ملاحظة 1- كل هذه الأحداث في عصر لايوجد فية مطارات ولا وسائل إتصال ولاأي تطور تقني كما هو الان بمعنى لو وجدنا قطار به سينما تقدم فيلم عن الثورة فهذا شيء غريب على عقول العامة لتلك الحقبة من الزمن.
2- لتشابه الأسماء تجدني أذكر أسم الأب أو الجد للتمييز .. وربما أدعوه باسم اخر , مثلا أسم زوجة ستالين الأولى Yekaterina Svanidze إكاترينا ينادونها (كاتو) وهكذا .


الحلقة الثالثة
-------------------------------------------
بدأت الثورة الروسية وانتشرت المسيرات العنيفة عبر البلاد وأستشرى التمرّد في أوساط الجيش ، وتطور الشغب إلى مهاجمة مراكز الشرطة وإحراقها ، كما هوجمت دور المحاكم ,
ودبت الفوضى العارمة في كل مكان جوع وفقر وشلل كامل في جوانب الحياة الروسية عامة .
أجبر القيصر نيقولا الثاني رومانوف عن التنازل عن العرش وتم إعتقاله ثم أعدم هو وأسرته بأمر لينين





كان هناك سخط عام من العمال والفلاحين والبلشفيين إضراب جماعي بسبب سذاجتة القيصر وانشغاله بالحرب العالمية الاولى وترك الامور لحاشيته تدير أمور الدولة بزعامة زوجتة و الراهب راسبوتين!!


راسبوتين


قصور ومجوهرات وأراضي تمتلكها عائلة رومانوف والبقية تحت خط الفقر حتى الملح والسكر لم يجدهما الفقراء في تلك الأيام العصيبة وهو درس للقاده إن أردت دخول حرب مع الاخرين عليك توقع ماسيحدث في مستقبل الأيام .
هذا ماتفطن اليه ستالين فيما بعد .. أي أنك إن أردت السيطرة على الشعب عليك بتثبيت الاشتراكية المحلية أولا ثم تصديرها للبلدان الاخرى من خلال جهاز قوي وأرض صلبة وإعلام محترف ,
وهنا نقطة الخلاف مع تروتسكي .. والاخير يرى العكس تماما ,
تروتسكي يرى ان الشيوعية لابد أن تكون عالمية تبدأ من جميع أنحاء العالم وهذا ينذر بخطر شديد ألا وهو ( حرب عالمية جديدة) صراع مع الرأسمالية يحقق نبؤة ماركس الوهمية وهي إنتصار الشيوعية وسيطرتها على العالم .


من الطرائف المبكية عندما دخلت الجماهير الغاضبة إلى قصور ال رومانوف اخذوا قطع فنية لاتقدر بثمن واستخدموها لاحقا في حفظ الخل والزيت وهم لايعلمون قيمتها ,,
كما اقتطعوا من السجاد النادر الصنع احذية لهم وهكذا ..!!


(الجحيم الأبيض) :


عن تلك المرحلة يقول الكاتب (دايل كارنيجي) صفحة 62 كتاب (الخالدون):


فلما فشلت ثورة 1905 فر لينين وتروتسكي الى سويسرا للنجاة بنفسيهما اما ستالين فأبى , وبقي في روسيا يتحدى بوليس القيصر ودأب على تهريب المقالات الثورية على ورق السجاير .. الخ
كان ستالين يتلقاها فينشرها في صحيفتة السرية ليغذي بذور الثورة يوما بعد يوم فإن سياط الجلادين والتهديد بالموت لم تفلح كلها في إرهابه بل رسخت عقيدتة في إسقاط القيصر وحكومة بلاده المستبده ويعطي أرض روسيا وثروتها للشعب ..
في المره السادسة للإعتقال أرسلوه لمنفى سحيق الذاهب اليه مفقود والعائد منه مولود في اقصى صحراء سيبيريا يبعد 18 ميل عن المنطقة القطبية دون الحاجه لقيود وهو لو حاول الفرار لمات جوعا أو بردا عاش ستالين فيه 4 سنوات لاطعام ولا دفء إن لم يعمل طوال النهار في تقطيع الخشب والصيد لمات جوعا
كان ستالين أصلب من صحيفة الفولاذ عندها تسمى بإسم ستالين
و الواقع ان ستالين كان له الفضل في احتفاظ الحزب البلشفي بوحدته وتضامن اعضائه خلال تلك السنوات العصيبة.......)
إنتهى كلامه

