عرض مشاركة واحدة
قديم 10-04-2009, 02:48 AM   رقم المشاركة : 3

 

تقف بنا السيارة الإستاوت في المعرض بعد أن كنا في مهمة إلى الزرقاء لطحن القمح ( كنا نقول ونحن صغارا طحن الدقيق !! ولكم أن تتخيلوا كيف يطحن المطحون) ثم نسير إلى منازلنا ونحن نحمل الأكياس بحرارتها على رؤوسنا من المعرض إلى الدار ونحن نمني أنفسنا برحلة أخرى قد تكون بعد شهر أو أكثر لم نكن نخرج من القرية... أقصى مكان نصله هو قرون حمار أو لعلها تسمى هكذا في الطرفين لنشاهد معدات وزارة المواصلات وهي تمهد الطريق، لم نخرج من القرية إلا ونحن في الصف الثالث ابتدائي أي ونحن في العاشرة من أعمارنا لحضور حفل مدارس الباحة والذي استخدمت فيه موسيقى الجيش لم نكن نعرف قبلها شيء لا يوجد تلفزيون ولا صحافة، كل شيء تقريبا كان يبهرنا؛ إضاءة الشوارع، لوحات الدكاكين، أرتال السيارات، حضرنا الحفل فشاهدنا الطبال الكبيرة على صدور الجنود والزي الموحد الأخاذ الموشى باللون الذهبي في انضباط تام يخلب الألباب، هناك رأيت لأول مرة التميس في قهاوي الباحة ورأيت لأول مرة جبنة المثلثات والتي أرى أنها ألذ أكلة إلى الآن جبنة وتميس وشاهي لم تزل لذتها لم تمح رغم كر السنين، هناك استطعنا أن نتحدث مع معلمينا خارج وقت المدرسة وتجرأنا على مصافحتهم، وهناك رأينا السرور بادٍ على معلمينا بعد أن كان الاعتقاد أن من أهم صفات المعلم هو التجهم وحمل مطرق الأركوض...
هناك رأيت الحلوى لأول مرة في دكان (آبي سعيد) كنا نسميه هكذا وهو عمي سعيد بن فرحة كنا ننظر إليها فقط بعد أن ذقنا حبة منها؛ وليتنا لم نذقها لكنّا على الأقل لا نعرفها وبالتالي لن نطمع فيها...
هناك رأيت عصير المنجة ماركة أبار وزيني كنت أتمنى أن أشتريها لكن ليس معي نقود ذقتها أول مرة قبل عام تقريبا عندما قدم أحد إخوتي إلى الدنيا أربع حبات بالعدد كانت مباركة في المولود وعُسِّية .
أغلب أندادي يعيشون كالأيتام لأن أباءهم يغيبون في طلب الرزق كان أبي يأتينا مرة كل ثلاثة أشهر ، لم يكن له وقت محدد أحيانا نروح من المدرسة فنجده أماما فيجن جنوننا ندخل معه في البجاد نشتم رائحته لا يكاد يستطيع الحركة مما نسببه له من ضيق أنا من هنا وإخوتي من هناك لا نفارقه نخاف أن يسافر ونحن في المدرسة فنسأل أمي متى يسافر آبي؟ تبتسم... وتقول خلوه يرتاح أولا من السفر.
نصلي معه في المسيد وننظر إليه ونحن نصلي لنرى إن كان ينظر إلينا فيعجب بنا، كنت أصلي معه السنة أأتم به، يخرجون من المسجد إلى باحته ويتحدثون بصوت عالي أحيانا كنت أشعر أنهم يتعاركون لولا الابتسامات التي تصدر منهم. يتفقون على أمور أتذكر منها الشركة ويجتمعون بعد صلاة الفجر ليذبحوا الثور، يجتمعون حوله ليربطوه، كثيرون هم ... لكن لكل عمله الذي يعرفه. رأيت بعد ذلك في مكة كيف يذبح اثنين فقط ثورا ويقطعونه.
يتبادلون التعليقات... نحفظ بعضها فيمنعوننا من ترديدها ، لا يليق بنا أن نتطاول على آبائنا حتى ولو بتكرار ما ارتضوه لأنفسهم ، عرفنا منهم معنى العيب والتزمنا حدودنا...
أشياء كثيرة في الذاكرة وأعرف أن من سبقنا يرى أننا الجيل المدلل ولكن أين ما نحن فيه اليوم مما كنا فيه
لك الله يا أبا عبدالله فقد أسرجت خيل الذكريات فجمح بنا
لك الشكر على ما تقدم

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس