عرض مشاركة واحدة
قديم 11-08-2011, 10:33 PM   رقم المشاركة : 55
معلومات العضو
عضو مميز
 
الصورة الرمزية ابوحاتم
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
ابوحاتم is on a distinguished road


 

الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا طيبًا كثيرًا مُباركًا فيه كما يحبُّ ربُّنا ويرضَى.
أما بعد:
فاتقوا الله - حُجَّاج بيت الله الحرام -، واجعلوا من حجِّكم وعيدكم هذا - أمة الإسلام - نقطةَ انطلاقةٍ من السيءِ إلى الحسن، ومن الحسَن إلى الأحسن، وأصلِحوا أنفسَكم من داخلها، واعلموا أن واقع المسلمين لا يُمكن أن يُصلَح خارجًا عنهم؛ لأن مُستقبل المسلمين يجبُ أن يُصنَع في بلادهم وعلى أرضِهم بكدِّهم وكدحِهم وأخلاقهم، بشغلِ أوقاتهم في كل ما من شأنه خدمةُ الإسلام والمُسلمين، حتى لا يرُوغَ بعضُهم على بعض، ويشغَلَ بعضُهم بعضًا في التهويش والتحريش، ولئلا يُبطَلَ الحقُّ ويُغمَطَ الناس، واللهَ اللهَ في تنقيةِ المُجتمعات من شوائِبِها.
فاحرِصوا على الإعلام، واجعلوه منارةً لكل ما يفيد، وسِياجًا منيعًا ضدَّ كل دَخيلٍ لا نفعَ فيه؛ فإن الإعلام سِلاحٌ ذو حدَّين أصدقُهما وأنفعهُما ما قادَ إلى الخير وعمَّ بالنفع ولهَجَ بالصدق والتثبُّت والبُعد عن الكذِب والتضليل؛ لأنه قِوامُ المُجتمعات ومِرآتُها، فمن أراد أن يرى حُسن صورته فلا ينظر إلى مِرآةٍ مُتهالِكة.
كما أنه ينبغي علينا جميعًا أن نُعطِي كل ذي حقٍّ حقَّه، وألا نبخَسَ الناسَ أشياءَهم، لا سيما المرأة المسلمة؛ لأنها محطُّ الأنظار في هذه الآوِنة، فلنتذكَّر وصيةَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بها في حجَّة الوداع، وأنها مخلوقةٌ حرَّةٌ لها حقوقٌ وواجبات وعليها حقوقٌ وواجبات، وجعل لها من الحقِّ مثل ما للرجل، وللرجل عليها درجة.
فاللهَ اللهَ في إنصافها بما أنصفَها الله به وأنصفَها به رسولُه - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن المرأة هي أمِّي وأمُّك وأختي وأختُك وزوجتي وزوجتُك وبنتي وبنتُك، لها شأنٌّ في المُجتمع، فهي نصفُه وإنها لتلِدُ النصفَ الآخر فكأنها مجتمعٌ بأكمله.
كما أن من إنصافِ المرأة: عدمَ الزجِّ بها بما ليس من فِطرتِها وجِبِلَّتها وليس مما شرعَه الله لها، أو إقحامها فيما هو من خصائص الرجال دون مُراعاةٍ لقُدراتها العاطفية والبدنية والأُنثوية؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في حجَّة الوداع: «فاتقوا الله في النساء؛ فإنكم أخذتُموهنَّ بأمانة الله، واستحللتُم فُرُوجهنَّ بكلمة الله».
ألا فإن للمرأة عقلاً وجسدًا وروحًا ورأيًا وحقًّا، فأعطُوا كلَّ ذي حقٍّ حقَّه.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
حُجَّاج بيت الله الحرام:
ها أنتم قد خرجتم من المُزدلِفة بقلوبٍ خاشِعةٍ مُطمئنَّة، تعلوكم السكينة، ويحدُوكم الرجاءُ، وليس السابقُ اليوم من سبَقَت به دابَّتُه، وإنما السابقُ اليوم من أحسنَ العملَ وأخلصَه لله فسبقَ إلى مغفرته ورِضوانه.
واعلموا - رحمكم الله - أن أول ما يُبدأُ به من الأعمال في هذا اليوم بعد الخروج من مُزدلِفة: أن يتوجَّه الحاجُّ إلى مِنَى بسكينةٍ ووقار فيرمِي جمرةَ العقبة بسبعِ حصَيَاتٍ، وهي أقربُ الجمرات إلى مكة، يُكبِّرُ مع كل حصاةٍ يرميها، ثم ينحَرُ هديَه إن كان عليه هَدي بأن كان مُتمتِّعًا أو قارِنًا، ثم يحلِقُ رأسَه أو يُقصِّرُ فيُحِلُّ من إحرامه، ويُباحُ له كلُّ شيءٍ حرُمَ عليه أثناء الإحرام إلا النساء.