(لينين وتروتسكي وستالين):
عاد الثلاثة إلى مدينة بتروغراد (سان بطرسبرغ ) ليجدوا
أمامهم انتهاء عصر ال رومانوف وبداية لحكومة مؤقتة يقودها الكسندر كيرينسكي رئيس الحكومة المؤقتة
(كانت عبارة عن تحالف بين الليبراليين والاشتراكيين الذين أرادوا تفيعل الإصلاح السياسي وخلق جمعية ديمقراطية )


كيرينسكي


أظهر لينين شجاعة نادرة في تحدي الحكومة المؤقتة وحاولوا اعتقاله لكنه فر خارج البلاد وعاد بسرعه خلال شهر وكان يتحدث 4 لغات وساعده تروتسكي الذي حاول الانقلاب على القيصر سابقا في ثورة 1905 وتنصيب نفسه رئيسا للبلاد كأصغر حاكم وهو العشرينيات من العمر.



تروتسكي


تولى تروتسكي بعدها بناء الجيش الأحمر عام 1917 وقدم أروع الملاحم في الحروب الأهلية التي عصفت بالبلاد وكانت هناك كوارث دموية حدثت خلال تلك الحرب
عاد ستالين من المنفى هاربا وتمكن من الإتصال بالثنائي الخطير وأصبح تحت قيادة تروتسكي الذي كان يصف ستالين بالبغل!! وأيضا لينين وصف ستالين بالجلاد!
إنقلب لينين على الحكومة المؤقتة وسيطر على الجيش وبدأ بحملة تطهير واسعة شملت حتى الشيوعيين المناشفة والحقيقة كانت حملة رهيبة يقودها 5 الى 10 مليون شيوعي تقريبا ضد 180 مليون روسي فحدثت جرائم وحشية بقيادة لينين وتروتسكي .



وفي ديسمبر 1917، أسس لينين قوات التشيكا (الشرطة السياسية)
وقد بنى لينين حكمه على الإرهاب.


خلال الحرب الأهلية التي كان تروتسكي يقودها حدثت مجازر لايمكن وصفها وخير شاهد على تلك الأحداث ماقاله الكاتب مكسيم جورجى وصوره لنا من فنون الجيش الاحمر الثوري في التنكيل ببقايا جيش القيصر أو الجيش الأبيض المدعوم من أوروبا كسلخ الجلد لأعداء البلشفية وبقر البطون وتسمير الاخرين على قضبان السكة الحديدية ....الخ
كما أن أي مفوض أو قومسيار (وزير) تعلم كيف يصبح من القتلة والسفاحين في تلك الفتره لكي ينجح في تثبيت قدمه في الحكومة الجديدة وكان ستالين أشدهم قسوة وعنف لدرجة أنه أغرق سفن بكل من فيها من جنود وضباط من الموالين للقيصر بحجة أنهم غرقوا في البحر (قضاء وقدر) وهم أسرى !!








فيلكس جرنسكي

طبعا بسبب هذه السياسة حدثت مجاعة وفقر وقام الفلاحون بنحر ماشيتهم لكي لاتسلم للدولة وحدثت مآسي إنسانية غير مسبوقة .. وبعدها وفي العام 1921م أصدر لينين برنامجاً أسماه السياسة الاقتصادية الجديدة معطياً الحرية للمزارعين وصغار المنتجين للتصرف بمنتجاتهم سامحاً بالتجارة الحرة وداعياً الأجانب إلى الاستثمار في روسيا.

