لكن ضاق الوقت عن الكتابة فلعلنا قد أشرنا لها هنا في عجالة, ربما هي غفلة لم نتنبه لها من قبل, وكلنا كذا إلا أن يهدينا الله بفضله, وربما لأننا لم نستحضر ضوابط الحياء وروح الحجاب وأدبه, حتى ولو من خلف ستار.. ولو بدون صوت للكلام, ولا صورة للوجوه, لكن تبقى الشخوص هي الشخوص, وتبقى النفوس هي النفوس, وتبقى الحدود هي الحدود, هدانا الله وإياكم لما يحبه ويرتضيه...

والمفاسد واحدة دوما, وليست الشبكة حجابا وليست أمنا من المعصية, والواقع الرقمي الافتراضي ليس افتراضيا في الحقيقة, فالرقيب هو الرقيب سبحانه عز وجلّ, يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور, والمؤمن الأمين الصادق تعرفه من يقظة قلبه في سر وعلنه.. " بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَىٰ معَاذِيرَهُ " (القيامة)

إن هذا الواقع الجديد يؤكد لنا من جديد أن الحجاب ليس أقمشة وأردية ظاهرة, لكنه أدب عال وقيم متينة في نفوس الصادقين.. تنضبط بها سلوكياتهم عامة, تنبع في أصلها الأول من منظومة قيم الدين القيم.. الفطرة الربانية النقية التي فطر الله تعالى الناس عليها.. ومن ضمن هذه الفطرة الهدي الظاهر, السلوك والزي والسريرة, ولا يغني هذا عن ذاك, ولا ذاك عن هذا, من ترك أيهما فهو عاص لأمر ربه.


يتبع إن شاء الله..


 

 
























التوقيع

،



..



   

رد مع اقتباس