ويبقى في حقِّ القارِنِ والمُفرِدِ: طوافُ الإفاضة وسعيُ الحجِّ إن لم يكن قد سعى مع طوافِ القُدوم.
وأما المُتمتِّعُ فيبقى عليه طوافٌ وسعيٌ غيرُ طوافِ العُمرة وسعيِها.
ثم بعد طوافِ الإفاضة يحِلُّ للحاجِّ كلُّ شيءٍ حرُم عليه بسببِ الإحرام حتى النساء، ولا يضرُّ الحاجَّ ما قدَّم أو أخَّر من أعمالِ يوم النَّحْر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما سُئِل عن شيءٍ قُدِّم ولا أُخِّر في ذلك اليوم إلا قال: «افعل ولا حرج» تسهيلاً للأمة ورفعًا للحرج - بأبي هو وأمي - صلوات الله وسلامه عليه -.
ثم يبيتُ الحاجُّ بمِنَى ليالي التشريق وجوبًا؛ لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ولقوله: «خُذُوا عنِّي مناسِكَكم»، فيرمِي الجمَرات بعد الزوال في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر إن لم يكن مُتعجِّلاً، يرمي كلَّ جمرةٍ بسبعِ حصَيَاتٍ، يبدأُ بالجَمرة الصغرى ثم الجمرة الوُسطى ثم الجمرة الكبرى.
فإذا أنهى الحاجُّ الرميَ والمبيتَ فإنه يطوفُ طوافَ الوداعِ وجوبًا، ويسقُطُ عن المرأة الحائض، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعله، فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ[البقرة: 200- 202].
وتذكَّروا - حُجَّاج بيت الله الحرام - بجمعِكم هذا يوم يجمعُ الله الأولين والآخرين على صعيدٍ واحدٍ، يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ[الحاقة: 18]، إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا[مريم: 93- 95].
اللهم تقبَّل منا، اللهم تقبَّل منا، اللهم تقبَّل منا إنك أنت السميعُ العليم، واغفر لنا إنك أنت الغفورُ الرحيم، اللهم اجعل حجَّنا مبرورًا، وسعيَنا مشكورًا، وذنبَنا مغفورًا.
اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح ذاتَ بينهم، واكفِهم شرَّ أنفسهم وشرَّ الشيطان وشِركه يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم انصر إخواننا المُستضعفين في دينهم في سائر الأوطان، اللهم كُن لهم ناصرًا ومُعينًا ومُؤيِّدًا وظَهيرًا.
اللهم هؤلاء عبادُك أتوك شُعثًا غُبرًا، يرجُون رحمتَك ويخشَون عذابَك، اللهم فاقبَل توبتَهم، اللهم فاقبَل توبتَهم، اللهم فاقبَل توبتَهم، وامحُ حوبتَهم، ورُدَّهم إلى أهلِهم سالمين غانِمين غير خزايا ولا محرومين يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم وأجزِل الفضلَ والمثوبَة لكل من ساهمَ في خدمةِ حُجَّاج بيتك الحرام، واجعل ما قدَّموه في موازين أعمالهم يوم يلقَونَك.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاةَ أمورنا، واجعل ولايتَنا فيمن خافَك واتقاك، واتبعَ رِضاكَ يا رب العالمين.
اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تحبُّه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حيُّ يا قيُّوم، اللهم أصلِح له بِطانتَه يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم اجعل مواسمَ الخيرات لنا مربَحًا ومغنَمًا، وأوقات البركات والنَّفَحات إلى رحمتِك طريقًا وسُلَّمًا.
اللهم ما سألناك من خيرٍ فأعطِنا، وما لم نسألك فابتدِئنا، وما قصُرَت عنه آمالُنا وأعمالُنا من الخيراتِ فبلِّغنا.
سبحان ربنا رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

 

   

رد مع اقتباس