عرض مشاركة واحدة
قديم 03-26-2011, 07:44 PM   رقم المشاركة : 6

 




ثم هي الحياة الحقيقية في الجنة فالجنة هي دار الحيوان،

هي الدار التي تفيض بالحياة الحقيقية والحيوية،

وفيها يتحدد مصير الإنسان الأبدي، بعد أن ينتقل من هذه الحياة الدنيا،

فالدار الآخرة هي المتاع الذي ينبغي أن يحرص عليه المرء ولا يرضى به بديلاً،

ولا يبغي عنه حولاً، ولذلك ينبغي الاستعداد والتأهُّب لتلك النهاية التي يصير إليها المرء،

وعندئذ تنفتح أمامه آفاق سامية، وآماد بعيدة، ويرتفع إلى مستوى لائق بكرامته وإيمانه:

[ومَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنْيَا إلاَّ لَهْوٌ ولَعِبٌ وإنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ]

[العنكبوت:64].

وأما الذين يرفضون الاستجابة لله والرسول فإنهم يرفضون الحياة الكريمة اللائقة بالإنسان،

فليس لهم إلا الدُّون ومصيرهم الهلاك، ومآلهم الدمار والبوار:

[أَلَمْ تَرَ إلَى الَذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ، جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وبِئْسَ القَرَارُ]

[إبراهيم:28-29].

وما أعظم خسارة أولئك الذين آثروا الدنيا الفانية على الآخرة الباقية الدائمة!

وما أعظم ضلال أولئك الذين حصروا الوجود في هذا الذي تقع عليه حواسُّهم قريباً في الدنيا،

ويحسبون أن وجودهم محصور فيها فلا يعملون لغيرها:

خُلِق النّاسُ للبقاءِ فضلِّت أمّةٌ يحسبونهم للنَّفاد إنما يُنقلون من دار أعما ٍل إلى دار شقوة أو رشاد.

وكل ما ألمحنا إليه من معاني الحياة في هذه الآية الكريمة من الإيمان أو الحق أو الجهاد أو الجنة في الدار الآخرة..

كل هذه المعاني مرادة ومقصودة، ولا اختلاف بينها،

وكلها عبارات عن حقيقة واحدة، وهي:

القيام بما جاء به الرسول- صلى الله عليه وسلم-، ظاهراً وباطناً،

وما يظهر فيها من اختلاف إنما هو اختلاف تنوع لا اختلاف تضادّ.

يقول الإمام ابن القيم، رحمه الله:

(والآية تتناول هذا كله، فإن الإيمان والإسلام والقرآن والجهاد تحيي القلوب الحياة الطيبة.

وكمال الحياة في الجنة والرسول داعٍ إلى الإيمان وإلى الجنة، فهو داعٍ إلى الحياة في الدنيا والآخرة
)

[الفوائد 116].

 

 

   

رد مع اقتباس