عرض مشاركة واحدة
قديم 03-31-2013, 01:15 AM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
مشرف عام
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 20
مشرف عام3 is on a distinguished road


 

“نبت جسمه في رياض كشمير، وانبثقت روحه من ضياء مكة، وتألف غناؤه من ألحان شيراز: إنسان لدين الله في العجم، يفسر القرآن بالحكمة، ويصور الإيمان بالشعر، ويدعو إلى حضارة شرقية قوامها الله والروح، وينفّر من حضارة غربية تقدس الإنسان والمادة”.

بهذه الكلمات وصف الأديب والمؤرخ والناقد أحمد حسن الزيات الشاعر والأديب والفيلسوف المسلم محمد إقبال الذي لقب بشاعر الإسلام العظيم.

ولد محمد إقبال في “سيالكوت” سنة 1877 ونشأ في بيت اشتهر بالورع، وتعلم في مدرسة إنجليزية، واجتاز امتحانها بامتياز، ثم تعرف إلى أستاذ يتقن الفارسية فغرس في نفسه حب الثقافة والإسلام إلى جانب إلمامه بثقافة العصر، وسافر إلى لاهور فالتحق بكليتها ليتقن الانجليزية والعربية وينال وسامين علميين، واتصل بذوي الفضل من رجال التعليم فأفاد منهم كثيرا، وأخذ ينظم الشعر بالفارسية فلفت الأنظار إليه، وأصبح أديبا شهيرا ثم نال درجة الماجستير في الفلسفة، وتعين أستاذا بكلية لاهور ثم بكلية الحكومة.

في سنة 1905 سافر إقبال إلى لندن فدرس الفلسفة والاقتصاد بجامعة كامبردج ولم ينس رسالته الدينية، فأخذ يلقي محاضرات في موضوعات إسلامية غيرت مفاهيم كثيرة بلندن، وسافر إلى ألمانيا فنال درجة الدكتوراه من جامعة ميونيخ في الفلسفة، ورجع إلى لندن حيث حضر الامتحان النهائي في الحقوق والاقتصاد ثم عاد إلى الهندسة عام 1908 وقد صار أستاذا صاحب رسالة ومنهج في العلم، ومفكرا مهتما بشؤون الإسلام والمسلمين.

وكانت حالة العالم الإسلامي في كل دولة موضع تفكيره الملح سواء بسواء -كحالة المسلمين بالهند- لذلك ندد بفظائع إيطاليا بطرابلس، وتألب الغرب على تركيا في البلقان، ونشر من القصائد الحماسية ما جعله شاعر الإسلام الأول في عصره وظل يوالي نشر أفكاره الثائرة سياسيا، ويؤلف الكتب الفلسفية والدينية بالانجليزية والفارسية، ويمثل المسلمين في المؤتمرات السياسية شرقا وغربا، ويدعو إلى إنشاء دولة إسلامية خالصة حتى لقي ربه في سنة 1938.

منارة الساري

عن آراء واتجاهات إقبال الفكرية يقول الدكتور محمد رجب البيومي أستاذ الأدب والنقد وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر: لقد كانت إقامته في أوروبا ذات أثر قوي في اتجاهه، لا لأنه اقتنع بما يجري بها من تيارات منحرفة، بل لأنه أحس في أعماقه بأن ما تدعو إليه من القومية هو الذي فتن أبناء المسلمين ممن يتعلمون بأوروبا، وصرفهم عن عالمية الإسلام وإنسانيته، إذ ان الوطنية الجغرافية هي التي تنخر في الجسم الإسلامي فتجعله أجزاء متخاذلة لا ينهض برسالة، ولابد من فكرة إسلامية شاملة تجعل بلاد الإسلام دارا واحدة ومن المؤسف أن معارضيه من أبناء الدول الإسلامية لم يرتفعوا إلى مستواه لأنهم ذهبوا إلى أوروبا من دون أن يفهموا شيئا عن مبادئ الإسلام وقد سحرهم بريق التقدم الصناعي فظنوا أن أوروبا بهذا التقدم هي المنار الذي يرسل الشعاع وهو ظن بدده إقبال في قصائد ثائرة مثل قصيدته في رثاء صقلية المسلمة حين مر بها، وهتافاته بمجد الحجاز، ورسالة مكة وصرخة الألم أمام قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وقف أمامه يبكي حاضر العالم الإسلامي متحسرا على ذهاب ماضيه.

ومن أحسن ما قاله في هذا الصدد قصيدته الشهيرة “منارة الساري” التي تحدث فيها الشاعر بلسان الخضر عن مشاكل السياسة الأوروبية وفظائعها الاستعمارية وحذر المسلمين من الوقوع في شراكها وقد ترجم الأستاذ مسعود الندوي بعض أبياتها إلى العربية.

ذروة أدبية

وقد قيض الله بعض الشعراء النابهين في لغتنا العربية ومنهم الدكتور عبدالوهاب عزام والشيخ الصاوي شعلان، ومحمد حسن الأعظمي، ومحمد عبدالمنعم إبراهيم، فقاموا بترجمة الكثير من روائعه إلى العربية شعرا بما يشهد بعظمة شعر إقبال ومن ذلك أبيات نشيده التي يقول فيها:

الصين لنا والعرب لنا
والهند لنا.. والكل لنا
أضحى الإسلام لنا دينا
وجميع الكون لنا وطنا
“توحيد الله” لنا نور
أعددنا الروح له سكنا
الكون يزول ولا تمحى
في الدهر صحائف سؤددنا
بنيت في الأرض معابدها
و”البيت الأول”.. كعبتنا
هو أول بيت نحفظه
بحياة الروح.. ويحفظنا

إلى أن يقول مخاطبا أرض “الفردوس الإسلامي المفقود”:

يا ظل حدائق أندلس
أنسيت مغاني نشأتنا
وعلى أغصانك أوكار
عمرت بطلائع نشأتنا
يا دجلة هل سجلت على
شطيك مآثر عزتنا
أمواجك تروي للدنيا
وتعيد جواهر سيرتنا

ثم يتجه إلى “أرض الحرمين الشريفين” المقدسة، بقوله:

يا أرض النور من الحرمين
ويا ميلاد شريعتنا
روض الإسلام ودوحته
في أرضك رواها دمنا
ثم يخاطب أمة الإسلام، بقوله:
أمة الصحراء يا شعب الخلود
من سواكم.. حل أغلال الورى
أي داع قبلكم في ذا الوجود
صاح لا “كسرى” هنا أو قيصرا
من سواكم.. في حديث أو قديم
أطلع القرآن.. صبحا للرشاد
هاتفا مع مسمع الكون العظيم
ليس غير الله ربا للعباد

 

 

   

رد مع اقتباس