علاقة لينين بالمسلمين في تلك الفترة :
نص ورسالة وجهها الى المسلمين في 24نوفمبر 1917 جاء فيها : يا أيها المسلمون بروسيا و سيبيريا و تركستان و القفقاز … يا أيها الذين هدم القياصرة مساجدهم و عبث الطغاة بمعتقداتهم و عاداتهم ان معتقداتكم و عاداتكم و مؤسساتكم القومية و الثقافية اصبحت اليوم حرة مقدسة نظمو حياتكم القومية بكامل الحرية و بدون قيد فهي حق لكم. و اعلموا ان الثورة العظيمة و سوفياتات النواب والعمال و الجنود و الفلاحيين تحمي حقوقكم و حقوق جميع شعوب روسيا .. منقول !!
فهل إستمر الحال على هذا النحو ؟؟ هدمت الكنائس ونكل بالقائمين عليها والغيت الأديان وأحرقت الأيقونات ويقال أن كل من يوجد معه مصحف يرسل إلى المعتقل .. والله أعلم .

علاقة البلاشفة بالغرب :


سبب عداء الغرب للبلشفية هو أن روسيا كانت عنصراً أساسياً في الحرب العالمية الأولى

لهذا كانت مصالح القيصرية والاستعمار الغربي تندمج مع بعضها ببعض، لتشكل في النهاية شلة واحدة من مصالح الاستعمار. فهل كان باستطاعة الاستعمار الغربي أن يرتضي فقدان سند قوي في الشرق، ومستودع زاخر بالقوى والموارد، كروسيا القديمة، روسيا القيصرية والبرجوازية،, منقول
لينين كان يصف القيصر بانه كلب الحراسة للغرب .



القرار التاريخي :

في أبريل 1922، عين جوزيف ستالين Joseph Stalin سكرتيراً عاما للحزب .. كيف حدث هذا ؟
شعر لينين بكثرة الأعباء السياسية عليه وظروفه الصحية لاتساعده على الاستمرار فقرر تعيين
شخص يكون سكرتير عام للحزب الحاكم (منصب تافة ) لم يدرك خطورتة احد إلا ستالين, !!

لانه منصب جديد ولاتعرف صلاحياته (بمعنى المتحدث الرسمي للحزب)
عرض المنصب على تروتسكي فرفض لأنه من أصول يهودية وسيواجه مشاكل من بقية الأعضاء الكارهين لليهود ثم عرضه على كامينيف فرفض ربما لزهده فيه أو لأن هذا المنصب يحتاج لرجل نشيط وقاسي فرشح كامينيف (ستالين) !!
طبعا هذا المنصب يخول صاحبه النطق بقرارات مجلس الدوله .. كما له مهام أخرى .
بعد تسلم ستالين منصبه بأيام دخل لينين في غيبوبه بسبب محاولة الإغتيال السابقة .. عندها سعى ستالين بكل قوة ليتمتع السكرتير العام بصلاحيات كبرى لأنه هو المتحدث الرسمي عن لينين الفاقد للوعي
فأصدر قرارات جذرية وهي :
التحكم بالداخلية
والتحكم بالمفتشية العامة وصلاحيتها خطيرة على مفاصل الدولة من إشراف ومراقبة وو..الخ
بالإضافة إلى قرارات تعيين المفوضين والعديد من الصلاحيات مكنته من السيطرة التامة على الحكم مؤقتا كما إنه عين رجال كل ولائهم له مثل مولوتوف ولازار فوروشيلوف ومالينكوف (من عائلة أرستقراطية)
تحول منصب السكرتير العام بفضل ستالين من متحدث بلسان الحزب إلى مقرر ومشرع ومنفذ للأنظمة والقوانين وكل قرار مفصلي لابد أن يتم بموافقة الرئيس (كل تلك الصلاحيات أدركها لينين فيما بعد) لأن رفاقه فضلوا عدم إنخراط لينين في أعباء السياسة لتدهور صحته وعلى رأسهم ستالين وكامينيف و زينوفيف .




كامينيف


زينوفيف

في تلك الأحداث برزت مهارات ستالين في الخداع والمكر وستظهر كلها في الحلقة القادمة .... حتى كتابتي لهذه السطور في هذه القصة لم تحدث الإثارة بعد كلها أحداث عادية فبعد تولي جوزيف منصب السكرتير العام توالت الأحداث عاصفة بكل ماهو سابق ولاحت في الأفق بوادر عصر مخيف ومثير معا كأن العالم القديم يتغير ونحن لانشعر لن أستبق الأحداث
فموعدنا الحلقة القادمة إن شاء الله ودمتم .