عرض مشاركة واحدة
قديم 06-19-2011, 12:54 PM   رقم المشاركة : 2

 

...


رد للكاتب ياسر الكنعان بوكالة اخبار المجتمع السعودي :


صفر تافه)

(آه من الوطنية في السعودية.. آه آه.. أئن وأئن كثيرا من هذه الوطنية المبعثرة، فحينما يأتي إنسانٌ من الوسطى ويذهب للجنوب، يجد إنسان الجنوب - ومعليش على هذا – ربما تجد إنتماءه لدولة مجاورة أكثر من انتماءه للوسطى أو للشمالية، تجد إنسان الشمال انتماءه لدول مجاورة أكثر من انتماءه للوسطى)*

* شخص يدعى طارق الحبيب

(1)

اللسان مضغة كما القلب.. إلا أن الأول أحياناً يحوّل القيمة إلى قمامة، وهذا الرجل الذي يعتبره كثيرون هنا من أصحاب الرأي المُقدم في المجتمع، أكاديمي ويظهر في برامج تلفزيونية وعظية، قال رأيا لا يمكن إلا أن يُصنف ضمن الآراء القمامية، بل أسوأ من ذلك، حتى قطط شوارع مدن الشمال والجنوب لن تمد رأسها إلى قمامة فيها مثل هذه الجملة!

(2)

كنت قبل سنوات أجلس مع شقيقي في ليلة "ذب" عائلية، وكنت أنتظر مولودا وقتها، فسألني بخبث العارف بطبيعتي عن ابنتي "المحتملة" وإمكانية تزويجها لمن لا أريد، فقلت: من يريدها وترضى به سأكون عونا، فصاح بي: حتى ولو كان مختلفا عرقيا أو مذهبيا؟ فقلت: نعم.. جدا! أما الآن وبعد سماعي لجملة الشخص المذكور أعلاه، ربما أتراجع عن رأيي، فقد اتضح لي أن اختيار "النطف" مهم لسلامة المجتمعات من دخول عقليات كعقلية هذا الأكاديمي الذي لم تؤثر على عنصريته الشهادات العلمية التي حصل عليها! فإن أرادت بنتي عنصريا مثله، عدت لعصور الجاهلية الأولى، لأن تكاثرا من جينات هذا الفكر سيهدم أي جهد تبنيه المجتمعات المتحضرة!

(3)

سألت صديقي "القانوني": مثلا يا صديقي مثلا.. عندما يسرق مسؤولا ينتمي لمنطقتك من أموال الدولة بحكم عمله وسهولة الفرص، هل يجوز لي أن أتهم أهل المنطقة كلهم بالسرقة؟ أجابني بتعجب: "لا تزر وازرة وزر أخرى"، وللمعلومية هذا الصديق "ما هو مطوع"! سألته: وإن فعلت واتهمت أهل المنطقة كلهم بـ "الشذوذ الجنسي" لأن مريضا يسكن هناك ثبت جرمه باختطاف الأطفال واغتصابهم؟ قال: تحاكم و"يلعنون سنسفيل سنسفيلك" فالقانون واضح في هذه المسائل؟ سألته: وهذا "الواعظ" الذي اتهم أهالي مناطق في بلادي بالانتماء لبلدان أخرى.. هل يمكن أن "يلعنون سنسفيل سنسفيلو"؟! قال: "حسب تكييف القاضي للجريمة، يمكن ألا يراها جريمة أصلا، أو أن يكون قاضيا يرى بتكييفها كجريمة فقط "ما توصل السنسفيل"!

(4)

أحب ناس بلادي كلهم، قصيميهم شرقيهم وغربيهم وجنوبيهم، سنتهم وشيعتهم، بدوهم وحضرهم، تياراتهم بمختلف فولتاتها! لكن وجود مثل هذه النماذج تغربل قلبي وتزيدني ابتعادا عن مفهوم الوطن (الحلم)، فـ "هؤلاء" يتقدمون المشهد! "هؤلاء" وأمثالهم قادة رأي ويوجهون الرأي العام! كيف يغلب قلبي عقلا يقول لي: أتحب من يكرهك؟! أترى العدل في من يظلمك؟! أتفترض الكمال في من يستنقصك؟! كيف لي أن أرضى بحكم قاضٍ أتخاصم عنده في مظلمة، وأنا أسمعه يقول لبني عمومته: ادخلوا "شريعة" حتى لا يغلبكم البدو في القضاء! وعندما يريد أن يصف ديكتاتورا عربيا لم يتحدث عن جهله وغبائه حتى بدأ ربيع الثورات العربية على جلاوزتهم، فيقول له: "بدوي جاهل بأصله"!! في الوقت الذي يتم فيه تداول أحاديث ضعيفة ومكذوبة تتضمن عدم جواز قبول شهادة "البدوي" على "قروي" عند التقاضي!! أنا سعودي والدي ينتمي لقبيلة استوطنت شمال المملكة منذ القدم وعاش والدي وأجداده في بيوت الشعر، ويصنفني بعض قومي كما تصنفني أنت "بدوي"، وتعيش أسرتي في حائل (شمال المملكة).. وين أروح؟ أموت يا شيخ؟!

