هذا الْبَذَخ مَنْ يُوقِفُه ؟أين مسؤولية أندية تضخ أكثـر من نصف مليار ريال على انتقال لاعبين غير سعوديين إليها ؟!!

بدر أحمد كريم

في المجتمع السعودي زُهَاءَ (153) ناديا لكُرَةِ القَدَم، تضمُّ نحو (14،643) لاعبا، إضافة إلـى (1349) مُدَرِّباً، و(738) حَكَماً، وَفْقَ آخر الإحصائيات الرسمية، أما الأندية الثقافية والأدبية، فأشكُّ أنْ تصلَ إلـى نِصْفِ هذا العدد ، مما يعني طُغْيَانَ ثقافةِ الأقدامِ على ثقافة الأقلام، ومِنْ البَذَخِ الفاضِح، أنّ أكثر من نِصْفِ مليارٍ ريالٍ سعودي!! ضخّتها الأندية الرياضية السعودية، في سوق الانتقالات الصيفية للاعبين غير سعوديين !! و72 مليونَ ريال سعودي، دَفَعَها أحدُ الأندية الرياضية السعودية، لتجديد عَقْدِ مُدَرِّبِه غير السعودي، لأربع سنوات مُقْبِلَة، غيْرَ رواتِب مساعِدِيه، والغريبُ أنّ هذا الـمُدَرِّب «كان قبل تجديد العقد، يتقاضي مليونا ومائتين وخمسين ألف ريال، وهو أعلى أجْر يحصل عليه مُدَرِّب في الملاعب السعودية»(صحيفة المدينة المنورة، 26 جمادى الأولى 1433هـ، ص 29) هنا أتساءل بِحُزْنٍ وأسى: هل أسهم هذا النادي، أوذاك في أعمال الخير ؟ هل أنشأ دارا للفقراء، أو العجزة، أو الأرامل ؟ هل علّم أطفالا فقراء ؟ ألا توجد جهة مُعَيّنَة تضع نظاما لأجور الـمُدَرِّبِين، يخضع للمساءلة من الجهات المعنية ؟.
أكثر من نصف مليار ريال سعودي!! و( 72 ) مليون ريال!! مَبَالِغُ غلّبَتْ مصلحة خاصّة على مصلحة وطنيّة. إنّ الحقوق تقابلها واجبات، والواجبات تتأتـى من تغليب المصلحة الوطنية، في مجتمع فيه فقراء ينامون وبطونـهم خاوية، وليست ببعيدة قصة الراقصة التي شاهدتْ أديباً يمشي على قدميْه، متوكِّئاً على عصاه، بينما هي تستقل أحدث أنواع السيارات:» شايِفْ قلــة الأدب تعمل أيه ؟ والأدب يعمل أيه « ؟
لا أطالب الأندية الرياضية، بأن تُفْرِغَ ما في جيوبـها من أموال على أعمال الخير، أدعو المسؤولين عنها، لأنْ يُحِسُّوا فِعْلاً بأنّ المناسَبَة مواتية، للمشاركة في إخماد جذوة الحاجة، وأنْ يبادروا لامتلاك ناصية الـمُبَادَرَة، في ريادة التوجهات الخيرية، قد يقول قائل: هذه مسؤوليةُ المجتمعِ كُلِّه، وهذا صحيح، ولكنْ أين مسؤولية أندية تضخ أكثر من نصف مليار ريال على انتقال لاعبين غير سعوديين إليها ؟!! ما يحدث ظُلْمٌ بَشِعٌ لحقوق الإنسان، فَمَنْ لم يهتم بالأعمال الخيرية، فهو في حاجة لمن يوقظه مِنْ سُبَاتِه.
مَنْ يوقفُ هذا البَذَخ ؟ فقديما قيل: «إن السفينة التي لا تُقْلِع، قد لا يكون العَيْبُ في بِنْيَتِها، ولكنْ في رُبّانِـها» وما أكثرَ الرّبَابِنة الذين يُغْرِقُون كل يوم أكثر من سفينة، في بُحُورٍ لُـجِّيَّة، يا أمان الخائفين.