(5)

لا أعلم يقينا هل يعرف المدعو "الحبيب" (وعذري لأسرة تحمل اسمه أن أقوله هنا)، هل يعرف المقدم سعيد العمري؟ مواطن سعودي وأب لخمسة بنات وولد يدعى خالد، له نسب يتصل بقبيلة عريقة يقال لها بني عمرو، وجدت جثته على الحدود اليمنية السعودية، هو لم يذهب إلى هناك للاتصال بمخابرات العدو، ولم يكن سائحا ينشد تضاريسا جديدة، ولم يكن مستثمرا يبحث عن تشغيل جديد لأمواله، كان قائدا لفرقة صاعقة "سعودية" أثناء حربنا على المتسللين، واستشهد هناك بعد أن كتب أروع ملحمة دفاعا عن بلاده وزملائه.. والسؤال الأكثر أهمية: كم شخصا من إنسان الوسط (بحسب تصنيفات المذكور) قتل في تلك الحرب، وكم (بطلا) عمريا وياميا وغامديا وزهرانيا وآخرين من (ناس الجنوب) قدموا أرواحهم لينعم هو وأمثاله بالأمن والأمان الذي يطالب به!! ولن أتحدث عن الشمال لأن قبائل الشمال والجنوب ومن على شاكلتهم يعيبون الحديث عن أنفسهم!

(6)

حديث اللاوعي أصدق كثيرا من نظيره الواعي، لذلك يصدق الأطباء النفسيين مرضاهم في حالة التنويم المغناطيسي في كل الأحوال، ويشككون ويتساءلون ويفندون حديث مرضاهم عند الصحو، و"الواعظ" أعلاه قدم حديثه بضرورة أن تكون علاقة "الشمالي والجنوبي" بوطنهم أقوى من علاقتهم بقبائلهم، وعند ذكر الثورات العربية رأى "أن الوطن ثابت ولله الحمد"، وعند المرور على قيادة المرأة للسيارة عرّج على الوطنية وأنانية البعض المقابلة لهذا الوطن بالجحود بسبب "طلباتهم الفردية"، وأما "الوطنية" فهي لإنسان الوسط الذي إن ذهب شمالا وجنوبا سيرى انتماءات لغير الوسط!! أستذكر في هذه اللحظة العظيمة من تاريخ سماعي لجملة "الواعظ" اللاواعية "الإنتربرايز"، تلك المركبة العالمية في فيلم "حرب النجوم"، وطاقمها الذي يتكون من كل الكواكب لمحاربة أشرار الكون، قائد المركبة إنسان سوي الشكل والخلقة ووسيم، أما مساعد القائد فأقرب للذئاب بقوائم آدمية، ومسؤول الملاحة في المركبة له ذيل ووجه قرد وعيونه "تلامظ"!! وسؤال المشاهد البدوي هنا لسعادة الباشا المخرج: ليش سكان الكواكب الثانية بذيل؟! وش معنى بنو الأرض هم الوحيدين الوسيمين في الفيلم؟! ورغم أن "أبو ذيل" في المشهد الأخير للفيلم هو من قدّم نفسه فداء للمركبة وقائدها، لماذا الفتيات على جانب البساط الأحمر يتلهفن للمس "الوسيم" تاركين "أبو ذيل" ينفلق؟!

(7)

لم أمسك قلما ولم ألمس لوحة مفاتيح وأنا في حالة غضب، إلا اليوم! كيف لي أن أنام وآخر يتهمني بأني"خائن" لوطني! كيف لي أن أطمئن لغدٍ مشرق لأولادي في بلادٍ يعتبر هذا ومن على شاكلته من قادة الرأي فيه! أي صبحٍ سيطلع على "عمّار" و"نوّاف"، - الذين يدرسون في مدرسة حائلية بالمناسبة - وهم أطفال "البدوي" أنا؟! يشاهدون قناةً كـ "هذه"، ومذيع كالذي شاهدته يهز رأسه كمن يفهم الدرس وعقله عند "عشا العيال في الشعيب"، ويسمعون رأي رجل كـ "هذا" يحدثهم عن إنسان الوسط النزيه النظيف العفيف الوطني، ويخبرهم بأنهم أبناء "خونة"!! أي عفن يمكن أن يصيب عقول أطفالنا وهم يستقون أفكارهم من هذه النماذج التي تتبطح في القنوات الفضائية يهرفون بلا وعي! ويأخذون مقابلا ماديا لتكريس تعاستنا العنصرية!!

(صفر تافه ثاني)

أثناء كتابتي لهذا البوح الإنساني من "بدوي" مؤتمن على نفسه ووطنه، وردني تنويه تناقلته صفحات الإنترنت عن تبرير لـ "الواعظ" المزعوم، يقول فيه: (نحن في السعودية في بلد قاري عبارة عن مجموعة مناطق في اسم دولة واحدة والذي قلته إن إنسان الجنوب في بنيته النفسية أي طبيعته قريباً من الدول المجاورة وليس في انتمائه، وكذلك أبناء الشمال وهذا ليس بعيب بل أمر طبيعي في جميع الدول، إن الناس الذين يسكنون الحدود يكون بينهم تقارب مع سكان الحدود المجاورة لهم بالدول الأخرى).

فإن لم يكن عيبا وهو أمرٌ طبيعي في جميع الدول، لم التأوه والأنين على الوطنية وكأن "مطرقا" حاميا "لعط علباك" يا دكتور؟! وبتعبير "جنوبي" أحب ترديده أقول: قدها وزت! لم يعد في عصر اليوتيوب مجال للتراجع عن "الأمراض" التي ينتجها البعض، وهذا التبرير يسمى بلهجة أهل الشام جيراننا يا أهل الشمال "بطيخ مبسمل"، لا يثبت هذا التبرير إلا وقاحةً في التعدي على العقول، وجبنٌ لا نفترضه في من عاشوا على أرض الجزيرة العربية.. قل آسف وكفى! فنحن قومٌ نعفو عند المقدرة!

 

 

   

رد مع اقتباس